الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِقَامَةُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُدُودَ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " شَرِبَ أَخِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، وَشَرِبَ مَعَهُ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ شَرَابًا فَسَكِرَا مِنْهُ بِمِصْرَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه، فَلَمَّا ضَحِيَا أَتَيَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه، وَهُوَ أَمِيرٌ بِمِصْرَ فَقَالَا: طَهِّرْنَا، فَذَكَرَ أَخِي أَنَّهُ سَكِرَ، فَقُلْتُ: ادْخُلِ الدَّارَ أُطَهِّرْكَ، فَقَالَ: قَدْ حَدَّثْتُ الْأَمِيرَ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا تُحْلَقُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، قَالَ: وَكَانُوا يَحْلِقُونَ، قَالَ: فَحَلَقْتُ أَخِي بِيَدِي وَجَلَدَهُمَا عَمْرٌو، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنه فَكَتَبَ إِلَى عَمْرٍو:«ابْعَثْ إِلَيَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَلَى قَتَبٍ، فَفَعَلَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ جَلَدَهُ لِمَكَانِهِ مِنْهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ، فَمَكَثَ أَشْهُرًا صَحِيحًا، فَأَصَابَهُ قَدَرُهُ، فَحَسِبَ عَامَّةُ النَّاسِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِلْدِهِ، وَلَمْ يَمُتْ مِنْ جَلْدِهِ»
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ
⦗ص: 842⦘
الشَّعْبِيِّ، قَالَ: ضَرَبَ عُمَرُ رضي الله عنه ابْنًا لَهُ فِي حَدٍّ، فَأَتَاهُ وَهُوَ يَمُوتُ فَقَالَ: يَا أَبَهْ قَتَلْتَنِي، قَالَ:«إِذَا لَقِيتَ رَبَّكَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّا نُقِيمُ الْحُدُودَ»
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: صَلَّى عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:«إِنِّيٍ وَجَدْتُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رِيحَ شَرَابٍ، وَإِنِّي سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ خَلٌّ، وَإِنِّي سَائِلٌ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا جَلَدْتُهُ» ، قَالَ السَّائِبُ: فَأَنَا شَهِدْتُهُ جَلَدَهُ الْحَدَّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، فَقَدِمَ الْجَارُودُ سَيِّدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه مِنَ الْبَحْرَيْنِ
⦗ص: 843⦘
فَقَالَ: إِنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ فَسَكِرَ، ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ حَدًّا حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهُ إِلَيْكَ، قَالَ: مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ؟ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَمَا تَشَهَّدُ؟ قَالَ: لَمْ أَرَهُ حِينَ شَرِبَ؟ وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ سَكْرَانَ يَقِيءُ، قَالَ:«لَقَدْ تَنَطَّعْتَ فِي الشَّهَادَةِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى قُدَامَةَ أَنْ يَقْدَمَ، فَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَامَ الْجَارُودُ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى هَذَا حَدَّ اللَّهِ، قَالَ:«أَخَصْمٌ أَنْتَ أَمْ شَهِيدٌ؟» قَالَ: لَا، بَلْ شَهِيدٌ، قَالَ:«قَدْ أَدَّيْتَ شَهَادَتَكَ» ، فَصَمَتَ الْجَارُودُ حَتَّى غَدَا عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى هَذَا حَدَّ اللَّهِ، فَقَالَ:«مَا أَرَاكَ إِلَّا خَصْمًا، وَمَا أَرَاكَ شَهِدَ مَعَكَ إِلَّا رَجُلٌ» ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ:«لَتُمْسِكَنَّ لِسَانَكَ أَوْ لَأَسُوءَنَّكَ؟» قَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِالْعَدْلِ، يَشْرَبُ ابْنُ عَمِّكَ وَتَسُوءُنِي؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ جَالِسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كُنْتَ تَشُكُّ فِي شَهَادَتِنَا فَأَرْسِلْ إِلَى ابْنَةِ الْوَلِيدِ فَسَلْهَا وَهِيَ امْرَأَةُ قُدَامَةَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى هِنْدٍ بِنْتِ الْوَلِيدِ يُنَاشِدُهَا، فَأَقَامَتِ الشَّهَادَةَ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«إِنِّي جَالِدُكَ يَا قُدَامَةُ» ، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَجْلِدَنِي، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] حَتَّى قَرَأَ الْآيَةَ، قَالَ: إِنَّكَ أَخْطَأْتَ التَّأْوِيلَ يَا قُدَامَةُ، إِنَّكَ إِذَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ اجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَشَارَ النَّاسَ
