الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقرؤها حمزة والكسائي بضم الهاء والميم وصلا، وبضم الهاء وسكون الميم وقفا، ويقرؤهما الكسائي بضم الهاء والميم وصلا، وبكسر الهاء وسكون الميم وقفا.
5 باب الإدغام الكبير [116 - 131]
116 -
ودونك الإدغام الكبير وقطبه
…
أبو عمرو البصريّ فيه تحفّلا
اللغة والمعنى: (الإدغام) لغة: إدخال شيء في شيء، ومنه: أدغم اللجام في فم الفرس إذا أدخله فيه واصطلاحا: النطق بالحرفين حرفا واحدا كالثاني مشددا، وهو قسمان: كبير وصغير، فالكبير: ما كان المدغم والمدغم فيه متحركين، ويكون في المثلين، والمتقاربين، والمتجانسين. والصغير: ما كان المدغم ساكنا والمدغم فيه متحركا، ولا يكون إلا في المتقاربين والمتجانسين. وقول الناظم (ودونك) اسم فعل أمر بمعنى خذ وقطب الشيء ملاكه، وقطب القوم سيدهم الذي يدور عليهم أمرهم، وتحفل بالشيء وفيه: اهتم به، وعنى بشأنه.
[تصوير]
أي خذ الإدغام الكبير، والذي يدور عليه أمره هو أبو عمرو البصري فهو الذي احتفل به، واهتم بشأنه، ونقله، وضبط حروفه، واحتج له، وقرأ وأقرأ به، فمدار الإدغام على أبي عمرو فمنه أخذ، وإليه أسند، وعنه اشتهر من بين القراء السبعة. وسبب الإدغام: التماثل والتقارب والتجانس، وشرطه: التقاء المدغم بالمدغم فيه خطّا، فدخل نحو إِنَّهُ هُوَ* وخرج نحو أَنَا نَذِيرٌ*، وأن يكون المدغم فيه أكثر من حرف إذا كان الإدغام في كلمة، وموانعه ستأتي في قول الناظم (إذا لم يكن تاء مخبر) إلخ، وصريح النظم يفيد أن الإدغام لأبي عمرو من الروايتين، ولكن المقروء به المعول عليه المأخوذ به من طريق الشاطبية والتيسير: أن الإدغام خاص برواية السوسي عن أبي عمرو. وأما الدوري: فليس له من طريق النظم، وأصله: إلّا الإظهار. ولذلك قال الإمام السخاوي تلميذ الإمام الشاطبي في شرحه للشاطبية: وكان أبو القاسم الشاطبي يقرئ بالإدغام الكبير من طريق السوسي؛ لأنه كذا قرأ .. انتهى.
117 -
ففي كلمة عنه مناسككم وما
…
سلككم وباقي الباب ليس معوّلا
المعنى: إذا التقى المثلان فإما أن يكون التقاؤهما في كلمة، وإما أن يكون في كلمتين، فإن كان في كلمة: فلا يدغم السوسي من المثلين إلا الكاف في هاتين الكلمتين، مَناسِكَكُمْ في قوله تعالى في سورة البقرة: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ، وسَلَكَكُمْ في قوله: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، وما عدا هاتين الكلمتين فلم يعول السوسي على الإدغام فيه بل قرأه بالإظهار كغيره من سائر القراء مثل بِأَعْيُنِنا*، جِباهُهُمْ، وُجُوهُهُمْ*، بِشِرْكِكُمْ.
118 -
وما كان من مثلين في كلمتيهما
…
فلا بدّ من إدغام ما كان أوّلا
119 -
كيعلم ما فيه هدى وطبع عّلى
…
قلوبهم والعفو وأمر تمثّلا
المعنى: إذا التقى الحرفان المتماثلان في كلمتين بأن كان أولهما آخر كلمة وثانيهما أول الكلمة التي تليها وكانا متحركين؛ فلا بد من إدغام الحرف الأول بعد إسكانه في الثاني للسوسي وصلا، سواء كان ما قبل الحرف الأول المدغم متحركا نحو يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ*، وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ. أم كان ساكنا وهو حرف مد نحو فِيهِ هُدىً*. أم ساكنا صحيحا نحو خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ. وقولنا:
وكان متحركين؛ احتراز عما إذا كان الحرف الأول ساكنا والثاني متحركا، فإن الحرف الأول يدغم في الثاني باتفاق القراء نحو: إِذْ ذَهَبَ، وَقَدْ دَخَلُوا. وعما إذا كان الأول متحركا والثاني ساكنا فإن الحرف الأول يجب إظهاره لجميع القراء نحو كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ، إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها ومعنى تمثلا تخصص المذكور وتبين، وهو إدغام المثلين في الثاني من كلمتين.
