الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر صفية:
وقال البكّائي، عَنِ ابن إسحاق قَالَ: ويُدْني رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأموال، يأخذها مالًا مالًا، ويفتحها حصنًا حصنًا. فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم، وعنده قُتِل محمود بْن مَسْلَمَة الأنصاريّ أخو مُحَمَّد، ألقيت عَلَيْهِ رَحَى فقتلته. ثُمَّ القَمُوص؛ حصن ابن أَبِي الحُقَيْق.
وأصاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم منهم سبايا، منهنّ صفيَّة بِنْت حُيَيّ بْن أخطب، وبنتا عمّ لَهَا، فأعطاهما دِحْيةَ الكلبي.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق، حدثني ابن لمحمد بْنِ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِهِ، وَحَدَّثَنِيهِ مِكْنَفٌ، قَالا: حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنهم الْوَطِيحِ وَالسُّلالِمِ، حَتَّى إِذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، سَأَلوُا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، فَفَعَلَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حَازَ الأَمْوَالَ كُلَّهَا: الشَّقَّ وَالنَّطَّاةَ وَالْكُتَيْبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إِلا مَا كَانَ فِي ذَيْنِكَ الْحِصْنَيْنِ. فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ أَهْلُ فَدَكٍ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا، بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، وَيُخْلُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَمْوَالِ، فَفَعَلَ. فَكَانَ مِمَّنْ مَشَى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ. فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا، فَصَالَحَهُمْ عَلَى النِّصْفِ، عَلَى أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ، وَصَالَحَهُ أَهْلُ فَدَكٍ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، فَكَانَتْ أَمْوَالُ خَيْبَرَ فَيْئًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ فَدَكٌ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُجْلَبُوا عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ. وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ قَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرِارِيَّ. فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَمَالُ صَفِيَّةَ، وَكَانَتْ عَرُوسًا وَقُتِلَ زَوْجُهَا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
1 أخرجه البخاري في المغازي، باب: غزوة خيبر "5/ 74".
لِنَفْسِهِ. فَلَمَّا كُنَّا بِسَدِّ الصَّهْبَاءِ1 حَلَّتْ2، فَبَنَى بها رسول الله3 صلى الله عليه وسلم وَاتَّخَذَ حَيْسًا4 فِي نِطْعٍ صَغِيرٍ، وَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ. فَرَأَيْتُهُ يُحَوِّي لَهَا بِعَبَاءَةٍ خَلْفَهُ، وَيَجْلِسُ عِنْدَ نَاقَتِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَجِيءُ صَفِيَّةُ فَتَضَعُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ تَرْكَبُ، فَلَمَّا بَدَا لَنَا أُحُدٌ، قَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا، وَمُسْلِمٌ5.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ يَبْنِي عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ. فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلا لَحْمٍ، وَمَا كَانَ إِلا أَنْ أَمَرَ بِلالا بِالأَنْطَاعِ6 فَبُسِطَتْ، وألقي عليه التَّمْرُ وَالأَقِطُ7 وَالسَّمْنُ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المؤمنين هي أو ما ملكت يمينه؟ قالوا: إن حجبها فهي إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ.
فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -فِيمَا أَحْسَبُ- عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَغَلَبَ عَلَى الأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجْلُوا مِنْهَا، وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا.
وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لا يَكْتُمُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوهُ فَلا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلا عَهْدَ. فَغَيَّبُوا مَسْكًا8 فِيهِ مَالٌ وَحُلًى لِحُيَيِّ بْنُ أَخْطَبَ، كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّ حُيَيٍّ: "مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جاء به من
1 مكان قريب من خيبر.
2 حلت: انقضت عدتها.
3 بنى بها: دخل بها.
4 الحيس: تمر يخلط بسمن.
5 أخرجه البخاري في "المغازي""4211"، ومسلم "1/ 42".
6 النطع: بساط من الجلد.
7 الأقط: شيء يتخذ من اللبن الغنمي.
8 المسك: الجلد.
النَّضِيرِ"؟ قَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ. فَقَالَ: "الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ". فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الزُّبَيْرِ، فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ. وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ دَخَلَ خَرَبَةً، فَقَالَ عَمُّهُ: قَدْ رَأَيْتَ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرَبَةٍ هَهُنَا: فَذَهَبُوا فَطَافُوا، فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرَبَةِ، فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَيْ أَبِي حُقَيْقٍ، وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ، وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَقَسَّمَ أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا.
وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ مِنْهَا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا. وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلا لأَصْحَابِهِ غِلالٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهُمْ عَلَى النِّصْفِ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ فَيَخْرُصُهَا2 عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ تُطْعِمُونِّي السُّحْتَ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إليَّ، وَلأَنْتُمْ أَبْغَضُ إليَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ.
قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تَمَنِّينَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إليَّ، قَتَلَ أَبِي وَزَوْجِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إليَّ وَيَقُولُ:"إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ الْعَرَبَ عليَّ وَفَعَلَ وَفَعَلَ". حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرِ كُلِّ عَامٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ مِنْ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَفَدِعُوا3 يَدَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ، حَتَّى قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ. وَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أقرنا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأبو بَكْرٍ. فَقَالَ لَهُ: أَتُرَاهُ سَقَطَ عَنِّي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ بك إذا وقصت
1 انظر: "سنن أبي داود""3006"، "3007"، "3008"، "3009"، "3010"، "3011"، "3012"، "3013".
2 الخرص: الحدس والتخمين. والتقدير بالظن.
3 الفدع: اعوجاج يكون في اليد أو الرجل.
بِكَ 1 رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا". وَقَسَّمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ.
اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْمَرَّارُ بْنُ حَمَّوَيْهِ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُدِعْتُ بِخَيْبَرَ قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ يَهُودَ خيَبْرَ عَلَى أَمْوَالِهَا، وَقَالَ:"نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ". وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ مَالُهُ هُنَاكَ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ فَفُدِعَتْ يَدَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، وَهُمْ تُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاءَهُمْ. فَلَمَّا أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ وَعَامِلُنَا؟ فَقَالَ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو قَلُوصُكَ ليلة بعد ليلة". فأجلاهم وأعطاهم قيمة مالهم مِنَ الثَّمَرِ مَالا وَإِبِلا وَعَرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ2.
وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ قَسَّمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كُلَّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الْبَاقِي لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ وَالأُمُورِ ونوائب الناس. أخرجه أَبُو دَاوُدَ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ خَيْبَرَ سِتَّةً وَثَلاثِينَ سَهْمًا، فَعَزَلَ لِلْمُسْلِمِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، فَجَمَعَ كُلَّ سَهْمٍ مِائَةً، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ وَلَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِ أَحَدِهِمْ. وَعَزَلَ النِّصْفَ لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَطِيحَ وَالسُّلالِمَ وَالْكُتَيْبَةَ وَتَوَابِعَهَا، فَلَمَّا صَارَتِ الأَمْوَالُ بِيَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُمَّالٌ يَكْفُونَهُمْ عَمَلَهَا، فَدَعَا الْيَهُودُ فَعَامَلَهُمْ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا لأَنَّ بَعْضَ خَيْبَرَ فُتِحَ عَنْوَةً، وَبَعْضَهَا صُلْحًا، فَقَسَّمَ مَا فتح
1 الوقص: الكسر.
2 أخرجه البخاري في الشروط، باب: إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك "3/ 177، 178".
عَنْوةً بَيْنَ أَهْلِ الْخُمْسِ وَالْغَانِمِينَ، وَعَزَلَ مَا فُتِحَ صُلْحًا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ خَيْبَرَ يَوْمَ أَشْرَكَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِيهَا زَرْعٌ وَنَخْلٌ فَكَانَ يُقَسِّمُ لِنِسَائِهِ كُلَّ سَنَةٍ لكل واحدة منهن مائة وسق تمر، وعشرين وسق شعير لِكُلِّ امْرَأَةٍ.
رَوَاهُ الذُّهْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَأَسْقَطَ مِنْهُ: ابْنَ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ عطاء، عن ابن عباس أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ لِمِائَتَيْ فَرَسٍ يَوْمَ خَيْبَرَ سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: كَانُوا يَوْمَ خَيْبَرَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَكَانَتِ الْخَيْلِ مِائَتَيْ فَرَسٍ.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: لَمَّا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلاءِ إِخْوَتُكَ بَنُو هَاشِمٍ لا يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي جَعَلَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ. أَرَأَيْتَ إِخْوَانَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ. فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ شَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا فِي الأُخْرَى.
اسْتَشْهَدَ بِهِ خ1.
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ، وَقُلْتُ: هَذَا لا أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَبَسَّمُ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. متفق عليه.
1 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: غزوة خيبر "5/ 79".
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قُلْتُ أَكُنْتُمْ تُخَمِّسُونَ الطَّعَامَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: أَصَبْنَا طَعَامًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ -أَوْ عَنْ أَبِي قِلابَةَ- قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ قَدِمَ وَالثَّمَرَةَ خَضِرَةً، فَأَشْرَعَ النَّاسُ فِيهَا فَحُمُّوا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَرِّسُوا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ2، ثُمَّ يَحْدُرُونَ عَلَيْهِمْ بَيْنَ أَذَانَيِ الْفَجْرِ، وَيَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ: فَفَعَلُوا فَكَأَنَّمَا نَشِطُوا مِنْ عَقْلٍ.
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ سَيْفًا، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ، فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ؛ أي رديئه. أخرجه أبو داود3.
1 "صحيح": أخرجه أبو داود "2704" في "الجهاد"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2353":"صحيح".
2 أي: يبردوها في الأسقية.
3 "صحيح": أخرجه أبو داود في "الجهاد""2730"، وقال الشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح سنن أبي داود" "2370":"صحيح".