المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حركة أهل الكوفة ومسيرهم إلى عثمان رضي الله عنه - تاريخ المدينة لابن شبة - جـ ٣

[ابن شبة]

فهرس الكتاب

- ‌حَبْسُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُطَيْئَةَ فِي هِجَائِهِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ

- ‌مَطْعَمُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌لِبَاسُ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌سِيرَةُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي عُمَّالِهِ

- ‌مَسِيرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى الشَّامِ

- ‌إِقَامَةُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُدُودَ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ

- ‌مُوَافَقَاتُهُ رضي الله عنه قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: «مَا نَزَّلَ اللَّهُ أَمْرًا قَطُّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ فِيهِ عُمَرُ إِلَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ عُمَرُ» وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي الْحِجَابِ، وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ»

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هَذَا مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ أَبِينَا» ؟ قَالَ: «بَلَى» ، قَالَ عُمَرُ: «فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ مُصَلًّى؟» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [

- ‌مُوَافَقُتُهُ فِي الْحِجَابِ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: " كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْجُبْ نِسَاءَكَ» ، قَالَتْ: «فَلَمْ يَفْعَلْ» وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ يَخْرُجْنَ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ فَرَآهَا

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي أَسْرَى بَدْرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيءَ بِالْأَسْرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ؟» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَخُذْ مِنْهُمْ فِدْيَةً تَكُونُ

- ‌مُوَافَقُتُهُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: " لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ تَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْلَى

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي الِاسْتِئْذَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: " وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: مَوْلَجُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقْتَ الظَّهِيرَةِ لِيَدْعُوَهُ فَدَخَلَ فَرَأَى عُمَرَ بِحَالَةٍ، فَكَرِهَ عُمَرُ رُؤْيَتَهُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَأَمْرُ الشُّورَى

- ‌وَفَاتُهُ رضي الله عنه

- ‌مَا سَنَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه مِنَ الْأَذَانِ الثَّانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌كِتَابَةُ الْقُرْآنِ وَجَمْعُهُ

- ‌بَابُ تَوَاضُعِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌كَلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي عُثْمَانَ رضي الله عنهما

- ‌مَا جَاءَ فِي كَفِّ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَنِ الْقِتَالِ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ عَلَى الْحَقِّ

- ‌الْحَرَكَةُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَأَوَّلُ الْوُثُوبِ عَلَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌أُمَرَاءُ أَهْلِ مِصْرَ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌حَرَكَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

الفصل: ‌حركة أهل الكوفة ومسيرهم إلى عثمان رضي الله عنه

‌حَرَكَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

ص: 1140

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ: بَلَغَ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقَعُونَ فِيهِ، وَيَقُولُونَ فِيهِ الْبَاطِلَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ:«إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكُمْ أَمْرٌ لَا يَحِلُّ لَكُمْ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَالَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فَلْيُقَيِّدْ نَفْسَهُ» ، قَالَ: فَقَيَّدَ أُولَئِكَ أَنْفُسَهُمْ، فَكَانَ فِي الْحَيِّ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: النُّعْمَانُ بْنُ فُلَانٍ - أَوْ فُلَانُ بْنُ النُّعْمَانِ - يَحْضُرُ الصَّلَاةَ مُقَيَّدًا شَهْرًا، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ رضي الله عنه:«أَنْ حُلُّوا أَنْفُسَكُمْ يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ»

ص: 1140

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عُيَيْنَةَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: كَتَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: «مَنْ كَانَ لَهُ قِبَلِي حَقٌّ فَلْيَقْدَمْ فَلْيَأْخُذْ بِحَقِّهِ، أَوْ تَصَدَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ، فَلَمْ أَرَ يَوْمًا أَكْثَرَ شَيْخًا بَاكِيًا مِنْ يَوْمَئِذِ»