120 -
إذا لم يكن تا مخبر أو مخاطب
…
أو المكتسى تنوينه أو مثقّلا
121 -
ككنت ترابا أنت تكره واسع
…
عليم وأيضا تمّ ميقات مثّلا
اللغة والمعنى: الضمير في (يكن) يعود على قوله: ما كان أولا، وهذا بيان من الناظم لموانع الإدغام: المانع الأول: أن يكون الحرف الأول من المثلين تاء مخبر أو تاء دالة على المتكلم نحو يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً. والثاني: أن يكون الحرف الأول تاء دالة على المخاطب نحو أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ وَما كُنْتَ تَتْلُوا الثالث: أن يكون الحرف الأول مقرونا بالتنوين نحو
وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ*. الرابع: أن يكون الحرف الأول مثقلا نحو فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ، وَخَرَّ راكِعاً. فيجب إظهار الحرف الأول في هذه الأمثلة وأشباهها.
122 -
وقد أظهر في الكاف يحزنك كفره
…
إذ النّون تخفى قبلها لتجمّلا
المعنى: قد أظهر رواة الإدغام عن السوسي كاف يَحْزُنْكَ* ولم يدغموها في كاف كفره في قوله تعالى في سورة لقمان وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ. ثم علل إظهارها بأن النون أخفيت عند الكاف فانتقل مخرجها إلى الخيشوم فيصعب التشديد بعدها فامتنع إدغامها، أو يقال: إن النون لما أخفيت والإخفاء قريب من الإدغام صارت الكاف كأنها مدغم فيها فصارت كالحرف المشدد وهو ممتنع الإدغام، فامتنع إدغامها ووجب إظهارها. وقوله (لتجملا) تعليل لإظهار الكاف، أي إنما أظهرت الكاف لتجمل الكلمة ببقائها على صورتها.
123 -
وعندهم الوجهان في كلّ موضع
…
تسمّى لأجل الحذف فيه معلّلا
124 -
كيبتغ مجزوما وإن يك كاذبا
…
ويخل لكم عن عالم طيّب الخلى
المعنى: قد يلتقي المثلان في موضع بسبب حذف وقع في الكلمة التي فيها المثل الأول، وحينئذ تسمى هذه الكلمة التي وقع فيها الحذف معللة أي معلة، وعند علماء الأداء الوجهان:
الإدغام والإظهار عن السوسي في كل كلمة هذا شأنها، وذلك في ثلاث كلمات في القرآن الكريم «الأولى»: ومن يبتغ غير الإسلام دينا في آل عمران أصلها يبتغي فالياء فاصلة بين المثلين فحذفت الياء للجازم فالتقى المثلان، فمن أظهر نظر إلى أصل الكلمة قبل دخول الجازم عليها.
ومن أدغم نظر إلى الحال الراهنة. «الكلمة الثانية» : وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ في غافر، أصلها يكون، ثم دخل الجازم فجزمت له النون، فالتقى ساكنان: النون والواو، فحذفت الواو للتخلص من التقائهما. ثم حذفت النون تخفيفا فالتقى المثلان «الكلمة الثالثة»:
يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ في يوسف، أصلها: يخلو فحذفت الواو للجازم وهو وقوع الفعل جوابا للأمر، فالتقى المثلان، وعلتا الإدغام والإظهار في الكلمة الأولى تجريان في الكلمتين الثانية والثالثة، وليس في القرآن من هذا النوع
إلا هذه المواضع الثلاثة. وعلى هذا تكون الكاف في (كيبتغ) استقصائية؛ لأنها استقصت الأمثلة كلها ولم تترك شيئا منها، والكلمة المعللة والمعلة بمعنى واحد وهي التي دخلها الإعلال بحذف أو إبدال أو غير ذلك. و (الخلى) العشب
الرطب وقد يكنى به عن الحديث الحسن أو العلم الغزير. والمراد (بالعالم الطيب الخلي) الإمام السوسي وكنى بوصفه بطيب الخلى عن حسن حديثه وغزارة علمه.
