المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أمراء أهل مصر ومسيرهم إلى عثمان رضي الله عنه - تاريخ المدينة لابن شبة - جـ ٣

[ابن شبة]

فهرس الكتاب

- ‌حَبْسُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُطَيْئَةَ فِي هِجَائِهِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ

- ‌مَطْعَمُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌لِبَاسُ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌سِيرَةُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي عُمَّالِهِ

- ‌مَسِيرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى الشَّامِ

- ‌إِقَامَةُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُدُودَ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ

- ‌مُوَافَقَاتُهُ رضي الله عنه قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: «مَا نَزَّلَ اللَّهُ أَمْرًا قَطُّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ فِيهِ عُمَرُ إِلَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ عُمَرُ» وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي الْحِجَابِ، وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ»

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هَذَا مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ أَبِينَا» ؟ قَالَ: «بَلَى» ، قَالَ عُمَرُ: «فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ مُصَلًّى؟» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [

- ‌مُوَافَقُتُهُ فِي الْحِجَابِ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: " كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْجُبْ نِسَاءَكَ» ، قَالَتْ: «فَلَمْ يَفْعَلْ» وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ يَخْرُجْنَ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ فَرَآهَا

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي أَسْرَى بَدْرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيءَ بِالْأَسْرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ؟» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَخُذْ مِنْهُمْ فِدْيَةً تَكُونُ

- ‌مُوَافَقُتُهُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: " لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ تَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْلَى

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي الِاسْتِئْذَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: " وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: مَوْلَجُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقْتَ الظَّهِيرَةِ لِيَدْعُوَهُ فَدَخَلَ فَرَأَى عُمَرَ بِحَالَةٍ، فَكَرِهَ عُمَرُ رُؤْيَتَهُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَأَمْرُ الشُّورَى

- ‌وَفَاتُهُ رضي الله عنه

- ‌مَا سَنَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه مِنَ الْأَذَانِ الثَّانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌كِتَابَةُ الْقُرْآنِ وَجَمْعُهُ

- ‌بَابُ تَوَاضُعِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌كَلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي عُثْمَانَ رضي الله عنهما

- ‌مَا جَاءَ فِي كَفِّ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَنِ الْقِتَالِ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ عَلَى الْحَقِّ

- ‌الْحَرَكَةُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَأَوَّلُ الْوُثُوبِ عَلَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌أُمَرَاءُ أَهْلِ مِصْرَ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌حَرَكَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

الفصل: ‌أمراء أهل مصر ومسيرهم إلى عثمان رضي الله عنه

حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ سَمْعَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَامَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يُصَلِّي فِي اللَّيْلِ وَذَلِكَ حِينَ نَشِبَ النَّاسُ فِي الطَّعْنِ عَلَى عُثْمَانَ فَصَلَّى ، ثُمَّ نَامَ فَأُتِيَ فِي مَنَامِهِ فَقِيلَ لَهُ: قُمْ فَسَلِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكَ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي أَعَاذَ مِنْهَا صَالِحَ عِبَادِهِ فَفَعَلَ، وَاشْتَكَى لَيَالِيَ ، فَمَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ

ص: 1116

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:«لَقَدْ عَابُوا عَلَى عُثْمَانَ أَشْيَاءَ لَوْ فَعَلَهَا عُمَرُ مَا عَابُوهَا عَلَيْهِ»

ص: 1116

‌أُمَرَاءُ أَهْلِ مِصْرَ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

ص: 1116

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ أَنَّهُ قَامَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ بِمِصْرَ - وَذَاكَ عِنْدَ فِتْنَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، خَيْرُ

⦗ص: 1117⦘

النَّاسِ فِيهَا الْجُنْدُ الْغُزَّى» وَأَنْتُمُ الْجُنْدُ الْغُزَّى، فَجِئْتُكُمْ لِأَكُونَ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ، قَالَ اللَّيْثُ: فَكَانَ مَعَهُمْ فِي أَشَرِّ أُمُورِهِمْ

ص: 1116

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ عَلَى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا. فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: فَسَمِعْتُ اللَّيْثَ - يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ - يَقُولُ: لَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا لِلَّذِي كَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

ص: 1117

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَأَجَازَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. ثُمَّ طَعَنَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ: مَا جَعَلَ هَؤُلَاءِ أَحَقَّ بِالْمَالِ مِنِّي

ص: 1117

حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: رَكِبَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي سَفِينَةٍ قِبَلَ الشَّامِ زَمَنَ عُثْمَانَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ لِكَعْبٍ: كَيْفَ تَجِدُ نَعْتَ سَفِينَتِنَا هَذِهِ فِي التَّوْرَاةِ تَجْرِي غَدًا فِي الْبَحْرِ؟ فَقَالَ كَعْبٌ: يَا مُحَمَّدُ لَا تَسْخَرْ بِالتَّوْرَاةِ، فَإِنَّ التَّوْرَاةَ

⦗ص: 1118⦘

كِتَابُ اللَّهِ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ ذَاكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ. فَقَالَ: «لَا أَجِدُ سَفِينَتَنَا هَذِهِ مَنْعُوتَةً فِي التَّوْرَاةِ، وَلَكِنِّي أَجِدُ فِي بَعْضِ كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ فِتْنَةً قَدْ أَطَلَّتْ يَنْزُو فِيهَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ سِنٌّ شَاغِيَةٌ نَزْوَ الْحِمَارِ فِي الْقَيْدِ، فَاتَّقِ أَلَّا تَكُونَ ذَلِكَ الرَّجُلَ» . حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمِثْلِهِ وَقَالَ: يَثِبُ فِيهَا غُلَامٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَشْفَى الثَّنِيَّتَيْنِ فَيُؤْخَذُ فَيُضْرَبُ عُنُقُهُ، فَانْظُرْ أَلَّا تَكُونَ ذَاكَ ، فَكَانَ هُوَ

ص: 1117

حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَكِبَ كَعْبٌ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي سَفِينَةٍ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَا كَعْبُ، أَتَجِدُ جَرْيَ سَفِينَتِنَا فِي التَّوْرَاةِ؟ فَقَالَ كَعْبٌ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ التَّوْرَاةَ حَقٌّ، وَهِيَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَلَا تَسْتَهْزِئْ بِهَا. فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. فَقَالَ كَعْبٌ:«أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ اسْمُهُ اسْمُكَ أَشِرُ الثَّنَايَا يَحْجِلُ فِي الْفِتْنَةِ كَمَا يَحْجِلُ الْحِمَارُ فِي الْقَيْدِ، فَاحْذَرْ لَا يَكُونُ أَنْتَ هُوَ»

