المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سرية أبي سلمة إلى قطن، غزوة الرجيح: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٢

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌أحداث السنة الأولى من الهجرة

- ‌مدخل

- ‌قِصَّةُ إِسْلَامِ ابْنِ سَلامٍ:

- ‌قِصَّةُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ:

- ‌أحداث السنة الثانية:

- ‌غزوة الأبواء، بعث حمزة، بعث عبيدة بن الحارث:

- ‌غزوة بواط، غزوة العشيرة:

- ‌غزوة بدر الأولى، سرية سعد بن أبي وقاص، بعث عبد الله بن جحش:

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى:

- ‌بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ:

- ‌رُؤْيَا عَاتِكَةَ:

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ:

- ‌فَصْلٌ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَالْأَسْرَى:

- ‌أَسْمَاءُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا:

- ‌ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَدْرِيِّينَ:

- ‌قِصَّةُ النَّجَاشِيُّ مِنَ السِّيرَةِ:

- ‌سرية عمير بن عدي الخطمي، غزوة بني سليم، سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ:

- ‌غَزْوَةُ السَّوِيقِ:

- ‌أحداث السنة الثالثة:

- ‌غزوة ذي أمر، غزوة بحران:

- ‌غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعَ:

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ:

- ‌سرية زيد بنحارثة إلى القردة، غزوة قرقرة الكدر:

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ:

- ‌غَزْوَةُ أُحُدٍ:

- ‌عَدَدُ الشُّهَدَاءِ:

- ‌غزوَة حمَراء الأسَد:

- ‌أحداث السَّنة الرابعَة:

- ‌سريّة أبي سلمَة إلى قطن، غزوة الرجيح:

- ‌غزوة بئر مَعُوَنة:

- ‌ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ تقجمت في سنة ثلاث

- ‌غزوة بني لحيان:

- ‌غزوة ذاتِ الرِّقاع:

- ‌غزوة بدر المَوْعِد:

- ‌غزوة الخندق:

- ‌أحداث السنة الخامسة:

- ‌غزوة ذات الرقاع، غزوة دومة الجندل:

- ‌غزوة المُرَيْسِيع:

- ‌تزويج رَسُول اللَّه –صلى الله عليه وسلم بجويرية –رضي الله عنها:

- ‌الأفك:

- ‌غزوَةُ الخَنَدق:

- ‌غزوة بني قريظة:

- ‌وفاة سعد بن مُعَاذ:

- ‌إسلام ابني سَعْيَة وأسد بْن عُبَيْد:

- ‌أحداث السنة السادسة

- ‌غزوة الغابة

- ‌مقتل ابن أبي الحُقَيْق:

- ‌مقتل ابن نبيح الهذلي

- ‌غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسع، سرية نجد:

- ‌سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر، أبي عبيدة إلى ذي القصة، محمد بن مسلمة إلى ذي القصة، زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم، زيد بن حارثة إلى الطرف:

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى العيص، زيد بن حارثة إلى حسمي، زيد إلى وادي القرى، عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بن بكربفدك، عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل:

- ‌سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين:

- ‌إسلام أبي العاص:

- ‌سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة:

- ‌قصة غزوة الحديبية:

- ‌نزُولُ سُورة الفتح:

- ‌أحداث السنة السابعة:

- ‌غزوة خيبر:

- ‌فصل: فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بْن مسلمة

- ‌ذكر صفية:

- ‌ذكر من استشهد في خيبر، قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه:

- ‌شَأْنُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ:

- ‌حديث الحجَّاج بْن عِلاط السُّلَمي:

- ‌غزوة وادي القرى:

- ‌سرية أبي بكر إلى نجد، سرية عمر إلى عجز هوازن:

- ‌سرية بشير بن سعد، سرية غالب بن عبد الله الليثي:

- ‌سَرِيَّةُ الجِناب:

- ‌سرية أبي حدرد إلى الغابة، سرية ملحم بن جثامة:

- ‌سرية عبد الله بن حذافة ابن قيس بن عدي السهمي، عمرة القضاء:

- ‌زواجه صلى الله عليه وسلم بِمَيْمُونَةَ:

- ‌ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة

- ‌إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد

- ‌سرية شجاع بن وهب الأسدي، سرية نجد:

- ‌سرية كعب بن عمير، غزوة مؤتة:

- ‌ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

- ‌غزوة ذات السلاسل:

- ‌غزوة سيف البحر:

- ‌سرية أبي قتادة إلى خضرة، وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فتح مكة زادها الله شرفًا:

- ‌غزوة بني جذيمة:

- ‌غزوَة حُنَين:

- ‌غزوَة أوطَاس:

- ‌غزوة الطائف:

- ‌قِسْمُ غنَائِمِ حُنَيْنٍ وَغَيْر ذَلِك:

- ‌عمرة الجعرانة، قصة كعب بن زهير:

- ‌أحداث السنة التاسعة:

- ‌سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القرطاء، علقمة بن مجزز المدلجي، علي بن أبي طالب إلى الفلس، عكاشة بن محصن إلى أرض عذرة:

- ‌غزوة تبوك:

