المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام عمرو بن العاص في عثمان رضي الله عنهما - تاريخ المدينة لابن شبة - جـ ٣

[ابن شبة]

فهرس الكتاب

- ‌حَبْسُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُطَيْئَةَ فِي هِجَائِهِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ

- ‌مَطْعَمُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌لِبَاسُ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌سِيرَةُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي عُمَّالِهِ

- ‌مَسِيرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى الشَّامِ

- ‌إِقَامَةُ عُمَرَ رضي الله عنه الْحُدُودَ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ

- ‌مُوَافَقَاتُهُ رضي الله عنه قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: «مَا نَزَّلَ اللَّهُ أَمْرًا قَطُّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ فِيهِ عُمَرُ إِلَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ عُمَرُ» وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي الْحِجَابِ، وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ»

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هَذَا مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ أَبِينَا» ؟ قَالَ: «بَلَى» ، قَالَ عُمَرُ: «فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ مُصَلًّى؟» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [

- ‌مُوَافَقُتُهُ فِي الْحِجَابِ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: " كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْجُبْ نِسَاءَكَ» ، قَالَتْ: «فَلَمْ يَفْعَلْ» وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ يَخْرُجْنَ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ فَرَآهَا

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي أَسْرَى بَدْرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيءَ بِالْأَسْرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ؟» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَخُذْ مِنْهُمْ فِدْيَةً تَكُونُ

- ‌مُوَافَقُتُهُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: " لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ تَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْلَى

- ‌مُوَافَقَتُهُ فِي الِاسْتِئْذَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: " وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: مَوْلَجُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقْتَ الظَّهِيرَةِ لِيَدْعُوَهُ فَدَخَلَ فَرَأَى عُمَرَ بِحَالَةٍ، فَكَرِهَ عُمَرُ رُؤْيَتَهُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَأَمْرُ الشُّورَى

- ‌وَفَاتُهُ رضي الله عنه

- ‌مَا سَنَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه مِنَ الْأَذَانِ الثَّانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌كِتَابَةُ الْقُرْآنِ وَجَمْعُهُ

- ‌بَابُ تَوَاضُعِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌كَلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي عُثْمَانَ رضي الله عنهما

- ‌مَا جَاءَ فِي كَفِّ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَنِ الْقِتَالِ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ عَلَى الْحَقِّ

- ‌الْحَرَكَةُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَأَوَّلُ الْوُثُوبِ عَلَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ

- ‌أُمَرَاءُ أَهْلِ مِصْرَ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

- ‌حَرَكَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَسِيرُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه

الفصل: ‌كلام عمرو بن العاص في عثمان رضي الله عنهما

‌كَلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي عُثْمَانَ رضي الله عنهما

ص: 1088

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَزَلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنْ مِصْرَ، فَكَانَ وَاجِدًا عَلَيْهِ

ص: 1088

حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ هَدَايَا ابْنِ سَعْدٍ، حِينَ قَدِمَتْ عَلَى عُثْمَانَ بَعَثَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِيَحْضُرَهَا، فَلَمَّا حَضَرَهَا وَهِيَ تُعْرَضُ قَالَ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْآنَ دَرَّتِ اللِّقَاحُ، قَالَ عَمْرُو:«الْآنَ هَلَكَتِ الْفِصَالُ»

ص: 1089

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي غَسَّانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ طَعْنًا عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَقَالَ:«وَاللَّهِ لَقَدْ أَبْغَضْتُ عُثْمَانَ وَحَرَّضْتُ عَلَيْهِ حَتَّى الرَّاعِيَ فِي غَنَمِهِ وَالسِّقَايَةَ تَحْتَ قِرْبَتِهَا»