ص: 1118

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: غَزَا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ ذَاتَ الصَّوَارِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَمَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ فَكَانَا يَعِيبَانِ عُثْمَانَ، فَحَمَلَهُمَا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فِي سَفِينَةٍ مَعَ الْقِبْطِ ، ثُمَّ كُلِّمَ فِيهِمَا فَحَوَّلَهُمَا، فَلَمَّا رَجَعَ كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ أَشْخِصْ إِلَيَّ ابْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ عُثْمَانُ: «الْعَجَبُ لِابْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ، كَفَلْتُهُ

⦗ص: 1119⦘

وَرَبَّيْتُهُ، ثُمَّ هُوَ يُؤَلِّبُ النَّاسَ عَلَيَّ، اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَشْكُرْ بَلَائِي فَأْجُرْنِي مِنْهُ»

ص: 1118

حَدَّثَنَا صَلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ يَخْطُبُ ، وَكَانَ أَقْرَأَ النَّاسِ لِلْقُرْآَنِ فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«يَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْمٌ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» . قَالَ: لَئِنْ كُنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزْعُمُ أَنَّكَ. . . . . . لَكَذُوبٌ، إِنَّكَ مَا عَلِمْتُ لَمِنْهُمْ

ص: 1119

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ حَبِيبَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ لَقِيطٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ مَخْرَمَةَ قَالَ: لَمَّا انْتَزَى ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بِمِصْرَ ، فَخَلَعَ

⦗ص: 1120⦘

عُثْمَانَ دَعَا النَّاسَ إِلَى أُعْطِيَاتِهِمْ، فَأَبَيْتُ أَنْ آخُذَ مِنْهُ، قَالَ: ثُمَّ رَكِبْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَصِرْتُ إِلَى عُثْمَانَ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ ابْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ إِمَامٌ حَلَا لَهُ كَمَا عَلِمْتَ، وَإِنَّهُ انْتَزَى عَلَيْنَا بِمِصْرَ ، فَدَعَانَا إِلَى أُعْطِيَاتِنَا، فَأَبَيْتُ أَنْ آخُذَ مِنْهُ. فَقَالَ:«عَجَزْتَ إِنَّمَا هُوَ حَقُّكَ، عَجَزْتَ إِنَّمَا هُوَ حَقُّكَ»

ص: 1119

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُحَيْفٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَحُبَابِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَا: كَتَبَ أَهْلُ مِصْرَ إِلى عُثْمَانَ: فِي الْمَلَأِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُبْتَلَى ، أَمَّا بَعْدُ: فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْنَا وَعَلَيْكَ وَاتَّخَذَ عَلَيْنَا فِيمَا آتَاكَ الْحُجَّةَ، وَإِنَّا نُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي مَوَاقِعِ السَّحَابِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ أَنْ تُحِلَّ مَا شِئْتَ مِنْهُ بِقَوْلِكَ وَتُحَرِّمَ مَا شِئْتَ مِنْهُ بِقَوْلِكَ، وَنُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي الْحُدُودِ، أَنْ تُعَطِّلَهَا فِي الْقَرِيبِ وَتُقِيمَهَا فِي الْبَعِيدِ، فَإِنَّ سُنَّةَ اللَّهِ وَاحِدَةٌ، وَنُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أَقْوَامٍ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ لِيَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ، نَصَحُوا لَكَ فَاغْتَشَشْتَ نَصِيحَتَهُمْ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ - وَقَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ فَنُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَنَنْهَاكَ عَنِ

ص: 1120

الْمَعْصِيَةِ، فَإِنَّكَ تَدَّعِي عَلَيْنَا الطَّاعَةَ، وَكِتَابُ اللَّهِ يَنْطِقُ: وَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ، فَإِنْ تُعْطِ اللَّهَ الطَّاعَةَ نُؤَازِرْكَ وَنُوَقِّرْكَ ، وَإِنْ تَأْبَ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ تُرِيدُ هَلَكَتَنَا وَهَلَكَتَكَ، فَمَنْ يَمْنَعُنَا مِنَ اللَّهِ إِنْ أَطَعْنَاكَ وَعَصَيْنَاهُ وَأَنْتَ الْعَبْدُ الْمَيِّتُ الْمُحَاسَبُ، وَاللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الَّذِي لَا يَمُوتُ

ص: 1121

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى أَهْلِ مِصْرَ: " أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ الَّذِي عَلَّمَكُمُ الْإِسْلَامَ، وَهَدَاكُمْ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَأَنْقَذَكُمْ مِنَ الْكُفْرِ، فَإِنَّهُ قَالَ:{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [المائدة: 7]، وَقَالَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، وَقَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ} [آل عمران: 77] لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَقَالَ:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91]، وَقَالَ:{وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، وَقَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ، يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ، فَمَنْ نَكَثَ} [الفتح: 10] فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ رَضِيَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، وَحَذَّرَكُمُ الْمَعْصِيَةَ وَالْفُرْقَةَ، وَأَنْبَأَكُمْ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ

⦗ص: 1122⦘

مَنْ قَبْلَكُمْ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهِ لِتَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ، فَاقْبَلُوا وَصِيَّةَ اللَّهِ، وَاحْذَرُوا عَذَابَهُ، فَإِنَّكُمْ لَمْ تَجِدُوا أُمَّةً هَلَكَتْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ تَخْتَلِفَ فَلَا يَكُونُ لَهَا رَأْسٌ يَجْمَعُهَا، وَمَتَى تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَا تَكُنْ لَكُمْ صَلَاةُ جَمَاعَةِ، وَيُسَلَّطُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَكُونُوا شِيَعًا. وَقَالَ اللَّهُ:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: 159] لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ "

ص: 1121

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ رضي الله عنه عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ رضي الله عنهما فَقَالَ: «يَا أَبَا الْيَقْظَانِ إِنَّ لَكَ سَابِقَةً وَقِدْمًا، وَقَدْ عَرَفَكَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَقَدِ اسْتَمْرَحَ أَهْلُ مِصْرَ وَاسْتَعْلَى أَمْرُهُمْ وَبَغْيُهُمْ عَلَيَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَبْعَثَكَ إِلَيْهِمْ فَتُعْتِبَهُمْ مِنْ كُلِّ مَا عَتَبُوا، وَتَضْمَنَ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَتَقُولَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْشُرَ الْحُسْنَى، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْفِئَ بِكَ ثَائِرَةً، وَيُلِمَّ بِكَ شَعْثًا، وَيُصْلِحَ بِكَ فَسَادًا» . وَأَمَرَ لَهُ بِحِمْلَانٍ وَنَفَقَةٍ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقًا مَا أَقَامَ عِنْدَهُ. فَخَرَجَ عَمَّارٌ إِلَى مِصْرَ وَهُوَ عَاتِبٌ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَأَلَّبَ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَأَشْعَلَ أَهْلَ مِصْرَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَكَتَبَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه: إِنَّ عَمَّارًا قَدِمَ عَلَيْنَا فَأَظْهَرَ الْقَبِيحَ، وَقَالَ مَا لَا يَحِلُّ

ص: 1122

حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ إِلَى عُثْمَانَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ بَعَثْتَ قَوْمًا لِيَقُومُوا بِضَرَرِكَ ، وَإِنَّهُمْ يُحَرِّضُونَ عَلَيْكَ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْذَنَ لِي فِي ضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ فَلْيَفْعَلْ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ رضي الله عنه:«بِئْسَ الرَّأْيُ رَأَيْتَ يَا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ حَتَّى تَسْتَأْذِنَ فِي قَتْلِ قَوْمٍ فِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ أَنَا بِقَضَاءِ اللَّهِ أَرْضَى مِنْ أَنْ آذَنَ لَكَ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمْ مَا صَحِبُوكَ، فَإِذَا أَرَادُوا فَأَحْسِنْ جِهَازَهُمْ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَأْتِيَنِي عَنْكَ خِلَافُ مَا كَتَبْتُ بِهِ إِلَيْكَ»

ص: 1123

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي أَبِي إِلَى عَمَّارٍ رضي الله عنه حِينَ قَدِمَ مِنْ مِصْرَ وَبَلَغَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، فَأَتَيْتُهُ فَقَامَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ مِنْ شَعْرٍ ، مُعْتَمٌّ عَلَيْهَا بِعِمَامَةٍ وَسِخَةٍ، وَعَلَيْهِ

⦗ص: 1124⦘

جُبَّةُ فِرَاءٍ يَمَانِيَةٌ، فَأَقْبَلَ مَعِي حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ:«يَا أَبَا الْيَقْظَانِ إِنْ كُنْتَ عِنْدَنَا لَمِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ، وَكُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا، فَمَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ سَعْيِكَ فِي فَسَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّأْلِيبِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟» ، فَأَهْوَى عَمَّارٌ بِعِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا عَنْ رَأْسِهِ. فَقَالَ:«وَيْحَكَ يَا عَمَّارُ أَحِينَ كَبِرَتْ سِنُّكَ وَنَفِدَ عُمْرُكَ وَاقْتَرَبَ أَجَلُكَ خَلَعْتَ بَيْعَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقَكَ وَخَرَجْتَ مِنَ الدِّينِ عُرْيَانًا» ، فَقَامَ عَمَّارٌ مُغْضَبًا وَهُوَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتْنَةِ ، فَقَالَ سَعْدٌ:" {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49] أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطْتَ يَا عَمَّارُ "

ص: 1123

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ عَمَّارًا قَالَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه: «أَلَا تَخْرُجُ مَعَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ ، فَقَدْ خَرَجَ فِيهِ مَنْ لَيْسَ بِدُونِكَ؟» فَقَالَ سَعْدٌ: إِنْ جِئْتُمُونِي بِسَيْفٍ يَنْبُو عَنِ الْمُؤْمِنِ وَيُجِيرُ عَلَى الْكَافِرِ فَعَلْتُ، فَقَالَ عَمَّارٌ مِثْلَ قَوْلِ سَعْدٍ، ثُمَّ قَالَ:«كَأَنَّكَ أَفْضَلُ مِمَّنْ خَرَجَ فِيهِ؟» فَقَالَ سَعْدٌ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَمَوَدَّةٌ عَلَى دَخَنٍ أَمْ صَرْمٌ جَمِيلٌ؟ قَالَ عَمَّارٌ:«بَلْ صَرْمٌ جَمِيلٌ» . قَالَ سَعْدٌ: فَهُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ كَلَّمْتُكَ مِنْ رَأْسِي مَا حَيِيتُ

ص: 1124

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ

ص: 1124

الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَمَّارٌ رضي الله عنه مِنْ مِصْرَ فَحَرَّكَ أَهْلَ مِصْرَ وَقَالُوا: سَيَّرَ عَمَّارٌ، وَصَرَفَ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ فِيهِمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى السَّيْرِ فَأَجَابُوهُ فَخَرَجَ سِتُّمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَجَعَلُوا أَمْرَهُمْ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْهُمْ رُؤَسَاءَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ التُّجِوبِيُّ، وَجِمَاعُ أَمْرِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ ، وَيُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ، وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلْقَمَةُ فَتَسَمَّى عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ مَعَهُمْ عُرْوَةُ بْنُ شُتَيْمٍ اللَّيْثِيُّ، وَأَبُو رُومَانَ الْأَسَدِيُّ، وَسَوْدَانُ بْنُ عمْرَانَ التُّجِوبِيُّ، وَأَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْعُمْرَةَ ، فَسَارُوا قُرْبَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

[البحر الرجز]

خَرَجْنَ مِنْ أَلْيُونَ بِالصَّعِيدِ

مُسْتَحْقِبَاتٍ حِلَقَ الْحَدِيدِ

يَطْلُبْنَ حَقَّ اللَّهِ فِي الْوَلِيدِ

وَفِي ابْنِ عَفَّانَ وَفِي سَعِيدِ

فَقَدِمُوا فَنَزَلُوا بِذِي خُشُبٍ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ لِعَمَّارٍ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ أَلَا تَخْرُجُ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَتَرُدُّهُمْ وَتَنْهَاهُمْ عَنِ الْبَغْيِ؟ وَجَاءَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ يَسْمَعُ كَلَامَهُمَا فِي فُرْجَةٍ فِي الْبَابِ ، وَفَطِنَ لَهُ عَمَّارٌ ، فَقَامَ إِلَيْهِ مُغْضَبًا بُعَكَّازٍ فَوَلَّى كَثِيرٌ، وَقَالَ عَمَّارٌ: وَأَمَّا وَاللَّهِ لَوْ ثَبَتَّ لَفَقَأْتُ عَيْنَكَ. وَغَضِبَ فَقَالَ: لَا أَرُدُّهُمْ عَنْهُ، وَتَمَثَّلَ:

[البحر الطويل]

أَبَتْ كَبِدِي لَا أُكْرِهَنْكَ قِتَالَهُمْ

عَلَيَّ وَتَأْبَاهُ عَلَيَّ أَنَامِلِي

وَكَيْفَ قِتَالِي مَعْشَرًا يَأْذُنُونَكُمْ

عَنِ الْحَقِّ أَنْ لَا يَأْشِبُوهُ بِبَاطِلِ

ص: 1125

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: أَرْسَلُونِي بِذِي خُشُبٍ وَقَالُوا: اسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاجْعَلْ عَلِيًّا فِي آخِرِ مَنْ تَسْأَلُ. قَالَ: فَسَأَلْتُ ، فَكُلُّهُمْ يَأْمُرُنِي بِالْقُدُومِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«لَكِنِّي لَا آمُرُهُمْ، فَإِنْ فَعَلُوا فَبَيْضٌ فَلْيُفْرِخْ»

ص: 1126

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ وَزِيَادًا مَرَّا عَلَى أَهْلِ مِصْرَ بِذِي خُشُبٍ فَقَالَ لَهُمْ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أُبَلِّغَ عَنْكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَأَزْوَاجَهُ؟ فَأَرْسَلُوهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَزْوَاجِهِ، وَاسْتَشَارُوهُمْ فِي الْقُدُومِ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَأَمَرُوهُمَا أَنْ يَجْعَلَا عَلِيًّا رضي الله عنه مِنْ آخِرِ مَنْ يَأْتِيَانِهِ فَيَسْتَعْتِبُونَهُ ، فَإِنْ أَعْتَبَهُمْ فَهُوَ الَّذِي يُرِيدُونَ، فَأَمَّا عَلِيٌّ رضي الله عنه ، فَقَالَ لَهُمَا: هَلْ أَتَيْتُمَا أَحَدًا قَبْلِي؟ قَالَا: نَعَمْ، أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَكَ. قَالَ: فَمَا أَمَرُوهُمْ؟ قَالَا: أَمَرُوهُمْ بِالْقُدُومِ. قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: «لَكِنْ لَا آمُرُهُمْ بِالْقُدُومِ، وَلَكِنْ لِيَبْعَثُوا إِلَيْهِ مِنْ مَكَانِهِمْ فَلْيَسْتَعْتِبُوهُ، فَإِنْ أَعْتَبَهُمْ فَهُوَ الَّذِي يُرِيدُونَ، وَإِنْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَقْدَمُوا فَبَيْضٌ فَلْيَفْرِخُوهُ، فَبَيْضٌ فَلْيَفْرِخُوهُ»

ص: 1126

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما: كُنْتُ أَمْشِي

⦗ص: 1127⦘

مَعَ أَبِي فَلَقِيَنَا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: إِنِّي لَا أَظُنُّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ إِلَّا قَادِمِينَ فَمَا تَرَى؟ قَالَ: «إِنِّي أَرَى أَنْ تُحْبَسَ فِي بَيْتِكَ وَلَا تَكُفَّهُمْ وَلَا تُرْشِدْهُمْ» . قَالَ: هُوَ رَأْيٌ، وَمَضَى، فَقُلْتُ لِأَبِي: وَاللَّهِ لَيُعِينَنَّهُمْ وَلَيُرْشِدَنَّهُمْ وَلَيَسْتَعِينَنَّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ

ص: 1126

حَدَّثَنَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ يَذْكُرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَأَبِي نَهْوِي نَحْوَ الْبَقِيعِ إِذَا مُنَادٍ يُنَادِي أَبِي مِنْ وَرَائِهِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَتَشَرَّبْتُ لَهُ - يَعْنِي تَحَرَّفْتُ لَهُ - فَقَالَ أَبِي: إِنَّهُ أَبُو الْحَسَنِ لَا أُمَّ لَكَ. فَجَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: «أَلَا تَرَى مَا يَلْقَى عُثْمَانُ رضي الله عنه؟»

ص: 1127

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُؤَدِّبٌ وَلَدُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ دَأْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «مَا ذَاكَرَنِي عَلِيٌّ رضي الله عنه شَيْئًا مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه حَتَّى حَضَرَ أَهْلُ مِصْرَ وَأَرْسَلَ إِلَيَّ» ، فَقَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ فِي هَذَا الْأَمْرِ، مَا الرَّأْيُ لِي فِيهِ؟ فَقُلْتُ: " إِنَّكَ قَدْ عَمَّيْتَ عَلَيَّ فِي أَمْرِكَ، فَلَسْتُ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ وَسَأُشِيرُ عَلَيْكَ مَشُورَةً لَا أَكْشِفُ فِيهَا مَا سَتَرْتَ عَنِّي، إِنْ كُنْتَ تَطْمَعُ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَإِنَّ مَعَكَ مَنْ يَطْمَعُ فِيهِ مِثْلَ طَمَعِكَ وَيَدَّعِي فِيهِ مِثْلَ حَظِّكَ، فَإِنْ أَنْتَ أَشْرَفْتَ لِنَفْسِكَ أَشْرَفَ عَلَيْهِ يَعْذِرُوهُ وَيَصُدُّوهُ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ بَعْدُ، كَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ قَبْلُ، فَإِنْ رَأَوْا أَنَّكَ رَافِضٌ لِلْأَمْرِ كَفَوْكَ الْمَؤُونَةَ، وَوَلَّوْا نَسِيًّا يَكْفِيكَ، ثُمَّ تَكُونُ مِنْهُ حَيْثُ تَرَى وَرَأْيِي لَكَ: قَدْ سَبَقَكَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ رَجُلَانِ لَنْ تَعْمَلَ أَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِمَا إِنْ وَلِيتَ مَا وَلِيَاهُ، وَاتِّبَاعُ عَمَلِهِمَا بِمِثْلِ عَمَلِهِمَا شَيْءٌ

