الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثل الْقسم الثَّانِي يرتقي إِلَى دَرَجَة الصَّحِيح فَدلَّ على أَنه أَعلَى من الأول
فَائِدَة
قد يطلقون الْحسن على الْغَرِيب وَالْمُنكر روى ابْن السَّمْعَانِيّ فِي أدب الاستملاء عَن ابْن عون عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ كَانُوا يكْرهُونَ إِذا اجْتَمعُوا أَن يخرج الرجل أحسن مَا عِنْده قَالَ [عَنى] النَّخعِيّ بالأحسن الْغَرِيب لِأَن الْغَرِيب غير المألوف مستحسن أَكثر من الْمَشْهُور الْمَعْرُوف قَالَ وَأَصْحَاب الحَدِيث يعبرون عَن الْمَنَاكِير بِهَذِهِ الْعبارَة قَالَ شُعْبَة بن الْحجَّاج - وَقيل لَهُ مَالك لَا تروي عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان وَهُوَ حسن الحَدِيث - قَالَ من حسنه فَرَرْت [أجري]
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي أَبْوَاب التَّسْمِيَة فِي الْوضُوء عَن البُخَارِيّ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَاب احسن عِنْدِي من حَدِيث (أ / 47) رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله وَلَا يلْزم من هَذِه الْعبارَة أَن يكون حسنا فَإِنَّهُم يَقُولُونَ هَذَا أحسن مَا جَاءَ فِي الْبَاب وَإِن كَانَ ضَعِيفا ومرادهم أرجحه أَو أَقَله ضعفا
77 -
(قَوْله) الْحسن يتقاصر عَن الصَّحِيح إِلَى آخِره
يَعْنِي من جِهَة الرُّتْبَة حَتَّى وَلَو تعَارض حسن وصحيح قدم الصَّحِيح وَإِلَّا فهما مستويان فِي الِاحْتِجَاج بهما كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّاسِع من كَلَامه وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَقْدِيم التَّاسِع إِلَى هَا هُنَا فَإِنَّهُ أنسب
وَهل مُرَاده بِالصَّحِيحِ الَّذِي يقصر عَنهُ الْحسن مُطلق الصَّحِيح أَو غير أدنى دَرَجَات الصَّحِيح فِيهِ نظر وَحَاصِل مَا ذكره هُنَا مَبْنِيّ على اشْتِرَاط تعدد الْمخْرج فِي الْحسن وَقد سبق أَن ذَلِك لَيْسَ بِشَرْط
78 -
(قَوْله) وَإِذا استبعد ذَلِك
أَي الِاحْتِجَاج بِمَا جَاءَ من وُجُوه مُتعَدِّدَة وَإِن لم يكن أَحدهَا كَاف فِي الإحتجاج لما فِي الْهَيْئَة الاجتماعية من الْقُوَّة واستند إِلَى امرين
أَحدهمَا قبُول الْمُرْسل إِذا عضده مُرْسل آخر عِنْد الشَّافِعِي
وَالثَّانِي قبُول رِوَايَة المستور وَإِن لم تقبل شَهَادَته فِيمَا حَكَاهُ ابْن السَّمْعَانِيّ عَن بعض أَصْحَابنَا
وَقد نُوقِشَ فِي الأول بِأَن الشَّافِعِي لم يقبل مَرَاسِيل التَّابِعين مُطلقًا بل كبارهم وَهَذَا لَا يقْدَح فِي غَرَض ابْن الصّلاح هُنَا وَإِنَّمَا أطلقهُ لَا عتقاده التَّسْوِيَة بَين التَّابِعين فِي ذَلِك كَمَا سَيَأْتِي