ص: 1089

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه: قُمْ فَأَعْذِرْنِي فِي النَّاسِ فَقَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِيكُمْ مَنْ هُوَ أَطْوَلُ صُحْبَةً لَهُ مِنِّي، وَاللَّهِ إِنْ كَانَتِ الْخَصَاصَةُ لَتَكُونُ فَيَخُصُّ بِهَا نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ، وَإِنْ كَانَتِ السَّعَةُ لَتَكُونُ فَيَعُمُّ بِهَا النَّاسَ، أَكَذَاكَ كَانَ؟» فَقَالُوا: نَعَمْ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ثُمَّ وَلِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَسَلَكَ مِنْهَا جَوَلَاتٍ وَاللَّهِ وَإِنَّهُ لَفِي خَلَقِ ثَوْبٍ مَا لَهُ غَيْرُهُ، أَكَذَاكَ كَانَ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَرْحَمُهُ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ وَلِيَ عُمَرُ رضي الله عنه فَبَعَجَتْ لَهُ الدُّنْيَا عَنْ بَطْنِهَا، وَأَلْقَتْ إِلَيْهِ. . . . . . كَبِدِهَا

ص: 1089

، فَفَرَصَ مِنْهَا فُرَصًا، وَجَانَبَ غَمْرَتَهَا: وَمَشَى ضَحْضَاحِهَا فَخَرَجَ وَاللَّهِ مِنْهَا وَمَا بَلَّتْ عَقِبَيْهِ، ثُمَّ وَلِيَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَقُلْتُمْ تَلُومُونَهُ، وَقَالَ يَعْذِرُ نَفْسِهِ، فَارْضَوْا بِهِ، فَإِنْ. . . . . . . . فَقَالَ عُثْمَانُ: أَنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ فِيمَا لَا يَنْفَعُ أَهْلَكَ. . . . . . . . "

ص: 1090

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: أَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى طَلْحَةَ رضي الله عنهما يَدْعُوهُ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَسَعْدٌ وَالزُّبَيْرُ وَمُعَاوِيَةُ - فَحَمِدَ اللَّهَ مُعَاوِيَةُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخِيرَةُ الْأَرْضِ، وَوُلَاةُ أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَا يَطْمَعُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ، اخْتَرْتُمْ صَاحِبَكُمْ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ وَلَا طَمَعٍ، وَقَدْ كَبِرَتْ سِنُّهُ وَوَلَّى عُمْرُهُ، وَلَوِ انْتَظَرْتُمْ بِهِ الْهَرَمَ، وَكَانَ قَرِيبًا - مَعَ أَنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ ذَلِكَ، وَلَقَدْ فَشَتْ قَالَةٌ خِفْتُهَا عَلَيْكُمْ، فَمَا عَتَبْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَهَذِهِ يَدِي بِهِ لَكُمْ، وَلَا تُطْمِعُوا النَّاسَ فِي أَمْرِكُمْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ طَمِعُوا فِي ذَلِكَ لَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا أَبَدًا إِلَّا إِدْبَارًا. فَقَالَ عَلِيُّ رضي الله عنه: مَالَكَ وَلِذَاكَ لَا أُمَّ لَكَ. فَقَالَ: دَعْ أُمِّي فَهِيَ لَيْسَتْ بِشَرِّ أُمَّهَاتِكُمْ، قَدْ أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَجِبْنِي فِيمَا أَقُولُ لَكَ. فَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه: «صَدَقَ

ص: 1090

ابْنُ أَخِي، إِنِّي أُخْبِرُكُمْ عَنِّي وَعَمَّا وُلِّيتُ، إِنَّ صَاحِبَيَّ اللذَيْنِ كَانَا قَبْلِي طَلَّقَا أَنْفُسَهُمَا، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا احْتِسَابًا، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْطِي قَرَابَتَهُ، وَأَتَانِي رَهْطٌ أَهْلُ عَيْلَةٍ وَقِلَّةِ مَعَاشٍ، فَبَسَطْتُ يَدِي فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِي مِمَّا أَقُومُ بِهِ، وَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِي، فَإِنْ رَأَيْتُمْ ذَلِكَ خَطَأً فَرُدُّوهُ وَأَمْرِي لِأَمْرِكُمْ تَبٌّ» . قَالُوا: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ. قَالَ: «أَعْطَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، وَمَرْوَانَ» - وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَعْطَى مَرْوَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَابْنَ أُسَيْدٍ خَمْسِينَ أَلْفًا - قَالَ: «فَرُدُّوا مَا رَأَيْتُمْ مِنْ ذَلِكَ. فَرَضُوا وَقَنَعُوا وَخَرَجُوا رَاضِينَ»