ص: 1140

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مِحْصَنٍ

ص: 1140

، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه: إِنَّ قِبَلِي قَوْمًا يُدْعَوْنَ الْقُرَّاءَ، وَهُمْ سُفَهَاءُ، وَثَبُوا عَلَى صَاحِبِ شُرْطَتِي فَضَرَبُوهُ ظَالِمِينَ لَهُ، وَشَتَمُونِي، وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّي، مِنْهُمْ: عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ، وَمَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ، وَحُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ، وَشُرَيْحُ بْنُ أَوْفَى، وَيَزِيدُ بْنُ مُكَنَّفٍ، وَزَيْدٌ ، وَصَعْصَعَةُ ابْنَا صُوحَانَ ، وَجُنْدُبُ بْنُ زُهَيْرٍ. فَكَتَبَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِلَى الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَنْ يَأْتُوا الشَّامَ وَيَغْزُوا مَغَازِيَهُمْ، وَكَتَبَ إِلَى سَعِيدٍ:«إِنِّي قَدْ كَفَيْتُكَ مَؤُونَتَهُمْ فَأَقْرِئْهُمْ كِتَابِي فَإِنَّهُمْ لَا يُخَالِفُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ» . فَأَقْرَأَهُمْ سَعِيدٌ الْكِتَابَ، فَشَخَصُوا إِلَى دِمَشْقَ، فَأَكْرَمَهُمْ مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ قَدِمْتُمْ بَلَدًا لَا يَعْرِفُ أَهْلُهُ إِلَّا الطَّاعَةَ، فَلَا تُجَادِلُوهُمْ فَتُدْخِلُوا الشَّكَّ قُلُوبَهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ ، وَالْأَشْتَرُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ مَوْثِقًا أَنْ يُبَيِّنُوا عِلْمَهُمْ لِلنَّاسِ، فَإِنْ سَأَلَنَا سَائِلٌ عَنْ شَيْءٍ نَعْلَمُهُ لَمْ نَكْتُمْهُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ خِفْتُ أَنْ تَكُونُوا مُرْصِدِينَ لِلْفِتْنَةِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا فِيهِ. فَحَبَسَهُمَا مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه. فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ: مَا هَذَا؟ إِنَّ الَّذِينَ أَشْخَصُونَا إِلَيْكَ مِنْ بِلَادِنَا لَمْ يَعْجِزُوا عَنْ حَبْسِنَا لَوْ أَرَادُوا ذَلِكَ، فَإِنْ كُنَّا ظَالِمِينَ فَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كُنَّا مَظْلُومِينَ فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: رضي الله عنه: إِنِّي لَأَحْسَبُكَ امْرَأً صَالِحًا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتُ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ مِصْرَكَ، وَكَتَبْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أُعْلِمُهُ إِذْنِي لَكَ. فَقَالَ: أَخَشِيَ أَنْ تَأْذَنَ لِي وَتَكْتُبَ إِلَى سَعِيدٍ. فَلَمَّا أَرَادَ الشُّخُوصَ كَلَّمَهُ فِي الْأَشْتَرِ وَعَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ فَأَخْرَجَهُمَا، فَأَقَامُوا لَا يَرَوْنَ أَمْرًا

ص: 1141

يَكْرَهُونَهُ. وَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ أَنَّ قَوْمًا يَأْتُونَهُمْ فَأَشْخَصَهُمْ إِلَى حِمْصَ، فَكَانُوا بِهَا حَتَّى اعْتَزَمَ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَلَى إِخْرَاجِ سَعِيدٍ فَكَتَبُوا إِلَيْهِمْ فَقَدِمُوا

ص: 1142

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمَذَانِيِّ قَالَ: كَتَبَ نَاسٌ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَنُسَّاكِهِمْ، مِنْهُمْ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ الرِّيَاحِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ حَفْصٍ التَّمِيمِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيُّ، وَحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدَ، وَزَيْدُ بْنُ حِصْنٍ الطَّائِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عَبْدَةَ النَّهْدِيُّ إِلَى عُثْمَانَ - وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ نَفْسَهُ فِي الْكِتَابِ إِلَّا كَعْبٌ - أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ كَثَّرَ عِنْدَكَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ فَحَمَّلَكَ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَإِنَّا نُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ. فَإِنَّكَ قَدْ بَسَطْتَ يَدَكَ فِيهَا، وَحَمَلْتَ بَنِي أَبِيكَ عَلَى رِقَابِهَا، وَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَكُونَ فَسَادُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى يَدَيْكَ، فَإِنَّ لَكَ نَاصِرًا ظَالِمًا، وَنَاقِمًا عَلَيْكَ مَظْلُومًا، فَمَتَى نَقَمَ عَلَيْكَ النَّاقِمُ، وَنَصَرَكَ الظَّالِمُ تَبَايَنَ الْفَرِيقَانِ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ، فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ أَمِيرُنَا مَا أَطَعْتَ اللَّهَ وَاسْتَقَمْتَ. وَبَعَثُوا بِالْكِتَابِ مَعَ أَبِي رَبِيعَةَ الْعَنَزِيِّ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه:«مَنْ كَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ؟» قَالَ: صُلَحَاءُ أَهْلِ الْمِصْرِ. قَالَ: «سَمِّهِمْ لِي» . قَالَ: مَا أُسَمِّي لَكَ إِلَّا مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ

ص: 1142

فَكَتَبَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِلَى سَعِيدٍ: «انْظُرْ ابْنَ ذِي الْحَبَكَةِ فَاضْرِبْهُ عِشْرِينَ سَوْطًا، وَحَوِّلْ دِيوَانَهُ إِلَى الرَّيِّ» . فَضَرَبَهُ سَعِيدٌ عِشْرِينَ سَوْطًا وَسَيَّرَهُ إِلَى جَبَلِ دَنْبَاوَنْدَ. فَقَالَ كَعْبُ بْنُ عَبْدَةَ:

[البحر الطويل]

أَتَرْجُو اعْتِذَارِي يَا ابْنَ أَرْوَى وَرَجْعَتِي

عَنِ الْحَقِّ قِدْمًا غَالَ حِلْمَكَ غُولُ

وَإِنَّ دُعَائِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ

عَلَيْكَ لِمَا أَسْدَيْتَهُ لَطَوِيلُ

وَإِنَّ اغْتِرَابِي فِي الْبِلَادِ وَجَفْوَتِي

وَشَتْمِي فِي ذَاتِ الْإِلَهِ قَلِيلُ

فَبَلَغَ عُثْمَانَ رضي الله عنه الشِّعْرُ، فَكَتَبَ إِلَى سَعِيدٍ: قَدْ خِفْتُ أَنْ أَكُونَ قَدِ احْتَمَلْتُ فِي ابْنِ ذِي الْحَبَكَةِ حُوبَةً، فَسَرِّحْ إِلَيْهِ مَنْ يَقْدَمُ بِهِ إِلَيْكَ، ثُمَّ احْمِلْهُ إِلَيَّ. فَبَعَثَ سَعِيدٌ بُكَيْرَ بْنَ حُمْرَانَ الْأَحْمَرِيَّ - وَهُوَ الَّذِي كَانَ ذَهَبَ بِهِ - فَرَدَّهُ، ثُمَّ أَشْخَصَهُ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه:«يَا أَخَا بَنِي نَهْدٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ لَحَقًّا، وَقَدْ كَانَتْ مِنِّي طِيَرَةٌ فَكَتَبْتُ إِلَى سَعِيدٍ آمُرُهُ أَنْ يَضْرِبَكَ عِشْرِينَ سَوْطًا، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، فَإِنْ شِئْتَ تَقْتَصُّ فَاقْتَصَّ» . قَالَ: أَقْتَصُّ. فَنَزَعَ عُثْمَانُ رضي الله عنه قَمِيصَهُ وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّوْطَ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرَكْتُ ذَلِكَ لِلَّهِ. فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ لَامَهُ

ص: 1143

قَوْمُهُ وَقَالُوا: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقْتَصَّ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالِي الْمُسْلِمِينَ أَقَادَ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ، أَقْتَصُّ مِنْهُ عِنْدَ تَوْبَتِهِ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ

ص: 1144

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ تَبِيعٍ قَالَ: تَجَهَّزَ نَاسٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه لِيُقَاتِلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ:«مَا سَعَى قَوْمٌ لِيُذِلُّوا سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا أَذَلَّهُمْ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا»

ص: 1144

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ - لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ رَجُلٌ خَيْرٌ مِنْهُ - قَالَ: حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ أَنَّهُ انْطَلَقَ إِلَى حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، وَذَلِكَ زَمَانَ خَرَجَ النَّاسُ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه ، فَقَالَ: يَا رِبْعِيُّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْمِكَ، هَلْ خَرَجَ مِنْهُمْ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَسَمَّى لَهُ نَفَرًا، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ خَرَجَ مِنَ الْجَمَاعَةِ - قَالَ أَبُو عَاصِمٍ مَرَّةً: - مُسْتَذِلًّا لِلْإِمَارَةِ - وَقَالَ مَرَّةً: - فَاسْتَذَلَّ الْإِمَارَةَ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا وَجْهَ لَهُ "

ص: 1144

حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: أَرَادَ النَّاسُ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه حِينَ أَنْكَرُوهُ، فَجَاءَتْ بَنُو عَبْسٍ إِلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 1145⦘

يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ عِصَابَةٍ تَسِيرُ إِلَى سُلْطَانٍ لِتُذِلَّهُ لَا يَكُونُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنٌ»

ص: 1144

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الْحُذَيْفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَارَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالَ حُذَيْفَةُ:«أَمَا إِنَّهُمْ إِنْ تَنَاوَلُوا مِحْجَمًا مِنْ دَمٍ ثَارَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ فَاسْتَبْدَلُوا بِذَلِكَ أَضْغَانًا وَأَهْوَاءً مُتَفَرِّقَةً وَذُلًّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ لِلَّهِ رِضًى فَسَيَسْتَحْلِبُونَ بِهِ لَبَنًا وَإِنْ َلْم يَكُنِ للَّهُ رِضًي فَسَيَسْتَحْلِبُونَ بِهِ دَمًا»