- ‌أمرُ الذين خلفوا:

- ‌مَوت عَبْد اللَّه بْن أَبِيّ:

- ‌ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مسعود الثقفي، وفد ثقيف:

- ‌أحداث السنة العاشرة

- ‌وفد بني تميم

- ‌وفد بني عامر:

- ‌وَافِدُ بني سَعْدٍ:

- ‌الجارود بن عمرو، وفد بني حنيفة:

- ‌وفد طيء، قدوم عدي بن حاتم:

- ‌قدوم فروة بن مسيك المرادي، وفد كندة:

- ‌وفد الأزد، كتاب ملوك حمير، بعث خالد ثم علي إلى اليمن:

- ‌بعث أَبِي مُوسَى ومُعاذ إلى اليمن:

- ‌وفد نَجْران:

- ‌حجَّةُ الودَاع:

- ‌أحداث سنة إحدى عشر:

- ‌سَرِيّة أُسَامَةَ:

- ‌الفهرس العام للكتاب:

الفصل: ‌سرية أبي سلمة إلى قطن، غزوة الرجيح:

‌أحداث السَّنة الرابعَة:

‌سريّة أبي سلمَة إلى قطن، غزوة الرجيح:

سريّة أبي سلمَة إلى قطن:

في أوّلها: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْيَرْبُوعِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: شَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ أُحُدًا، وَكَانَ نَازِلًا فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَالِيَةِ، حَتَّى تَحَوَّلَ مِنْ قُبَاءَ فَجُرِحَ بِأُحُدٍ، وَأَقَامَ شَهْرًا يُدَاوِي جُرْحَهُ، فَلَمَّا كَانَ هِلالُ الْمُحَرَّمِ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:"اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ فَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَيْهَا". وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً، وَقَالَ:"سِرْ حَتَّى تَأْتِيَ أَرْضَ بَنِي أَسَدٍ فَأَغِرْ عَلَيْهِمْ". وَكَانَ مَعَهُ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ، فَسَارُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى أَدْنَى قَطَن -مَاء مِنْ مِيَاهِهِمْ- فَيَجِدُونَ سَرْحًا لِبَنِي أَسَدٍ، فَأَغَارُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا مَمَالِيكَ ثَلاثَةً، وَأَفْلَتَ سَائِرُهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَغَابَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

قَالَ عَمْرو بن عثمان: فحدّثني عبد الملك بن عُمَيْر، قَالَ: لما دخل أبو سَلَمَةَ المدينة انتقض جُرْحُه، فمات لثلاث بقين من جُمَادى الآخرة.

غزوة الرَّجيع 1:

وهي في صفر من السّنة الرابعة، فيما ورَّخه الواقدي. وقال: هي عَلَى سبعة أميال من عُسْفان.

فحدثني موسى بن يعقوب، عَنْ أبي الأسود قَالَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أصحابَ الرَّجيع عيونًا إلى مكة ليُخْبِروه.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أُسَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيَّ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّاة؛ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ. فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ، فَقَالُوا: نَوَى يَثْرِبَ، فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ. فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ2 فَأَحَاطَ بِهِمُ القوم، فقالوا لهم: انزلوا،

1 الرجيع: ماء لهذيل قرب الهدأة أو الهدة، قيل: بين عسفان ومكة. وقيل: بين مكة والطائف.

2 الفدفد: الأرض المرتفعة ذات الحصى.

ص: 126

فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ مُشْرِكٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةٌ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ: خُبَيْبٌ1، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَآخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قُسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا. فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي بِهَؤُلاءِ أُسْوةٌ. يُرِيدُ الْقَتْلَى. فَجَرُّوهُ وَعَالَجُوهُ، فَأَبَى أَنْ يصحبهم، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب، وزيد، حتى باعوهما بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسَى يُسْتَحَدُّ بِهَا لِلْقَتْلِ2 فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ. وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا. فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ: دَعُونِي أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنْ تحسبوا أن ما بِي جَزَعٌ مِنَ الْقَتْلِ لَزِدْتُ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَقَالَ:

فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا

عَلَى أي جنب كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإله وإن يشأ

يبارك على أوصال شلو مُمَزَّعِ

ثُمَّ قَامَ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ.

وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا؛ الصَّلاةَ.

وَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ يَوْمَ أُصِيبَ؛ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ. وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ لِيَأْتُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى عاصم مثل الظلة من الدبر3،

1 هو: خبيب بن عدي.

2 الاستحداد: حلق العانة.

3 الدبر: جماعة النحل.

ص: 127

فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ وَأَصْحَابَهُ عَيْنًا لَهُ، فَسَلَكُوا النَّجْدِيَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالرَّجِيعِ. فَذَكَرُوا الْقِصَّةَ.

قَالَ مُوسَى: وَيُقَالُ: كَانَ أَصْحَابُ الرَّجِيعِ سِتَّةً مِنْهُمْ: عَاصِمٌ، وَخُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ -حَلِيفٌ لِبَنِي ظَفَر- وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيّ، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي -حليف حمزة. وَسَاقَ حَدِيثَهُمْ.

