الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوَة حُنَين:
قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حدثني عاصم بن عمر، عن عَبْد اللَّه بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ. وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ حَدِيثِ حُنَيْنٍ1، حِينَ سَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَارُوا إِلَيْهِ. فَبَعْضُهُمْ يُحَدِّثُ بِمَا لا يُحَدِّثُ بِهِ بَعْضٌ. وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما فَرَغَ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ، جَمَعَ عَوْفُ بْنُ مالك النصري بني نصر وبني جشم وبني سعد بن بكر، وأوزاعًا من بني هلال؛ وهم قليل؛ وناسًا من بني عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَعَوْفِ بْنِ عَامِرٍ، وَأَوْعَبَتْ مَعَهُ ثَقِيفُ الأَحْلافِ، وَبَنُو مَالِكٍ.
ثُمَّ سَارَ بهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَاقَ مَعَهُ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَبْنَاءَ. فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيَّ، فَقَالَ:"اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْمِ حَتَّى تَعْلَمَ لَنَا مِنْ عِلْمِهِمْ". فَدَخَلَ فِيهِمْ، فَمَكَثَ فِيهِمْ يَوْمًا أَوِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ:"أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: كَذِبَ. فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَذَّبْتَنِي يَا عُمَرُ لَرُبَّمَا كَذَّبْتَ بِالْحَقِّ. فَقَالَ عُمَرُ: أَلا تَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ؟ فَقَالَ: "قَدْ كُنْتَ يَا عُمَرُ ضَالا فَهَدَاكَ اللَّهُ".
ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ؛ فَسَأَلَهُ أَدْرَاعًا عِنْدَهُ؛ مِائَةَ دِرْعٍ، وَمَا يُصْلِحُهَا مِنْ عُدَّتِهَا. فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: "بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ". ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَائِرًا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثنا الزُّهْرِيُّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حُنَيْنٍ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَعَشَرَةِ آلافٍ كَانُوا مَعَهُ، فَسَارَ بِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ.
وَبِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ: أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ أَقْبَلَ فِيمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ جَمَعَ مِنْ قَبَائِلِ قَيْسٍ وَثَقِيفٍ، وَمَعَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ؛ شَيْخٌ كَبِيرٌ فِي شِجَارٍ2 لَهُ يُقَادُ به، حتى نزل الناس
1 حنين: واد قريب من مكة.
2 الشجار: هودج صغير يكفي شخصًا واحدًا.
بِأَوْطَاسٍ1. فَقَالَ دُرَيْدٌ حِينَ نُزُلوِهَا فَسَمِعَ رُغَاءَ البعير ونهيق الحمير ويعار الشاء وبكاء الصغير: بِأَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: بِأَوْطَاسٍ. فَقَالَ: نِعْمَ مَجَالُ الْخَيْلِ؛ لا حَزْنٌ ضَرِسٌ، وَلا سَهْلٌ دهس. ما لِي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ وَيُعَارَ الشَّاءِ؟ قَالُوا: سَاقَ مَالِكٌ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ فَدُعِيَ مَالِكٌ. فَقَالَ: يَا مَالِكُ، إِنَّكَ أَصْبَحْتَ رَئِيسَ قَوْمِكَ، وَإِنَّ هذا يوم كائن له ما بَعْدَهُ مِنَ الأَيَّامِ، فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسُوقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ خَلْفَ كُلِّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وَمَالَهُ لِيُقَاتِلَ عَنْهُمْ. فَأَنْقَضَ بِهِ2 دُرَيْدٌ وَقَالَ: رَاعِي ضَأْنٍ وَاللَّهِ؛ وَهَلْ يَرُدُّ وَجْهَ الْمُنْهَزِمِ شَيْءٌ؟ إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ لَمْ يَنْفَعْكَ إِلا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ فُضِحْتَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَارْفَعِ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ إِلَى عُليا قَوْمِهِمْ وَمُمْتَنِعِ بِلادِهِمْ. ثُمَّ قَالَ دُرَيْدٌ: وَمَا فَعَلَتْ كَعْبٌ وَكِلابٌ؟ فَقَالُوا: لَمْ يَحْضُرْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ: غَابَ الْحَدُّ وَالْجَدُّ، فَمَنْ حَضَرَهَا؟ قَالُوا: عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، وَعَوْفُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ: ذَانِكَ الْجَذَعَانِ3 لا يَضُرَّانِ وَلا يَنْفَعَانِ.
فَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ لِدُرَيْدٍ فِيهَا رَأْيٌ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَكبِرَ عِلْمُكَ، وَاللَّهِ لَتُطِيعَنَّنِي يَا مَعْشَرَ هَوَازِنَ، أَوْ لأَتْكِئَنَّ عَلَى هَذَا السَّيْفِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي. فَقَالُوا: أَطَعْنَاكَ. ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ لِلنَّاسِ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاكْسِرُوا جُفُونُ سُيُوفِكُمْ، ثُمَّ شُدُّوا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ مَكَّةَ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لا نُغْلَبُ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ. فَانْتَهَوْا إِلَى حُنَيْنٍ، لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ.
وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِالتَّعْبِئَةِ وَوَضَعَ الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ فِي أَهْلِهَا. وَرَكِبَ بَغْلَتَهُ وَلَبِسَ دِرْعَيْنِ وَالْمِغْفَرَ وَالْبَيْضَةَ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ مِنْ هَوَازِنَ شَيْءٌ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ مِنَ السَّوَادِ وَالْكَثْرَةِ، وَذَلِكَ فِي غَبَشِ الصُّبْحِ، وَخَرَجَتِ الْكَتَائِبُ مِنْ مَضِيقِ الْوَادِي وَشِعْبِهِ، فحملوا حملة واحدة، فانكشفت خيل بني سليم مولية، وتبعهم أهل مكة، وتبعهم الناس.
1 أوطاس: واد في ديار هوازن.
2 أنقض به: نقر بلسانه في فيه ثم صوت في حافيته.
3 الجذعان: مثنى جذع، وهو الشاب الحدث.
فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ، وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ". وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ: عَمُّهُ الْعَبَّاسُ؛ وَابْنُهُ الْفَضْلُ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَخُوهُ رَبِيعَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وقال يونس، عَنِ ابن إِسْحَاق، حدّثني أُمَيّة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ، أَنَّهُ حُدِّث أنّ مالك بْن عَوْفُ بعث عُيونًا، فأتوه وقد تقطّعت أَوْصالهم. فقال: ويلكم، ما شأنكم؟ فقالوا: أتانا رجالٌ بِيضٌ عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ1، فَوَالله ما تماسَكْنا أنَّ أَصابنا ما ترى. فما ردَّه ذَلِكَ عَنْ وجهه أَن مضى عَلَى ما يريد. منقطع.
وعن الربيع بْن أَنَس، أنّ رجلًا قَالَ: لن نُغَلب من قلّة. فشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ونزلت:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25] .
وَقَالَ معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، سَمِعَ أَبَا سَلامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي السَّلُولِيُّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم حُنَيْنٍ، فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عَشِيَّةً، فَحَضَرْتُ صَلاةَ الظُّهْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ فَارِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا فَإِذْ أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، بِظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَشَائِهِمْ، اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:"تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ: "مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ"؟ قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يا رسول الله. قال: " فاركب". فركب فَرَسًا لَهُ، وَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ:"اسْتقبِلْ هَذَا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ".
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُصَلاهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ:"أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لا. فَثُوِّبَ بِالصَّلاةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَيَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاتَهُ وَسَلَّمَ قَالَ:"أَبْشِرْوا، فَقَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ". فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أصبحت اطلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدًا، فقال له صلى الله عليه وسلم:"هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ"؟ قَالَ: لا، إِلا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ. فقال
1 بلق: فيها سواد وبياض. "المعجم الوجيز""62".
