الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: المدّ والقصر
المدّ لغةً: الزيادة، واصطلاحًا: إطالة الصوت بالحرف الممدود.
والقصر لغةً: الحبس، واصطلاحًا: ترك المد وهو الأصل.
واعلم أنَّ حروف المد ثلاثة: الألف الساكنة ولا يكون ما قبلها إلَّا مفتوحًا، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها.
والمدّ قسمان: أصلي، وفرعي.
فأما الأصلي: فهو الذي لا تقوم ذات حرف المدَّ إلَّا به ولا يتوقف على سبب، وهو المسمَّى عندهم بالطبيعي، سُمِّي بذلك لأنَّ صاحب الطبيعة السليمة لا ينقصه عن حدِّه ولا يزيد عليه، وحدُّه مقدار أَلِف (1). مثاله على الألف:{مَن قَالَ} ، والواو {مَن يَقولُ} ، والياء:{مِنَ الْعَالَمِينَ} درجًا (2) وما أشبهها.
ومثله مدُّ البدل من الهمزة عند الجمهور، نحو:{آدَمَ} و {آزَرَ} ، و {إِيمَانًا} ، و {أُوتُوا الْعِلْمَ} ، سُمِّي بذلك لأنه يُبدل الهمزة الثانية من جنس حركة ما قبلها.
(1) الأَلِفُ: حركتان، والحركة بمقدار قَبْض الإِصْبَع أو بَسْطه.
(2)
أي عند الوصل.
وأما الفرعي: فهو الزائد على الطبيعي، وهو أربعة أقسام: لازم، وواجب، وجائز، وعارض.
وله سببان:
أحدهما: همز يقع بعد حرف المد.
والثاني: سكون كذلك.
فالهمز سبب للواجب والجائز، والسكون سبب للازم والعارض.
فأما اللازم: فهو الذي جاء بعد حرفِ مدِّهِ حرفٌ لازم السكون في حالتي الوصل والوقف، وهو قسمان: كَلِمي، وحرفي.
فالأول نحو: {الْحَاقَّةُ} ، و {الصَّاخَّةُ} ، و {الطَّامَّةُ} ، و {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ} .
والثاني نحو: {الم} ، و {المص} ، و {ق} ، و {ن} ،
وما أشبهها من حروف الهجاء التي بُنْيَتُها على ثلاثة أحرف، أوسطها حرف مد إلَّا عين، فيجوز فيها التوسُّط أيضًا. وسُمِّي لازمًا للزوم سببه وصلًا ووقفًا، ولزوم مدِّه لجميع القرَّاء.
وأمَّا الواجب: فهو أن يجتمع حرف المدِّ والهمز في كلمة واحدة، ويسمَّى متَّصلًا أيضًا لاتِّصال الهمز بكلمة حرف المد (1)، وسُمِّي واجبًا لوجوب مدِّه عند جميع القرَّاء، مثاله:{جَاءَ} ، و {وَجِيءَ} ، و {هَنِيئًا} ، و {مَرِيئًا} ، و {سَوَاءٌ} ، و {السُّوءَ} ، {أُولَئِكَ} .
(1) وتشمل هذه العبارة سواء جاء الهمز بعد حرف المدّ في وسط الكلمة وفي آخرها، مثاله:{الْمَلَائِكَةِ} و {يَشَاءُ} .
وتفصيل قدر المد مع اختلاف القرَّاء فيه لا يحتمله هذا المختصر، لكن لا يجوز أن ينقص اللازم عن ألفين (1)، ولا المتصل عن ألف ونصف (2)، وحيث قيل بالمد فلا تجوز الزيادة على ثلاث ألفات، واعتبار ذلك كله بعد الأصلي.
وأمَّا الجائز: فهو أن يأتي حرف المد منفصلًا عن الهمزة بأن يكون آخر كلمة والهمزة أولَ أخرى بعدها، نحو:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} ، و {قُوا أَنْفُسَكُمْ} ، و {بَنِي إِسْرَائِيلَ} ، ويسمَّى منفصلًا أيضًا لانفصال الهمز عن كلمة حرف المد، وسُمِّي جائزًا لعدم الاتِّفاق على وجوب مدّه، فإنَّ مِن القرَّاء مَنْ يرى فيه القصر فقط، ومنهم مَنْ يرى فيه المد فقط، ومنهم من يرى فيه الوجهين، ومنهم من يرى فيه التوسُّط فقط، وذلك كله محقق في المطولات فلا نطؤَل بذكره هنا.
وأما العارض: فهو الذي يعرض له السكون لأجل الوقف، سواء كان الحرف الموقوف عليه مكسورًا أو مفتوحًا أو مضمومًا، نحو:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، و {نَسْتَعِينُ} ، و {الْمُفْلِحُونَ} ، ويسمَّى جائزًا أيضًا لأنه لا يجب مدّه عند أحد من القرَّاء، بل يجوز فيه عند الجميع المد والقصر والتوسط.
وحيث قيل بالقصر في كلمة فلا يجوز أن يُخرَج بها عن المد
(1) الراجح في رواية حفص عن عاصم لزوم مد اللازم ست حركات، أي ثلاث ألفات.
(2)
المدّ المتصل في رواية حفص عن عاصم يُمَدّ وجوبًا أربع أو خمس حركات.
الأصلي؛ إذ الخروج عنه خطأ لأنه لا يُتوصل إليه إلَّا بإسقاط حرف من القرآن وهو غير جائز.
فائدة: الواو والياء إذا سكنا وانفتح ما قبلهما فهما حرفا لِيْن، أي بلا مد (1)، فلا يمد عليهما حينئذ وصلًا، نحو:{عَلَيْهِمْ} ، و {إِلَيْهِمْ} ، و {يَوْمَ} ، و {نَوْمٌ} ، و {حُنَيْنٍ} ، و {خَوْفٌ} . ويجوز المد وقفًا إذا وقع بعدهما ساكن، نحو:{خَوْفٌ} ، و {يَوْمَ} ، و {حُنَيْنٍ} ، وإنما سُمِّيا بذلك لأنهما يخرجان في لين وعدم كلفة على اللسان.
وللمدّ أنواع أُخَر ضربنا عنها. لدخول بعضها تحت ما ذكرنا، ولعروض بعضها بسبب الخلاف في القراءة.
(1) يريد إذا لم يكن ما بعدهما ساكنًا.