الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المضمومة في قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بآل عمران، التحقيق مع الإدخال وعدمه وله في موضعي ص والْقَمَرُ التحقيق مع الإدخال وعدمه والتسهيل مع الإدخال.
6 -
مذهب ابن ذكوان والكوفيين: التحقيق بلا إدخال في الأنواع الثلاثة.
«تتمة» : لا يقال: إن المد حين إدخال ألف الفصل بين الهمزتين من قبيل المد المتصل، باعتبار تحقق حرف المد والهمز في كلمة واحدة؛ لأنا نقول: إن هذه الألف عارضة أتي بها في قراءة بعض القراء لمجرد الفصل بين الهمزتين وتركت في قراءة البعض الآخر فنظرا لعروضها في الكلمة في بعض قراءتها لا يكون المد فيها من قبيل المد المتصل. والله تعالى أعلم.
10 باب الهمزتين من كلمتين [202 - 213]
202 -
وأسقط الأولى في اتّفاقهما معا
…
إذا كانتا من كلمتين فتى العلا
203 -
كجا أمرنا من السّما إنّ أوليا
…
أولئك أنواع اتّفاق تجمّلا
204 -
وقالون والبزّيّ في الفتح وافقا
…
وفي غيره كاليا وكالواو سهّلا
205 -
وبالسّوء إلّا أبدلا ثمّ أدغما
…
وفيه خلاف عنهما ليس مقفلا
عقد الناظم هذا الباب لبيان مذاهب القراء السبعة في الهمزتين من كلمتين والمراد بهما همزتا القطع المتلاصقتان وصلا الواقعتان في كلمتين، بأن تكون الأولى آخر كلمة والأخرى أول الكلمة التي تليها، فخرج بقيد القطع الهمزتان في نحو: فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ*، الْماءَ اهْتَزَّتْ*، ما
شاءَ اللَّهُ*، فإن الهمزة الثانية في هذه الأمثلة همزة وصل، وخرج بقيد التلاصق: الهمزتان اللتان بينهما حاجز نحو: السُّواى أَنْ كَذَّبُوا، وخرج بقيد الوصل: ما إذا وقف على الهمزة الأولى وابتدئ بالثانية فلا يكون فيها ولا في الثانية إلا التحقيق باتفاق القراء، والهمزتان في هذا الباب قسمان: متفقتان في الحركة ومختلفتان فيها. والمتفقتان في الحركة ثلاثة أنواع: مفتوحتان، ومكسورتان، ومضمومتان، وبدأ الناظم بذكر مذاهب القراء السبعة في المتفقتين فأخبر أن:(فتى العلا)
وهو أبو عمرو البصري أسقط، أي: حذف في قراءته الهمزة الأولى من المتفقتين في الحركة، سواء كانتا مفتوحتين نحو: جاءَ أَمْرُنا*، السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ، شاءَ أَنْشَرَهُ. أم مكسورتين نحو: مِنَ السَّماءِ إِنْ*، هؤُلاءِ إِنْ، وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ أم مضمومتين.
وقد جاءتا في قوله تعالى في سورة الأحقاف: وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وليس لهما نظير في القرآن الكريم، وما ذكره الناظم من أن المحذوفة هي الأولى هو قول جمهور أهل الأداء، وقال بعضهم: المحذوفة هي الثانية.
وثمرة هذا الخلاف تظهر في حكم المد، فعلى القول الأول يكون المد من قبيل المنفصل فيجوز فيه القصر والتوسط، وعلى القول الثاني يكون المد من قبيل المتصل فلا يجوز فيه إلا التوسط. وقوله:(أنواع اتفاق) أي: هذه الأمثلة فيها الأنواع الثلاثة للهمزتين المتفقتين من كلمتين. ثم ذكر الناظم: أن قالون والبزي وافقا أبا عمرو على إسقاط الهمزة الأولى أو الثانية على الخلاف السابق في المفتوحتين، وحينئذ يجوز لهما ما يجوز لأبي عمرو من القصر والتوسط في حرف المد الواقع قبل الهمزة، وفي كون المد من قبيل المنفصل أو من قبيل المتصل.
