الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَبْسُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُطَيْئَةَ فِي هِجَائِهِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: " أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه حَبَسَ الْحُطَيْئَةَ فَقَالَ:
[البحر البسيط]
مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ
…
حُمْرِ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ
أَلْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ
…
فَاغْفِرْ هَدَاكَ مَلِيكُ النَّاسِ يَا عُمَرُ
أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي مِنْ بَعْدِ صَاحِبِهِ
…
أَلْقَى إِلَيْكَ مَقَالِيدَ النُّهَى الْبَشَرُ
لَمْ يُؤْثِرُوكَ بِهَا إِذْ قَدَّمُوكَ لَهَا
…
لَكِنْ لِأَنْفُسِهِمْ كَانَتْ بِكَ الْأَثَرُ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " شَهِدْتُ زِيَادًا أَتَاهُ عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِي عُلَاثَةَ التَّيْمِيِّ فَقَالَ: إِنَّهُ هَجَانِي، فَقَالَ: وَمَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: قَالَ لِي:
[البحر الطويل]
وَكَيْفَ أُرَجِّي ثَرْوَهَا وَنَمَاءَهَا
…
وَقَدْ سَارَ فِيهَا خُصْيَةُ الْكَلْبِ عَامِرُ
فَقَالَ أَبُو عُلَاثَةَ: لَيْسَ هَكَذَا قُلْتُ، قَالَ: فَكَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ:
وَإِنِّي لَأَرْجُو ثَرْوَهَا وَنَمَاءَهَا
…
وَقَدْ سَارَ فِيهَا نَاجِذُ الْحَقِّ عَامِرُ
فَقَالَ زِيَادٌ: قَاتَلَ اللَّهُ الشَّاعِرَ يَنْقُلُ لِسَانَهُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لَقَطَعْتُ لِسَانَهُ، فَقَامَ قَيْسُ بْنُ فَهْدٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، وَاللَّهِ لَا أَدْرِي مِمَّنِ الرَّجُلُ، فَإِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ مَا سَمِعْتُ عَنَ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: وَكَانَ يُعْجِبُ زِيَادًا أَنْ يَسْمَعَ الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: هَاتِ، فَقَالَ: شَهِدْتُهُ وَقَدْ أَتَاهُ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ بِالْحُطَيْئَةِ فَقَالَ: إِنَّهُ هَجَانِي، فَقَالَ:«وَمَا قَالَ لَكَ؟» فَقَالَ: قَالَ:
[البحر البسيط]
دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا
…
وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي
فَقَالَ: «مَا أَسْمَعُ هِجَاءً، وَلَكِنَّهَا مُعَاتَبَةٌ جَمِيلَةٌ» ، فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ: وَمَا تَبْلُغُ مُرُوءَتِي إِلَّا أَنْ آكُلَ وَأَلْبَسَ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هُجِيتُ بِبَيْتٍ قَطُّ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْهُ، سَلِ ابْنَ الْفُرَيْعَةِ يَعْنِي حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:" عَلَيَّ بِحَسَّانَ، فَجِيءَ بِهِ فَسَأَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ: لَمْ يَهْجُهُ وَلَكِنْ سَلَحَ عَلَيْهِ " وَيُقَالُ وَلَيْسَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: إِنَّهُ سَأَلَ لَبِيدَ بْنَ رَبِيعَةَ: «أَهَجَاهُ أَمْ لَا؟» فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهُ لَحِقَنِي مَا لَحِقَهُ مِنْ هَذَا الشِّعْرِ، وَأَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ. رَجْعٌ إِلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه فَجُعِلَ
فِي نَقِيرٍ فِي بِئْرٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِ حَفْصَةً، فَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ
…
حُمْرِ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ
أَلْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ
…
فَاغْفِرْ عَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ يَا عُمَرُ