ص: 1091

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنهما: لَوْ تَنَحَّيْتَ، فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ إِنْ أُصِيبَ اتَّهَمُوكَ. فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: يَا قَاصُّ كَذَا وَكَذَا، مَا لَكَ وَمَا هُنَاكَ؟ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه:«لَا تَشْتُمْ أُمِّي فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِدُونِ أُمَّهَاتِكُمْ»

ص: 1091

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَجَّ عُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ رضي الله عنهما مَعَهُ، فَأَمَرَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَتَكَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ فِي أَعْظَمِ حُرْمَةٍ لِلَّهِ وَاللَّهِ لَا أَقُولُ فِي مَقَامِي هَذَا إِلَّا حَقًّا هَيْبَةً لِلَّهِ وَحُرْمَتِهِ، وَخِيفَةً مِنَ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، إِنَّ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَأَنْعَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ

ص: 1091

، فَهُمْ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ، وَهَذَانِ الْبَلَدَانِ الْمَدِينَةُ وَمَكَّةُ خَيْرُ الْبُلْدَانِ، فَالتَّابِعُونَ يَنْظُرُونَ إِلَى السَّابِقِينَ، وَالْبُلْدَانُ يَنْظُرُونَ إِلَى هَذَيْنِ الْبَلَدَيْنِ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُكُمْ بَطِرْتُمْ نِعَمَكُمْ، وَنَشِبْتُمْ فِي الطَّعْنِ عَلَى إِمْرَتِكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ إِنَّ صَفَّقَتْ إِحْدَى يَدَيَّ عَلَى الْأُخْرَى لَمْ يَقُمِ السَّابِقُونَ لِلتَّابِعِينَ، وَلَا الْبَلَدَانِ عَلَى الْبُلْدَانِ، وَمَا هُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ، فَلَا يُنْزَعَنَّ أَمْرُكُمْ مِنْ أَيْدِيكُمْ، وَلَا يَخْرُجْنَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ، فَرُبَّ أَمْرٍ يُسْتَأْنَى فِيهِ وَإِنْ كُرِهَ خِيفَةً لِمَا فِي عَاقِبَتِهِ»

ص: 1092

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إِنِّي لَمَعَ أَبِي فِي الْمَنْزِلِ حِينَ أَتَاهُ رَسُولُ عُثْمَانَ يَدْعُوهُ، فَقَامَ يَلْبَسُ ثَوْبَهُ ثُمَّ أَتَاهُ رَسُولٌ ثَانٍ، ثُمَّ أَتَاهُ رَسُولٌ ثَالِثٌ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَإِذَا عُثْمَانُ جَالِسٌ وَعِنْدَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَعُيُونُ الْأَنْصَارِ فِي قَدْمَةٍ قَدِمَهَا مُعَاوِيَةُ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مَجْلِسِي، فَتَنَحَّيْتُ نَاحِيَةً، فَتَكَلَّمَ عُثْمَانُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ أَبِي، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ نَقِمْتُمْ عَلَيَّ رِجَالًا اسْتَعْمَلْتُهُمْ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ، فَوَلُّوهَا مَنْ أَحْبَبْتُمْ. وَنَقِمْتُمْ عَلَيَّ هَذَا الْحِمَى، وَإِنِّي نَظَرْتُ فَرَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ إِبِلٍ مُعَدَّةٍ لَهُمْ لِلنَّائِبَةِ تَنُوبُ، وَلِلْأَمْرِ يَحْدُثُ، فَحَمَيْتُ لَهَا حِمًى، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَبَحْتُهَا، وَنَقِمْتُمْ عَلَيَّ إِيوَائِي الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْكَافِرِ، وَإِنَّ الْحَكَمَ تَابَ فَقَبِلْتُ تَوْبَتَهُ، وَلَعَمْرِي لَوْ كَانَتْ

