المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌اللغة العامية ‌ ‌اللحن وأوليته … اللغة العامية: وهذه هي اللغة التي خلفت الفصحى في - تاريخ آداب العرب - جـ ١

[مصطفى صادق الرافعي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمات

- ‌تصدير

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌كلمة في هذا التأليف:

- ‌نمط الكتاب وأبوابه:

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: الأدب- تأريخ الكلمة

- ‌الفصل الثاني: العرب

- ‌الباب الأول: اللغات واللغة العربية

- ‌أصل اللغات:

- ‌المواضعة على الألفاظ:

- ‌تفرع اللغات:

- ‌علوم اللغات:

- ‌اللغة العامة:

- ‌اللغات السامية:

- ‌مجانسة العربية لأخواتها:

- ‌اللسان العربي في الشمال:

- ‌تهذيب العربية الأول:

- ‌انتشار القبائل العربية والتهذيب الثاني:

- ‌الدور الثالث في تهذيب اللغة:

- ‌أسواق العرب:

- ‌الأسباب اللسانية:

- ‌أمثلة من هذه الأسباب:

- ‌عدة أبنية الكلام:

- ‌مناطق العرب:

- ‌صفات الحروف ومخارجها:

- ‌اختلاف لغات العرب:

- ‌أفصح القبائل:

- ‌معنى اختلاف اللغات:

- ‌أمثلة اختلاف اللغات

- ‌النوع الأول

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌النوع الرابع:

- ‌النوع الخامس:

- ‌عيوب المنطق العربي:

- ‌البقايا الأثرية في اللغة:

- ‌نمو العربية وطرق الوضع فيها:

- ‌أنواع النمو في اللغة:

- ‌تمدن العرب اللغوي فلسفة الفصل:

- ‌أٍسرار النظام اللغوي

- ‌نظام الألفاظ بالمعاني

- ‌نظام المعاني بالألفاظ:

- ‌نظام القرينة:

- ‌اللغة العامية

- ‌اللحن وأوليته

- ‌انتشار اللحن:

- ‌فساد اللغة في البادية:

- ‌طبائع الأعراب:

- ‌العامية في العرب:

- ‌شيوع اللغة العامية وفساد العربية:

- ‌الباب الثاني: الرواية والرواة

- ‌مدخل

- ‌الأصل التاريخي في الرواية:

- ‌الرواية بعد الإسلام:

- ‌تدوين الحديث:

- ‌اتصال الرواية بالأدب:

- ‌أولية التدوين في الأدب

- ‌مدخل

- ‌تاريخ الإسناد في الأدب:

- ‌فائدة الإسناد إلى الرواة:

- ‌حفظ الأسانيد في الحديث:

- ‌حفظ الأسانيد في الأدب:

- ‌أصل التصحيف:

- ‌إسناد الكتب:

- ‌الحفظ في الإسلام:

- ‌علم الرواية

- ‌مدخل

- ‌تقاسيم الرواية:

- ‌وظائف الحفاظ في اللغة:

- ‌طرق الأخذ والتحمل:

- ‌رواية اللغة

- ‌تاريخ لفظتي: اللغة واللغوي

- ‌الأخذ عن العرب:

- ‌الرحلة إلى البادية:

- ‌المحاكمة إلى الأعراب:

- ‌الوضع والصنعة في الرواية

- ‌افتعال اللغة:

- ‌وضع الشعر:

- ‌الرواة الوضاعون للشعر

- ‌مدخل

- ‌الشواهد على الأخبار:

- ‌شعر الجن وأخبارها:

- ‌الاتساع في الرواية:

- ‌ضرب من الوضع:

- ‌التعليق على الكتب:

- ‌الشوارد:

- ‌اختلاف الروايات في الشعر:

- ‌التزيد في الأخبار:

- ‌القصاص:

- ‌الرواة:

- ‌عنايتهم بالرواة:

- ‌الرواة: علومهم - أنواعهم

- ‌علوم الرواة:

- ‌النسب:

- ‌الخبر والأخباريون:

- ‌رواة العرب:

- ‌الشعر:

