الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه السابع والعشرون
إذا دخل على المكلف وقت الصلاة وتمكن من فعلها وأراد أن ينام قبل فعلها؛ فإن وثق من نفسه أن يستيقظ قبل خروج الوقت بما يمكنه أن يصلي فيه - جاز، وغلا لم يجز، وكذا لو لم يتمكن، ولكن بمجرد دخول الوقت قصد أن ينام، فإن بمجرد دخول الوقت حصل الوجوب، ولكن التمكن شرط في الاستقرار، فإن الصلاة تجب بأول الوقت، وتستقر بمضي زمان يتسع فعلها، فمتى قصد النوم بعد الوجوب ومضى زمان التمكن أولا كان الحكم كما ذكرناه. وحيث نقول بالإثم فهنا إثمان؛ أحدهما: إثم ترك الصلاة.
الثاني: التسبب إليه.
فأما إثم التسبب غليه فهو الذي أردناه بقولنا: إنه يأثم بالنوم.
فإن قيل: إما أن يأثم قبل النوم، أو حالة النوم، لا سبيل إلى الأول، لأن سبب التفويت لم يوجد، ولا إلى الثاني، لعدم تكليف النائم، والإثم بلا تكليف محال.
قلنا: لا مانع من الإثم أول النوم وقبيله؛ أما أوله فلأنه مقدور، لأن الفرض كذلك، وهو سبب للفوات وهو قادر على دفعه، فأول جزء منه يقارنه الإثم بالخطاب السابق، والمحذور أن يوجد خطاب حالة النوم. وأما قبيله فلأنه إذا قصد ترك الصلاة وتعاطى أسبابه من التهيؤ للنوم أثم. وإذا ثبت الإثم عليه بأول النوم فلا مانع من انسحاب حكم المعصية وإن لم يكن حالة النوم عاصيا بالفعل، لكنه كسائر العصاة.
وهذه المعصية بالتسبب إلى تفويت الصلاة لا تساوي المعصية بترك الصلاة، فإن مفسدة الترك لم تتحقق بعد، وقد يستيقظ على خلاف ظنه، فإن استيقظ وصلى في الوقت لم يحصل له إثم ترك الصلاة، وأما ذلك الإثم الذي حصل فلا يرتفع إلا بالاستغفار عنه. بلى، عندنا في كونه كبيرة نظر؛ فإن كان حصل فلا يرتفع إلا بالإستغفار عنه. بلى، عندنا في كونه كبيرة نظر؛ فإن كان صغيرة وهو الأقرب فيزول بعدم الاصرار.
وإذا صلى والحالة هذه في بقية الوقت: هل تكون صلاته أداء أو قضاء؟ يحتمل أن يأتي فيه ما قاله القاضي أبو بكر والغزالي فيما إذا ظن المكلف أنه لا يعيش إلى آخر الوقت ثم عاش وصلى؟ قال القاضي: هي قضاء. وقال الغزالي: هي أداء؛ إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه. وههنا يحتمل أن يقال بذلك، ويحتمل أن يفرق بأنه هناك لما ظن أنه لا يعيش تضيق عليه، وهنا لم يتضيق عليه، بل هو مخاطب بأحد الأمرين؛ إما أن يعجل الصلاة، وإما أن لا ينام، ومعصيته بتفويت أحد الأمرين؛ والوقت لم يتغير في حقه.
وإن لم يستيقظ إلا بعد الوقت فقد حصل إثم ترك الصلاة وهو كبيرة، ولكنا متى نحكم بذلك؟ يحتمل أن يقال بخروج الوقت. وإن كان نائما تبين لنا أن إثم التفويت حصل بأوله. ويحتمل أن يقال: إنه يحصل وهو نائم؛ لأن سببه صادر منه، وهو بصفة التكليف. ويبعد أن يقال: إنه لا يحصل حتى يستيقظ فيتعلق ذلك الإثم؛ فإنه لا معنى لذلك، وقد يموت في منامه.