ص: 1092

ثَمَّتَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِثْلُ رَحِمِهِ بِي لَآوَيَاهُ، وَنَقِمْتُمْ عَلَيَّ أَنِّي وَصَلْتُهُ بِمَالِي، وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا مَالِي، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ يَا طَلْحَةُ هَلْ أَخَذْتُ لَهُ مِنْ بَيْتِ مَالِكُمْ دِرْهَمًا؟» قَالَ: اللَّهُمَّ لَا. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ إِلَّا قَدْ كَانَ فِي عَشِيرَتِهِ مَنْ هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ، بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَأَسْرَعْتُمْ إِلَى اللَّهِ، وَأَبْطَأُوا عَنْهُ، فَسُدْتُمْ عَشَائِرَكُمْ حَتَّى إِنَّهُ لَيُقَالُ بَنُو فُلَانٍ، رَهْطُ فُلَانٍ، وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ ثَابِتٌ لَكُمْ مَا اسْتَقَمْتُمْ، فَإِنِّي قَدْ أَرَاكُمْ وَمَا تَصْنَعُونَ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَتْرُكُوا شَيْخَنَا هَذَا يَمُوتُ عَلَى فِرَاشِهِ لَيَدْخُلَنَّ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِنْكُمْ. فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: وَمَا أَنْتَ وَهَذَا يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: مَهْلًا أَبَا حَسَنٍ، فَوَاللَّهِ مَا هِيَ بِأَخَسِّ نِسَائِكُمْ، وَلَقَدْ أَسْلَمَتْ وَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَتْهُ وَصَافَحَتْهُ، وَمَا رَأَيْتُهُ صَافَحَ امْرَأَةً قَطُّ غَيْرَهَا قَالَ: فَنَهَضَ عَلِيٌّ رضي الله عنه مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه:«اجْلِسْ» ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ، قَالَ:«عَزَمْتُ عَلَيْكَ» ، فَأَبَى، فَأَخَذَ عُثْمَانُ رضي الله عنه بِطَرَفِ رِدَائِهِ، فَتَرَكَهُ مِنْ يَدِهِ، وَخَرَجَ

ص: 1093

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي دِينَارٍ - رَجُلٍ مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه مِنْ عِنْدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَمَرَّ بِهِ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: «اسْتَوْصُوا بِشَيْخِي هَذَا خَيْرًا، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُتِلَ

⦗ص: 1094⦘

لَا أُعْطِيكُمُ إِلَّا السَّيْفَ» ثُمَّ أَتَى عَمَّارًا، فَقَالَ: أَبَا الْيَقْظَانِ، إِنِّي تَرَكْتُ بِالشَّامِ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أَهْلِ الْحِجَازِ، كُلُّهُمْ شُجَاعٌ فَارِسٌ، يُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَحُجُّ الْبَيْتَ، لَا يَعْرِفُ عَمَّارًا، وَلَا سَابِقَتَهُ، وَلَا عَلِيًّا، وَلَا قَرَابَتَهُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَنْجَلِيَ الْغُمَّةُ، فَيُقَالُ: هَذَا قَاتِلُ عَمَّارٍ. فَقَالَ: «أَبَالِقَتْلِ تُخَوِّفُنِي؟ وَاللَّهِ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، لَا تَسُبُّونِي، وَنَقُولُ أَحْسَنْتُمْ»

