المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٣٦

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌سنة ثمان وعشرين وخمسمائة:

‌سنة ثمان وعشرين وخمسمائة:

الخِلْعة لإقبال الخادم:

فيها خُلِع على إقبال الخادم خِلْعة المُلْك، ولُقِّب بسيف الدّولة ملك العرب.

مصالحة زنكيّ:

ووقع الصُلح مع زنكيّ بن آقْسُنْقُر، وجاءَ منه الحمل.

وزارة ابن طِراد:

وصُرِف عن الوزارة أنوشروان، وأُعيد أبو القاسم بن طراد. وقبص على بطر الخادم وسُجن وأُخِذت أمواله. وخُلِع على ابن طِراد خِلْعة الوزارة، وأُعطي فَرَسًا برُقْية، وثلاثة عشر حمْل كوسات، وأعلامًا ومَهْدًا.

الخِلعة لابن الأنباري:

وقدِم رسول السّلطان سنْجر، فخلع عليه، وأرسل إلى سنجر مع رسوله ومع ابن الأنباري خلَعًا عظيمة الخطر بمائة وعشرين ألف دينار1.

محاصرة بهروز:

وبعث الخليفة إلى بهروز الخادم، وهو بالقلعة، يطلب منه حملًا فأبى، فبعث جيشًا لقتاله، فحاصروه.

خدمة السَّلحدار:

وقدِم ألْبقش السَّلحدار التُّرْكي طلبًا للخدمة مع الخليفة.

استعراض الخليفة الجيش:

ثمّ إنّ الخليفة خلع على الأمراء، وعرض الجيش يوم العيد، ونادى: لَا يختلط بالجيش أحد. ومن ركب بَغْلًا أو حمارًا أُبيح دَمُه.

وخرج الوزير وصاحب المخزن والقاضي ونقيب النُقباء وأركان الدَولة في زِيّ لم يُرَ مثله من الخيل والزّينة والعسكر والملبس، فكان الجيش خمسة عشر ألف فارس2.

1 المنتظم "10/ 35"، العبر "4/ 72"، مرآة الجنان "3/ 253".

2 المنتظم "10/ 35".

ص: 24

توطُّد المُلك لطُغْرل:

وعاد طُغْرُل إلى هَمذان وانضمت إليه عساكر كثيرة، وتوطّد له المُلْك، وانحل أمر أخيه مسعود. وسببه أنّ الخليفة بعث بخلع إلى خوارزم شاه، فأشار دُبَيْس على طُغْرُل بأخذها، وإظهار أنّ الخَليفة بعثها له. ففعل1.

الخلاف بين الخليفة ومسعود:

وبعث الخليفة يحثّ مسعودًا على المجيء ليرفع عنه، فدخل أصبهان في زِيّ التُرْكُمان، وخاطر إلى أن وصل بغداد في ثلاثين فارسًا، فبعث إليه الخليفة تُحَفًا كثيرة.

وعثر على بعض الأمراء أنه يكاتب طُغْرل، فقبض عليه الخليفة، فهرب بقيَّة الأمراء إلى مسعود، وقالوا: نحن عبيدك، فإذا خَذَلْتنا قَتَلَنا الخليفة، فطلبهم الخليفة، فقال مسعود: قد التجئوا إليّ. فقال الخليفة: إنما أفعل هذا لأجلك، أو يصيبك نوبة بعد نوبة.

ووقع الاختلاف بينهما، وشاش العسكر، ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين، وتعذر المشْي بين المَحَالّ، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات، وتأخذ العسكر الّذين صاروا إليك. فرحل في آخر السّنة والخواطر متوحّشة. فأقام بدار الغربة. وجاءت الأخبار بتوجُّه طُغْرُل إلى بغداد. فلّما كان يوم سلْخ السّنة نفّذ إلى مسعود الخِلع والتّاج، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نِعَم2.

هزيمة ابن رُدمير وموته:

وفيها حاصر ملك الفرنج ابن رُدمير مدينة أفراغه من شرق الأندلس، وكان إذ ذاك على قُرْطُبة تاشَفين ابن السّلطان، فجهّز الزّبير اللُّمتُونيّ بألفي فارس، وتجهّز أمير مُرْسيَّة وبَلَنْسِيَة -يحيى بن غانية- في خمسمائة وتجهز عبد الله بن عياض صاحب لارَدَة في مائتين، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى أفراغه. وكان ابن عياض فارس زمانه، وكان ابن رُدْمير في اثني عشر ألف فارس.