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَوْجَبْتَ، فَلا عَلَيْكَ أَنْ لا تَعْمَلَ بَعْدَهَا". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى حُنَيْنٍ، فَسَبَقَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا، فَأَعَدُّوا وَتَهَيَّئُوا في مضايق الوادي وأحناثه. وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، فَانْحَطَّ بِهِمْ فِي الْوَادِي فِي عَمَايَةِ الصبح، فلما انحط النَّاسُ ثَارَتْ فِي وُجُوهِهِمُ الْخَيْلُ فَشَدَّت عَلَيْهِمْ، وَانْكَفَأَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ لا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ الْيَمِينِ يَقُولُ:"أَيُّهَا النَّاسُ! هَلُمُّوا، إِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله". فلا ينثني أَحَدٌ. وَرَكِبَتِ الإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أمر النَّاسِ، وَمَعُه رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَرَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِحَكَمَةِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَثَبَت مَعَهُ عَلِيٌّ، وَأَبُو سُفْيَانَ، وَرَبِيعَةُ؛ ابْنَا الْحَارِثِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةُ، وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أحمر بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ أَمَامَ هَوَازِنَ، إِذَا أَدْرَكَ النَّاسَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رُمْحَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَيَتْبَعُوهُ، فَلَمَّا انْهَزَمَ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ جفاة أهل مكة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضعن. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: لا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبُحُورِ، وَإِنَّ الأَزْلامَ لَمَعَهُ فِي كِنَانَتِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَارَ أَبُو سُفْيَانَ إلى حنين، وإنه ليظهر الإسلام، وإن الأَزْلامُ الَّتِي يَسْتَقْسِمُ بِهَا فِي كِنَانَتِهِ.
قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْدَرِيُّ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي -وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ- الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمَّدًا.
قَالَ: فَأَدَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ لأَقْتُلَهُ، فَأقْبَلَ شَيْءٌ حَتَّى تَغَشَّى فُؤَادِي، فَلَمْ أُطِقْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ.
وَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَا رَأَى قَالَ: "يَا عَبَّاسُ، اصْرُخْ: يَا مَعْشرَ الأنصار، يا أصحاب السمرة"!
1 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه""2501" كتاب الجهاد، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2183": صحيح.
فَأَجَابُوهُ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ. فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَذْهَبُ لِيَعْطِفَ بَعِيرَهُ، فَلا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَقْذِفُ درعه من عنقه، ويوم الصَّوْتَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ مِائَةٌ، فَاسْتَعْرَضُوا النَّاسَ، فَاقْتَتَلُوا، وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ أَوَّلَ مَا كَانَتْ لِلأَنْصَارِ، ثُمَّ جُعِلَتْ آخِرًا بِالْخَزْرَجِ، وَكَانُوا صُبُرًا عِنْدَ الرحب، وَأَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَكَائِبِهِ؛ فَنَظَرَ إِلَى مُجْتَلَدِ الْقَوْمِ فَقَالَ:"الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ"1. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ إِلا وَالأُسَارَى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَتلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، وَانْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ مِنْهُمْ، وَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ.
وَقَالَ ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ، فَخَرَجَ مَعَهُ أَهْلُ مَكَّةَ، لَمْ يَتَغَادَرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، رُكْبَانًا وَمُشَاةً؛ حَتَّى خَرَجَ النِّسَاءُ مُشَاةً؛ يَنْظُرُونَ وَيَرْجُونَ الْغَنَائِمَ، وَلَا يَكْرَهُونَ الصَّدْمَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: جَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ كُلَّمَا سَقَطَ تُرْسٌ أَوْ سَيْفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَعْطُونِيهِ أَحْمِلْهُ، حَتَّى أَوْقَرَ جَمَلَهُ".