ص: 1093

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَمَّارٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، لَمَّا سَمِعَ الَّذِيَ كَانَ مِنْ مُعَاتَبَةِ - أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَدَخَلَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ رضي الله عنهم فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ يَتَحَاوَرُونَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ:«أَبِإِذْنٍ مِنْكُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا مُعَاوِيَةُ، فَقَعَدَ، فَقَالُوا: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: " الَّذِي دَخَلَ بَيْنَكُمْ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ رَأَوْا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ مِيرَاثٌ لَكُمْ أَيُّهَا النَّفَرُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ حَقٌّ مَعَكُمْ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ: فُلَانٌ بَعْدَ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ بَعْدَ فُلَانٍ، كَأَنَّهُ مِيرَاثٌ، وَإِنْ تَصْلُحْ ذَاتُ بَيْنِكُمْ لَا يَطْمَعُ أَحَدٌ فِي مُنَازَعَتِكُمْ، وَإِنْ تَخْتَلِفُوا يَدْخُلْ عَلَيْكُمْ غَيْرُكُمْ، " قَالُوا: وَمَنْ ذَاكَ؟ قَالَ: «أَنَا أَوَّلُهُمُ» ، فَوَقَعَ بِهِ عَلِيٌّ، فَضَعَّفَ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَامَ، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ:«مَا جَاءَ بِكَ؟» قَالَ: «الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ أَمْرِكَ، وَأَمْرِ أَصْحَابِكَ» ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِمَا كَلَّمَ بِهِ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ، وَمَا أَجَابَهُ بِهِ عَلِيٌّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ:«إِنِّي قَدْ جِئْتُ مَعِي بِظَهْرٍ، فَارْكَبِ الْآنَ فَاقْدَمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَإِنَّكَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِمْ حَتَّى تَرَى رَأْيَكَ» ، فَقَالَ:«مَا أُرِيدُ أَنْ أَفِرَّ» ، قَالَ: «فَأُذِنَ لِلنَّاسِ فِي الْقِتَالِ

ص: 1094

، لَا أُرِيدُ أَنْ أَفْتَحَ سَنَةَ السَّوَرِ» ، قَالَ:«فَبَقِيَتْ أُخْرَى، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى عَمَلِي، فَافْعَلْ» ، قَالَ:" نَعَمْ، وَلَّاكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَاخْرُجْ إِلَى عَمَلِكَ "، فَرَكِبَ، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ:«يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ دُونَكُمْ جَزُورُكُمْ، يُرِيدُ عُثْمَانَ، وَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ الْعَاقِبَةُ»

ص: 1095

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ يَقْدَمُونَ عَلَى عُثْمَانَ فِي كُلِّ عَامٍ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ مِنْ مِصْرَ، وَمُعَاوِيَةُ مِنَ الشَّامِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مِنَ الْبَصْرَةِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ: يَا بَنِي أُمَيَّةَ، أَنْتُمْ بَاطِنَتِي دُونَ ظَاهِرِي، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ شِكَايَتِي، حَتَّى تَنَاوَلَنِي بِهَا الْبَعِيدُ، وَآذَانِي بِهَا الْقَرِيبُ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ، فَأَشَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ - وَكَانَ امْرَأً سَخِيًّا -، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يُرْضِيهِمْ مَا أَسْخَطَهُمْ، وَهِيَ هَذِهِ الْأَمْوَالُ، فَأَعْطِهِمْ مِنْهَا تَسْتَلَّ بِذَلِكَ سَخَائِمَ صُدُورِهِمْ، وَضَغَائِنَ قُلُوبِهِمْ، وَضَبَابِهَا، ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ حَقًّا، وَلَهُمْ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِهِمْ حَقَّهُمْ عَلَيْكَ، وَخُذْهُمْ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ، وَاتَّبِعْ سُنَّةَ الَّذِينَ قَبْلَكَ، يَجْتَمِعُوا بِالرِّضَا عَلَيْكَ. ثُمَّ تَكَلَّمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ

ص: 1095

أَمْرَوْا وَجَمُّوا حَتَّى كَبِرَتْ كُبْرَاهُمْ، فَابْعَثْهُمْ جُيُوشًا، وَجَمِّرْهُمْ فِي الْمَغَازِي، حَتَّى تَكُونَ دَبْرَةُ دَابَّةِ أَحَدِهِمْ أَهَمَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّفَكُّرِ فِي أَمْرِ الْأَئِمَّةِ. ثُمَّ تَكَلَّمَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه، فَقَالَ:" إِنِّي سَمِعْتُ الَّذِيَ قَالُوا: فَلْيَسْمَعُوا الَّذِي أَقُولُ، لِيَكْفِكَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِصْرَهُ، وَأَكْفِيكَ الشَّامَ، فَلَنْ تُؤْتَى مِنَ الشَّامِ أَبَدًا ". عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِنَحْوِهِ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَيُقَالُ إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ هُوَ قَائِلُ الْمَقَالَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَهُوَ الَّذِي أَعْتَقِدُ. قَالَ: وَقَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ صِلَتِنَا مَا يَبْلُغُهُ كَرِيمُ قَوْمٍ مِنْ صِلَةِ قَوْمٍ، حَمَلْتَنَا عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَجَعَلْتَنَا أَوْتَادَ الْأَرْضِ، فَخُذْ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا بِعَمَلِهِ وَمَا يَلِيهِ يَكْفِكَ. قَالَ: فَأَخَذَ بِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ وَرَدَّ عُمَّالَهُ إِلَى أَمْصَارِهِمْ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: اخْرُجْ مَعِي إِلَى الشَّامِ فَهُمْ شِيعَتُكَ وَأَنْصَارُكَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُفَارِقَ مَهَاجِرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَسْجِدَهُ وَمَنَازِلَ أَزْوَاجِهِ. قَالَ: فَإِذْ أَبَيْتَ فَأْذَنْ لِي أُجَهِّزْ إِلَيْكَ جَيْشًا مِنَ الشَّامِ تَطَأُ بِهِمْ مَنْ رَابَكَ. قَالَ: لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ أَذَلَّ الْمُهَاجِرِينَ. قَالَ

ص: 1096

: فَلَا تَخْرُجْ وَلَا تَأْذَنْ لِي أُوَجِّهُ إِلَيْكَ جَيْشًا؟ أَنْتَ مَقْتُولٌ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَفِيهِ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِشَيْخِي هَذَا خَيْرًا، وَاللَّهِ لَئِنْ أَحْدَثْتُمْ فِيهِ حَدَثًا لَا أُعْطِيكُمُ إِلَّا السَّيْفَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَا تَسْمَعُونَ لِمَا يَقُولُ هَذَا؟ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ آخَرُونَ: لَا تَلُومُوهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي ابْنِ عَمِّهِ

ص: 1097

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: قَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ مِنَ الْكُوفَةِ حَاجًّا فَمَرِضَ بِمَكَّةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه، يَعُودُهُ وَعِنْدَهُ مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، فَأَوْسَعُوا لَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَسَأَلَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَبَا حَسَنٍ، إِنِّي قَائِلٌ لَكَ قَوْلًا فَإِنْ كَرِهْتَهُ فَاصْبِرْ عَلَى مَا تَكْرَهُ مِنْهُ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ مَا تُحِبُّ، إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا صَاحِبُنَا غَيْرُكَ، وَلَوْ سَكَتَّ عَنَّا مَا نَطَقَ مَنْ قَالَ مَعَكَ، وَمَا يُغْصَبُ أَمْرُنَا إِلَّا بِكَ، وَإِنَّ الَّذِينَ مَعَكَ الْيَوْمَ لَعَلَيْكَ غَدًا، وَلَئِنْ لَا يَشْنَأُكَ لَنَكُونَنَّ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ، وَبَاطِلُنَا أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ حَقِّكَ، إِنَّكَ وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِقَوِيٍّ عَلَى مَا تُرِيدُ، وَلَا نَحْنُ بِضُعَفَاءَ عَمَّا نُطَالِبُ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا مُعَاوِيَةُ أَفَتَرَانِي أَقْعُدُ أَقُولُ وَتَقُولُ، ثُمَّ خَرَجَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَقِيتُهُ فَعَرَفْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَسَأَلْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: كَأَنَّكُمْ أَنْفَرْتُمْ شَيْخَكُمْ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَرَدْنَا تَسْكِينَهُ فَنَفَرَ. فَقُلْتُ: وَلِمَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَوَقُورٌ

ص: 1097

غَيُورٌ يُسْيقُ بِغَيْرِ مُضْغٍ، فَإِيَّاكُمْ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، لَا تُمَثِّلُوا بِهِ فَيُمَثِّلُ بِكُمْ، قَالَ: وَكَانَ مُعَاوِيَةُ وَعَمْرٌو رضي الله عنهما عِنْدَ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُمَا: قُومَا فَأَعْذِرَانِي. فَخَرَجَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو: تَكَلَّمْ. قَالَ: بَلْ أَنْتَ فَتَكَلَّمْ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِعُذْرِ صَاحِبِكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنَّ قَوْلَكُمُ الْيَوْمَ سُنَّةٌ عَلَى مَنْ سِوَاكُمْ، حُكْمٌ عَلَى مَنْ خَالَفَكُمْ، وَقَدْ خَلَّى النَّاسُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَمْرِكُمْ فِي هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ حَتَّى يَمْضِيَ قَامَ الْأَمْرُ فَأَقَمْتُمْ بِهِ، وَكَانَ لَكُمْ وَإِلَيْكُمْ، وَإِنْ أَمْضَيْتُمُوهُ وَأَقَمْتُمُ اتَّهَمَكُمُ النَّاسُ عَلَى حُكْمِكُمْ وَحَكَمُوا عَلَيْكُمْ، وَإِنَّ الْفِتْنَةَ تَنْبُتُ عَلَى ثَلَاثٍ: عَلَى التَّخَوُّنِ ثُمَّ السُّكُونِ ثُمَّ الْخَلْعِ وَهِيَ الْعُظْمَى، وَفِيهَا يَصِيرُ الصَّغِيرُ كَبِيرًا وَالشَّرِيفُ وَضِيعًا، وَيَقُولُ فِيهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ يُسْمَعُ مِنْهُ فَيُسْمَعُ لَهُ، وَلَا يُقَالُ مَعَهُ. وَدَعَا عُثْمَانُ عَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنهم لِيَعْذِرُوهُ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ:

[البحر الطويل]

دَعَوْنَا رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ لِيَنْطِقُوا

بِعُذْرِ أَبِي عَمْرٍو فَلَمْ يَحْفَظُوا الْحُرَمْ

فَأَمَّا عَلِيٌّ فَاخْتِلَاجَةُ أَنْفِهِ

وَطَلْحَةُ قَدْ أَشْجَى وَعَمْرُو قَدِ اصْطَلَمْ

وَلَوْلَا عَلِيٌّ كَانَ جُلُّ مَقَالِهِمْ

كَضَرْطَةِ عَيْرٍ بِالصَّحَاصِحِ مِنْ إِضَمْ

وَلَكِنَّهُ مَهْمَا يَقُلْ يَسْمَعُوا لَهُ

وَمَهْمَا مَضَى فِيمَا أُحَاذِرُهُ أُمَمْ

ص: 1098

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفُضَيْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ رضي الله عنه نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ

⦗ص: 1099⦘

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِمْ عَمَّارٌ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكُمْ، أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْثِرُ قُرَيْشًا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ وَيُؤْثِرُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ:«لَوْ أَنَّ مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ فِي يَدِي لَأَعْطَيْتُهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى يَدْخُلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ، وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّهُمْ وَلَأَسْتَعْمِلَنَّهُمْ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمَ» . فَقَالَ عَمَّارٌ: عَلَى رَغْمِ أَنْفِي؟ قَالَ: «عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ» . قَالَ: «وَأَنْفِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟» فَغَضِبَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَوَثَبَ إِلَيْهِ فَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا، فَأَجْفَلَهُ النَّاسُ عَنْهُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ:«أَيَا أَخَابِثَ خَلْقِ اللَّهِ أَغْضَبْتُمُونِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أُرَانِي قَدْ أَهْلَكْتُهُ وَهَلَكْتُ» ، فَبَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فَقَالَ: مَا كَانَ نَوَالِي إِذْ قَالَ لِي مَا قَالَ إِلَّا أَنْ أَقُولَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ: وَمَا كَانَ لِي عَلَى قَسْرِهِ مِنْ سَبِيلٍ، اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَخَيِّرَاهُ بَيْنَ ثَلَاثٍ، بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ أَرْشًا أَوْ يَعْفُوَ. فَقَالَ:«وَاللَّهِ لَا أَقْبَلُ مِنْهَا وَاحِدَةً حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَشْكُوَهُ إِلَيْهِ» . فَأَتَوْا عُثْمَانَ. فَقَالَ: سَأُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِذًا بِيَدِي بِالْبَطْحَاءِ فَأَتَى عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَلَيْهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ، فَقَالَ أَبُوهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكُلَّ الدَّهْرِ هَكَذَا؟ قَالَ: قَالَ: «اصْبِرْ يَاسِرُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِآلِ يَاسِرٍ» وَقَدْ فَعَلْتُ