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن نَفَرًا مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ2 قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ بَعْدَ أُحُدٍ فَقَالُوا: إِنَّ فِينَا إِسْلامًا، فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ لِيُفَقِّهُونَا فِي الدِّينِ وَيُقْرِئُونَا الْقُرْآنَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ مَعَهُمْ سِتَّةً، أَمَّرَ عَلَيْهِمْ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَسَمَّاهُمْ كَمَا قَالَ مُوسَى.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَخَرَجُوا مَعَ الْقَوْمِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ -مَاءٌ لِهُذَيْلٍ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ عَلَى صُدُورِ الْهدأة3- غَدَرُوا بِهِمْ، فَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلًا، فَلَمْ يَرُع الْقَوْمَ وَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ إِلا الرِّجَالُ بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ، فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ لِيُقَاتِلُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: مَا نُرِيدُ قَتْلَكُمْ وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَكُمْ عَلَيْنَا عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لا نَقْتُلَكُمْ. فَأَمَّا مَرْثَدٌ، وَعَاصِمٌ، وَابْنُ الْبُكَيْرٍ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلا عَقْدًا أَبَدًا. وَأَرَادَتْ هُذَيْلٌ أَخْذَ رَأْسِ عَاصِمٍ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ حِينَ أَصَابَ ابْنَيْهَا يَوْمَ أُحُدٍ، لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى عَاصِمٍ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِهِ الْخَمْرَ، فَمَنَعَتْهُ الدَّبْرُ، فَانْتَظَرُوا ذِهَابَهَا عَنْهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ الْوَادِيَ فَحَمَلَ عَاصِمًا فَذَهَبَ بِهِ.

وَقَدْ كَانَ عَاصِمٌ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ وَلا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا تَنَجُّسًا. وَأَسَرُوا خُبَيْبًا، وَابْنَ الدَّثِنَةِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَارِقٍ، ثُمَّ مَضَوْا بِهِمْ إِلَى مَكَّةَ ليبيعوهم.

1 في "المغازي""5، 40، 41".

2 عضل والقارة: من الهون بن خزيمة بن مدركة. "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 183".

3 الهدأة: موضع بين عسفان ومكة.

ص: 128

حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالظَّهْرَانِ انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ يَدَهُ مِنَ الْقِرَانِ ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَأْخَرَ عَنِ الْقَوْمِ، فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَبْرُهُ بِالظَّهْرَانِ.

وقال البكّائيّ، عَنِ ابن إسحاق، حدّثني يحيى، عَنْ أبيه عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبير، عَنْ عُقْبَةَ بن الحارث، سَمِعْتُهُ يَقْولُ: ما أنا والله قتلتُ خُبَيْبًا، لأنا كنتُ أصغر من ذَلِكَ، ولكن أبا مَيسْرة أخا بني عبد الدّار أخذ الحرْبَةَ فجعلها في يدي، ثُمَّ أخذ بيدي وبالحربة، ثُمَّ طعنه بِهَا حتى قتله1.

ثُمَّ ذكر ابن إسحاق أنّ خبيبًا قَالَ:

لقد جَمَّع الأحزابُ حولي وألَّبُوا

قبائلَهم واستجمعوا كلّ مجمَّعِ

فكلّهم مُبْدِي العداوةَ جاهدٌ

عليَّ لأنّي في وثاق مضيعِ

وقد جمعوا أبناءَهم ونساءَهم

وقُرِّبَتْ من جذعٍ طويلٍ مُمَنَّعِ

إلى الله أشكو غُرْبَتي ثُمَّ كُرْبَتي

وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

فذا العرش صبرني على ما يراد بي

فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي

وذلك في ذاتِ الِإلهِ وإنْ يشأْ

يُبارِكْ عَلَى أَوْصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

وقد خيّروني الكفَر والموتُ دُونه

وقد هملتْ عَيْناي من غير مَجْزَع

وما بي حِذارُ الموتِ إنّي لميت

ولكن حذاري جحم نار ببلقع2

ووالله ما أرجو إذا متُّ مسلِمًا

عَلَى أيّ جنبٍ كان في الله مَصْرَعي

فلست بمُبدٍ للعدوّ تَخَشُّعًا

ولا جَزَعًا إنّي إلى الله مرجعي

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَيْنًا؛ قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى خَشَبَةِ خُبَيْبٍ فَرَقِيتُ فِيهَا وَأَنَا أَتَخَوَّفُ الْعُيُونَ، فَأَطْلَقْتُهُ فَوَقَعَ بِالأَرْضِ، ثُمَّ اقْتَحَمْتُ فَانْتَبَذْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ خُبَيْبًا، فَكَأَنَّمَا ابْتَلَعَتْهُ الأَرْضُ.

زَادَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: فَلَمْ يُذْكَرْ لِخُبَيْبٍ رضي الله عنه رمة حتى الساعة3.

1 أخرجه البخاري في "صحيحه""4087" كتاب "المغازي".

2 في بعض النسخ: ولكن حذاري حر نار تلفع.

3 انظر: "صفة الصفوة" لابن الجوزي "1/ 315".

ص: 129