وأما غير المفتوحتين من المكسورتين والمضمومتين؛ فإنهما يسهلان الأولى من كل منهما بين بين فتسهل المكسورة بينها وبين الياء، وتسهل المضمومة بينها وبين الواو، ويجوز في حرف المد الواقع قبل الهمزة المسهلة التوسط والقصر سواء كانت مكسورة أم مضمومة، ثم أفاد أن قالون والبزي أبدلا الهمزة الأولى واوا ثم أدغما الواو الساكنة قبلها فيها، وذلك في بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي في يوسف، فيكون النطق بواو مشددة مكسورة وبعدها همزة محققة. ثم قال الناظم وفي هذا اللفظ بِالسُّوءِ إِلَّا أي في تخفيف همزة خلاف عنهما، فيكون لهما فيه وجهان: الوجه السابق: وهو الإبدال مع الإدغام. والوجه الثاني: هو تسهيل الأولى على أصل مذهبهما. وقوله: (ليس مقفلا) معناه: ليس الخلاف عن قالون والبزي في تخفيف هذا اللفظ مغلقا مسدودا بل هو ذائع مستفيض في كتب القراءات.
206 -
والاخرى كمدّ عند ورش وقنبل
…
وقد قيل محض المدّ عنها تبدّلا
207 -
وفي هولا إن والبغا إن لورشهم
…
بياء خفيف الكسر بعضهم تلا
المعنى: يعني: والهمزة الأخيرة أي الثانية من الهمزتين المتفقتين في الحركة بأنواعهما الثلاثة كائنة كالمد؛ أي تسهل بين بين، أي بينهما وبين الحرف المجانس لحركتها، فتسهل المفتوحة بينها وبين الألف فتكون مثل الألف، وتسهل المكسورة بينها وبين الياء فتكون مثل الياء الساكنة، وتسهل المضمومة بينها وبين الواو فتكون مثل الواو الساكنة، وهذا معنى قوله:(كمد) لأنها حال التسهيل تصير مثل حرف المد، وهذا الحكم- وهو تسهيل الهمزة الثانية- عن ورش وقنبل، وروي عنهما فيها إبدالها حرف مدّ مجانسا لحركة الهمزة الأولى فتبدل ألفا إن كانت الأولى مفتوحة، وياء إن كانت مكسورة، وواوا إن كانت مضمومة، وهذا معنى قوله:(وقد قيل محض المد عنها تبدلا) أي: تبدل المد المحض عن الهمزة أي جعل بدلا عنها، فيكون لورش وقنبل في الهمزة الثانية وجهان: التسهيل، والإبدال؛ فحينئذ لا يكون لهما في الأولى إلا التحقيق، وإذا أبدلت الثانية لورش وقنبل؛ فالحرف الذي بعدها إما أن يكون متحركا أو ساكنا، فإن كان متحركا نحو: جاءَ أَحَدٌ*، فِي السَّماءِ إِلهٌ، أَوْلِياءُ أُولئِكَ. فاقتصر على حرف المد ولا تزد عليه شيئا ولا تعتبره من باب البدل نظرا لعروض حرف المد بسبب إبداله من الهمزة، وإن كان الحرف الذي بعدها ساكنا نحو وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ، فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ، فمدّ حرف المد مدا مشبعا لأجل الساكنين. فإن تحرك هذا الحرف الساكن لعارض؛ فلك في حرف المد وجهان: المد الطويل نظرا للأصل، والقصر؛ نظرا للحركة العارضة، وقد وقع ذلك في ثلاثة مواضع: عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ في النور لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ كلاهما في الأحزاب؛ فالنون في هذه المواضع كانت ساكنة ثم تحركت بسبب نقل حركة الهمزة إليها في الْبِغاءِ إِنْ لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ وهذا بالنسبة لورش خاصة، وللتخلص من التقاء