وَأما الثَّانِي فَلم أَجِدهُ فِي القواطع لِابْنِ السَّمْعَانِيّ لَكِن نَقله الْمَازرِيّ فِي شرح الْبُرْهَان عَن ابْن فورك وَلَا يظْهر التَّرْجِيح بِهِ لِأَن أحد جزئي الْحسن أَن يكون رَاوِيه مَسْتُورا وَإِنَّمَا يكون ذَلِك بعد التَّفْرِيع على قبُول رِوَايَته وَإِلَّا الْتحق بالضعيف والسمعاني - بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة - نِسْبَة إِلَى بطن من تَمِيم هَكَذَا قَيده أَبُو
سعد السَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب وَرَأَيْت مَنْقُولًا عَن الْحَافِظ الْمزي أَن الْكسر فِيهِ أشهر قَالَ الْحَافِظ الْبكْرِيّ سَمِعت شَيخنَا أَبَا المظفر السَّمْعَانِيّ - ويسأله بعض الطّلبَة - هَل يُقَال فِيهِ بِكَسْر السِّين فَقَالَ سَمِعت أبي - وَقد سُئِلَ عَن ذَلِك - فَقَالَ لَا أجعَل فِي حل من يَقُوله بِالْكَسْرِ وَذكر ابْن الصّلاح فِي أَمَالِيهِ على حَدِيث المسلسل سمْعَان مِنْهُم من أَتَى فِيهِ بِكَسْر السِّين وَغلط من فتحهَا وَمِنْهُم من لم يعرف إِلَّا فتح السِّين وَأَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ مِنْهُم وَمِنْهُم من ضَبطه بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا انْتهى
79 -
(قَوْله) لَعَلَّ الباحث الْفَهم إِلَى آخِره
هَذَا من تَتِمَّة مَا سبق ذكره فِي صُورَة سُؤال وَجَوَاب وَمَا ذكره فِي الأول أَن الضعْف إِذا جَاءَ من جِهَة الرَّاوِي مَعَ كَونه من أهل الصدْق والديانة فَإِذا جَاءَ من جِهَة أُخْرَى عرفنَا أَنه لم يخْتل فِيهِ ضَبطه - مَرْدُود من جِهَة كَونه سَمَّاهُ ضَعِيفا فَإِن هَذَا حسن قطعا لانطباق رسمه عَلَيْهِ وَأما قبل الْمُتَابَعَة فَيدْخل فِي رسم الْحسن أَيْضا على رَأْي التِّرْمِذِيّ أَنه الَّذِي لَا يتهم رَاوِيه بِالْكَذِبِ وَالْغَرَض أَن رَاوِي هَذَا من
أهل الصدْق والديانة وَضعف الْحِفْظ على هَذَا ينزله من رُتْبَة الصَّحِيح إِلَى رُتْبَة الْحسن
وَأما قَوْله فِي الضعْف من حَيْثُ الْإِرْسَال بِأَن يُرْسل الْخَبَر إِمَام حَافظ يَزُول بروايته من وَجه آخر فَنَقُول أطلق الْوَجْه الآخر وَلم يشْتَرط فِيهِ أَن يكون عَن ثِقَة وَلَا أقل مِنْهُ فِي مقاومة الإِمَام الْحَافِظ فَإِن كَانَ كَذَلِك وَأرْسل الْخَبَر حَافظ وأسنده ثِقَة فَإِنَّهُ يزْعم أَن الحكم للإسناد
فَإِن ادّعى ذَلِك لِأَن الْإِسْنَاد زِيَادَة وَقد جَاءَت عَن ثِقَة فسبيلها أَن تقبل فَصَحِيح وَإِن زعم هَذَا مصطلح أهل هَذَا الشَّأْن فَلَيْسَ كَذَلِك على الْإِطْلَاق وَأما خبر لَا عِلّة لَهُ إِلَّا أَن إِمَامًا حَافِظًا أرْسلهُ وَقد تبين من وَجه آخر وَقد لزمَه فِي الْوَجْه الآخر أَن يكون عَن ثِقَة وَلَا بُد فَهَذَا يَنْبَغِي أَن يكون صَحِيحا على مذْهبه فِي
أَن الْمسند الثِّقَة مقدم على الْمُرْسل وَلَا عِلّة هُنَاكَ إِلَّا الْإِرْسَال وَقد انْتَفَت
وَقد بحث مَعَه فِي هَذَا الْموضع الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي - رَحمَه الله تَعَالَى - وَقَالَ الْحق فِي هَذِه الْمَسْأَلَة (أ 48) أَن يُقَال إِمَّا أَن يكون الرَّاوِي المتابع مُسَاوِيا للْأولِ فِي ضعفه أَو منحطا عَنهُ أَو أَعلَى مِنْهُ فَأَما مَعَ الانحطاط فَلَا تفِيد الْمُتَابَعَة شَيْئا (د 32) وَأما مَعَ الْمُسَاوَاة فقد
