المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عَدَدُ الشُّهَدَاءِ: قَدْ مَرّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، أَنَّ - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌أحداث السنة الأولى من الهجرة

- ‌مدخل

- ‌قِصَّةُ إِسْلَامِ ابْنِ سَلامٍ:

- ‌قِصَّةُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ:

- ‌أحداث السنة الثانية:

- ‌غزوة الأبواء، بعث حمزة، بعث عبيدة بن الحارث:

- ‌غزوة بواط، غزوة العشيرة:

- ‌غزوة بدر الأولى، سرية سعد بن أبي وقاص، بعث عبد الله بن جحش:

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى:

- ‌بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ:

- ‌رُؤْيَا عَاتِكَةَ:

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ:

- ‌فَصْلٌ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَالْأَسْرَى:

- ‌أَسْمَاءُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا:

- ‌ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَدْرِيِّينَ:

- ‌قِصَّةُ النَّجَاشِيُّ مِنَ السِّيرَةِ:

- ‌سرية عمير بن عدي الخطمي، غزوة بني سليم، سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ:

- ‌غَزْوَةُ السَّوِيقِ:

- ‌أحداث السنة الثالثة:

- ‌غزوة ذي أمر، غزوة بحران:

- ‌غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعَ:

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ:

- ‌سرية زيد بنحارثة إلى القردة، غزوة قرقرة الكدر:

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ:

- ‌غَزْوَةُ أُحُدٍ:

- ‌عَدَدُ الشُّهَدَاءِ:

- ‌غزوَة حمَراء الأسَد:

- ‌أحداث السَّنة الرابعَة:

- ‌سريّة أبي سلمَة إلى قطن، غزوة الرجيح:

- ‌غزوة بئر مَعُوَنة:

- ‌ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ تقجمت في سنة ثلاث

- ‌غزوة بني لحيان:

- ‌غزوة ذاتِ الرِّقاع:

- ‌غزوة بدر المَوْعِد:

- ‌غزوة الخندق:

- ‌أحداث السنة الخامسة:

- ‌غزوة ذات الرقاع، غزوة دومة الجندل:

- ‌غزوة المُرَيْسِيع:

- ‌تزويج رَسُول اللَّه –صلى الله عليه وسلم بجويرية –رضي الله عنها:

- ‌الأفك:

- ‌غزوَةُ الخَنَدق:

- ‌غزوة بني قريظة:

- ‌وفاة سعد بن مُعَاذ:

- ‌إسلام ابني سَعْيَة وأسد بْن عُبَيْد:

- ‌أحداث السنة السادسة

- ‌غزوة الغابة

- ‌مقتل ابن أبي الحُقَيْق:

- ‌مقتل ابن نبيح الهذلي

- ‌غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسع، سرية نجد:

- ‌سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر، أبي عبيدة إلى ذي القصة، محمد بن مسلمة إلى ذي القصة، زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم، زيد بن حارثة إلى الطرف:

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى العيص، زيد بن حارثة إلى حسمي، زيد إلى وادي القرى، عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بن بكربفدك، عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل:

- ‌سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين:

- ‌إسلام أبي العاص:

- ‌سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة:

- ‌قصة غزوة الحديبية:

- ‌نزُولُ سُورة الفتح:

- ‌أحداث السنة السابعة:

- ‌غزوة خيبر:

- ‌فصل: فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بْن مسلمة

- ‌ذكر صفية:

- ‌ذكر من استشهد في خيبر، قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه:

- ‌شَأْنُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ:

- ‌حديث الحجَّاج بْن عِلاط السُّلَمي:

- ‌غزوة وادي القرى:

- ‌سرية أبي بكر إلى نجد، سرية عمر إلى عجز هوازن:

- ‌سرية بشير بن سعد، سرية غالب بن عبد الله الليثي:

- ‌سَرِيَّةُ الجِناب:

- ‌سرية أبي حدرد إلى الغابة، سرية ملحم بن جثامة:

- ‌سرية عبد الله بن حذافة ابن قيس بن عدي السهمي، عمرة القضاء:

- ‌زواجه صلى الله عليه وسلم بِمَيْمُونَةَ:

- ‌ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة

- ‌إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد

- ‌سرية شجاع بن وهب الأسدي، سرية نجد:

- ‌سرية كعب بن عمير، غزوة مؤتة:

- ‌ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

- ‌غزوة ذات السلاسل:

- ‌غزوة سيف البحر:

- ‌سرية أبي قتادة إلى خضرة، وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فتح مكة زادها الله شرفًا:

- ‌غزوة بني جذيمة:

- ‌غزوَة حُنَين:

- ‌غزوَة أوطَاس:

- ‌غزوة الطائف:

- ‌قِسْمُ غنَائِمِ حُنَيْنٍ وَغَيْر ذَلِك:

- ‌عمرة الجعرانة، قصة كعب بن زهير:

- ‌أحداث السنة التاسعة:

- ‌سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القرطاء، علقمة بن مجزز المدلجي، علي بن أبي طالب إلى الفلس، عكاشة بن محصن إلى أرض عذرة:

- ‌غزوة تبوك:

- ‌أمرُ الذين خلفوا:

- ‌مَوت عَبْد اللَّه بْن أَبِيّ:

- ‌ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مسعود الثقفي، وفد ثقيف:

- ‌أحداث السنة العاشرة

- ‌وفد بني تميم

- ‌وفد بني عامر:

- ‌وَافِدُ بني سَعْدٍ:

- ‌الجارود بن عمرو، وفد بني حنيفة:

- ‌وفد طيء، قدوم عدي بن حاتم:

- ‌قدوم فروة بن مسيك المرادي، وفد كندة:

- ‌وفد الأزد، كتاب ملوك حمير، بعث خالد ثم علي إلى اليمن:

- ‌بعث أَبِي مُوسَى ومُعاذ إلى اليمن:

- ‌وفد نَجْران:

- ‌حجَّةُ الودَاع:

- ‌أحداث سنة إحدى عشر:

- ‌سَرِيّة أُسَامَةَ:

- ‌الفهرس العام للكتاب:

الفصل: ‌ ‌عَدَدُ الشُّهَدَاءِ: قَدْ مَرّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، أَنَّ

‌عَدَدُ الشُّهَدَاءِ:

قَدْ مَرّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَصَابُوا مِنَّا سبعين.

وقال حماد بن سملة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: يَا رَبِّ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ، سَبْعِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ سَبْعُونَ سَبْعُونَ: يَوْمِ أُحُدٍ، وَيَوْمِ الْيَمَامَةِ، وَيَوْمِ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ.

وقال ابن جريج: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} ، قَالَ: قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، وَقَتَلَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعِينَ.

وَأَمَّا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، فَقَالَ: جَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ: أَرَبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، أَوْ قَالَ: سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا.

وَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، يَعْنِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: جَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ تِسْعَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: جَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، يَوْمَ أُحُدٍ، خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا. وَجَمِيعُ قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ.

قُلْتُ: قَوْلُ مَنْ قَالَ سَبْعِينَ أَصَحُّ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْمَغَازِي هَذَا عَلَى عَدَدِ مَنْ عُرِفَ اسْمُهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ، فَإِنَّهُمْ عَدُّوا أَسْمَاءَ الشُّهَدَاءِ بِأَنْسَابِهِمْ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيُّ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَهُوَ ابْنُ عمة رسول لله صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ دُفِنَ مَعَ حَمْزَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ.

وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَلَقَبُهُ شَمَّاسٌ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ هَرَمِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا، وَلُقِّبَ شَمَّاسًا لِمِلَاحَتِهِ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: عَمْرُو بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَوْسِيُّ، أَخُو سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَنَسِ بْنِ رَافِعٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ زِيَادِ بْنِ السَّكَنِ، وَسَلَمَةُ، وَعَمْرٌو، ابْنَا ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ.

وَعَمُّهُمَا: رِفَاعَةُ بْنُ وَقْشٍ، وَصَيْفِيُّ بْنُ قَيْظِيِّ، وَأَخُوهُ: حُبَابٌ، وَعَبَّادُ بْنُ سَهْلٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ التَّيْهَانِ، وَحَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ، وَإِيَاسُ بْنُ أَوْسٍ، الْأَشْهَلِيُّونَ، وَالْيَمَانُ أَبُو حُذَيْفَةَ، حَلِيفٌ لَهُمْ، وَيَزِيدُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ أُمَيَّةَ الظَّفَرِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، وَغَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبُ، وَمَالِكُ بْنُ أُمَيَّةَ؛ وَعَوْفُ بْنُ

ص: 109

عَمْرٍو، وَأَبُو حَيَّةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَمِيرُ الرُّمَاةِ، وَأَنَسُ بْنُ قَتَادَةَ، وَخَيْثَمَةُ وَالِدُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَحَلِيفُهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْعَجْلانِيُّ، وَسُبَيْعُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ، وَحَلِيفُهُ: مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْخَطْمِيُّ.