- ‌العربية واللغة:

- ‌البصريون والكوفيون:

- ‌أولية العربية في الكوفة:

- ‌مذاهب الطائفتين:

- ‌المحتويات:

الفصل: ‌ ‌اللغة العامية ‌ ‌اللحن وأوليته … اللغة العامية: وهذه هي اللغة التي خلفت الفصحى في

‌اللغة العامية

‌اللحن وأوليته

اللغة العامية:

وهذه هي اللغة التي خلفت الفصحى في المنطق الفطري، وكان منشؤها من اضطراب الألسنة وخبالها وانتقاض عادة الفصاحة، ثم صارت بالتصرف إلى ما تصير إليه اللغات المستقلة بتكوينها وصفاتها المقومة لها، وعادت لغة في اللحن بعد أن كانت لحنًا في اللغة.

ولا بد للكلام على تأريخ العامية وشيوعها، من التوطئة ببعض القول في تاريخ اللحن؛ إذ هو أصلها ومادتها، بل هو العامية الأولى؛ لأنه تنويع في الفصيح غير طبيعي، خلاف ما قد يشبهه من اللهجات العربية المختلفة كما ستعرفه.

اللحن وأوليته:

والمراد باللحن الزيغ عن الإعراب، وهو أول ما اختبل من كلام أعرب ولم يكن منه قبل الإسلام شيء، وإنما كانت له طيرة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حين اجتمعت كلمة المسلمين على تباين قبائلهم واختلاف جهاتهم، فتساوى الأحمر والأسود؛ ووجد فيهم من يرتضخ أنواعًا من اللكنة، ومن هؤلاء بلال؛ كان يرتضخ لكنه حبشية؛ وصهيب لكنه رومية؛ وسلمان لكنة فارسية1. ثم إنه ليس كل العرب سواء في قوة الفصاحة وجفاء الطبيعة العربية؛ فلا بد أن يكون بدء ظهور اللحن في الألفاف المستضعفين ممن لم يبلغ به الجفاء ولم تتوقح فصاحته، فربما جذبه طبعه الضعيف وقد دار في سمعه شيء من كلام المتعربين بعد الإسلام فيزيغ ويسترسل إلى ما انجذب إليه. هذا إذا لم نعتبر في أمر أولئك الألفاف ما يكون عادة من ذهول الطبع. وتبلده إذا فجأه ما ليس في قوته ولا تسمو طبيعته إليه؛ كفصاحة القرآن الكريم، فإنه فضلًا عن نزوله بغير اللغات الضيقة واللهجات الشاذة، قد انطوى على أسرار من سياسة الكلام لا تتعلق بها إلا الطبيعة الكاملة؛ ولذا كان أكثر اللحن فيه بادئ بدء؛ لأن لسان كل عربي يركب منه قياس لغته، ويدرك من أسراره بحسب قوته؛ فإذا لم يكن صليبًا جافيا قصر به طبعه فاختبل وتلبد، كما ترى فيمن يقرأ الفصيح وليس من أهله؛ ولو لم يكن ذلك لما كان أبو بكر رضي الله عنه يستحب أن يسقط القارئ الكلمة من قراءته على أن يلحن فيها؛ لأن لحن العربي خَورَ في طبعه فهو من هذه الجهة لا يستقيم إلا بمراجعته والتغيير عليه حتى يثبت على الصواب بنوع من التعلم والتلقين، وأنى لهم ذلك؟ فلا جرم كان إسقاط الكلمة وهو في حكم السهو، خيرًا من إثبات اللحن الطبيعي فيها وهو في حكم العمد.

وقد رأينا العلماء فريقين في أمر الإعراب وإطباق العرب عليه: فمنهم من يرى أنهم يتساندون في ذلك إلى السليقة ويجرون على مقتضى الطبع فلا يفطنون إلى اختلاف مواقع الكلام باختلاف

1 من هنا سمى علماء القراء عدم إقامة الحروف وأدائها على وجوهها المتناقلة عن العرب، باللحن الخفي، كما مر في "مناطق العرب". والخفي أصل الظاهر بالضرورة.

ص: 152