قلت وَهُوَ تَفْصِيل حسن وَلَا يخفى أَن هَذَا كُله فِيمَا إِذا كَانَ الحَدِيث فِي الْأَحْكَام فَإِن كَانَ من الْفَضَائِل فالمتابعة فِيهِ تقوم على كل تَقْدِير لِأَنَّهُ عِنْد انْفِرَاده مُفِيد
وشذ ابْن حزم عَن الْجُمْهُور فَقَالَ وَلَو بلغت طرق الضَّعِيف ألفا لَا يقوى وَلَا يزِيد انضمام الضَّعِيف إِلَى الضَّعِيف إِلَّا ضعفا وَهَذَا مَرْدُود لِأَن الْهَيْئَة الاجتماعية لَهَا أثر أَلا ترى أَن خبر الْمُتَوَاتر يُفِيد الْقطع مَعَ أَنا لَو نَظرنَا إِلَى آحاده لم يفد ذَلِك فَإِذا كَانَ مَا لَا يُفِيد الْقطع بِانْفِرَادِهِ يفِيدهُ عِنْد الانضمام فَأولى أَن يُفِيد الانضمام الِانْتِقَال من دَرَجَة الضعْف إِلَى دَرَجَة الْقُوَّة فَهَذَا سُؤال لَازم لَا سِيمَا إِذا بلغ مبلغ التَّوَاتُر فَإِن الْمُتَوَاتر لَا يشْتَرط فِي أخباره الْعَدَالَة كَمَا تقرر فِي علم الْأُصُول
وَاعْلَم أَن الصَّوَاب فِي التَّمْثِيل لما ذكره بِحَدِيث المشمس كَمَا مثل بِهِ
النَّوَوِيّ وَقَالَ فِي أربعينه فِي حَدِيث من حفظ على أمتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثا
اتّفق الْحفاظ على أَنه ضَعِيف وَإِن كثرت طرقه
وَأما جعل المُصَنّف حَدِيث الأذنان من الرَّأْس مَحْكُوم بضعفه وَإِن رُوِيَ بأسانيد فقد سبق إِلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فَقَالَا إِنَّه رُوِيَ بأسانيد ضِعَاف
لَكِن أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه عَن سُوَيْد بن سعيد عَن يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن شُعْبَة عَن حبيب بن زيد عَن عباد بن تَمِيم عَن عبد الله بن زيد
وسُويد احْتج بِهِ مُسلم وَحَدِيثه وثقة جمَاعَة وَبَاقِي الْإِسْنَاد على شَرط
الصَّحِيحَيْنِ وَلِهَذَا أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي شرح الْإِلْمَام قَالَ شَيخنَا الْمُنْذِرِيّ وَهَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل وَرُوَاته مُحْتَج بهم وَهُوَ أمثل إِسْنَاد فِي هَذَا الْبَاب وَوَافَقَهُ الشَّيْخ وَقَالَ لَعَلَّ أمثل مِنْهُ حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ فِيهِ ابْن الْقطَّان إِسْنَاده صَحِيح لثقة رُوَاته واتصاله قَالَ الشَّيْخ وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا يجمع طرقه لِأَنَّهُ يَأْتِي من وُجُوه قَالَ شَيخنَا الْمُنْذِرِيّ قد وَقع لنا هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأبي هُرَيْرَة وَأنس وَعَائِشَة وَلَيْسَ شَيْء مِنْهَا يثبت مَرْفُوعا وَعَن عُثْمَان من قَوْله وأشهرها حَدِيث أبي أُمَامَة كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ الشَّيْخ وَقد