الساكنين في مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ وهذا لورش وقنبل، فيكون لورش في الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ ولِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ ثلاثة أوجه: التسهيل بين بين، والبدال مع المد والقصر، وسيجيء له في الْبِغاءِ إِنْ وجه رابع، ويكون لقنبل فيهما وجهان: التسهيل، والإبدال مع المد المشبع، ويكون لهما في مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ثلاثة أوجه: التسهيل، والإبدال مع المد، والقصر، فلا فرق بين ورش وقنبل في هذه الكلمة، وليس في القرآن همزتان متفقتان في
الحركة واقعتان في كلمتين وبعد الثانية ساكن تحرك للتخلص من التقاء الساكنين إلا في هذه الكلمة
وإذا وقع بعد الهمزة الثانية ألف وذلك في فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ بالحجر وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ بالقمر؛ فعلى وجه إبدالها يوجد ألفان، الألف المبدلة منها، والألف التي بعدها وهما ساكنان، فحينئذ يجوز لنا وجهان: الأول: حذف إحدى الألفين تخلصا من اجتماع الساكنين، الثاني: إثبات الألفين مع زيادة ألف ثالثة للفصل بين الساكنين. فعلى الوجه الأول:
وهو حذف إحدى الألفين يتعين القصر. وعلى الوجه الثاني: يتعين الإشباع فيكون لورش في جاءَ آلَ* في الموضعين خمسة أوجه: تسهيل الهمزة الثانية مع القصر، والتوسط، والمد في الألف التي بعدها؛ لأنها من باب مد البدل المغير بالتسهيل، ثم إبدال الهمزة الثانية ألفا مع القصر والإشباع. وأما قنبل فله فيهما ثلاثة أوجه: التسهيل، ثم الإبدال مع القصر والإشباع. وفي قوله:
(وفي هؤلا إن والبغا إن، إلخ) بيان لوجه ثالث عن ورش خاصة في هذين الموضعين وهما هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في البقرة: عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ في النور وهو أن بعض أهل الأداء عن ورش قرأ في هذين الموضعين بياء مكسورة. فيكون لورش في هؤُلاءِ إِنْ ثلاثة أوجه:
تسهيل الهمزة الثانية بين بين، ثم إبدالها حرف مد مشبعا، ثم إبدالها ياء مكسورة. ويكون له في الْبِغاءِ إِنْ أربعة أوجه: تسهيل الثانية بين بين، ثم إبدالها حرف مد مع القصر والإشباع. ثم إبدالها ياء مكسورة، ولقنبل في كل منهما وجهان: التسهيل، ثم الإبدال مع الإشباع.
ويجب أن يعلم أن من مذهبه التغيير في الهمزة الأولى؛ فإنه يحقق في الثانية، وأن من مذهبه التغيير في الثانية؛ فإنه يحقق الأولى فليس هناك من يغير في الهمزتين معا، وباقي القراء يحققون في الهمزتين معا.
208 -
وإن حرف مدّ قبل همز مغيّر
…
يجز قصره والمدّ ما زال أعدلا
المعنى: اشتمل هذا البيت على قاعدة مهمة، وهي أنه إذا وقع حرف المد قبل همز مغير؛ فإنه يجوز في حرف المد وجهان على الأصل، والقصر لتغير سبب المد وهو الهمز وتغير الهمز قد يكون بتسهيله بين بين كقراءة قالون والبزي في هؤُلاءِ إِنْ ونحوه، وقد يكون بحذفه كقراءة قالون والبزي في شاءَ أَنْشَرَهُ ونحوه، وقراءة أبي عمرو في الأنواع
الثلاثة في المتفقتين.