⦗ص: 844⦘
فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ، قَالُوا: لَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا دَامَ وَجِعًا قَالَ: «لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ تَحْتَ السِّيَاطِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ وَهُوَ فِي عُنُقِي، إِيتُونِي بِسَوْطٍ» ، فَأَمَرَ بِقُدَامَةَ فَجُلِدَ، فَغَاضَبَهُ قُدَامَةُ وَهَجَرَهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ وَحَجَّ قُدَامَةُ، فَلَمَّا رَجَعَ وَنَزَلَ السُّقْيَا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ نَوْمِهِ، فَقَالَ: " عَجِّلُوا عَلَيَّ بِقُدَامَةَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى فِي النَّوْمِ أَنَّ آتِيًا أَتَانِي فَقَالَ: سَالِمْ قُدَامَةَ فَإِنَّهُ أَخُوكَ، فَعَجِّلُوا عَلَيَّ بِقُدَامَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَبَى قُدَامَةُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَقَالَ:«لِيَأْتِيَنِي أَوْ لَيُجَرَّنَّ فَأَتَاهُ فَصَالَحَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ صُلْحِهِمَا»
حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُنْذِرِ بْنِ أَبِي الْأَشْرَسِ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا ضَرَبَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ غُشِيَ عَلَيْهِ فِي خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«لَوْ مَاتَ لَجَلَدْتُهُ بَقِيَّتَهَا عَلَى قَبْرِهِ»
حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ الْجَارُودَ، قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: إِنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَقَالَ:«مَنْ شُهُودُكَ؟» قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَتَنُكَ وَاللَّهِ لَأُوجِعَنَّ مَتْنَهُ بِالسَّوْطِ، قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَظُلْمٌ، يَشْرَبُ خَتَنُكَ وَيُضْرَبُ خَتَنِي؟ قَالَ:«وَمَنْ؟» قَالَ: عَلْقَمَةُ، قَالَ:«هَاتِهِمْ» ، فَجَاءُوا، فَقَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:«مَا تَقُولُ» ؟ قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُهُ يَشْرَبُهَا مَعَ ابْنِ زَبْرَاءَ حَتَّى أَوْلَجَهَا بَطْنَهُ، ثُمَّ قَالَ لِعَلْقَمَةَ:«مَا تَقُولُ» ؟ قَالَ: أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَصِيِّ؟ قَالَ: «هَاتِ»
⦗ص: 845⦘
، قَالَ: أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَصِيِّ؟ قَالَ: «هَاتِ» قَالَ: أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَصِيِّ؟ قَالَ: «هَاتِ» قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُهَا وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ يَمُجُّهَا، قَالَ:«مَا مَجَّهَا حَتَّى شَرِبَهَا، حَاشَا فِي إِمَارَتِنَا أَحَدًا غَيْرَهُ» ، ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى الْعُكْلِيُّ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْجَارُودَ ضَرَبَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيَّ بِالْبَحْرَيْنِ فِي الْخَمْرِ الْحَدَّ، وَهُوَ أَمِيرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ رضي الله عنه فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَامُوا، فَقَالَ لِلْجَارُودِ:" هِيهِ، اجْتَرَأْتَ عَلَى صِهْرِي وَخَالِ وَلَدِي؟ فَقَالَ الْجَارُودُ: لَا أَجْتَرِئُ عَلَى قُرَشِيٍّ بَعْدَكَ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَأُوجِعَنَّ خَتَنَكَ يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ الْجَارُودُ: أَيَشْرَبُ خَتَنُكَ وَيُضْرَبُ خَتَنِي؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا ذَاكَ بِالْعَدْلِ، ثُمَّ قَالَ: هَاتِ بَيِّنَتَكَ، فَجَاءَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَشَهِدَ، وَجَاءَ بِعَلْقَمَةَ الْخَصِيِّ فَشَهِدَ أَنَّهُ رَآهُ قَاءَهَا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «مَا قَاءَهَا حَتَّى شَرِبَهَا» ، فَأَخَّرَ عُمَرُ رضي الله عنه قُدَامَةَ بَعْضَ التَّأْخِيرِ لِوَجَعٍ كَانَ بِهِ، ثُمَّ دَعَاهُ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا، فَرَأَى رُؤْيَا فَأَتَاهُ فَكَلَّمَهُ، وَقَالَ: مَا حَابَيْتُ مُذْ وُلِّيتُ رَجُلًا غَيْرَهُ، فَمَا بُورِكَ لِي فِيهِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَمَّرَ عُمَرُ رضي الله عنه قُدَامَةَ عَلَى بَعْضِ عَمَلِهِ، فَشَرِبَ خَمْرًا فَقَامَ إِلَيْهِ الْجَارُودُ فَجَلَدَهُ الْحَدَّ وَهُوَ سَكْرَانُ لَا يَعْقِلُ؛
⦗ص: 846⦘
فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: " أَضَرَبْتَ خَالَ وَلَدِي وَفَضَحْتَهُ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَقَعَتِ السِّيَاطُ بِظَهْرِهِ وَمَا يَعْلَمُ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: ائْتِنِي بِشُهُودٍ عَلَى مَا تَقُولُ وَإِلَّا ضَرَبْتُكَ، فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا شَهِدَ لَمَا قَامَ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا أَشْهَدُ إِنْ كُنْتَ تُجِيزُ شَهَادَةَ الْخَصِيِّ، قَالَ: أَمَّا أَنْتَ فَإِنِّي أُجِيزُ شَهَادَتَكَ، قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُهُ يَقِيءُ الْخَمْرَ، قَالَ:«فَمَنْ قَاءَهَا فَقَدْ شَرِبَهَا» ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا يَضْرِبُ سَكْرَانَ حَتَّى يَصْحُوَ إِلَّا إِمَامٌ، فَإِنَّهُ إِذَا صَحَا امْتَنَعَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَهُوَ عَامِلُ الْبَحْرَيْنِ لِعُمَرَ رضي الله عنه، اسْتَعْمَلَ عُمَرُ رضي الله عنه قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَيْهَا، فَخَرَجَ يَغْزُو بَعْضَ بِلَادِ الْأَعَاجِمِ فَأَصَابَهُمْ فِي مَسِيرِهِمْ نَصَبٌ وَعُذْرٌ، فَمَرُّوا بِبَيْتٍ مَفْتُوحٍ فَدَخَلَهُ قُدَامَةُ وَالْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ، وَابْنُ حَنْظَلَةَ الرَزَقِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، فَوَجَدُوا فِيهِ طَعَامًا كَثِيرًا وَخَمْرًا فِي جِرَارٍ فَأَكَلَ قُدَامَةُ وَبَعْضُ مَنْ مَعَهُ، وَشَرِبُوا مِنْ تِلْكَ الْخَمْرِ، ثُمَّ لَحِقَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَمَرَّ بِالْبَيْتِ فَدَخَلَهُ فَوَجَدَهُمْ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَا صَنَعُوا، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا يَا ابْنَ أَبِيهِ؟ وَقَالَ عَيَّاشٌ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ مِنْ أَمْرِهِمْ بِسَبِيلٍ، وَلَا شَرِبْتُ مَا شَرِبُوا، قَالَ: فَمَا لَكَ مَعَهُمْ؟ قَالَ: اسْتَظْلَلْتُ بِظِلِّهِمْ، وَاسْتَقَاءَ فَقَاءَ كِسَرًا أَكَلَهَا وَشَرِبَ عَلَيْهَا مَاءً، فَرَكِبَ الْجَارُودُ الْعَبْدَلِيُّ وَرَجُلٌ مِنْ
⦗ص: 847⦘
بَنِي رَبَاحِ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ كَانَ خَصِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: خَصِيُّ بَنِي رَبَاحٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَذَكَرُوا لَهُ أَمْرَ قُدَامَةَ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، فَسَبَّهُمْ وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ غَضَبًا شَدِيدًا، وَأَبَى أَنْ يُنْزِلَهُمْ، وَمَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ، وَمَرَّ الْجَارُودُ بِمَنْزِلِ عُمَرَ رضي الله عنه وَابْنَةٌ لَهُ تَطَّلِعُ، وَهِيَ ابْنَةُ أُخْتِ قُدَامَةَ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَأَرْجُو أَنْ يُخْزِيَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا يُخْزِي اللَّهُ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ تُشْبِهَانِ عَيْنَيْكِ، أَوْ يَأْثَمُ أَبُوكِ، وَرَجَا عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ يَنْزِعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، وَأَعْظَمَ مَا قَالُوا، وَأَرْسَلَ إِلَى