علم أَن تظافر الروَاة على شَيْء ومتابعة بَعضهم لبَعض فِي حَدِيث مِمَّا يسْندهُ ويقويه وَرُبمَا الْتحق بالْحسنِ وَمَا يحْتَج بِهِ قَالَ وَقد أورد الْحَافِظ الْفَقِيه أَبُو عَمْرو بن الصّلاح كلَاما يفهم مِنْهُ لَا يرى هَذَا الحَدِيث من هَذَا الْقَبِيل مَعَ كَونه رُوِيَ بأسانيد ووجوه - فَذكر كَلَامه هَذَا - ثمَّ قَالَ وَهَذَا الَّذِي ذكره وَجعله هَذَا الحَدِيث من هَذَا النَّوْع الَّذِي لَا يقويه مجيؤه من طرق - قد لَا يُوَافق على ذَلِك فقد ذكرنَا رِوَايَة ابْن مَاجَه وَأَن رواتها ثِقَات وَرِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ وَحكم ابْن الْقطَّان لَهَا بِالصِّحَّةِ
وعَلى الْجُمْلَة فَإِن توقف تَصْحِيحه عِنْد أحد على ذكر طَرِيق لَا عِلّة فِيهَا وَلَا كَلَام فِي أحد من رواتها فقد يتَوَقَّف فِي ذَلِك لَكِن اعْتِبَار ذَلِك صَعب ينْتَقض عَلَيْهِم فِي كثير مِمَّا استحسنوه وصححوه من هَذَا الْوَجْه فَإِن السَّلامَة من الْكَلَام فِي النَّاس قَلِيل وَلَو شَرط ذَلِك لما كَانَ لَهُم حَاجَة إِلَى تَعْدِيل الْحسن بالتظافر والمتابعة والمجيء من طرق أَو وُجُوه فينقلب النّظر وتتناقض العبر وَيَقَع التَّرْتِيب أَو (يخْتَلف التصويب) (فَإِن يكن المهدى من بَاب هَدِيَّة فَهَذَا وَإِلَّا فالهدى ذَا فَمَا
المهدى)
قَالَ وَمَا ذكرته عرض عَلَيْك لَا الْتِزَام أتقلد عهدته وَفِي كَلَامي مَا يُشِير إِلَى الْمَقْصُود (أ 49) انْتهى
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي كتاب الْحيَاء كم من حَدِيث لَهُ طرق تجمع فِي جُزْء لَا يَصح مِنْهَا حَدِيث وَاحِد كَحَدِيث الطير يرْوى عَن قريب من أَرْبَعِينَ رجلا من أَصْحَاب أنس ويروي عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة غَيره وَقد جمع غير وَاحِد من الْحفاظ طرقه للاعتبار والمعرفة كالحاكم أبي عبد الله وَأبي بكر بن مرْدَوَيْه وَأبي نعيم
قلت وَكَذَا حَدِيث من غسل مَيتا فليغتسل
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ جمع بعض الْمُحدثين طرقه فَكَانَت مائَة وَعشْرين طَرِيقا
وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْقَادِر الرهاوي فِي أَرْبَعِينَ الْبلدَانِ - وَقد خرج حَدِيث من حفظ على أمتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثا - إِن الْأَحَادِيث الضِّعَاف إِذا انْضَمَّ بَعْضهَا إِلَى
بعض مَعَ كَثْرَة تعاضد وتتابع أحدثت قُوَّة وضارت كالاشتهار والاستفاضة اللَّذين يحصل بهما الْعلم فِي بعض الْأُمُور
80 -
(قَوْله) فِي الثَّالِثَة وَذَلِكَ يرقي حَدِيثه من دَرَجَة الْحسن إِلَى الصِّحَّة