ص: 1127

هُوَ لَهُمَا دُونَكَ، وَقَدْ أَشْرَفَ. . . . . غَيْرُكَ مِنْ شَاهِدٍ لَكَ وَغَائِبٍ عَنْكَ، وَوَاللَّهِ لَئِنْ قُتِلَ عُثْمَانُ لَيَلْتَبِسَنَّ هَذَا الْأَمْرُ الْتِبَاسًا لَا يَتَخَلَّصُ لَكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ حَتَّى تَمُوتَ، فَإِمَّا يُلْبِسُهُ لَكَ مِنْ وَلِيَهُ بِكَ وَإِمَّا صَارَ لِغَيْرِكَ، فَأَرَى أَنْ تَرْفُضَهُ رَفْضًا صَحِيحًا لَا تُسِرُّ فِيهِ وَلَا تُعْلِنُ ". قَالَ: فَرَغْتَ فَحَسْبُكَ

ص: 1128

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: نَزَلَ الْمِصْرِيُّونَ بِذِي خُشُبٍ، فَبَعَثَ عُثْمَانُ رضي الله عنه رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَعْطِهِمْ مَا سَأَلُوكَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: إِنِّي لَا آمَنُ الَّذِي بَعَثْتَ، فَإِنْ أَذِنْتَ لِي اتَّبَعْتُهُ ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمُ الرَّجُلُ فَرَآهُمْ فِي هَيْئَةٍ رَثَّةٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَدِمْتُمْ بِمَا أَرَى مِنْ سُوءِ الْحَالِ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فِي سُودَانِهِ وَحُمْرَانِهِ، مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ. فَرَجَعَ الْمَخْزُومِيُّ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَأَخْبَرَهُ فَقُلْ: إِنَّهُ لَحَرِيصٌ لَا بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيمَا يُؤَمِّلُ عَلَى مَا يَبْلُغُنَا وَقَدْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَنَالُهَا أَبَدًا»

ص: 1128

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ: جَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِلَى أَهْلِ مِصْرِ وَهُمْ فِي قُبَّةٍ لَهُمْ فَقَالَ: «جِئْتُمُونِي أَكَلَةَ رَأْسٍ، إِنَّكُمْ لَا طَاقَةَ لَكُمْ بِحُمْرَانِ عُثْمَانَ وَلَا سُودَانِهِ، ارْجِعُوا فَاسْتَوْثِقُوا وَتَعَالَوْا، خَيَّرَ بِذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَضْلِ عَمَّنْ كَانَ وَرَاءَ الْقُبَّةِ»

ص: 1128

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ نَضْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمُ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

⦗ص: 1129⦘

مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه فَقَالَ: " إِنَّ رَكْبًا نَزَلُوا ذَا الْحُلَيْفَةِ وَإِنِّي خَارِجٌ إِلَيْهِمْ، فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ فَلْيَخْرُجْ قَالَ: فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ - يَعْنِي أَبَا سَعِيدٍ - قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ فَإِذَا هُمْ فِي حَظَائِرَ سُقُفٍ أَبْصَرْنَاهُمْ مِنْ خِلَالِ الْحَائِطِ، وَإِذَا شَابٌّ قَاعِدٌ فِي حِجْرِهِ الْمُصْحَفُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَأَيْتَ: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] " فَقَالَ: «إِنَّ عُمَرُ رضي الله عنه حَمَى حِمًى، وَإِنَّ الصَّدَقَةَ زَادَتْ فَزِدْتُ فِي الْحِمَى، فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَرْعَى فَلْيَرْعَ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ» . فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَحْسَنْتَ. ثُمَّ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ عَلَى بَيْتِ اللَّهِ إِذْنٌ؟ قَالَ:«كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَأْيِكُمْ فَقَدْ أَذِنَّا لِلنَّاسِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ فَلْيَحُجَّ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ» . فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ أَحْسَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - فِي خِصَالٍ سَأَلُوهُ عَنْهَا فَتَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُونَ: قَدْ أَحْسَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - قَالَ: «فَانْفِرُوا وَتَفَرَّقُوا» ، ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ:«مَا رَأَيْتُ رَكْبًا كَانُوا فِي نَفْسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَيْرًا مِنْ هَؤُلَاءِ الرَّكْبِ، وَاللَّهِ إِنْ قَالُوا إِلَّا حَقًّا وَإِنْ سَأَلُوا إِلَّا حَقًّا» . فَرَجَعُوا إِلَيْهِ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ:«مَا رَجَّعَكُمْ إِلَيَّ بَعْدَ إِعْطَائِكُمُ الْحَقَّ؟» قَالُوا: كِتَابُكَ. قَالَ: «وَيْلَكُمْ لَا تُهْلِكُوا أَنْفُسَكُمْ وَتُهْلِكُوا أُمَّتَكُمْ، وَاللَّهِ إِنْ كَتَبْتُهَا وَلَا أَمْلَيْتُهَا» . فَقَالَ الْأَشْتَرُ: إِنِّي وَاللَّهِ أَسْمَعُ حَلِفَ رَجُلٍ مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ مُكِرَ بِهِ وَمُكِرَ بِكُمْ قَالَ

⦗ص: 1130⦘

: فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَوَطِئُوهُ حتَّى ثَقُلَ ثِقَلًا قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: أَفِيمَ قَتْلُكُم تَرَكْتُمُوهُ وَهُوَ فِي خَطِيئَتِهِ. . . . . تَطَهَّرَ مِنْهَا قَتَلْتُمُوهُ فجَعَلُوا يُقَرِّعُونَهُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى سَقَطَ لِجَنْبِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: هَلُمَّ فَاقْتُلُونِي فَلَقَدْ أَصَابَتْ أُمِّي اسْمِيَ إِذَنْ إِذْ سَمَّتْنِي سَعْدًا. وَأَقْبَلَ الْأَشْتَرُ فَنَهَاهُمْ وَقَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ اتَّخَذْتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ بُدْنًا؟ وَخَرَجَ سَعْدٌ يَدْعُو وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي فَرَرْتُ بِدِينِي مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَنَا أَفِرُّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ»

ص: 1128

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ لَاحِقٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ تَدْمُرَ - وَهِيَ قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ - قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ إِذَا أَنَا بِرَكْبٍ يَسِيرُونَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ رَاكِبٌ فَدَنَوْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ. فَنَهَرْتُ دَابَّتِي فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: مَاذَا صَنَعْتُمْ؟ قَالَ: «أَتَعْجَبُ؟ كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِهَا مَوْلِدِي وَدَارِي وَمَالِي، فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَاتَّبَعْتُهُ وَآمَنْتُ بِهِ، فَمَكَثْتُ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْهَا فِرَارًا بِدِينِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ لِي بِهَا أَهْلًا وَمَالًا