قَالَ: فَأَخْرَجَهُ، وَقَالَ:«إِيَّاكَ وَهِجَاءَ النَّاسِ» قَالَ: إِذَنْ تَمُوتَ عِيَالِي جُوعًا، هَذَا كَسْبِي وَمِنْهُ مَعَاشِي، قَالَ:«فَإِيَّاكَ وَالْمُقْذِعَ مِنَ الْقَوْلِ» ، قَالَ: وَمَا الْمُقْذِعُ؟ قَالَ: " أَنْ تُخَايِرَ بَيْنَ النَّاسِ، فَتَقُولَ: فُلَانٌ خَيْرٌ مِنْ فُلَانٍ وَآلُ فُلَانٍ خَيْرٌ مِنْ آلِ فُلَانٍ "، قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَهْجَى مِنِّي، قَالَ: وَيُقَالُ إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لَقَطَعْتُ لِسَانَكَ، وَلَكِنِ اذْهَبْ فَأَنْتَ لَهُ، خُذْهُ يَا زِبْرِقَانُ» ، فَأَلْقَى الزِّبْرِقَانُ فِي عُنُقِهِ عِمَامَتَهُ فَاقْتَادَهُ بِهَا، وَعَارَضَتْهُ غَطَفَانُ، فَقَالُوا: أَبَا شَذْرَةَ إِخْوَتُكَ وَبَنُو عَمِّكَ هَبْهُ لَنَا فَوَهَبَهُ لَهُمْ
وَبَلَغَنِي: أَنَّ ابْنَ الْحَمَامَةِ: هُوَ هَوْذَةُ رَجُلٌ مِنْ سُلَيْمٍ، كَانَ فِي الْعَطَاءِ أَيَّامَ عُمَرَ رضي الله عنه فَحَضَرَ لِيَأْخُذَ عَطَاءَهُ فَدُعِيَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ قَبْلَهُ فَقَالَ:
[البحر الطويل]
لَقَدْ دَارَ هَذَا الْأَمْرُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ
…
فَأَبْصِرْ إِمَامَ الْحَيِّ كَيْفَ تُرِيدُ
أَيُدْعَى خُثَيْمٌ وَالشَّرِيدُ أَمَامَنَا
…
وَيُدْعَى رَبَاحٌ قَبْلَنَا وَطُرُودُ
فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي الْكِتَابِ فَهُمْ إِذًا
…
مُلُوكُ بَنِي حُرٍّ وَنَحْنُ عَبِيدُ
فَبَلَغَ شِعْرُهُ عُمَرَ رضي الله عنه فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَأَعَانَهُ عَلَى دَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه ذَاكَرَ أَبَاهُ دَعَاهُ بِهِ عَلَى غَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ:«يَا بُنَيَّ اتَّقِ أَلْسُنَ الشُّعَرَاءِ» ، وَكَانَ ابْنُ الْحَمَامَةِ هَذَا وَقَفَ عَلَى الْحُطَيْئَةِ وَهُمَا لَا يَتَعَارَفَانِ، وَالْحُطَيْئَةُ فِي خِبَاءٍ لَهُ وَهُوَ يَأْكُلُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْحُطَيْئَةُ: قُلْتَ مَا لَا يُنْكَرُ، قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ قَدْ أَحْرَقَتْنِي، فَقَالَ: ادْنُ مِنَ الْجَبَلِ يَفِئْ عَلَيْكَ، قَالَ: إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَحْرَقَتْ قَدَمَيَّ، قَالَ: بُلْ فِي مَوْضِعِهِمَا تَبْرُدَانِ، قَالَ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُطْعِمَنِي مِنْ طَعَامِكَ، قَالَ: إِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كُنْتَ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الْكَلْبِ، قَالَ: أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَنَا ابْنُ الْحَمَامَةِ، قَالَ: كُنِ ابْنَ أَيِّ طَيْرِ اللَّهِ شِئْتَ "
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ رضي الله عنه: " يَا مَعْشَرَ غَطَفَانَ: أَيُّ شُعَرَائِكُمُ الَّذِي يَقُولُ:
[البحر الوافر]
أَتَيْتُكَ عَارِيًا خَلَقًا ثِيَابِي
…
عَلَى خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنُونُ
فَأَلْفَيْتُ الْإِمَارَةَ لَمْ تَخُنْهَا
…
كَذَلِكَ كَانَ نُوحٌ لَا يَخُونُ
⦗ص: 789⦘
قُلْنَا: النَّابِغَةُ، قَالَ:«هُوَ أَشْعَرُ شُعَرَائِكُمْ»
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: ذَكَرُوا الشُّعَرَاءَ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ:" أَيُّهُمْ يَقُولُ: فَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ "، قَالُوا: النَّابِغَةُ، قَالَ:«هُوَ أَشْعَرُ شُعَرَائِكُمْ»
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ جَنَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: ذُكِرَ الشُّعَرَاءُ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟» فَقَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: مَنِ الَّذِي يَقُولُ:
[البحر البسيط]
إِلَّا سُلَيْمَانُ إِذْ قَالَ الْإِلَهُ لَهُ
…
قُمْ فِي الْبَرِيَّةِ فَاحْدُدْهَا عَنِ الْفَنَدِ
وَخَيِّسِ الْجِنَّ إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ
…
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بِالصُّفَّاحِ وَالْعَمَدِ
قَالُوا: النَّابِغَةُ، قَالَ: فَمَنِ الَّذِي يَقُولُ:
[البحر الوافر]
أَتَيْتُكَ عَارِيًا خَلَقًا ثِيَابِي
فَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ قَالُوا: النَّابِغَةُ، قَالَ: فَمَنِ الَّذِي يَقُولُ:
[البحر الطويل]
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً
…
وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ
قَالُوا: النَّابِغَةُ، قَالَ: فَهُوَ أَشْعَرُ الْعَرَبِ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَقِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ رضي الله عنه: " أَنْشِدْنِي لِشَاعِرِ الشُّعَرَاءِ، قُلْتُ: وَمَنْ شَاعِرُ الشُّعَرَاءِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَوَمَا تَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ زُهَيْرٌ، أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ:
إِذَا ابْتَدَرَتْ قَيْسُ بْنُ عَيْلَانَ غَايَةً
…
مِنَ الْمَجْدِ مَنْ يَسْبِقْ إِلَيْهَا يُسَوَّدِ
قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَقَالَ: إِيهًا، الْآنَ اقْرَأْ، قُلْتُ: وَمَا أَقْرَأُ؟ قَالَ: إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ "
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا بَيَانٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَرْتَجِزُ، وَسْطَ الْحَاجِّ وَأَنَا أَقُولُ: "
[البحر الرجز]
أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ
مَا مَسَّهَا مِنْ نَقْبٍ وَلَا دَبَرْ
فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ
فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَيَدُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ظَهْرِي فَقَالَ: «نَشَدْتُكَ اللَّهَ أَعَلِمْتَ مَكَانِي؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَحَمَلَهُ وَأَعْطَاهُ "
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّجَّارِيُّ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ ابْنِ طَلِيقٍ، قَالَ: تَذَاكَرُوا النِّسَاءَ يَوْمًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُقَبِّلَ ابْنَ إِحْدَاهُنَّ فِي يَوْمِ صَاحِبَتِهَا، وَإِنِّي لَأَكُونُ فِي حَاجَةِ إِحْدَاهِنَّ فَتَرَى أَنِّي فِي غَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ: فَوَقَعَ عُمَرُ رضي الله عنه فِي النِّسَاءِ وَنَالَ مِنْهُنَّ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ شَكَا إِلَى رَبِّهِ ذَرًّا فِي خُلُقِ سَارَةَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنَّمَا الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ إِنْ أَقَمْتَهُ كَسَرْتَهُ، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا، فَضَرَبَ عُمَرُ رضي الله عنه بِيَدِهِ عَلَى جَنْبِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ:«لَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَ جَنْبَيْكَ مِنَ الْعِلْمِ غَيْرَ قَلِيلٍ» قَالَ النَّجَّارِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشُّعَرَاءِ قَالَ فِي ذَلِكَ:
[البحر الطويل]
أَتَجْمَعُ ضَعْفًا وَاقْتِدَارًا عَلَى الْفَتَى
…
أَلَيْسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا وَاقْتِدَارُهَا
هِيَ الضِّلَعُ الْعَوْجَاءُ لَسْتَ مُقِيمَهَا
…
أَلَا إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ انْكِسَارُهَا
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ عَوْذِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ بِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ رضي الله عنه وَمَعَهُ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ فَتَغَنَّى خَوَّاتٌ أَوْ تَرَنَّمَ، فَقَالَ
⦗ص: 792⦘
عُمَرُ: " أَحْسِسْ خَوَّاتُ، أَحْسِسْ خَوَّاتُ، أَحْسِسْ خَوَّاتُ، ثُمَّ قَالَ:
[البحر البسيط]
كَأَنَّ شَارِبَهَا غُصْنٌ بِمِرْوَحَةٍ
…
إِذَا تَدَلَّتْ بِهِ أَوْ شَارِبٌ ثَمِلُ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: فَقُلْتُ لَهُ: أَوْ شَارِبٌ ثَمِلُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: تَحَوَّلَ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ نَاقَتِهِ إِلَى نَاقَةِ غَيْرِهِ ، فَقَالَ: «
[البحر البسيط]
كَأَنَّ رَاكِبَهَا غُصْنٌ بِمِرْوَحَةٍ
…
إِذَا تَدَلَّتْ بِهِ أَوْ شَارِبٌ ثَمِلُ
ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَلَمْ يُدْرَ أَهُوَ قَالَهُ أَمْ سَمِعَهُ»
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَكِبَ بَعِيرًا ثُمَّ قَالَ: "
[البحر الطويل]
وَكَيْفَ ثَوَائِي بِالْمَدِينَةِ بَعْدَمَا
…
قَضَى وَطَرًا مِنْهَا جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرِ
⦗ص: 793⦘
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَاللَّهِ مَا رَكِبَ أَحَدٌ قَطُّ دَابَّةً فَلَمْ يُسِمِّ إِلَّا تَغَنَّى أَوْ لَبَّى "
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: فَلَمَّا خَطَبَنَا عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ إِلَّا قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْلِحُوا مَثَاوِيكُمْ، وَأَخِيفُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ قَبْلَ أَنْ تُخِيفَكُمْ، وَخُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ، وَلَا تُدَرِّعُوا نِسَاءَكُمُ الْقَبَاطِيَّ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَشِفَّ فَإِنَّهُ يَصِفُ»
[البحر الخفيف]
إِنَّ شَرْخَ الشَّبَابِ وَالشَّعْرَ الْأَسْـ
…
وَدَ مَا لَمْ يُعَاصَ كَانَ جُنُونَا
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه نَزَعَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رضي الله عنه عَنْ إِمْرَةٍ كَانَ عَلَيْهَا، وَكَانَ خَالِدٌ شَبِيهًا بِعُمَرَ رضي الله عنه، فَلَقِيَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ عُمَرَ رضي الله عنه خَالِدًا فَقَالَ لَهُ: نَزَعَكَ هَذَا
⦗ص: 794⦘
الرَّجُلُ؟ فَعَلِمَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّهُ شَبَّهَهُ خَالِدًا، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَبَى هَذَا الرَّجُلُ إِلَّا شِدَّةً، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَنَزَعَنِي فَمَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ عَلْقَمَةُ: وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ عِنْدِي، وَلَّاهُمُ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ فَنُوَلِّيهِمْ مَا وَلَّاهُمُ اللَّهُ مِنْهُ، وَنَقْضِي مَا لَهُمْ عَلَيْنَا، وَنَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ فِيمَا لَنَا عَلَيْهِمْ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ، فَسَكَتَ عُمَرُ رضي الله عنه، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ اجْتَمَعَ خَالِدٌ وَعَلْقَمَةُ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: يَا خَالِدُ لَقِيَكَ عَلْقَمَةُ الْبَارِحَةَ، فَقَالَ لَكَ - وَأَعَادَ الْكَلَامَ كُلَّهُ - فَجَعَلَ خَالِدٌ رضي الله عنه يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا لَقِيَ عَلْقَمَةَ الْبَارِحَةَ وَلَا كَلَّمَهُ، وَجَعَلَ عَلْقَمَةُ إِذَا حَلَفَ خَالِدٌ يَقُولُ: وَيَحْلِفُ وَيَحْلِفُ تَعَجُّبًا مِنْ حَلِفِ خَالِدٍ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«صَدَقَ خَالِدٌ، إِيَّايَ لَقِيتَ، وَاللَّهِ لَأَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا» يَعْنِي مَا كَانَ فِي قَلْبِ عَلْقَمَةَ
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَدِمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَوَافَقَ قُدُومُهُ عَلَيْهِ نَزْعَ خَالِدٍ رضي الله عنه، فَوَافَقَهُ فِي الْمَسَاءِ، أَيْ وَافَقَ عَلْقَمَةُ عُمَرَ رضي الله عنه مُؤْنِسًا، فَظَنَّ أَنَّهُ خَالِدٌ رضي الله عنه، فَقَالَ