هَذَا فِيهِ نظر لِأَن حد الحَدِيث الصَّحِيح الْمُتَقَدّم لَا يَشْمَلهُ وتمثيله بِحَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو تَابع فِيهِ التِّرْمِذِيّ فَإِنَّهُ أخرجه ثمَّ قَالَ وَقد روى هَذَا الحَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن زيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَحَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَزيد بن خَالِد كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيح (لِأَنَّهُ قد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من غير وَجه) وَأما مُحَمَّد فَزعم
أَن حَدِيث أبي سَلمَة عَن زيد أصح انْتهى
وَقد أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَمُحَمّد بن عَمْرو احْتج بِهِ مُسلم
81 -
(قَوْله) إِن الْحسن يُوجد فِي كَلَام غير التِّرْمِذِيّ من مَشَايِخ الطَّبَقَة
الَّتِي قبله كأحمد بن حَنْبَل وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا
قلت وَفِي الطَّبَقَة الَّتِي قبلهَا كمالك فَذكر ابْن الْقطَّان من جِهَة أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب قَالَ سَمِعت عمي يَقُول سُئِلَ مَالك بن أنس عَن تَخْلِيل أَصَابِع الرجلَيْن فِي الْوضُوء فَقَالَ لَيْسَ ذَلِك على النَّاس فأمهلته حَتَّى خف النَّاس ثمَّ قلت يَا أَبَا عبد الله سَمِعتك تَقول فِي مَكَّة عندنَا فِيهَا سنة قَالَ وَمَا هِيَ قلت حَدثنَا ابْن لَهِيعَة وَاللَّيْث بن سعد عَن يزِيد بن عَمْرو الْمعَافِرِي عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلى عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ
فخلل بِخِنْصرِهِ مَا بَين أَصَابِع رجلَيْهِ قَالَ فَقَالَ مَالك إِن هَذَا الحَدِيث حسن وَمَا سَمِعت بِهِ قطّ إِلَّا السَّاعَة (د 33) قَالَ عمي ثمَّ سمعته بعد يسْأَل عَن تَخْلِيل الْأَصَابِع فِي الْوضُوء فَأمر بِهِ
قَالَ ابْن الْقطَّان إِسْنَاده صَحِيح
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث - وَقد ذكر حَدِيث ابْن عمر فِي استدبار الْكَعْبَة - هُوَ حسن الْإِسْنَاد
82 -
(قَوْله) وتختلف النّسخ من كتاب التِّرْمِذِيّ فِي قَوْله هَذَا حَدِيث حسن وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح
قلت قَالَ السرُوجِي فِي الْغَايَة فِي الْكَلَام على حَدِيث أسفروا بِالْفَجْرِ كتب إِلَيّ صَاحب الإِمَام بِخَطِّهِ أَن النّسخ من كتاب التِّرْمِذِيّ تخْتَلف فِي قَوْله حسن صَحِيح أَو حسن وَأكْثر مَا يعتمده الْمُتَأَخّرُونَ رِوَايَة
الكروخي وَهِي مُخَالفَة فِي التَّصْحِيح لرِوَايَة الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار وَالَّذِي عندنَا فِي النُّسْخَة الَّتِي بِخَط ابْن الخاضبة الْحَافِظ حَدِيث رَافع أسفروا بِالْفَجْرِ حسن لَا غير وَفِي حَدِيث جَابر أَنه عليه الصلاة والسلام سُئِلَ عَن الْعمرَة أَوَاجِبَة هِيَ قَالَ لَا وَأَن تَعْتَمِرُوا هُوَ أفضل روى
الكروخي عَن التِّرْمِذِيّ أَنه صَححهُ وروى الْمُبَارك عَنهُ تحسينه فَقَط
83 -
(قَوْله) نَص الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه على كثير من ذَلِك
أَي من الْحسن
84 -
(قَوْله) وَمن مظانه