وَكُلُّهُمْ مِنَ الْأَوْسِ.

وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْخَزْرَجِ: عَمْرُو بْن قَيْسٍ النَّجَّارِيُّ، وَابْنُهُ: قَيْسٌ، وَثَابِتُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ، وَعَامِرُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو هُبَيْرَةَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُطَرِّفٍ، وَإِيَاسُ بْنُ عَدِيٍّ، وَأَوْسُ، أَخُو حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَهُوَ وَالِدُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمٍ، وَقَيْسُ بْنُ مَخْلَدٍ.

وَعَشْرَتُهُمْ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ.

وَعَبْدٌ لَهُمُ اسْمُهُ: كَيْسَانُ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنُعْمَانُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو، وَهُمَا مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ.

وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، وَأَوْسُ بْنُ أَرْقَمَ بْنِ زَيْدٍ، أَخُو زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ.

وَمِنْ بَنِي خُدْرَةَ: مَالِكَ بْنُ سِنَانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعٍ.

وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ، وَثُقْفُ بْنُ فَرْوَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ، وَضَمْرَة، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ جُهَيْنَةَ.

وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَالِمٍ: عَمْرُو بْنُ إِيَاسٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَادَةُ بْنُ الْخَشْخَاشِ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ مَالِكٍ، وَالْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ، حَلِيفٌ لَهُمْ.

وَمِنْ بَنِي الْحُبُلِيِّ1: رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرٍو.

وَمِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ مَالِكٍ: مَالِكُ بْنُ إِيَاسٍ.

وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وعمرو بن الجموح بن زيد بن

1 الحبلي: بضم الحاء المهملة والباء الموحدة نسبة إلى حي من اليمن من الأنصار.

ص: 110

حَرَامٍ. وَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ وَصِهْرَيْنِ، فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ1.

وَخَلَّادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ.

وَمَوْلَاهُ أُسَيْرٌ، أَبُو أَيْمَنَ، مَوْلَى عَمْرٍو.

وَمِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ غُنْمٍ: سُلَيْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُدَيْدَةَ.

وَمَوْلَاهُ عَنْتَرَةُ، وَسُهَيْلُ بْنُ قَيْسٍ.

وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنُ لَوْذَانَ.

قَالَ ابْنُ إسحاق: وزعم عاصم بن عمر بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ وَقْشٍ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مَعَ ابْنَيْهِ.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ جَمَاعَةً قُتِلُوا سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا.

وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ رَفَعَ حُسَيْلُ بْنُ جَابِرٍ -وَالِدُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ- وَثَابِتُ بْنُ وَقْشٍ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ -وَهُمَا شَيْخَانِ كَبِيرَانِ: لَا أَبَا لَكَ، مَا نَنْتَظِرُ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا ظِمْءُ حِمَارٍ، إِنَّمَا نَحْنُ هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ، أَفَلَا نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّ اللَّهُ يَرْزُقُنَا الشَّهَادَةَ مَعَ رَسُولِهِ؟ فَخَرَجَا حَتَّى دَخَلَا فِي النَّاسِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا. فَأَمَّا ثَابِتٌ فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَمَّا حُسَيْلٌ فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ2.

قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَتِيُّ لَا يُدْرَى مِمَّنْ هُوَ، يُقَالُ لَهُ قُزْمَانُ، وكأن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا ذُكِر لَهُ:"إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّار". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَتَلَ وَحْدَهُ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ ذَا بَأْسٍ، فَأَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَاحْتَمَلَ إِلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَبْلَيْتَ الْيَوْمَ يَا قُزْمَانُ، فَأَبْشِرْ. قَالَ: بِمَاذَا أَبْشِرُ؟ وَاللَّهِ إِنْ قَاتَلْتُ إِلَّا عَنْ أَحْسَابِ قَوْمِي، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَاتَلْتُ. فَلَمَّا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ جراحته أخذ سهمًا فقتل به نفسه3.