فإذا كان تغير الهمز بالتسهيل جاز في حرف المد الواقع قبله وجهان: المد، والقصر ولكن المد أولى وأرجح نظرا لبقاء أثر الهمز، وإذا كان تغير الهمز بإسقاطه جاز في حرف المد قبله الوجهان المذكوران ولكن القصر أرجح من المد نظرا لذهاب أثر الهمز، فقول الناظم:(والمد ما زال أعدلا) مقيد بما إذا كان أثر الهمز باقيا، أما إذا ذهب أثر الهمز؛ فإن القصر يكون أعدل كما سبق. وتطبيقا لهذه القاعدة: إذا اجتمع مد منفصل مع مد متصل مسهل الهمز كقوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا فإذا قرأت لقالون أو للدوري عن أبي عمرو بقصر المنفصل في حَتَّى إِذا* جاز لك في جاءَ أَمْرُنا* وجهان: القصر وهو أرجح، والتوسط.
وإذا قرأت لهما بتوسط المنفصل: لم يجز لك في المتصل إلا التوسط؛ لأننا إذا قدرنا الهمزة الأولى هي المحذوفة كان المد من قبيل المنفصل فيجب فيه التوسط ليتساوى
مع المنفصل الذي قبله في مقدار المد، وإذا قدرنا أن المحذوفة هي الثانية كان المد من قبيل
المتصل وهو لا يجوز قصره في مذهب ما.
أما إذا قرأت للبزي أو السوسي: فليس لك إلا قصر المنفصل مع وجهي المتصل، وإذا قرأت لقالون هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، بقصر المنفصل؛ جاز لك في المتصل القصر والتوسط، وإذا قرأت بتوسط المنفصل؛ لم يجز لك في المتصل إلا التوسط.
ولا يجوز القصر؛ لأنه يمتنع قصر الأقوى مع توسط الأضعف. ولما فرغ من بيان مذاهب القراء في الهمزتين المتفقتين في الحركة شرع في بيان مذاهبهم في الهمزتين المختلفتين فيها فقال:
209 -
وتسهيل الاخرى في اختلافهما سما
…
تفيء إلى مع جاء أمّة انزلا
210 -
نشاء أصبنا والسّماء أو ائتنا
…
فنوعان قل كاليا وكالواو سهّلا
211 -
ونوعان منها أبدلا منهما وقل
…
يشاء إلى كاليا أقيس معدلا
212 -
وعن أكثر القرّاء تبدل واوها
…
وكلّ بهمز الكلّ يبدا مفصّلا
المعنى: يعني: أن المشار إليهم بكلمة (سما) وهم: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو يسهلون الهمزة الأخرى من الهمزتين المختلفتين في الحركة والمراد من التسهيل هنا مطلق التغيير الشامل
لبين بين، والإبدال ياء أو واوا، والهمزتان المختلفتان في الحركة خمسة أنواع:
الأول: أن تكون الأولى مفتوحة والثانية مكسورة نحو: تَفِيءَ إِلى، وَجاءَ إِخْوَةُ، شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ، وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ*.
الثاني: أن تكون الأولى مفتوحة والثانية مضمومة، ولم يقع من هذا النوع في القرآن إلا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها بالمؤمنين.
الثالث: أن تكون الأولى مضمومة والثانية مفتوحة نحو: لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ، الْمَلَأُ أَفْتُونِي*، سُوءُ أَعْمالِهِمْ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي.
الرابع: أن تكون الأولى مكسورة والثانية مفتوحة نحو: مِنَ السَّماءِ آيَةً، مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ، هؤُلاءِ أَهْدى، لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً.
الخامس: أن تكون الأولى مضمومة والثانية مكسورة، نحو: وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ، إِنَّ*، يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى *، يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي، أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ.