الْجَارُودِ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَقْتُلَكَ أَوْ أَحْبِسَكَ بِالْمَدِينَةِ فَلَا تَخْرُجَ مِنْهَا أَبَدًا أَوْ أَمْحُوَكَ مِنَ الْعَطَاءِ فَلَا تَأْخُذَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَطَاءً أَبَدًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْجَارُودُ: إِنْ قَتَلْتَنِي فَأَنْتَ أَشْقَى بِذَاكَ، وَإِنْ حَبَسْتَنِي بِالْمَدِينَةِ فَمَا بَلَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَلَدٍ فِيهِ قَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْبَرُهُ وَمُهَاجَرُهُ، وَإِنْ مَحَوْتَنِي مِنَ الْعَطَاءِ فَفِي مَالِي سَعَةٌ، وَيَكُونُ عَلَيْكَ مَأْثَمُ ذَاكَ وَتَبِاعَتُهُ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّهُمْ لَا يَنْزِعُونَ وَلَا يَزْدَادُونَ إِلَّا شِدَّةً أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَسَمِعَ مِنْهُمْ وَقَالَ:«وَاللَّهِ مَا اسْتَعْمَلْتُ عَامِلًا قَطُّ لِهَوًى لِي فِيهِ إِلَّا قُدَامَةَ، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا بَارَكَ اللَّهُ لِي فِيهِ» ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: إِنْ كَانَ مَا شَهِدُوا حَقًّا فَاجْلِدْ قُدَامَةَ الْحَدَّ وَاعْدِلْ، فَلَمَّا جَاءَ كِتَابُ عُمَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه جَلَدَ قُدَامَةَ الْحَدَّ، فَقَدِمَ قُدَامَةُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَتَظَلَّمَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه: خَاصِمْ قُدَامَةَ فَإِنَّهُ قَدْ تَظَلَّمَ مِنْكَ، فَقَالَ: لَا، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيَّ عَقْلِي وَيَذْهَبَ عَنِّي نَصَبُ السَّفَرِ وَأَنَامَ؛
⦗ص: 848⦘
فَإِنِّي قَدْ سَهِدْتُ فِي سَفَرِي، فَلَبِثَ ثَلَاثًا ثُمَّ خَاصَمَ قُدَامَةَ فِي بَيْتِ عُمَرَ، وَعِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ، وَهِيَ أُمُّ حَفْصَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنِي عُمَرَ، فَتَرَاجَعَا فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَطْوَلَهُمَا لِسَانًا، فَفَزِعَتْ بِنْتُ مَظْعُونٍ فَقَالَتْ: لَعَنَكَ اللَّهُ مِنْ شَيْخٍ طَوِيلِ اللِّسَانِ ظَالِمٍ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَلْ لَعَنَكِ اللَّهُ مِنْ عَجُوزٍ حَمْرَاءَ رَمْضَاءَ بَذِيءٍ لِسَانُهَا فَاحِشَةٍ فِي بَيْتِهَا، فَقَالَ قُدَامَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَلْهُ لِمَ جَلَدَنِي؟ قَالَ: جَلَدْتُكَ بِالَّذِي رَأَيْتُ مِنْكَ، قَالَ: هَلْ رَأَيْتُنِي أَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، تَشْتُمُنِي زَوْجَتُكَ وَتَقْضِي بَيْنِي وَبَيْنَ خَتَنِكَ فِي بَيْتِكَ، وَتُعِينُ عَلَيَّ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَقُومُوا، فَقَامُوا جَمِيعًا حَتَّى جَلَسْنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ فَقَالَ قُدَامَةُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ رَأَيْتُنِي أَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتُنِي أَشْتَرِيهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتُنِي أَحْمِلُهَا؟ . قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتَهَا تُحْمَلُ إِلَيَّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَفِيمَ جَلَدْتَنِي؟ قَالَ: جَلَدْتُكَ أَنِّي رَأَيْتُكَ تَقِيئُهَا، تُخْرِجُهَا مِنْ بَطْنِكَ، فَمِنْ أَيْنَ أَدْخَلَتْهَا؟ قَالَ قُدَامَةُ: وَإِنَّكَ بِالْخَمْرِ لَعَالِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَشْرَبُهَا، ثُمَّ مَا شَرِبْتُهَا بَعْدَمَا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: تُبْ إِلَى اللَّهِ يَا قُدَامَةُ، اللَّهُمَّ صَدَقَ وَكَذَبْتَ وَبَرَّ وَفَجَرْتَ، تُبْ إِلَى اللَّهِ، وَكَانَ ابْنُ جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ أَتَاهُ بِالْبَحْرَيْنِ فَوَصَلَهُ، فَلَمَّا ضَرَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فِي الشَّرَابِ قَالَ ابْنُ جُنْدُبٍ:
[البحر الطويل]
أُؤَمِّلُ خَيْرًا مِنْ قُدَامَةَ بَعْدَمَا
…
عَلَا السَّوْطُ مِنْهُ كُلَّ عَظْمٍ وَمِفْصَلِ
⦗ص: 849⦘
شَرِبْتَ حَرَامًا يَا قُدَامَةُ فَأُرْسِلَتْ