: أَبِي هَذَا الرَّجُلُ إِلَّا شُحًّا، أَبِي هَذَا الرَّجُلُ إِلَّا شُحًّا لَكَ، نَزَعَكَ، لَا أَبَا لِغَيْرِكَ، لِمَ نَزَعَكَ؟ لَقَدْ قَدِمْتُ عَلَيْهِ فِي حَاجَتَيْنِ لِي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُمَا إِيَّاهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَلَسْتُ سَائِلَهُ شَيْئًا أَبَدًا، قَالَ وَادًّا: مَا هُمَا؟ قَالَ: مَالُ هَنَةٍ لَنَا مَاتَتْ فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، وَابْنُ عَمٍّ لِي كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أُلْحِقَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ إِيَّاهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَلَسْتُ سَائِلَهُ شَيْئًا أَبَدًا، فَلِمَ نَزَعَكَ؟ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعِينُ بِكَ؟ فَلِمَ نَزَعَكَ؟ قَالَ: نَزَعَنِي فَمَا عِنْدَكَ فِي نَزْعِي؟ قَالَ: وَمَاذَا عِنْدِي فِي نَزْعِكَ، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ وُلُّوا أَمْرًا وَلَهُمْ عَلَيْنَا حَقٌّ، فَنَحْنُ مُؤَدُّونَ إِلَيْهِمُ الْحَقَّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ، وَأَمْرُنَا - أَوْ قَالَ: حِسَابُنَا - عَلَى اللَّهِ، قَالَ: وَانْسَلَّ عُمَرُ رضي الله عنه، فَدَخَلَ فِي النَّاسِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَدَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ قَالَ:" يَا خَالِدُ مَا كَانَ حَدِيثُ عَلْقَمَةَ إِيَّاكَ وَقْتَ الْبَارِحَةِ حِينَ يَقُولُ: أَبَى هَذَا الرَّجُلُ إِلَّا شُحًّا "؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ، وَجَعَلَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ: مَا أَفْجَرَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ مَا يَصْنَعُ عَلْقَمَةُ؟ قَالَ: يُعَزِّرُهُ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«إِنَّهُ قَالَ كَلِمَةً لَأَنْ يَقُولَهَا مَنْ أَصْبَحَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ»
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: " دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ رضي الله عنه فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ، فَحَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ بِحَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما حِينَ الْتَقَيَا فِي قِصَّةِ خَالِدٍ - وَمَا سَمِعْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْحَسَنِ قَطُّ -
⦗ص: 796⦘
قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بَعْدَ ذَلِكَ يُحَدِّثُ بِهِ فَكَانَ أَحْسَنَ لَهُ سِيَاقَةً مِنْ أَبِي نَضْرَةَ "
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رضي الله عنه بَكَاهُ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي الْمُغِيرَةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ:«وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَبْكِينَ أَبَا سُلَيْمَانَ وَهُنَّ جُلُوسٌ فِي غَيْرِ نَقْعٍ، وَلَا لَقْلَقَةٍ»
حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: يَبْكُونَ خَالِدًا وَيَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، كَأَنَّهُ أَرَادَ عُمَرَ رضي الله عنه بِذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«وَيْحَكَ وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تَبْكِيَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَبَا سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ وَلَا لَقْلَقَةٌ» قَالَ: وَالنَّقْعُ شَقُّ الْجُيُوبِ، وَاللَّقْلَقَةُ: الْجَلَبَةُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ ثَابِتٍ الزُّبَيْرِيُّ، فِي إِسْنَادٍ ذَكَرَهُ قَالَ: " لَمَّا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه هَذِهِ الْمَقَالَةَ تَمَثَّلَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:
[البحر البسيط]
لَا أُلْفِيَنَّكَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَنْدُبُنِي
…
وَفِي حَيَاتِي مَا زَوَّدْتَنِي زَادِي
فِعْلَ الْجَلِيلِ أَضَاعَ الْحَقَّ مِنْ كَثْبِ
…
وَصَارَ يَنْدُبُ مَيْتًا فَوْقَ أَعْوَادِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ عُمَارَةَ ابْنِ غَزِيَّةَ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
السَّائِبِ بْنِ أَبِي حُبَيْشٍ وَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ النَّسَبَ، فَجَاءَ عُمَرُ رضي الله عنه حَتَّى سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ جَاوَزَهُمْ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَتَكَلَّمُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَيُّهَا النَّاسُ أَوْفُوا الطَّحِينَ وَامْلِكُوا الْعَجِينَ، وَخَيْرُ الطَّحِينِ مِلْكُ الْعَجِينِ، وَلَا تَأْكُلُوا الْبَيْضَ فَإِنَّمَا الْبَيْضُ لُقْمَةٌ، فَإِذَا تُرِكَتْ كَانَتْ دَجَاجَةً ثَمَنَ دِرْهَمٍ، وَإِيَّاكُمْ وَالطَّعْنَ فِي النَّسَبِ، اعْرِفُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ وَتَأْخُذُونَ بِهِ وَتَقْطَعُونَ بِهِ، وَاتْرُكُوا مَا سِوَى ذَلِكَ، لَا يَسْأَلْنِي أَحَدٌ وَرَاءَ الْخَطَّابِ، فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْمَسْجِدِ إِلَّا بَهِيمُ بْنُ هَبُوبٍ مَا خَرَجَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِذَنْ أَخْرُجُ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ: إِذَنْ أُمْسِكَكَ لِمَا قِيلَ فِيكَ وَمَا فِي قَوْمِكَ، قَالَ: فَكَأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه سَرَّهُ ذَلِكَ "، وَيُرْوَى فِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ: أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ حَاطِبٍ قَالَ: إِذَنْ لَخَرَجْتُ مِنْهُ أَنَا وَأَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«لَوْ رُمْتَ ذَلِكَ آخِذًا بِثَوْبِكَ» ، وَقِيلَ اجْلِسْ حَارِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ هَدَمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ لِتَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَلَا يَسْأَلْنِي
⦗ص: 798⦘
أَحَدٌ مَا وَرَاءَ الْخَطَّابِ، أَلَا وَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ قَدْ أَكْثَرُوا فِي إِسْمَاعِيلَ وَمَا وَلَدَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَمَا وَلَدَ، وَاللَّهِ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَأُلْحِقَنَّ كُلَّ قَوْمٍ بِجَمْرَتِهِمْ، أَلَا وَإِنَّ أَبَانَا الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:" كَذَبَ النَّسَّابُونَ مَا يَرْجُونَ اللَّهَ تَعَالَى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان: 38] تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ وَتَعْرِفُونَ بِهِ مَوَارِيثَكُمْ، وَتَعَلَّمُوا مِنَ النُّجُومِ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَتَهْتَدُونَ بِهِ السَّبِيلَ وَمَنَازِلَ الْقَمَرِ "
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ: " أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَامَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ جَدِّي، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«تَأَخَّرْ يَا ابْنَ أَخِي» ، قَالَ: وَأَخَذَ حُسَيْنٌ بِرِدَاءِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَلَمْ يَزَلْ يَجْبِذُهُ وَيَقُولُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ جَدِّي، وَتَرَدَّدَ عَلَيْهِ حَتَّى قَطَعَ خُطْبَتَهُ وَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا صَلَّى أَرْسَلَ إِلَى حُسَيْنٍ رضي الله عنه فَلَمَّا جَاءَهُ
⦗ص: 799⦘
قَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي مَنْ أَمَرَكَ بِالَّذِي صَنَعْتَ؟» قَالَ حُسَيْنٌ: مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ حُسَيْنٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«أَوَ لِي؟» وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَحُسَيْنٌ رضي الله عنه يَوْمَئِذٍ دُونَ الْمُحْتَلِمِ "
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ:" أَتَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقُلْتُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي وَاذْهَبْ إِلَى مِنْبَرِ أَبِيكَ، قَالَ: «إِنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْبَرٌ» ، وَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَفِي يَدِي حَصًى فَجَعَلْتُ أُقَلِّبُهُ، فَلَمَّا نَزَلَ ذَهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لِي: «يَا بُنَيَّ مَنْ عَلَّمَكَ هَذَا؟» قُلْتُ: مَا عَلَّمَنِيهِ أَحَدٌ، قَالَ: «أَيْ بُنَيَّ حَلَفْتُ تَغْشَانَا حَلَفْتُ تَأْتِينَا» قَالَ: فَأَتَيْتُهُ يَوْمًا وَهُوَ خَالٍ بِمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه بِالْبَابِ لَمْ يَدْخُلْ فَرَجَعَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يَرْجِعُ رَجَعْتُ، فَلَقِيَنِي عُمَرُ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: «أَيْ بُنَيَّ لَمْ أَرَكَ أَتَيْتَنَا» ، قُلْتُ: قَدْ جِئْتُ وَأَنْتَ خَالٍ بِمُعَاوِيَةَ فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَرْجِعُ فَرَجَعْتُ، قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِالْإِذْنِ مِنَ ابْنِ عُمَرَ، إِنَّمَا أُثْبِتَ فِي رُءُوسِنَا مَا هَدَى اللَّهُ وَأَنْتُمْ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ "
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه سَمِعَ صَوْتَ بُكَاءٍ فِي بَيْتٍ، فَدَخَلَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَأَمَالَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا حَتَّى بَلَغَ النَّائِحَةَ فَضَرَبَهَا حَتَّى سَقَطَ خِمَارُهَا، فَعَدَلَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: «اضْرِبْ فَإِنَّهَا
⦗ص: 800⦘
نَائِحَةٌ وَلَا حُرْمَةَ لَهَا، إِنَّهَا لَا تَبْكِي بِشَجْوِكُمْ، إِنَّهَا تُهَرِيقُ دُمُوعَهَا عَلَى أَخْذِ دَرَاهِمِكُمْ، إِنَّهَا تُؤْذِي أَمْوَاتَكُمْ فِي قُبُورِهِمْ وَتُؤْذِي أَحْيَاءَكُمْ فِي دُورِهِمْ، إِنَّهَا تَنْهَى عَنِ الصَّبْرِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَتَأْمُرُ بِالْجَزَعِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ»
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ النَّمِرِ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:" أَلَا لَا أَعْلَمَنَّ مَا قَالَ أَحَدُكُمْ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مَنَعَنَا أَنْ نَقْرَأَ كِتَابَ اللَّهِ، إِنِّي لَيْسَ لِذَلِكَ أَمْنَعُكُمْ، وَلَكِنْ أَحَدُكُمْ يَقُومُ لِكِتَابِ اللَّهِ وَالنَّاسُ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، إِنَّ حَدِيثَكُمْ هُوَ شَرُّ الْحَدِيثِ، وَإِنَّ كَلَامَكُمْ هُوَ شَرُّ الْكَلَامِ، مَنْ قَامَ مِنْكُمْ فَلْيَقُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَإِلَّا فَلْيَجْلِسْ، فَإِنَّكُمْ قَدْ حَدَّثْتُمُ النَّاسَ حَتَّى قِيلَ: قَالَ فُلَانٌ وَقَالَ فُلَانٌ، وَتُرِكَ كِتَابُ اللَّهِ " قَالَ سَعِيدٌ: وَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ الطُّفَيْحِ يَعْنِي أَرْضَ قَوْمِهِ، وَقَالَ لِكَعْبٍ: لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثَ أَوْ لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ الْقَرْيَةِ "
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ لَا نَجِدَنَّ أَحَدًا بَعْدَ السُّنَّةِ فِي ضَلَالَةٍ رَكِبَهَا حَسِبَهَا هُدًى، وَلَا فِي هُدًى رَكِبَهُ حَسِبَهُ ضَلَالَةً، قَدْ بَلَغَتِ الْأُمُورُ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ، وَانْقَطَعَ الْعُذْرُ»