1 "إسناده صحيح": أخرجه مالك في "الموطأ""2/ 470"، وابن سعد في "الطبقات""2/ 562".

2 "إسناده صحيح": أورده الحافظ ابن حجر في "الإصابة""1/ 204".

3 أورده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية""4/ 36"، وأصل القصة في "صحيح البخاري" في "المغازي""4202".

ص: 111

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مُخَيْرِيقٌ، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ الْفِطْيَوْنِ، قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ نَصْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْكُمْ لَحَقُّ. قَالُوا: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ. قَالَ: لَا سَبْتَ لَكُمْ. فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَعُدَّتَهُ، وَقَالَ: إِنْ أُصِبْتُ فَمَالِي لِمُحَمَّدٍ يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ. ثُمَّ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَاتَلَ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا:"مُخَيْرِيقٌ خَيْرُ يَهُودَ"1.

وَوَقَعَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَالنِّسْوَةُ اللَّاتِي مَعَهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى، يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْآنُفَ، حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدُ مِنْ آذَانِ الرِّجَالِ وَآنُفِهِمْ خَدَمًا، وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا. ثُمَّ عَلَتْ عَلَى صَخْرَةٍ مُشْرِفَةٍ، فَصَرَخَتْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا:

نَحْنُ جَزَيْنَاكُمْ بِيَوْمِ بَدْرٍ

وَالْحَرْبُ بَعْدَ الْحَرْبِ ذَاتَ سَعْرِ

مَا كَانَ عَنْ عُتْبَةَ لِي مَنْ صَبْرٍ

وَلَا أَخِي وَعَمِّهِ وَبَكْرِي

شَفيتُ صَدْرِي وَقَضَيْتُ نَذْرِي

شَفَيْتَ وَحْشِيُّ غَلِيلَ صَدْرِي

وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ -عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ- أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَهُمْ: طَلْحَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَعُثْمَانُ: بَنُو أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى.

وَمَوْلاهُمْ: صُؤَابٌ، وَبَنُو طَلْحَةَ الْمَذْكُورُ: مُسَافِعٌ، وَالْحَارِثُ، وَالْجُلَاسُ، وَكِلَابٌ.

وَأَبُو يَزِيدَ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَابْنُ عَمِّهِ: أَرْطَأَةُ بْنُ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمٍ، وَابْنُ عَمِّهِمْ: قَاسِطُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْأَسَدِيُّ، وَسِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْخُزَاعِيُّ حَلِيفُ بَنِي أَسَدٍ.

وَأَرْبَعَةٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أَخُو أَمُّ سَلَمَةَ؛ هِشَامُ بْنُ أبي أمية بْنِ الْمُغِيرَةِ.

وَالْوَلِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو أُمَيَّةَ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَحَلِيفُهُمْ: خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ.

وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ: أَبُو الْحَكَمِ بْنُ الْأَخْنَسِ بْنِ شريق، حليف لهم.

1 أورده الإمام ابن كثير في "البداية""3/ 237" من طريق محمد بن إسحاق بغير إسناد.

ص: 112

وَمِنْ بَنِي جُمَحَ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَأَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ. أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضَرْبِ عُنُقِهِ صَبْرًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَطْلَقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَا فِدَاءٍ لِفَقْرِهِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعِينُ عَلَيْهِ، فَنَقَضَ الْعَهْدَ وَأُسِرَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَاللَّهِ لَا تَمْسَحُ عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ". وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ1، وَقِيلَ: لَمْ يُؤْسَرْ سِوَاهُ.

وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لؤي: عبيدة بن جابر، وشبيبة بْنُ مَالِكٍ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فَرْوَةَ، عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى -فَأَرْسَلَهُ مَرَّةً وَأَسْنَدَهُ مَرَّةً- عَنْ أَبِي ذَرٍّ عِوَضٌ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ مِنْ أُحُدٍ مَرَّ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ رضي الله عنه وَهُوَ مَقْتُولٌ عَلَى طَرِيقِهِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] . ثُمَّ قَالَ: "أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأْتُوهُمْ وَزُورُوهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا رَدُّوا عليه السلام".

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَحَدَّثَنِيهِ بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بِحَمْزَةَ رضي الله عنه مِنَ الْمُثْلِ -جُدِعَ أَنْفُهُ وَلُعِبَ بِهِ- قَالَ: "لَوْلَا أَنْ تَجْزَعَ صَفِيَّةُ وَتَكُونَ سُنَّةً مِنْ بَعْدِي مَا غُيِّبَ حَتَّى يَكُونَ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ"2.

وَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بثلاثين منهم". فلما رأى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بِهِ مِنَ الْجَزَعِ قَالُوا: لَئِنْ ظَفِرْنَا بِهِمْ لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ بِأَحَدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم3.

1 "الطبقات الكبرى""2/ 43".

2 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند""3/ 128"، وأبو داود في "الجنائز""3136"، وحسنه الأرنئوط.

3 "إسناده حسن": أخرجه الطبراني في "الكبير""11051"، وانظر:"المقبول من أسباب النزول" للدكتور أبي عمر نادي الأزهري "435".

ص: 113

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ قِصَّةَ أُحُدٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ أَقْبَلَتْ لِتَنْظُرَ إِلَى حَمْزَةَ -وَهُوَ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ:"الْقَهَا فَأَرْجِعْهَا، لَا تَرَى مَا بِأَخِيهَا". فَلَقِيَهَا فَقَالَ: أَيْ أُمَّهْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِي.

قَالَتْ: وَلِمَ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مُثِّلَ بِأَخِي، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ، فَمَا أَرْضَانَا بِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْأَحْتَسِبَنَّ وَلَأَصْبِرَنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَجَاءَ الزُّبَيْرُ فَأَخْبَرَهُ قَوْلَهَا، قَالَ:"فَخَلِّ سَبِيلَهَا". فَأَتَتْهُ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَتْ وَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ، فَلَقِيَتْ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ. فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"فَإِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا". فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا وَدَعَا لَهَا، فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ. ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ فَقَالَ:"لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ". ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَيُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُجَاءُ بِسَبْعَةٍ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ1.

وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ أَصَحُّ2.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَرَوْحُ بن عباد، بِإِسْنَادِ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ إِلَيْهُمَا؛ ثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْزَةَ وَقَدْ جُدِعَ وَمُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ:"لَوْلَا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ تَرَكْتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللَّهُ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ". فَكَفَّنَهُ فِي نَمِرَةٍ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ غَيْرَهُ. الْحَدِيثَ.

وَقَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثَنَا قَيْسُ -هُوَ ابْنُ الرَّبِيعُ- عَنِ ابن أبي ليلى، عن الحكم،

1 "إسناده حسن": أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار""1/ 290"، قال الألباني في "أحكام الجنائز" "83":"وإسناده حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون، وابن إسحاق قد صرح بالتحديث، وله شواهد كثيرة". ا. هـ.

2 قال الشيخ الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز""80": "تشرع الصلاة على الشهيد بدون وجوب". ا. هـ.

ص: 114

عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُتِلَ حَمْزَةُ وَمُثِّلَ بِهِ:"لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ". فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بَلْ نَصْبِرُ يَا رَبِّ". إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ قِبَلَ قَيْسٍ1.

وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَزَادَ: فَنَظَرَ إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ أَوْجَعَ مِنْهُ لِقَلْبِهِ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ الْقَاضِي، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيُّ، ثَنَا يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَا عِيسَى بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنِي ربيع بن أنس، حدثني أبو العالي، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ أُصِيبَ مِنَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ، وَأُصِيبَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ؛ مِنْهُمْ حَمْزَةُ. فَمَثَّلُوا بِقَتْلاهُمْ.

فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ2.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ نَادَى رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. مَرَّتَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] الآية. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُفُّوا عَنِ الْقَوْمِ".

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ أُحُدٍ وَمَعَهَا ثَوْبَانِ لِحَمْزَةَ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ أَنْ تَرَى حَمْزَةَ عَلَى حَالِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا الزُّبَيْرَ يَحْبِسُهَا وَأَخَذَ الثَّوْبَيْنِ، وَكَانَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ قَتِيلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَكَرِهُوا أَنْ يَتَخَيَّرُوا لِحَمْزَةَ، فَقَالَ:"أَسْهِمُوا بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا طَارَ لَهُ أَجْوَدُ الثَّوْبَيْنِ فَهُوَ لَهُ". فَأَسْهَمُوا بَيْنَهُمَا، فَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي ثَوْبٍ وَالْأَنْصَارِيُّ فِي ثَوْبٍ.