125 -
ويا قوم ما لي ثمّ يا قوم من بلا
…
خلاف على الإدغام لا شكّ أرسلا
لما كان يتوهم أن قوله تعالى: وَيا قَوْمِ ما لِي بغافر، وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي بهود، مثل يَبْتَغِ غَيْرَ، وَإِنْ يَكُ كاذِباً، يَخْلُ لَكُمْ في جواز الوجهين الإدغام والإظهار نظرا إلى حذف الياء منه؛ إذ الأصل: ويا قومي، فتكون الكلمة معتلة كالكلمات الثلاث، رفع الناظم هذا الوهم ببيان أنه لا خلاف عن السوسي في إدغام هاتين الكلمتين؛ لأن كلمة يَقُومُ* ليست مثل يَبْتَغِ إذ لم يحذف من أصولها شيء فليست معتلة، وأما الياء المحذوفة منها فليست من بنية الكلمة؛ بل هي كلمة مستقلة وهي تحذف على اللغة الفصحى، وحذفت من المصاحف فكانت بمثابة العدم. وقوله (لا شك أرسلا) أي أطلق هذان اللفظان على الإدغام من غير تقييد؛ إذ ليس فيهما ما يمنع الإدغام.
126 -
وإظهار قوم آل لوط لكونه
…
قليل حروف ردّه من تنبّلا
127 -
بإدغام لك كيدا ولو حجّ مظهر
…
بإعلال ثانيه إذا صحّ لاعتلا
المعنى: من رواة الإدغام عن السوسي قوم أظهروا اللام في كلمة آلَ لُوطٍ* في الحجر والنمل والقمر. ولم يدغموها في اللام بعدها محتجين لهذا الإظهار بقلة حروف هذه الكلمة، وقد رد هذا الاحتجاج من رسخت في العلم قدمه وارتقت فيه منزلته بأنهم أجمعوا على إدغام الكاف في الكاف في قوله تعالى في يوسف: فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً مع كونه أقل حروفا من آلَ لُوطٍ* فلو كانت قلة الحروف مانعة من الإدغام لكان منع الإدغام في لك كيدا أولى من منع الإدغام في آلَ لُوطٍ* لكونه أقل حروفا منه، ولكنهم أدغموا الكاف في الكاف في لَكَ كَيْداً اتفاقا. فدل ذلك على أن قلة الحروف لا دخل لها في منع
الإدغام على أنه يقال لهؤلاء المانعين: قد انعقد الإجماع على إدغام قالَ لَهُمْ* وأي فرق بين آلَ لُوطٍ* وقالَ لَهُمْ*، والحق أنه لا فرق بينهما بل هو مثله وعلى وزنه. وقوله: (ولو حج مظهر
…
إلخ) أي لو احتج المظهرون للفظ آلِ* بأن ثاني حروفه قد تغير بالإعلال مرة بعد مرة والإدغام نوع من التغيير فعدل عنه خوفا من أن يتوارد على كلمة قليلة الحروف تغييرات كثيرة لو احتج المظهرون بهذا لغلبوا بالحجة، إذا صح هذا الاحتجاج لاعتلى الإظهار وارتفعت منزلته وأخذ به أهل الأداء، لكن هذا الاحتجاج لا ينهض لمنع الإدغام.
والخلاصة: أن الإدغام في هذه الكلمة هو الصحيح المعول عليه المأخوذ به وهو الذي عليه العمل.
128 -
فإبداله من همزة هاء اصلها
…
وقد قال بعض النّاس من واو ابدلا
المعنى: هذا بيان لأصل كلمة آل وما طرأ عليها من تغيير، وقد أورد الناظم في أصلها مذهبين الأول: مذهب سيبويه وهو أن أصلها أهل بهاء ساكنة فأبدلت الهاء همزة ساكنة ثم أبدلت الهمزة ألفا بناء على ما تقرر من أنه إذا اجتمعت همزتان وثانيهما ساكنة فإن الثانية تبدل حرف مد من جنس حركة ما قبلها، والثاني: مذهب أبي الحسن بن شنبوذ وهو الذي عبر عنه الناظم ببعض الناس، وهو أن أصلها أول بفتح الواو كما في لفظة قال، فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا.