أَي من مظان الْحسن كَأبي دَاوُد إِلَى آخِره فِيهِ أُمُور
أَحدهَا المظان جمع مَظَنَّة وَهِي بِكَسْر الظَّاء كَمَا ضَبطهَا صَاحب النِّهَايَة قَالَ / وَهِي مَوضِع الشَّيْء ومعدنه مفعلة من الظَّن بِمَعْنى الْعلم وَكَانَ الْقيَاس فتح الظَّاء وَإِنَّمَا كسرت لأجل الْهَاء وَقَالَ المطرزي المظنة الْعلم من ظن بِمَعْنى علم
الثَّانِي قد اعْترض الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي على ابْن الصّلاح وَقَالَ لم يرسم أَبُو دَاوُد شَيْئا بالْحسنِ وَعَمله بذلك شَبيه بِعَمَل مُسلم بن الْحجَّاج الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَن يحمل كَلَامه على غَيره أَنه اجْتنب الضَّعِيف الواهي وأتى بالقسمين الأول وَالثَّانِي وَحَدِيث من مثل بِهِ من الروَاة من الْقسمَيْنِ الأول وَالثَّانِي مَوْجُود فِي كِتَابه دون الْقسم الثَّالِث قَالَ فَهَلا ألزم الشَّيْخ أَبُو عَمْرو مُسلما من ذَلِك مَا ألزم بِهِ أَبَا دَاوُد فَمَعْنَى كَلَامهمَا وَاحِد
وَقَول أبي دَاوُد وَمَا يُشبههُ يَعْنِي فِي الصِّحَّة وَمَا يُقَارِبه يَعْنِي فِيهَا أَيْضا قَالَ وَهُوَ نَحْو قَول مُسلم إِنَّه لَيْسَ كل الصَّحِيح نجده عِنْد مَالك وَشعْبَة وسُفْيَان فَاحْتَاجَ أَن ينزل إِلَى مثل حَدِيث لَيْث بن أبي سليم وَعَطَاء بن السَّائِب وَيزِيد بن أبي زِيَاد لما يَشْمَل الْكل من اسْم الْعَدَالَة والصدق وَإِن تفاوتوا فِي الْحِفْظ والإتقان وَلَا فرق بَين الطَّرِيقَيْنِ غير أَن مُسلما شَرط الصَّحِيح فَيخرج من حَدِيث الطَّبَقَة الثَّالِثَة وَأَبا دَاوُد لم يَشْتَرِطه فَذكر مَا يشْتَد وهنه عِنْده وَالْتزم الْبَيَان عَنهُ
قَالَ وَفِي قَول أبي دَاوُد إِن بَعْضهَا أصح من بعض مَا يُشِير إِلَى الْقدر الْمُشْتَرك بَينهمَا من الصِّحَّة وَإِن تفاوتت فِيهِ لما تَقْتَضِيه صِيغَة أفعل فِي الْأَكْثَر
الثَّالِث مَا ذكره فِيمَا سكت عَنهُ أَنه حسن اعْتَرَضَهُ ابْن رشيد بِأَنَّهُ غير منحصر فِي ذَلِك لجَوَاز أَن يكون عِنْده صَحِيحا وَإِن لم يكن عِنْد غَيره كَذَلِك وَاسْتَحْسنهُ ابْن سيد النَّاس
قلت وَلَا سِيمَا مَعَ قَول أبي دَاوُد ذكرت فِي كتابي الصَّحِيح وَمَا يُشبههُ فَعلم أَن قَوْله صَالح أَرَادَ بِهِ الْقدر الْمُشْتَرك بَين الصَّحِيح وَالْحسن هَذَا إِن كَانَ
أَبُو دَاوُد يفرق بَين الصَّحِيح وَالْحسن وَأما إِن كَانَ يرى الْكل صَحِيحا وَلَكِن دَرَجَات الصِّحَّة تَتَفَاوَت وَهُوَ الظَّاهِر من حَاله فَذَلِك أقوى فِي الِاعْتِرَاض على من نقل عَنهُ الحكم بِكَوْنِهِ حسنا نعم جَاءَ عَن أبي دَاوُد أَيْضا مَا سكت عَنهُ فَهُوَ حسن إِلَّا أَن الرِّوَايَة لسنن أبي دَاوُد مُخْتَلفَة يُوجد فِي بَعْضهَا كَلَام وَحَدِيث لَيْسَ فِي الْأُخْرَى وللآجري عَنهُ أسئلة قيل فَيحْتَمل قَوْله وَمَا سكت عَنهُ أَي فِي السّنَن وَيحْتَمل مُطلقًا وَهُوَ عَجِيب والصوب الأول والسياق مُصَرح