⦗ص: 1131⦘

، وَأَنَا الْيَوْمَ فَارٌّ بِدِينِي مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ كَمَا فَرَرْتُ بِدِينِي مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ»

ص: 1130

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: «شَهِدْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَهُوَ يُقْتَلُ بِالدَّارِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما وَهُوَ يُضَارِبُ عَنْهُ حَتَّى جُرِحَ فَرُفِعَ مِنْ بَنِي زَمْعَةَ جَرِيحًا»

ص: 1131

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَالْأَصْمَعِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا كِنَانَةُ مُولِي صَفِيَّةَ قَالَ: «كُنْتُ فِيمَنْ يَحْمِلُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما جَرِيحًا مِنْ دَارِ عُثْمَانَ رضي الله عنه»

ص: 1131

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما بَعْدَ مَا قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُمْ - يَعْنِي لِقَتَلَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه «لَا مَرْحَبًا بِالْوُجُوهِ وَلَا أَهْلًا، مَشَائِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ فَتَقَ فِيهَا الْفَتْقَ الْعَظِيمَ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا عَزْمَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْنَا لَكَانَ الرَّأْيُ فِيكُمْ ثَابِتًا»

ص: 1131

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالُوا: جَاءَ قَوْمٌ يَطْلُبُونَ عَلِيًّا بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَسَأَلُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما: أَيْنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: " فِي حَشِّ كَوْكَبٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يَعْنِي عُثْمَانَ رضي الله عنه "

ص: 1131

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهُذَيْلُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزَّرَّادِ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الْحَمَّامِ وَرَجُلَيْنِ آخَرَيْنِ وَعَلَى الْحَسَنِ رضي الله عنه النُّورَةُ، وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ فَتَنَفَّسَ فَقَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ» ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَمَا إِنَّهُمُ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُ، فَقَالَ: قَتَلَهُ مَنْ قَتَلَهُ، «لَعَنَ اللَّهُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ» ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " أَنَا وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47] " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:. . . . . عُثْمَانَ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَوَجَدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَاقِفًا عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَقِيلَ:. . . .

ص: 1132

حَدَّثَنَا. . . . .، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه وَعَلَيْهِمْ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ، وَفِيهِمْ سَدُوسُ بْنُ عِيسَى وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ يُقَالُ لَهُ: مَالِكٌ، كَانَ حَكِيمٌ وَمَالِكٌ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ

ص: 1132

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُولِي أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعَ عُثْمَانُ رضي الله عنه أَنَّ وَفْدًا مِنْ أَهْلِ

⦗ص: 1133⦘

مِصْرَ قَدْ أَقْبَلُوا فَاسْتَقْبَلَهُمْ، فَكَانَ فِي قَرْيَةٍ لَهُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ - أَوْ كَمَا قَالَ - فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ أَقْبَلُوا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ - أَرَاهُ قَالَ: وَكَرِهَ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ - فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: «ادْعُ بِالْمُصْحَفِ» ، فَدَعَا بِالْمُصْحَفِ، فَقَالُوا لَهُ:«افْتَتِحِ السَّابِعَةَ -» قَالَ: وَكَانُوا يُسَمُّونَ سُورَةَ يُونُسَ السَّابِعَةَ - فَقَرَأَهَا حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] قَالُوا لَهُ: «قِفْ أَرَأَيْتَ مَا حَمَيْتَ مِنَ الْحِمَى آللَّهُ أَذِنَ بِهِ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرِي؟» قَالَ: «أَمْضِهِ، نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، وَأَ مَا الْحِمَى فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه حَمَى حِمًى قَبْلُ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا وَلِيتُ زَادَتْ إِبِلُ الصَّدَقَةِ فَزِدْتُ فِي الْحِمَى لَمَّا زَادَتْ، أَمْضِهْ» . قَالَ: فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَهُ بِالْآيَةِ، فَيَقُولُ:«أَمْضِهْ نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا» ، قَالَ: وَالَّذِي يَلِي كَلَامَ عُثْمَانَ يَوْمَئِذٍ فِي سِنِّكَ، قَالَ أَبُو نَضْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو سَعِيدٍ: وَأَنَا فِي سِنِّكَ يَوْمَئِذٍ. قَالَ: وَلَمْ يَخْرُجْ وَجْهِي يَوْمَئِذٍ. قَالَ: وَلَا أَدْرِي لَعَلَّهُ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً - ثُمَّ أَخَذُوهُ بِأَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا مَخْرَجٌ، فَقَالَ:«أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ» . وَقَالَ لَهُمْ: «مَا تُرِيدُونَ؟» فَأَخَذُوا مِيثَاقَهُ - قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَكَتَبُوا عَلَيْهِ شَرْطًا، وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَشُقُّوا عَصًا وَلَا يُفَارِقُوا جَمَاعَةً مَا قَامَ لَهُمْ بِشَرْطِهِمْ - أَوْ كَمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ - قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ: «وَمَا تُرِيدُونَ؟» قَالُوا: نُرِيدُ أَلَّا يَأْخُذَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَطَاءً. قَالَ: «إِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ، وَلِهَذِهِ الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» . قَالَ

⦗ص: 1134⦘

: فَرَضُوا وَأَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ رَاضِينَ، فَقَالَ: فَخَطَبَ فَقَالَ: «إِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ وَافِدًا فِي الْأَرْضِ هُمْ خَيْرٌ لَحَوْباتِي مِنْ هَذَا الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيَّ، أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ فَلْيَلْحَقْ بِزَرْعِهِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ضَرْعٌ فَلْيَحْتَلِبْهُ، أَلَا إِنَّهُ لَا مَالَ لَكُمْ عِنْدَنَا، إِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ، وَلِهَذِهِ الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» . قَالَ: فَغَضِبَ النَّاسُ وَقَالُوا: هَذَا مَكْرُ بَنِي أُمَيَّةَ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْوَفْدُ الْمِصْرِيُّونَ رَاضِينَ