قَالا: فَلَمَّا أَصْبَحَ الْقَوْمُ، اعْتَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ، وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَرَاءَ تَلٍّ، يَنْظُرُونَ لِمَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ. وَركِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَقْبَلَ الصُّفُوفَ؛ فَأَمَرَهُمْ، وَحَضَّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ. فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ حَمَلَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ. فَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ: لَقَدْ حَزَرْتُ مَنْ بَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَدْبَرَ النَّاسُ فَقُلْتُ: مِائَةُ رَجُلٍ. وَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى صَفْوَانَ فَقَالَ: أَبْشِرْ بِهَزِيمَةِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَوَاللَّهِ لا يَجْتَبْرُونَهَا أَبَدًا. فَقَالَ: أَتُبَشِّرُنِي بِظُهُورِ الأَعْرَابِ؟ فَوَاللَّهِ لَرَبٌّ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَبًّ مِنَ الأَعْرَابِ. ثُمَّ بَعَثَ غُلامًا لَهُ فَقَالَ: اسْمَعْ لِمَنِ الشِّعَارُ؟ فَجَاءَهُ الْغُلامُ فَقَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ. وَكَانَ ذَلِكَ شِعَارَهُمْ فِي الْحَرْبِ. وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لمّا غَشِيَهُ الْقِتَالُ قَامَ فِي الرِّكَابَيْنِ، وَيَقُولُونَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَدْعُوهُ، يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ لا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَيْنَا". وَنَادَى أَصْحَابَهُ: "يَا أَصْحَابَ الْبَيْعَةِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، اللَّهَ اللَّهَ، الْكَرَّةَ على نبيكم".
1 حمي الوطيس: الضرب في الحرب.
وَيُقَالُ قَالَ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، يَا بَنِي الْخَزْرَجِ". وَأَمَرَ مَنْ يُنَادِيهِمْ بِذَلِكَ. وَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ فَحَصَبَ بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ، وَنَواصِيَهُمْ كُلَّهَا. وَقَالَ:"شَاهَتِ الْوُجُوهُ"1.
وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ سِرَاعًا، وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ. وَفَرَّ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حَتَّى دَخَلَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي نَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ.
وَأَسْلَمُ حِينَئذٍ نَاسٌ كثير مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، حِينَ رَأَوْا نَصْرَ اللَّهِ رسوله.
مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُقْبَةَ. وَلَيْسَ عِنْدَ عُرْوَةَ قِيَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرِّكابَيْنِ، وَلا قَوْلُهُ:"يَا أَنْصَارَ اللَّهِ".
وقال شعبة: عن أبي إسحاق، سمع البراء، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا رُماةً، فَلَمَّا لَقَيْنَاهُمْ وَحَمَلْنَا عَلَيْهِمْ انْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلُوا بِالسِّهَامِ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"أَنَا النّبيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَفِيهِ: وَلَكِنْ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ كَثِيرُ سلاح، فلقوا قومًا رماة لا يكاد يسقط لهم سهم.
وزاد فيه مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:"اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ". قَالَ: وَكُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَخْبَرَنِي سِيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حنين: "أنا ابن العواتك"3.
1 شاهت الوجوه: أي: قبحت.
2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 98"، ومسلم "78/ 1776" في الجهاد، وغيرهما.
3 العواتك: العاتكة: المرأة المحمرة من الطيب.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: "أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ".
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُهُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ. وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ. فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِهَا، أُكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لا تُسْرِعَ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَيْ عَبَّاسُ! نَادِ أَصْحَابَ السمرة". فقال عباس -وكان رجلا صيتًا- فقلت بأعلى صوتي: أي أَصْحَابَ السَّمُرَةِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ، لَكَأَنَّمَا عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي، عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَاهُ، يَا لَبَّيْكَاهُ. فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ، وَالدَّعْوَةُ فِي الأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ، كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ فَقَالَ:"هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ"، ثُمَّ أَخَذَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ فِي وُجُوهِ الْكُفَّارِ. ثُمَّ قَالَ:"انْهَزِمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ". فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1.