فقول الناظم: (تفيء إلى) مثال للنوع الأول. وقوله: (مع جاء أمة) مثال للثاني، وليس في القرآن غيره كما سبق. وقوله:(نشاء أصبنا) مثال للثالث. وقوله: (والسماء أو ائتنا) مثال للرابع، وقوله:(يشاء إلى) مثال للخامس، ثم ذكر نوع التسهيل في النوعين الأولين فقال:(فنوعان قل كاليا وكالواو سهلا) يعني: أن الهمزة الثانية المكسورة في النوع الأول
تسهل كالياء، أي تكون بين الهمزة والياء، وإن الهمزة الثانية المضمومة في النوع الثاني تسهل كالواو أي تكون بين الهمزة والواو. ثم بين نوع التسهيل في النوعين الثالث، والرابع فقال:
(ونوعان منها أبدلا) أي الواو والياء أي من همزتيهما؛ أي جعلتا بدلا من همزتيهما، فالهمزة الثانية المفتوحة في نحو: نَشاءُ أَصَبْناهُمْ أبدلت واوا، والهمزة الثانية المفتوحة في نحو:
مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا أبدلت ياء، فالضمير في (أبدل) وهو ألف التثنية يعود على الواو، والياء المذكورين في قوله:(كالياء والواو)، والضمير في (منها) يعود على الأنواع. ثم بين كيفية تغيير النوع الخامس فذكر فيه وجهين: الأول: أن تسهل همزته بينها وبين الياء، وهذا معنى قوله:(كالياء)، ونبه بقوله:(أقيس معدلا) على أن هذا الوجه أكثر ملاءمة للقياس من الوجه الآخر، والوجه الثاني: أن تبدل الهمزة الثانية المكسورة واوا محضة،
وهذا الوجه هو الذي قال فيه الناظم: (وعن أكثر القراء تبدل واوها) وقوله: (واوها) مفعول ثان لتبدل والضمير في (واوها) يعود على الهمزة أو على الحروف. ومعنى قوله: (وكل بهمز الكل يبد مفصلا) أن كل من سهل الهمزة الثانية من المتفقين أو المختلفين فإنما يسهلها في حال وصلها بالكلمة قبلها التي فيها الهمزة الأولى؛ لأن الهمزتين حينئذ متصلتان. فأما إذا وقف على الكلمة الأولى التي في آخرها الهمزة الأولى وابتدأ بالكلمة الثانية التي في أولها الهمزة الثانية، فلا مناص من تحقيق الهمزة الثانية؛ لانفصال الهمزتين في هذه الحال، حتى لو أراد القارئ تسهيل الثانية المبتدأ بها لما أمكنه ذلك؛ لأن الهمزة المسهلة قريبة من الساكنة.
والساكن لا يمكن الابتداء به. وقوله: (مفصلا) أي: مبينا الهمزة محققا لها.
والخلاصة: أن تسهيل الهمزة الثانية أو إبدالها من الهمزتين المتفقتين أو المختلفتين لا يكون إلا في حال وصلها بالأولى، فإذا وقف على الأولى وابتدئ بالثانية فلا بد من تحقيقها؛ لأن التسهيل أو الإبدال إنّما حصل لثقل اجتماع الهمزتين، وقد زال بانفصال كل واحدة عن الأخرى حين الوقف على الأولى والبدء بالثانية، ومما ينبغي التنبه له أمران:
الأول: أن كل من يغير في الهمزة الأولى من المتفقتين سواء كان التغيير بالتسهيل أم بالحذف ليس له في الثانية إلا التحقيق، وكل من يغير في الثانية من المتفقتين سواء كان التغيير بالتسهيل أم بالإبدال ليس له في الأولى إلا التحقيق، فليس من القراء من يغير الهمزتين معا.
الثاني: اتفق القراء السبعة على تحقيق الهمزة الأولى من المختلفتين واختلافهم إنما هو في الثانية على الوجه الذي علمته.
213 -
والابدال محض والمسهّل بين ما
…
هو الهمز والحرف الّذي منه اشكلا
اللغة والمعنى: يقال: شكلت الكتاب أي: قيدته بالإعراب، وقوله:(والمسهل) مبتدأ،
و (بين) ظرف وقع خبرا له، وما بمعنى الذي أضيف إليه بين، وقوله:(هو الهمز) جملة وقعت صلة الموصول، وقوله:(والحرف بالجر) عطف على ما، وضمير (منه) للحرف، وضمير (أشكلا) للهمز. وتقدير البيت: والهمز المسهل يكون بين الذي هو الهمز؛ أي: يكون بين الهمز وبين الحرف