129 -
وواو هو المضموم هاء كهو ومن
…
فأدغم ومن يظهر فبالمدّ علّلا
130 -
ويأتي يوم أدغموه ونحوه
…
ولا فرق ينجى من على المدّ عوّلا
المعنى: اختلف أهل الأداء في إدغام الواو من لفظ هُوَ* المضموم الهاء في مثلها نحو لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ، كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ. فذهب الجمهور عن السوسي إلى إدغامها في مثلها طردا للباب لتحقق الحرفين المتماثلين، ولذلك أمر الناظم بإدغامها، وذهب البعض إلى الإظهار؛ لأن إدغام الواو في مثلها يترتب عليه محظور وهو إدغام حرف المد، ذلك أنه إذا أريد إدغام الواو فلا بد من إسكانها فإذا سكنت وقبلها ضمة تصير حرف مد، وحرف المد لا يدغم بالإجماع؛ لأن إدغامه يفضي إلى حذفه
مثل: قالُوا وَهُمْ فِيها، آمَنُوا وَكانُوا*، ومثل: فِي يَوْمٍ*، الَّذِي يُوَسْوِسُ وحرف المد لا يحذف، ثم نقض الناظم علة المظهرين وبين فسادها بأن هؤلاء المظهرين قد أدغموا الياء في مثلها نحو يَأْتِيَ يَوْمٌ*، نُودِيَ يا مُوسى ولا شك أنه يترتب على إدغام يَأْتِيَ يَوْمٌ* ونحوه من المحظور ما يترتب على إدغام هُوَ* المضموم الهاء؛ فالعلة الموجبة للإظهار في هُوَ* متحققة في يَأْتِيَ يَوْمٌ* إذا المد المقدر في الواو موجود في الياء، فلا فارق بينهما، فإدغام أحد المتساويين وإظهار الثاني تحكم لا مبرر له، على أن هناك فرقا بين حرف المد في هُوَ* المضموم الهاء وحرف المد في الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا* ونحوه فإن الأول تقديري ملاحظ في الذهن فقط لا ثبوت له في الخارج، والثاني محقق في الخارج فقياس الأول على الثاني خطأ، إذ لا يلزم من منع الإدغام في المد المحقق منعه في المد المقدر، وعلى كل فالمقروء به للسوسي من طريق الشاطبية والتيسير هو الإدغام ليس غير. وقوله: المضموم هاء؛ احتراز عن ساكنها؛ فإن فيه الإدغام قولا واحدا للسوسي، وقد وقع في ثلاثة مواضع: وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بالأنعام، فَهُوَ وَلِيُّهُمُ بالنحل، وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ في الشورى.
131 -
وقبل يئسن الياء في اللّاء عارض
…
سكونا أو اصلا فهو يظهر مسهلا
المعنى: قرأ أبو عمرو من روايتي الدوري والسوسي وَاللَّائِي يَئِسْنَ في سورة الطلاق
بحذف الياء بعد الهمزة، وله في الهمزة بعد ذلك وجهان تسهيلها بين بين مع المد والقصر.
وإبدالها ياء ساكنة مع المد المشبع للساكنين. وعلى هذا الوجه يجتمع حرفان متماثلان في كلمتين: الأول ساكن والثاني متحرك، والقواعد تقضي بوجوب إدغام الأول في الثاني للسوسي، بل لجميع القراء، ولكن الناظم أخبر أن السوسي يقرأ على وجه الإبدال، بإظهار هذه الياء الساكنة، وعلل إظهارها بأن سكونها عارض أو هي نفسها عارضة؛ لأن أصلها همزة، وحيث إن سكونها عارض، أو هي نفسها عارضة؛ فيمتنع إدغامها. هذا محصل كلام الناظم. ولكن قد ذهب غيره من أهل الأداء إلى إدغامها طردا للباب، والوجهان صحيحان مقروء بهما للبزي وأبي عمرو من روايتيه. وقوله: مسهلا حال من فاعل يظهر وهو السوسي وهو مأخوذ من أسهل إذا سار في الطريق المعبد السهل.