ص: 1132

حَدَّثَنَا أَبُو مُطَرِّفِ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرٌ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنَا عُثْمَانُ رضي الله عنه خَمْسِينَ رَاكِبًا، أَمِيرُنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَكَلَّمَ أَهْلَ مِصْرَ، فَإِذَا رَجُلٌ فِي عُنُقِهِ مُصْحَفٌ مُتَقَلِّدٌ سَيْفًا تَذْرِفُ عَيْنَاهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَأْمُرُنَا أَنْ نَضْرِبَ بِهَذَا عَلَى مَا فِي هَذَا. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: اجْلِسْ، فَنَحْنُ ضَرَبْنَا بِهَذَا عَلَى مَا فِي هَذَا قَبْلَ أَنْ تُولَدَ. فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُمْ حَتَّى رَجَعُوا قَالَ جَابِرٌ: فَسَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ: أَمَا وَاللَّهِ لَيُوشِكُ أَنْ يَرْجِعَ. قَالَ عَمْرٌو: فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ وَجَدُوا كِتَابًا إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 1134

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، صَاحِبُ الْكَرَا. . . . .، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ

ص: 1134

، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ الرَّكْبُ مِنْ مِصْرَ دَعَانِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ: «يَا جَابِرُ الْقَ هَؤُلَاءِ الرَّكْبَ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْنَعُ مَاذَا؟ قَالَ: «أَعْطِهِمْ عَلَى الْحَقِّ» ، وَأَنْ أَرْجِعَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ كَرِهَتْهُ الْأُمَّةُ. قَالَ: قُلْتُ: وَأُعْطِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ عَهْدًا وَمِيثَاقًا؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: عَلَى أَنْ تُرَدَّ كُلَّ مَنْفِيٍّ، وَتُعْطِيَ كُلَّ مَحْرُومٍ، وَيُقَامَ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ. قَالَ: فَرَكِبْتُ فَلَقِيتُ الْقَوْمَ سَحَرًا بِذِي خُشُبٍ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا السَّلَامَ، وَقَالُوا: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ. قَالُوا: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِصَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: مَا جَاءَ بِكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ؟ فَانْبَرَى إِلَيَّ مِنْهُمْ فَتًى أَمْرَدُ فَاسْتَخْرَجَ الْمُصْحَفَ ثُمَّ سَلَّ السَّيْفَ فَقَالَ: جِئْنَا نَضْرِبُ بِهَذَا عَلَى مَا فِي هَذَا. قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه فَقُلْتُ: نَحْنُ ضَرَبْنَا بِهِ عَلَى مَا فِيهِ قَبْلَ أَنْ تُولَدَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ. قَالَ: فَنَزَلْنَا فَنَشَرْنَا الْمُصْحَفَ نَتَجَادَلُ بِالْقُرْآنِ حَتَّى أَصْبَحْنَا. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الْأَنْصَارِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ تَجَادَلُوا بِالْقُرْآنِ حَتَّى أَرْمَضَتْهُمْ حِجَارَةُ الْجَبَلِ يُرْمَوْنَ بِهَا حَتَّى تَحَوَّلُوا إِلَى مَكَانٍ تَبَاعَدُوا فِيهِ مِنَ الْجَبَلِ. قَالَ: فَقَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: اصْطَلَحْنَا عَلَى الْحَقِّ، عَلَى أَنْ نَرُدَّ كُلَّ مَنْفِيٍّ، وَنُعْطِيَ كُلَّ مَحْرُومٍ، وَنَعْمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَامَّةِ. قَالَ: فَرَدَّ عَنْهُمْ لِيَنْصَرِفُوا ، فَقَالُوا: بَلْ نَأْتِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَنُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَنَسْتَلُّ سَخِيمَتَهُ وَنَأْتِي مَا سَرَّهُ. قُلْتُ: فَعَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ

ص: 1135

فَرَجَعْتُ بِسَبَبِهِمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ:«مَا وَرَاءَكَ يَا جَابِرُ؟» قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَعْطَيْتُهُمُ الَّذِي أَمَرْتَنِي فَرَضُوا وَأَرَادُوا الرُّجُوعَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ بَدَا لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَيْكَ وَيَسْتَلُّوا سَخِيمَةً إِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِكَ. قَالَ: فَدَخَلُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، وَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْقَوْمُ

ص: 1136

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَدِمَ الْمِصْرِيُّونَ فَلَقَوْا عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَالَ: «مَا الَّذِي تَنْقِمُونَ؟» قَالُوا: تَمْزِيقَ الْمَصَاحِفِ. قَالَ: " إِلَى النَّاسِ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَةِ خَشِيَ عُمَرُ رضي الله عنه الْفِتْنَةَ ، فَقَالَ: مَنْ أَعْرَبُ النَّاسِ؟ فَقَالُوا: سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ. قَالَ: فَمَنْ أَخَطُّهُمْ؟ قَالُوا: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. فَأَمَرَ بِمُصْحَفٍ فَكُتِبَ بِإِعْرَابِ سَعِيدٍ وَخَطِّ زَيْدٍ، فَجَمَعَ النَّاسَ ثُمَّ قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ بِالْمَوْسِمِ ، فَلَمَّا كَانَ حَدِيثًا كَتَبَ إِلَى حُذَيْفَةَ: إِنَّ الرَّجُلَ يُلْقِي الرَّجُلَ فَيَقُولُ: قُرْآنِي أَفْضَلُ مِنْ قُرْآنِكَ حَتَّى يَكَادَ أَحَدُهُمَا يُكَفِّرُ صَاحِبَهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَمَرْتُ النَّاسَ بِقِرَاءَةِ الْمُصْحَفِ الَّذِي كَتَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، وَهُوَ هَذَا الْمُصْحَفُ، وَأَمَرَتُهُمْ بِتَرْكِ مَا سِوَاهُ، وَمَا صَنَعَ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ. وَمَا تَنْقِمُونَ؟ " قَالُوا: حَمَيْتَ الْحِمَى. وَذَكَرُوا أَهْلَ الْبَوَادِي وَمَا يَلْقَوْنَ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فِيهِ بَعِيرًا لِآلِ أَبِي الْعَاصِ فَهُوَ لَكُمْ. وَمَا تَنْقِمَونَ أَيْضًا؟» قَالُوا: تَعْطِيلَ الْحُدُودِ. قَالَ: «وَأَيَّ حَدٍّ عَطَّلْتُ؟ وَمَا وَجَبَ حَدٌّ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا أَقَمْتُهُ عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ

⦗ص: 1137⦘

مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ تَلْقَوْا غَدًا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَلَسْتُمْ مِنْهُ فِي شَيْءٍ»

ص: 1136

حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَاسْتَشَارَهُمْ ، فَقَامَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه ، فَقَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَا أَعْلَمُ أَظَلَّ يَوْمًا أَوْ بَاتَ لَيْلَةً إِلَّا وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَكَذَلِكَ، وَصَحِبْتُ أَبِي فَكَذَلِكَ، وَقَدْ رَأَيْتُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الطَّاعَةِ مَا رَأَيْتُ لَهُمْ. قَالَ:«جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا آلَ عُمَرَ، لَسْتُ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، مَا تَقُولُ فِيهِمْ؟» قَالَ: أَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَادْعُهُمْ إِلَى كِتَابٍ اللَّهِ، فَإِنْ قَبِلُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ. قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَرَجُلًا آخَرَ، فَشَادُّوهُ فَشادَّهُمْ، فَشَادُّوهُ فَشَادَّهُمْ، فَشَادُّوهُ فَشَادَّهُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ: رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ عَلَيْكُمْ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ: فَأَصْلَحَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ ، وَكَتَبُوا كِتَابًا اشْتَرَطُوا فِيهِ خَمْسًا، أَنَّ الْمَنْفِيَّ يُقْلَبُ، وَأَنَّ الْمَحْرُومَ يُعْطَى، وَأَنَّ الْفَيْءَ يُوَفَّرُ، وَأَنْ يُعْدَلَ فِي الْقَسَمِ، وَأَنَ يُسْتَعْمَلَ أُولُو الْقُوَّةِ وَالْأَمَانَةِ، قَالَ: وَاشْتَرَطُوا شَيْئَيْنِ لَمْ يَكْتُبُوهُمَا فِي الْكِتَابِ، وَأَنْ

⦗ص: 1138⦘

يُسْتَعْمَلَ الْأَشْعَرِيُّ عَلَى الْكُوفَةِ، وَأَنْ يُرَدَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى عَمَلِهِ بِالْبَصْرَةِ فَإِنَّهُمْ بِهِ رَاضُونَ قَالَ: فَذَهَبُوا

ص: 1137

حَدَّثَنَا صَلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَهْلُ مِصْرَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: إِنَّ الْقَوْمَ تَفَرَّقُوا فِي الدُّورِ فَلَيْسَ أَمْرُهُمْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ نَزَلُوا زَمْزَمَةً وَاحِدَةً فَأَمْرُهُمْ سَدِيدٌ. قَالَ: فَنَزَلُوا زَمْزَمَةً وَاحِدَةً، فَقَالَ: دَعْنِي فَلْآتِهِمْ، قَالَ: فَأَتَاهُمُ الْمُغِيرَةُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا يَا أَعْوَرَ ثَقِيفٍ. فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَدَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: آتِ هَؤُلَاءِ فَأَعْطِهِمْ كِتَابَ اللَّهِ. فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ رضي الله عنه ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اللَّهِ فَأَبَوْا عَلَيْهِ فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَتَاكُمُ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ ، فَعَرَضَ عَلَيْكُمْ كِتَابَ اللَّهِ فَرَدَدْتُمُوهُ فَبَعَثُوا إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فَدَعَوْهُ وَقَبِلُوا مَا أَعْطَاهُمْ، وَاشْتَرَطُوا أَشْيَاءَ - قَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: فَمِنْهَا أَشْيَاءُ كَتَبُوهَا فِي كِتَابِهِمْ، وَمِنْهَا أَشْيَاءُ لَمْ يَكْتُبُوهَا

ص: 1138

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى ابْنِ أُسَيْدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه اجْتَمَعُوا

⦗ص: 1139⦘

إِلَى حُجْرَةٍ، وَجِئْنَا فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مِنْ خَلَلِ الْحُجْرَةِ، فَمَا سَأَلُوهُ شَيْئًا إِلَّا خَرَجَ مِنْهُ، فَقَالُوا: أَغْلَقْتَ بَابَ الْهِجْرَةِ، وَحَمَيْتَ الْحِمَى. قَالَ:" إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه حَمَى الْحِمَى لِلصَّدَقَةِ، وَإِنَّهَا كَثُرَتْ وَزَادَتْ، فَزِدْتُ فِي الْحِمَى عَلَى قَدْرِ مَا زَادَتِ الصَّدَقَةُ، وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: أَغْلَقْتُ بَابَ الْهِجْرَةِ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَرَى هَذَا الْمَالَ إِلَّا لِمَنْ جَاهَدَ عَلَيْهِ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُهَاجِرْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ "، ثُمَّ قَالَ:«وَيْحَكُمْ لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تُهْلِكُوا أُمَّتَكُمْ. فَرَجَعَ الْقَوْمُ رَاضِينَ»

ص: 1138

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ قَالَ: تَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا كَانَ خَيْرًا لَكَ وَشَرًّا لَهُمْ، ابْعَثْ عَلِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهُمْ عَنْكَ غَيْرُهُ. قَالَ:«جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا آلَ عُمَرَ، فَإِنَّكُمْ طَالَمَا نَصَحْتُمُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ.» فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: إِيتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَأَعْطِهِمْ مَا يَسْأَلُونَكَ. قَالَ: قَالَ: «وَأَضْمَنُ ذَلِكَ عَلَيْكَ؟» قَالَ: نَعَمْ. فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَبَهَشُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: تُعْطُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَتُعْتَبُونَ مِنْ كُلِّ مَا سَخِطْتُمْ؟ قَالُوا: فَتَضْمَنُ ذَلِكَ لَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَقْبَلَ مَعَهُ ثَلَاثُونَ مِنْ وُجُوهِهِمْ، فَدَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَأَرْضَاهُمْ وَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَابًا: «مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُثْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ نَقِمَ عَلَيْهِ، إِنَّ لَكُمُ الْعَمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَإِنَّ الْمَحْرُومَ

⦗ص: 1140⦘

يُعْطَى، وَالْمَنْفِيَّ يُرَدُّ، وَلَا يُجَمَّرُ الْمَبْعُوثُ، وَلَا تُحْمَى الْحِمَى. شَهِدَ عَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ» . ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى بِلَادِهِمْ رَاضِينَ

ص: 1139