ص: 1145

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ قَادِمٍ قَاضِي الْمَدَائِنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ قَالَ: قَدِمَ نُهَارَةُ النَّخَعِيُّ أَبُو عَمْرِو بْنُ زُرَارَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدِ النَّخَعِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي طَرِيقٍ رُؤْيَا هَالَتْنِي. قَالَ: «مَا هِيَ» ؟ قَالَ: رَأَيْتُ أَتَانًا خَلَّفْتُهَا فِي أَهْلِي وَلَدَتْ جَدْيًا أَسْفَعَ أَحْوَى، ورَأَيْتُ نَارًا خَرَجَتْ مِنَ الْأَرْضِ فَحَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنٍ لِي يُقَالُ لَهُ: عَمْرٌو، وَهِيَ تَقُولُ: لَظَى لَظَى، بَصِيرٌ وَأَعْمَى. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ خَلَّفْتَ فِي أَهْلِكَ أَمَةً مُسِرَّةً حَمْلًا» ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَقَدْ وَلَدَتْ غُلَامًا، وَهُوَ ابْنُكَ» . قَالَ: «فَمَا بَالُهُ أَسْفَعُ أَحْوَى؟ ادْنُ مِنِّي أَبِكَ بَرَصٌ تَكْتُمُهُ؟» قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَلِمَهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ. قَالَ: «فَهُوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا النَّارُ فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ تَكُونُ بَعْدِي» . قَالَ: وَمَا الْفِتْنَةُ؟ قَالَ: «يَقْتُلُ النَّاسُ إِمَامَهُمْ ثُمَّ يَشْتَجِرُونَ اشْتِجَارَ أَطْبَاقِ الرَّأْسِ - وَخَالَفَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - دَمُ الْمُؤْمِنِ

ص: 1145

أَحَلُّ مِنَ الْمَاءِ، يَحْسَبُ الْمُسِيءُ أَنَّهُ مُحْسِنٌ، إِنَّ مِتَّ أَدْرَكَتِ ابْنَكَ، وَإِنْ مَاتَ ابْنُكَ أَدْرَكَتْكَ» . قَالَ: فَادْعُ اللَّهَ أَلَّا تُدْرِكَنِي، فَدَعَا لَهُ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، وَزَادَ فِيهِ: وَرَأَيْتُ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ عَلَيْهِ قُرْطَانِ وَدُمْلُوجَانِ وَمَسْكَتَانِ قَالَ: ذَلِكَ مَلِكُ الْعَرَبِ يَصِيرُ إِلَى أَفْضَلِ زِينَتِهِ وَبَهْجَتِهِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَأَيْتُ عَجُوزًا شَمْطَاءَ خَرَجَتْ مِنَ الْأَرْضِ. قَالَ: «تِلْكَ فِتْنَةُ الدُّنْيَا»

ص: 1146

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْهَمَذَانِيِّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ قَالَ:«أَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَى خَلْعِ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ»

ص: 1146

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مِنَ الْمَدِينَةِ حِينَ رَدَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه عُمَّالَهُ إِلَى أَمْصَارِهِمْ، فَكَانَ لَيِّنَ الْجَنَاحِ مُتَرَدِّدًا، مَرَّ بِرَجُلٍ يُحَرِّشُ بَيْنَ الْأَشْرَافِ، فَأَجْرَى الْخَيْلَ، فَسَبَقَهُ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ، فَغَضِبَ

⦗ص: 1147⦘

فَأَخَذَ خَيْلًا كَانَتْ لَهُ بِفَارِسَ، فَغَضِبَ حَكِيمٌ فَجَعَلَ يَعِيبُ عُثْمَانَ. وَرَزَقَ ابْنُ عَامِرٍ النَّاسَ طَعَامًا أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ فَتَغَيَّرَ، فَحَمَلَهُ قَوْمٌ إِلَى عُثْمَانَ وَشَكَوَا ابْنَ عَامِرٍ، فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ، فَتَغَيَّرَ النَّاسُ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه وَقَالُوا: عَزَلَ أَبَا مُوسَى وَوَلَّى ابْنَ عَامِرٍ

ص: 1146

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ خَرَجُوا إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه عَلَيْهِمْ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ، وَفِيهِمْ سَدُوسُ بْنُ عَبْسٍ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ يُقَالُ لَهُ: مَالِكٌ

ص: 1147