…
عَلَيْكَ سِيَاطُ الشَّارِبِ الْخَمْرِ مِنْ عَلِ
فَلَا تَشْرَبَنْ خَمْرًا قُدَامَةُ إِنَّهَا
…
حَرَامٌ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى دِمَشْقَ: " إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ دِمَشْقَ فَنَفِّلْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَى بِنْتَ الْجُودِيِّ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا فِي بَيْتِي "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: " اسْتَهَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما بِلَيْلَى بِنْتِ الْجُودِيِّ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي شِمْرٍ حَتَّى قَالَ فِيهَا:
[البحر الطويل]
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى وَالسَّمَاوَةُ بَيْنَنَا
…
فَمَا لَابْنَةِ الْجُودِيِّ لَيْلَى وَمَا لِيَا
وَأَنَّى تُعَاطِي قَلْبَهُ حَارِثِيَّةٌ
…
فَتَسْكُنُ بُصْرَى أَوْ تَحِلُّ الْجَوَابِيَا
وَأَنَّى تَلَاقِيهَا بَلَى وَلَعَلَّهَا
…
إِذَا النَّاسُ حَجُّوا قَابِلًا أَنْ تُلَاقِيَا
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا لَكَ وَمَا لَهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْتُهَا قَطُّ، إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُهَا لَيْلَةً فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي جِوَارٍ وَنِسَاءٍ يَتَهَادَيْنَ، فَإِذَا عَثَرَتْ إِحْدَاهُنَّ قَالَتْ: يَا ابْنَةَ الْجُودِيِّ، وَإِذَا حَلَفَتْ قَالَتْ: يَا ابْنَةَ الْجُودِيِّ، فَكَتَبَ عُمَرُ
⦗ص: 850⦘
رضي الله عنه إِلَى صَاحِبِ النَّفِيرِ الَّذِي هِيَ بِهِ إِنْ فُتِحَ عَلَيْهِمْ غَنِّمُوهُ إِيَّاهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَكُنْتُ أُكَلِّمُهُ فِيمَا يَصْنَعُ بِهَا فَيَقُولُ: يَا أُخَيَّةُ دَعِينِي فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّمَا أَرْشُفُ بِأَنْيَابِهَا حَبَّ الرُّمَّانِ، ثُمَّ نَزَلَ بِهَا وَهَانَتْ عَلَيْهِ فَكُنْتُ أُكَلِّمُهُ فِيمَا يُسِيءُ إِلَيْهَا كَمَا كُنْتُ أُكَلِّمُهُ فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهَا، فَكَانَ إِحْسَانُهُ أَنْ رَدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا " وَقَدْ رُوِيَ خِلَافُ هَذَا
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، أَوْ عَوْفٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانَيِّ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما يَتَشَبَّبُ بِجَارِيَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَدِمَ عَلَى يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، وَهُوَ عَلَى الْيَمَنِ فَوَجَدَهَا فِي السَّبْيِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ، فَأَبَى، وَكَتَبَ يَعْلَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه يَذْكُرُ لَهُ أَمْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:«أَنِ ادْفَعْهَا إِلَيْهِ» . حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، بِمِثْلِهِ
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَتْ بِنْتُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الشَّامِ يُشَبِّبُ بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ كَانَ رَآهَا
⦗ص: 851⦘
فِيمَا تَقَدَّمَ بِالشَّامِ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَتَلُوا أَبَاهَا جَاءُوا بِهَا، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَعْطِ هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَدْ سَلَّمْنَاهَا لَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه:«أَكُلُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَكَانَ لَهَا بِسَاطٌ فِي بَلَدِهَا لَا تَذْهَبُ إِلَى الْكَنِيفِ أَوْ إِلَى حَاجَةٍ إِلَّا بُسِطَ لَهَا، وَرُمِيَ بَيْنَ يَدَيْهَا بِرُمَّانَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ تَتَلَهَّى بِهِمَا، فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا رَأَى فِي عَيْنَيْهَا أَثَرَ الْبُكَاءِ فَيَقُولُ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ اخْتَارِي خِصَالًا أَيُّهَا شِئْتِ: إِمَّا أَنْ أُعْتِقَكِ وَأَنْكِحَكِ، فَتَقُولُ: لَا أَبْتَغِيهِ، وَإِنْ شِئْتِ رَدَدْتُكِ إِلَى قَوْمِكِ، قَالَتْ: وَلَا أُرِيدُ، قَالَ: وَإِنْ أَحْبَبْتِ رَدَدْتُكِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: وَلَا أُرِيدُ، قَالَ: فَأَخْبِرِينِي مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: أَبْكِي لِلْمَلِكِ مِنْ يَوْمِ الْبُؤْسِ "
حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ حَاطِبٌ وَأَعْتَقَ كُلَّ مَنْ صَامَ وَصَلَّى مِنْ رَقِيقِهِ، وَكَانَتْ فِيهِمُ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لَمْ تَفْقَهْ، فَلَمْ يَرُعْهُ إِلَّا حَمْلُهَا، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَزِعًا فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: لَأَنْتَ الرَّجُلُ لَا تَأْتِي بِخَيْرٍ، وَأَفْزَعَهُ ذَلِكَ، فَسَأَلَ الْجَارِيَةَ: مِمَّنْ حَمْلُكِ؟ فَقَالَتْ: مِنْ مَرْعُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ تَسْتَهِلُّ بِهِ
فَصَادَفَ ذَلِكَ عِنْدَهُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهما: قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الرَّجْمُ فَقَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ يَا عُثْمَانُ، فَقَالَ: قَدْ أَشَارَ عَلَيْكَ أَخَوَاكَ، قَالَ: وَأَنْتَ فَأَشِرْ، فَقَالَ: أُرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ، وَإِنَّمَا الْحَدُّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ، فَجَلَدَهَا مِائَةً وَغَرَّبَهَا، وَقَالَ:«صَدَقْتَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ»
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ حَاطِبًا الْوَفَاةُ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ قَدْ صَلَّى وَصَامَ، وَكَانَتْ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ فَزَنَتْ وَكَانَتْ ثَيِّبًا، فَأَتَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مِثْلُكَ الرَّجُلُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَقُّ اللَّهِ وَقَعَ فِي أَهْلِي، وَأَنْتَ مَحَلُّ ذَلِكَ فَأَتَيْتُكَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا، فَقَالَ: زَنَيْتِ وَيْحَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ رَفَشْ دِرْهَمَيْنِ بِالْحَبَشِيَّةِ، تَقُولُ أَجْرِي بِدِرْهَمَيْنِ وَعِنْدَهُ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ رضي الله عنهم، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ رضي الله عنهما: نَرَى أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ، وَعُثْمَانُ رضي الله عنه سَاكِتٌ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ
⦗ص: 853⦘
أَنْتَ؟ فَاسْتَوَى جَالِسًا وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أُرَاهَا مُسْتَهِلَّةً بِفِعْلِهَا، كَأَنَّهَا لَا تَرَى بِهِ بَأْسًا، وَإِنَّمَا الْحَدُّ عَلَى مَنْ عَرَفَهُ فَقَالَ:«صَدَقْتَ وَاللَّهِ مَا الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَرَفَهُ» ، فَضَرَبَهَا أَدْنَى الْحَدِّ مِنْ مِائَةِ جَلْدَةٍ وَغَرَّبَهَا عَامًا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ لِلْمُهَاجِرِينَ مَجْلِسٌ فِي الْمَسْجِدِ يَجْلِسُونَ فِيهِ، فَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَجْلِسُ مَعَهُمْ فَيُحَدِّثُهُمْ عَمَّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْآفَاقِ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ يَوْمًا فَقَالَ: مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْمَجُوسِ؟ فَوَثَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَامَ قَائِمًا، فَقَالَ: نَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَالَ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» مَا عِنْدَ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ حَدِيثٌ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ قَالَ:«لَقَدْ رَأَيْتُ بِالشَّامِ أَشْيَاءَ كَرِهْتُهَا، الشِّمَاسَةَ وَالنَّوَاقِيسَ، فَلَوِ اسْتَطَعْتُ مَنَعْتُهُمَا» ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّلَيْبِ الْهِلَالِيُّ: أَنَا أَذْهَبُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَدِينَةِ قَيْصَرَ فَأَصْعَدُ فَأُؤَذِّنُ بِبُرْجٍ مِنْ بُرُوجِهَا، فَإِنْ قُتِلْتُ بَرِئَتْ إِلَيْكَ ذِمَّتُهُمْ وَاسْتَحْلَلْتَ قِتَالَهُمْ، فَذَهَبَ فَأَذَّنَ بِبُرْجٍ مِنْ بُرُوجِهَا، فَأَقْبَلُوا
