الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فِي الْأَسْبَاب الحاملة على التَّدْلِيس من الثِّقَات والضعفاء
وَأما من الثِّقَات فَلهم فِيهَا أغراض لَا تضر فَمِنْهَا الِاخْتِصَار وَكَأن تدليسهم بِمَنْزِلَة روايتهم الْمُرْسل وَلِهَذَا كَانُوا إِذا سئلوا أحالوا على الثِّقَات فَلم يكن ذَلِك قادحا وَفِي تَارِيخ ابْن أبي خَيْثَمَة عَن الْأَعْمَش قَالَ قلت لابراهيم إِذا حَدَّثتنِي عَن عبد الله فأسند لي قَالَ إِذا قلت قَالَ عبد الله فقد سمعته من غير وَاحِد من أَصْحَابه وَإِذا قلت حَدثنِي فلَان فقد حَدثنِي فلَان
وَمِنْهَا أَلا يتْرك الحَدِيث وَأَن يَعْلُو بِذكرِهِ الشَّيْخ دون من دونه لصِحَّة رِوَايَته عَنهُ غير هَذَا وتحققه (د 63) أَن الثِّقَات حدثونا بِهِ عَنهُ
وَمِنْهَا وُقُوع بَينه وَبَين الْمَرْوِيّ عَنهُ فيحمله على إبهامه وَألا يُصَرح باسمه الْمَشْهُور وَلم تحمله ديانته على ترك الحَدِيث عَنهُ كَمَا صنع البُخَارِيّ فِي حَدِيثه عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي لما جرى بَينه وَبَينه فَمرَّة يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد لَا
يزِيد وَمرَّة يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد فنسبه إِلَى جده الْأَعْلَى وَمرَّة يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله فنسبه إِلَى جده الْأَدْنَى وَهَذِه الْأَغْرَاض كلهَا غير قادحة للْعلم بِأَنَّهُم متحققون بِصِحَّة الحَدِيث فِي الْجُمْلَة وعَلى هَذِه الْأَسْبَاب ينزل مَا سبق من التَّدْلِيس من الثِّقَات الْمَذْكُورين
وَأما التَّدْلِيس من الضُّعَفَاء فَلهم [فِيهَا] أغراض وَكلهَا قادحة فَمِنْهَا قوم رووا الحَدِيث عَن ضَعِيف أَو مَجْهُول عَن الشَّيْخ فَسَكَتُوا عَنهُ واقتصروا على ذكر الشَّيْخ إِذْ عرف سماعهم مِنْهُ لغير هَذَا الحَدِيث
وَمِنْهَا قوم رووا الحَدِيث عَن ضعفاء لَهُم أَسمَاء أَو كنى مَشْهُورَة عرفُوا بهَا فَلَو صَرَّحُوا بِأَسْمَائِهِمْ الْمَشْهُورَة وَكُنَاهُمْ الْمَعْلُومَة لم يشْتَغل بِحَدِيثِهِمْ فَأتوا بالإسم الْحَامِل وبالكنية المجهولة ليبهموا الْأَمر وَلِئَلَّا يعرف ذَاك الرَّاوِي وَضَعفه فيزهد فِي حَدِيثهمْ
وَمِنْهَا قوم رووا عَن ضَعِيف لَهُ كنية يُشَارِكهُ فِيهَا رجل مَقْبُول الحَدِيث وَقد حدث عَنْهُمَا جَمِيعًا فيطلق الحَدِيث بالكنية لِئَلَّا يدْخل (أ 103) الْإِشْكَال أَو يَقع على السَّامع اللّبْس ويظن أَنه ذَاك الْقوي وَقد يفعل الرُّتْبَة الأولى بعض الثِّقَات كَمَا نسب للأعمش وَنَحْوه