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ قَالَ: "أَنَا الشَّهِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ، مَا مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ إِلَّا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دمًا، اللّونُ لونُ الدم والريح

1 تقدم أن إسناد هذه الرواية: حسن.

2 لنربين: لنضاعفن عليهم في التمثيل.

ص: 115

رِيحُ الْمِسْكِ، انْظُرُوا أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ فَاجْعَلُوهُ أَمَامَ صَاحِبِهِ فِي الْقَبْرِ". فَكَانُوا يُدْفَنُونَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ1.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال حِينَ أُصِيبَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ:"اجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَافِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا". قَالَ أَبِي: فَحَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: لَمَّا ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ عينه التي مرت على قبور الشهداء، واستصرخنا عَلَيْهِمْ وَقَدِ انْفَجَرَتْ عَلَيْهِمَا فِي قَبْرِهِمَا، فَأَخْرَجْنَاهُمَا وَعَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غَطَّى بِهِمَا وُجُوهَهُمَا. وَعَلَى أَقْدَامِهِمَا شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، فَأَخْرَجْنَاهُمَا كَأَنَّهُمَا يتثنيان تثنيًا كأنما دُفِنَا بِالْأَمْسِ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتُصْرِخَنَا إِلَى قَتْلَانَا يَوْمَ أُحُدٍ، وَذَلِكَ حِينَ أَجْرَى مَعَاوِيَةُ الْعَيْنَ، فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ تُثَنَّى أَطْرَافُهُمْ رِطَابًا، عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً2.

قَالَ حَمَّادٌ: وَزَادَنِي صَاحِبٌ لِي فِي الْحَدِيثِ: فَأَصَابَ قَدَمَ حَمْزَةَ فَانْثَعَبَ دَمًا.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أمر بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَصَارِعِهِمْ.

وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: ثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِقِتَالِهِمْ. فَقَالَ لِي أَبِي: مَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ فِي النَّظَّارَةِ حَتَّى تَعْلَمَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُنَا، فَوَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي أَتْرُكُ بَنَاتٍ لِي بَعْدِي لَأَحْبَبْتُ أَنْ تُقْتَلَ بَيْنَ يَدَيَّ. فَبَيْنَمَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي وَخَالِي عَادَلَتْهُمَا عَلَى نَاضِحٍ، فَدَخَلَتْ بِهِمَا الْمَدِينَةَ، لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا، فَجَاءَ رَجُلٌ يُنَادِي: أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا. فَبَيْنَمَا أَنَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا جَابِرُ، قَدْ وَاللَّهِ أَثَارَ أَبَاكَ عمالُ مُعَاوِيَةَ فَبَدَا طَائِفَةٌ مِنْهُ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تَرَكْتُهُ، لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا لَمْ يَدَعِ الْقَتْلُ أَوِ الْقِتَالُ فَوَارَيْتُهُ.

وَقَالَ حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا حضر أحد قال أبي: ما أراني

1 تقدم تخريجه قريبًا.

2 "صحيح": أخرجه ابن سعد بأطول مما هنا. وقال الحافظ في "الفتح"3/ 173": صحيح.

ص: 116

إِلَّا مَقْتُولًا، وَإِنِّي لَا أَتْرُكَ بَعْدِي أَعَزَّ عَلِيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ عَلِيَّ دَيْنًا فَاقْضِ وَاسْتَوْصِ بِإِخْوَانِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، فَدَفَنْتُ مَعَهُ آخَرَ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أُنْزِلَهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ يَقُولُ:"أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. وَقَالَ: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقَيَامَةِ". وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصِلَّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْهُ.

وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالُوا يَوْمَ أُحُدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَصَابَنَا قَرْحٌ وجَهد فَكَيْفَ تَأْمُرُ؟ قَالَ: "احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا وَاجْعَلُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا"2.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ.

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَبْكِي وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْهُ، وَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَوْنِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَنْهَانِي، وَقَالَ:"لَا تَبْكِيهِ، أَوْ مَا تَبْكِيهِ، فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ". أَخْرَجَاهُ3.

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِدَفْنِ قَتْلَى أُحُدٍ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَقُولُ:"أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: ثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ، سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "ما لي أَرَاكَ مُهْتَمًّا"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُتِلَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا وَعِيَالًا. فَقَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكَ؟ ما كلم الله

1 في كتاب "الجنائز" باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة "2/ 116".