⦗ص: 854⦘
نَحْوَهُ لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَ قَيْصَرُ: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ لَا يُقْتَلُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ لَا يَكُونَ بِالشَّامِ شِمَاسَةٌ وَنَوَاقِيسُ، فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَلْحَقَهُ بِعُمَرَ رضي الله عنه "
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: اخْتَضَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالسَّوَادِ، فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَالَ:«فَرَضِيتَ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُقَالُ لَكَ كَهْلُ قُرَيْشٍ أَنْ يُقَالَ لَكَ شَابٌّ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ؟» ثُمَّ قَالَ: «خِضَابُ الْإِيمَانِ الصُّفْرَةُ، وَخِضَابُ الْإِسْلَامِ الْحُمْرَةُ، وَخِضَابُ الشَّيْطَانِ السَّوَادُ»
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:" اسْتَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَجِئْتَنَا بِظَهْرٍ؟ فَقُلْتُ: الْبَيْعَةُ ثُمَّ الْخَيْرُ فَبَايَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ: أَجِئْتَنَا بِظَهْرٍ؟ فَقُلْتُ: جِئْتُكَ بِظَهْرٍ وَمَالٍ، فَقَالَ: ائْتِنَا بِالظَّهْرِ وَلَا حَاجَةَ لَنَا فِي الْمَالِ، قُلْتُ: أَرْبَعَةُ آلَافٍ؟ قَالَ: هِيَ لَكَ، قَالَ: فَكُنْتُ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالًا "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: «إِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه رَجُلٌ كَاتِبٌ لَبِيبٌ فَاسْتَعِنْ بِهِ» قَالَ: فَاسْتَعْمَلَنِي عَلَى بَعْضِ الصَّدَقَاتِ، فَرَجَعْتُ وَقَدْ قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه
⦗ص: 855⦘
وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ رضي الله عنه، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: أَمَعَكَ ظَهْرٌ؟ فَقُلْتُ: الْبَيْعَةُ أَوَّلًا، فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَعَكَ ظَهْرٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مَعِي ظَهْرٌ وَمَالٌ، قَالَ: فَأَخَذَ الظَّهْرَ ثُمَّ قَالَ: الْمَالُ لَكَ، فَقُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَاكَ فَقَالَ: هُوَ لَكَ " فَذَكَرَ هُشَيْمٌ أَنَّهُ كَانَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْجُنْدِ فَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِمَسْكٍ صَبَّ فِيهِ سَلِيخَةُ بِانٍ هَدِيَّةً لَهُ، فَلَمَّا شَمَّهُ قَالَ: أَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ تَدَّهِنُ بِهَذَا؟ ثُمَّ دَعَا بِصَحْفَةٍ فَصَبَّهُ فِيهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه فَادَّهَنَ بِهِ، وَإِلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَادَّهَنُوا بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ بِانٍ دَخَلَ الْمَدِينَةَ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ بَشِيرٍ: أَنَّ فَتًى شَابًّا كَانَ قَدْ أَعْجَبَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
⦗ص: 856⦘
رضي الله عنه، فَلَمَّا أَرَادَ الْفَتَى الْخُرُوجَ إِلَى بَلَدِهِ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْلِنِي فَإِنَّ لِي حَاجَةً، فَأَخْلَاهُ فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ الِانْصِرَافَ إِلَى بَلَدِي، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَلِّيَنِي الْقَضَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«لَقَدْ كِدْتَ تَغُرَّنِي، إِنَّ هَذَا لَأَمْرٌ لَا يَقُومُ بِهِ مَنْ أَحَبَّهُ»
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أَبِيهَا: أَنَّ رَجُلًا، نَعَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَاسْتَوْقَفَهُ فَوَقَفَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ فَأَقْبَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يَضْرِبُ عَلَى جَبِينِهِ وَيَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنْ كَادَ هَذَا لَيَغُرَّنِي، لَقَدْ قَالَ مَا قَالَ وَإِنِّي لَا أَرْضَى لَهُ عَمَلًا»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «لَا يُحِبُّ الْإِمَارَةَ أَحَدٌ فَيَعْدِلُ»