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ كَثِيرٍ نَحْوَهُ، لَكِنْ قَالَ: فَرْوَةُ بْنُ نُعَامَةَ الْجُذَامِيُّ، وَقَالَ:"انْهَزِمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ".
وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غزونا مع رسول الله حُنَيْنًا، فَلَمَّا وَاجَهْنَا الْعَدُوَّ، تَقَدَّمْتُ فَأَعْلُوا ثَنِيَّةً فَأَسْتَقْبِلُ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ فَأَرْمِيهِ بِسَهْمٍ، وَتَوَارَى عَنِّي، فَمَا دَريْتُ مَا صَنَعَ. ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى الْقَوْمِ، فَإِذَا هُمْ قَدْ طَلَعُوا مِنْ ثَنِيَّةٍ أُخْرَى، فَالْتَقَوْا هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ، فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ، فَأَرْجِعُ مُنْهَزِمًا، وَعَلَيَّ بُرْدَتَانِ مُؤْتَزِرًا بِإِحْدَاهُمَا، مُرْتَدِيًا بِالْأُخْرَى. وَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْهَزِمًا وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، فَقَالَ:"لَقَدْ رَأَى ابْنُ الَأَكْوَعِ فَزَعًا". فَلَمَّا غَشَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نزل
1 في "الجهاد والسير""76/ 1775".
عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ:"شَاهَتِ الْوُجُوهُ". فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عينه تُرَابًا مِنْ تِلْكَ الْقَبْضَةِ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ، وَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يعلى ين عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُنَيْنٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ أَخَذَ حَفْنةً مِنْ تُرَابٍ، فَحَثَا بِهَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، وَقَالَ:"شاهت الوجوه". قال يعلى ابن عَطَاءٍ: فَأَخْبَرَنا أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلا امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ مِنَ التُّرَابِ، وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً مِنَ السَّمَاءِ كَمَرِّ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم حُنَيْنٍ، فَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ، وَبَقِيتُ مَعَهُ فِي ثَمَانِينَ رَجُلا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ. قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ يَمْضِي قدمًا، فحادت الْبَغْلَةَ فَمَالَ عَنِ السَّرْجِ، فَشَدَّهُ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ: ارْتَفِعْ، رَفَعَكَ اللَّهُ. قَالَ:"نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ تُرَابٍ". فَنَاوَلْتُهُ، فَضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَامْتَلأَتْ أَعْيُنُهُمْ ترابًا. قال:"أين المهاجرون والأنصار"؟ قلت: هم هَهُنَا. قَالَ: "اهْتِفْ بِهِمْ".
فَهَتَفْتُ بِهِمْ، فَجَاءُوا وَسُيُوفُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهُمُ الشُّهُبُ وَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ أَدْبَارَهُمْ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا عبد الله بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى هَوَازِنَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِثْلُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ فَرَمَى بِهِ وُجُوهَنَا، فانهزمنا.
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا عَوْفٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ، عَمَّنْ شَهِدَ حُنَيْنًا كَافِرًا، قَالَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا وَالْمُسْلِمُونَ لَمْ يَقُومُوا لَنَا حَلْبَ شَاةٍ، فَجِئْنَا نَهُشُّ سُيُوفَنَا بين يدي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا غَشِينَاهُ إِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رِجَالٌ حِسَانُ الْوُجُوهِ، فَقَالُوا: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَارْجِعُوا. فهزمنا من ذلك الكلام. إسناده جيد.
1 في "الجهاد والسير""81/ 1777".
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم حُنَيْنٍ قَدْ عَرِيَ، ذَكَرْتُ أَبِي وَعَمِّي وَقَتْلَ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ إِيَّاهُمَا. فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي مِنْ مُحَمَّدٍ. فَذَهَبْتُ لأَجِيئَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا أَنَا بِالْعَبَّاسِ قَائِمٌ، عَلَيْهِ دِرْعٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ يَكْشِفُ عَنْهَا الْعَجَاجُ، فَقُلْتُ عَمُّهُ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ: ابْنُ عَمِّهِ وَلَنْ يَخْذُلَهُ.
قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ أُسَوِّرَهُ سَوْرَةً بِالسَّيْفِ، إِذْ رُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَأَنَّهُ بَرْقٌ، فَخِفْتُ يَمْحَشُنِي1، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي وَمَشَيْتُ الْقَهْقَرَى. وَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:"يَا شيب! يَا شَيْبُ! ادْنُ مِنِّي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ". فَرَجَّعْتُ إِلَيْهِ بَصَرِي، فَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي. وَقَالَ:"يَا شَيْبُ! قَاتِلِ الْكُفَّارَ". غَرِيبٌ جِدًّا.
وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِسْلامٌ، وَلَكِنْ أَنِفْتُ أَنْ تَظْهَرَ هَوَازِنُ عَلَى قُرَيْشٍ. فَقُلْتُ وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَرَى خَيْلا بُلْقًا. قَالَ: "يَا شَيْبَةُ، إِنَّهُ لا يَرَاهَا إِلا كَافِرٌ". فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ"؛ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا، حَتَّى مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَبَّ إليَّ مِنْهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وقال ابن إِسْحَاق: وقال مالك بْن عَوْفُ، يذكر مَسيرهم بعد إسلامه:
اذْكُرْ مَسِيرَهُمُ للنَّاس إِذْ جَمَعُوا
…
ومَالِكٌ فَوْقَهُ الرايات تختفق
ومالك مالِكٌ ما فَوْقَه أحدٌ
…
يَوْمَيْ حُنَيْنٍ عَلَيْه التَّاجُ يأْتَلِق
حَتَّى لَقُوا النَّاسَ خَيْرَ النَّاسِ يَقْدُمُهُمْ
…
عَلَيْهِمُ البَيْضُ والأَبْدَانُ والدَّرَق
فضَارَبُوا النَّاسَ حتّى لَمْ يَرَوْا أَحَدًا
…
حَوْلَ النَّبِيِّ وَحَتَّى جَنَّهُ الغَسَق
حَتَّى تَنَزَّل جِبْريلٌ بِنَصْرِهمُ
…
فَالْقَوْمُ مُنْهَزِمٌ مِنْهُمْ وَمُعْتَنَق
مِنَّا وَلَوْ غَيْرُ جبريل يقاتلنا
…
لمنعتنا إذًا أسيافنا الغلق
1 يمحشني: يحرقني.
وقد وفى عمر الْفَارُوقُ إِذْ هُزِمُوا
…
بِطَعْنَةٍ بَلَّ مِنْها سَرْجَهُ العَلَق1
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الموطأ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَة، عَنْ أَبِي قَتَادَة، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ. قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ لَهُ فَضَرَبْتُه بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلِيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَأَدْرَكْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَنْ قَتَلَ قَتيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُه". فَقُمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ قتيلا له عليه بينة فله سلبه". فقمت ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي. ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فقمت، فقال:"ما لك يَا أَبَا قَتَادَة"؟ فَاقْتصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللَّهِ ذَا، يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ، فَأَعْطِه إياه". فأعطانيه. فبعث الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ. فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأثَّلْتُهُ2 فِي الْإِسْلَامِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ؛ عَنِ الْقَعْنَبيِّ، وَمُسْلِمٌ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَلَهُ سَلَبُهُ". فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ رَجُلا وَأَخَذَ أَسْلابَهُمْ. صَحِيحٌ3.
وَبِهِ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ. فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. أَخْرَجَهُ مسلم4.
1 العلق: الدم الغليظ.
2 تأثلته: جمعته واتخذته لنفسي.
3 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه""2718" في "الجهاد"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2361": صحيح.
4 في "الجهاد والسير""134/ 1809".