فأدركه العجب، وقال لأصحابه: اخرجوا

1 المنتظم "10/ 35"، الكامل في التاريخ "11/ 12، 13".

2 المنتظم "10/ 35، 36".

ص: 25

خُذُوا هذه الميرة. ونفّذ قطعة من جيشه، فهزمهم ابن عياض، فساق ابن رُدْمير بنفسه، والْتحم الحرب، واسْتَحَر القتْل في الفرنج، وخرج أهل أفراغه الرّجال والنّساء، فنهبوا خِيَم الروم. فانهزم الطّاغية، ولم يفلت من جيشه إلا القليل، ولحق بسَرَقُسْطة، فبقي يسأل عن كبار أصحابه، فيقال له: قُتِلَ فُلان، قُتِلَ فُلان، فمات غمًّا بعد عشرين يومًا.

وكان بليَّة على المسلمين، فأهلكه الله1.

فتح الموحّدين لتادلة:

وفيها خرج عبد المؤمن في الموحِّدين من "

"2 فافتتح تادلة ونواحيها، وسار في تلك الجبال يفتتح معموره.

حرب تاشفين للموحّدين:

وأقبل تاشفين من الأندلس باستدعاء ابنه، فانُتدِب لحرب الموحّدين.

مسير الفرنج إلى حلب:

وفيها سار صاحب القدس بالفرنج؛ فقصد حلب، فخرج إليه عسكرها، فالتقوا، فانهزم المسلمون، وقُتِلَ منهم مائة فارس، ثمّ التقوا ونَصَر الله.

محاولة اغتيال شمس الملوك:

وفيها وثب إيليا الطّغتِكينيّ في الصيد على شمس الملوك بأرض صيدنايا بالسّيف، فغطس عنها، ورمى بنفسه إلى الأرض، وضربه ثانية، فوقعت في رقَبَة الفَرَس أتْلَفَتْه.

وتلاحقت الأجناد فهرب إيليا، ثمّ ظفروا به، فقتله صبرًا، وقتل جماعة بمجرّد قول إيليا فيهم، وبنى على أخيه حائطًا، فمات جوعًا. وبالغ في الظُلْم والعَسف، وبنى دار المَسَرَّة بالقلعة، فجاءت بديعة الحسن3.

1 الكامل في التاريخ "11/ 23، 24".

2 بياض في الأصل.

3 الكامل في التاريخ "11/ 8، 9"، نهاية الأرب "27/ 84"، النجوم الزاهرة "5/ 52".

ص: 26

خلاف الإسماعيلية والسُنَّة بمصر:

وفيها جاءت الأخبار من مصر بخُلْف ولدي الحافظ لدين الله عبد المجيد وهما: حيدرة، والحسن. وافترق الْجُند فِرقتين، إحداهما مائلة إلى الإسماعيلية، والأخرى إلى مذهب السُّنَّة. فاستظهرت السُّنَّة، وقتلوا خلقًا من أولئك، واستحر القتْل بالسّودان، واستقام أمر وليّ العهد حسن، وتتبّع من كان ينصر الإسماعيليَّة من المقدَّمين والدُّعاة، فأبادهم قتْلًا وتشريدًا.

قال أبو يَعْلى حمزة: فورد كتاب الحافظ لدين الله شمس الملوك بهذا الخلاف1.

نقض الفرنج الهدنة:

وفيها فسخت الفرنج الهدنة وأقبلت بخُيَلائها، فجمع شمس الملوك جيشه، واستدعى تُرْكُمان النواحي، وبرز في عساكره نحو حَوران، فالتقوا. وكانت الفرنج في جمعٍ كثيف، فأقامت المناوشة بين الفريقين أيامًا، ثم غافلهم شمس الملوك، ونهض ببعض الجيش، وقصد عكا والناصرة، فأغار وغنم، فانزعجت الفرنج، وردوا ذليلين، وطلبوا تجديد الهدنة2.

1 ذيل تاريخ دمشق "242"، نهاية الأرب "28/ 299، 300"، المقفي الكبير "3/ 416- 419".

2 ذيل تاريخ دمشق "242، 243"، الكامل في التاريخ "11/ 11، 12"، المختصر في أخبار البشر "3/ 8".

ص: 27