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنِ ابْنِ هَزَّالٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «نَجِدُ الرَّجُلَ يَلْبَسُ الصُّوفَ لَوْ ظُلِمَ مَا انْتَصَرَ، وَإِنَّ قَلْبَهُ فِي ذَاكَ لَمَمْلُوءٌ كِبَرًا وَإِعْجَابًا، وَإِنَّكَ لَتَجِدُ الرَّجُلَ يَتَجَمَّلُ فِي ثِيَابِهِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ أَمْرِهِ، وَإِنَّ فِي قَلْبِهِ الْخُشُوعَ وَالتَّوَاضُعَ، وَذَلِكَ أَمْلَكُ التَّوَاضُعِ بِالْعَبْدِ»
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: قَالَ الْهُرْمُزَانُ لِعُمَرَ رضي الله عنه: ايْذَنْ لِي أَصْنَعْ طَعَامًا لِلْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَعْجِزَ، قَالَ: لَا، قَالَ: فَدُونَكَ، قَالَ: فَصَنَعَ لَهُمْ أَلْوَانًا مِنْ حُلْوٍ وَحَامِضٍ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: قَدْ فَرَغْتُ فَأَقْبِلْ، فَقَامَ عُمَرُ رضي الله عنه وَسَطَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَنَا رَسُولُ الْهُرْمُزَانِ إِلَيْكُمْ» فَاتَّبَعَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِهِ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: مَكَانَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ: أَرِنِي مَا صَنَعْتَهُ، ثُمَّ دَعَا، أَحْسَبُهُ قَالَ، بِأَنْطَاعٍ، فَقَالَ: أَلْقِ هَذَا كُلَّهُ عَلَيْهَا، وَاخْلِطُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ: إِنَّكَ تُفْسِدُهُ، هَذَا حُلْوٌ وَهَذَا حَامِضٌ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«أَرَدْتَ أَنْ تُفْسِدَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَذِنَ لِلْمُسْلِمِينَ فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا»
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: " آخِرُ مَالٍ أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَمَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى أَمْضَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْتُ مَالٍ، وَلَا أَبِي بَكْرٍ، وَأَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ بَيْتَ مَالٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: عُمَرُ رضي الله عنه أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ
: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ رضي الله عنه: أَدْنُو مِنْكَ فَإِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: إِذَنْ أَذْهَبُ فَيُغْنِينِي اللَّهُ عَنْكَ، فَوَلَّى ذَاهِبًا فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فَأَخَذَ بِثَوْبِهِ فَقَالَ: حَاجَتُكَ؟ قَالَ الرَّجُلُ: أَبْغَضَكَ النَّاسُ، أَبْغَضَكَ النَّاسُ، كَرِهَكَ النَّاسُ - ثَلَاثًا - قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَهُ: وَيْحَكَ؟ قَالَ: لِسَانَكَ وَعَصَاكَ، فَرَفَعَ عُمَرُ رضي الله عنه يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَيْهِمْ وَحَبِّبْهُمْ إِلَيَّ، وَلَيِّنِّي لَهُمْ وَلَيِّنْهُمْ لِي، قَالَ: فَمَا وَضَعَ يَدَيْهِ حَتَّى مَا عَلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ "
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنِي عَنْهُ، عَمُّهُ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَقُلْتُ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ أَخْبِرْنِي عَنْ سَلَفِنَا حَتَّى كَأَنِّي عَايَنْتُهُمْ، فَقَالَ:«تَسْأَلُنِي عَنْ عُمَرَ، كَانَ وَاللَّهِ فِي عِلْمِي قَوِيًّا تَقِيًّا قَدْ وُضِعَتْ لَهُ الْحَبَائِلُ بِكُلِّ مَرْصَدٍ، فَهُوَ لَهَا أَحْذَرُ مِنْ رَجُلٍ فِي سُوقِهِ قَيْدٌ»
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: عَمِلَ عُمَرُ رضي الله عنه عَشْرَ سِنِينَ وَبَعْضَ أُخْرَى فَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:«أَدِّهَا إِلَى الْخَلِيفَةِ بَعْدِي، فَإِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ رِقَةٌ وَإِلَّا فَبِيعُوا مِنْ عَقْدِ أَمْوَالِنَا فَادْفَعُوا إِلَيْهِ»