الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبل أن نعاود المسير
قال العلامة ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف لما سمع القوم قول الله عز وجل: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} وقوله: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} فهموا أن المراد من ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل عملا يعجز عنه؛ خشي أن يكون صاحب ذلك العمل هو السابق له، فيحزن لفوات سبقه، فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها، ثم جاء من بعدهم قوم، فعكسوا الأمر، فصار تنافسهم في الدنيا الدنيئة وحظوظها الفانية
قال الحسن: إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة.
وقال رحمه الله: من نافسك في دينك فنافسه ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.
وقال وهيب بن الورد: إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل.
وقال بعض السلف: لو أن رجلا سمع برجل أطوع لله منه فانصدع قلبه فمات؛ لم يكن ذلك بعجب.
يا صاح هذا الركب قد سار مسرعًا
…
ونحن قعود ما الذي أنت صانع
أترضى بأن تبقى المخلف بعدهم
…
صريع الأماني والغرام ينازع
أيذهب وقت وهو باللهو ضائع
على نفسه فليبك من كان باكيًا
إنهم أولئك الرجال الأبرار والنساء الأخيار الذين قال عنهم ابن القيم رحمه الله:
رفع لهم علم الجنة فشمروا إليه، ووضح لهم صراطها المستقيم فاستقاموا عليه، ورأوا من أعظم الغبن بيع ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر في أبد لا يزول ولا ينفد بصبابة عيش إنما هو كأضغاث أحلام، أو كطيف زار في المنام، مشوب بالنغص، ممزوج بالغصص، إن أضحك قليلا أبكى كثيرا، وإن سر يوما أحزن شهورا، آلامه تزيد على لذاته، وأحزانه أضعاف أضعاف مسراته، أوله مخاوف وآخره متالف.