2 تقدم تخريجه قبل قليل.

3 أخرجه مسلم "2471"، والنسائي "4/ 11-12".

ص: 117

أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا 1، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدِي سَلْنِي أُعْطِكَ. فَقَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيًا. فَقَالَ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ. قَالَ: يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} " [آل عمران: 169] الآية2.

وَيُرْوَى نَحْوَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.

وَكَانَ أَبُو جَابِرٍ مِنْ سَادَةِ الْأَنْصَارِ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ. وَأُمُّهُ الرَّبَابُ بِنْتُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ. شَهِدَ مَعَهُ الْعَقَبَةَ وَلَدُهُ رضي الله عنهما.

وَعَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمٍ الْأَنْصَارِيُّ السَّلْمِيُّ، سَيِّدُ بَنِي سَلَمَةَ، الَّذِي دُفِنَ مَعَهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: شَهِدَ بَدْرًا. وَابْنُهُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ هُوَ الَّذِي قَطَعَ رِجْلَ أَبِي جَهْلٍ، وَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَلْبِهِ لِمُعَاذٍ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رضي الله عنه زَوْجَ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ.

وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ مَنَافٌ فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْمَدِينَةَ، بَعَثَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتُمُونَا بِهِ؟ قَالُوا: إِنْ شِئْتَ جِئْنَا وَأَسْمَعْنَاكَ، فَوَاعَدَهُمْ فَجَاءُوا، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ:{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف: 1] ، فَقَرَأَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقْرَأَ.

فَقَالَ: إِنَّ لَنَا مُؤَامَرَةً فِي قَوْمِنَا -وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي سَلَمَةَ- فَخَرَجُوا، فَدَخَلَ عَلَى مَنَافَ فَقَالَ: يَا مَنَافُ، تَعْلَمُ وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ غَيْرَكَ، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ نَكِيرٍ؟ قَالَ: فَقَلَّدَهُ سَيْفًا، فَخَرَجَ فَقَامَ أَهْلُهُ فَأَخَذُوا السَّيْفَ، فَجَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَخَذُوا السَّيْفَ، فَقَالَ: يَا مَنَافُ أَيْنَ السَّيْفُ؟ وَيْحَكَ! إِنَّ الْعَنْزَ لَتَمْنَعُ اسْتَهَا3، وَاللَّهِ مَا أَرَى فِي أَبِي جِعَارٍ غَدًا مِنْ خَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى مَالِي فَاسْتَوْصُوا بِمَنَافَ خَيْرًا. فَذَهَبَ فَكَسَرُوا مَنَافَ وَرَبَطُوهُ مَعَ كَلْبٍ مَيِّتٍ. فَلَمَّا جَاءَ رَأَى مَنَافَ، فَبَعَثَ إِلَى قَوْمِهِ فَجَاءُوهُ فَقَالَ: أَلَسْتُمْ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ؟ قَالُوا: بَلَى، أَنْتَ سَيِّدُنَا. قَالَ: فَإِنِّي أشهدكم أني قد آمنت

1 كفاحًا: أي: مواجهة، ليس بينهما حجاب ولا رسول، وهذا بعد الموت، أما قبله فلا.

2 "حسن": أخرجه الترمذي "3210" في "التفسير"، وابن ماجه "2800"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" "2408":"حسن".

3 تمنع استها: تحفظ عورتها.

ص: 118

بِمُحَمَّدٍ1. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عرضها السماوات وَالْأَرْضُ". فَقَامَ وَهُوَ أَعْرَجُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ رضي الله عنه.

قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ".

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَرَوَى فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْن أَبِي ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَا بَنِي سَلَمَةَ مَنْ سَيِّدُكُمْ"؟ قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَإِنَّا لَنُبَخِّلُهُ. قَالَ:"وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ الْجَعْدُ الْأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ"2.

وَقَدْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، وَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى أُحُدٍ مَنَعَهُ بَنُوهُ وَقَالُوا: قَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ وَبِكَ عَرَجٌ، فَأَتَى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:"أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ". وَقَالَ لِبَنِيهِ: "لَا تَمْنَعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ". فَخَرَجَ وَاسْتُشْهِدَ هُوَ وَابْنُهُ خَلادٌ رضي الله عنهما.

وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ قَالَ لِبَنِيهِ: مَنَعْتُمُونِي الْجَنَّةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَأَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ. فَكَانَ يَوْمُ أُحُدٍ فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ رضي الله عنه.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي- فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ إِلَّا بُرْدَةٌ يُكَفَّنُ فِيهَا، مَا أَظُنُّنَا إِلَّا قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ ذهب لم يأكل من أجره، وكان منه مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رأسه خرجت رجلاه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخَرِ"3. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يهدبها. متفق عليه4.

1 "سير أعلام النبلاء"" للذهبي "1/ 253-254".

2 "سنده قوي": أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وأبو نعيم في "الحلية"، وقال الأرنئوط: وهذا سند قوي.

3 الإدخر: نبات طيب الرائحة.

4 أخرجه البخاري "3897"، ومسلم "940". ومعنى "يهدبها" أي: يجتنيها. يقال: ينع الثمر وأينع ينعًا وينوعًا فهو يانع. وهدبها يهدبها إذا جناها، وهذا استعارة لما فتح عليهم من الدنيا. "صحيح مسلم بشرح النووي""7/ 9".

ص: 119

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قال: كانت امرأة من الأنصار مِنْ بَنِي دِينَارٍ قَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ. فَلَمَّا نُعُوا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: خَيْرًا، يَا أُمَّ فُلَانٍ. فَقَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ. فَأَشَارُوا لَهَا إِلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ؛ أَيْ هَيِّنٌ. وَيَكُونُ فِي غَيْرِ ذَا بِمَعْنَى عَظِيمٍ.

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ جُلَيْبِيبًا كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ: "زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ". قَالَ: نَعَمْ وَنِعْمَةُ عَيْنٍ1. قَالَ: "لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي". قَالَ: فَلِمَنْ؟ قَالَ: "لِجُلَيْبِيبٍ".

قَالَ: أَسْتَأْمِرُ أمها. فأتاها فأجابت: لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ ابْنَتَكِ لِجُلَيْبِيبٍ. قَالَتْ: الْجُلَيْبِيبُ؟ لَا لَعَمْرِ اللَّهِ لَا تُزَوِّجْهُ. فَلَمَّا قَامَ أَبُوهَا لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: أَفَتَرُدُّونَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ؟ ادْفَعْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي.

فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: شَأْنُكَ بِهَا. فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا، وَدَعَا لَهُمَا. فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَغْزًى لَهُ قَالَ:"هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ"؟ قَالُوا: نَفْقِدُ فُلَانًا وَنَفْقِدُ فُلَانًا. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ". فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ".

فَوَضَعُوهُ عَلَى ساعديه ثم حفروا له، ما له سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وضع فِي قَبْرِهِ2.

قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَمَا فِي الْأَنْصَارِ أَنْفَقُ مِنْهَا.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ سألنا عبد الله بن مسعود عن

1 وفي رواية: "نعم وكرامة يا رسول الله ونعم عيني" رواه أحمد في "المسند""4/ 422".

2 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند""4/ 422-425".

ص: 120

قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169]، قَالَ: أَمَّا أَنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:"أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبَّكَ اطِّلَاعَةً فَقَالَ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ. فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا وَمَا نَسْأَلُكَ؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شِئْنَا. فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لا يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا إِلَى أَجْسَادِنَا فِي الدُّنْيَا فَنُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ. فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا، تُرِكُوا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةً فِي ظِلِّ الْعَرْشِ. فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغْ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ وَلَا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأُنْزِلَتْ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} "2.

وَقَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ: "أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي غُودِرْتُ مَعَ أَصْحَابٍ نُحْصِ الْجَبَلَ"3. يَقُولُ: قُتِلْتُ مَعَهُمْ4.

وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عن أبي الخير، عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ:"إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شهيد عليكم". الحديث أخرجه البخاري.

1 أخرجه مسلم في "صحيحه""1887" كتاب "الولاة" باب: في بيان أن أرواح الشهداء في الجنة.

2 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند""1/ 265"، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود "2520"، والحاكم في "المستدرك""2/ 88، 297"، وصححه، وأقره الذهبي.

3 النحص: أصل الجبل.

4 أخرجه أحمد في "المسند""3/ 375" دون قوله: "يقول: قتلت معهم".

ص: 121