ص: 1098

حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: اجْتَمَعَ نَاسٌ فَكَتَبُوا عُيُوبَ عُثْمَانَ، وَفِيهِمُ ابْنُ

⦗ص: 1100⦘

مَسْعُودٍ فَاجْتَمَعُوا بِبَابِ عُثْمَانَ لِيَدْخُلُوا عَلَيْهِ فَيُكَلِّمُوهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْبَابَ نَكَلُوا إِلَّا عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَإِنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَعَظَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ حَتَّى فُتِقَ فَكَانَ لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ. فَقِيلَ لِعَمَّارٍ: مَا هَذَا؟ قَالَ: «إِنِّي مُلَقًّى مِنْ قُرَيْشٍ، لَقِيتُ مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَامِ كَذَا، وَفَعَلُوا بِي كَذَا، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى هَذَا - يَعْنِي عُثْمَانَ - فَأَمَرْتُهُ وَنَهَيْتُهُ، فَصَنَعَ مَا تَرَوْنَ، فَلَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلِي» . قَالَ: وَكَانَ حَيْثُ ضُرِبَ وَقَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَاتَ هَذَا لَيُقْتَلَنَّ ضَخْمُ السُّرَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَ: وَهُوَ جَدُّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

ص: 1099

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَجْلَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: كَلَّمَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ عُثْمَانَ أَنْ يَكُفَّ عَنْ عَمَّارٍ، فَقَالَ:«اسْكُتْ يَا ابْنَ الْقَسْرِيَّةِ» . فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ: لَئِنْ مِتَّ يَا عَمَّارُ لَأَقْتُلَنَّ بِكَ رَجُلًا تَمْلَأُ سُرَّتُهُ قَادِمَةَ الرَّحْلِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ". فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: «أَأَنْتَ يَا ابْنَ الْقَسْرِيَّةِ؟» قَالَ: إِنَّهُمَا اثْنَتَانِ تَأْكُلَانِ الثَّرِيدَ. قَالَ: «لَا أُمَّ لَكَ، وَلَا وَاحِدَةَ إِلَّا بَعْدَ شَرٍّ» . فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَإِنَّهُ قَتَلَ أَبَا أُزَيْهِرٍ. قَالَ: اسْكُتِي فَإِنَّ أَبَاكِ مَاتَ بِالْيَمَنِ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه:

[البحر الطويل]

لِسَانِي طَوِيلٌ فَاحْذَرَنْ شَدَّاتِهِ

عَلَيْكَ وَسَيْفِي مِنْ لِسَانِيَ أَطْوَلُ

ص: 1100

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو مِحْصَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُهَيْمٌ، قَالَ: أَنَا شَاهِدٌ لِلْأَمْرِ؛ سَعْدٌ وَعَمَّارٌ فَأَرْسَلُوا إِلَى عُثْمَانَ أَنِ ائْتِنَا فَإِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُذَاكِرَكَ أَشْيَاءَ أَحْدَثْتَهَا، وَأَشْيَاءَ فَعَلْتَهَا. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ:«أَنِ انْصَرِفُوا الْيَوْمَ فَإِنِّي مُشْتَغِلٌ وَمِيعَادُكُمْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى أَتَشَوَّفَ لَكُمْ» . فَانْصَرَفَ سَعْدٌ وَأَبَى عَمَّارٌ أَنْ يَنْصَرِفَ، فَتَنَاوَلَهُ رَسُولُ عُثْمَانَ فَضَرَبَهُ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا لِلْمِيعَادِ وَمَنْ مَعَهُمْ قَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ:«مَا تَنْقِمُونَ؟» قَالُوا: «نَنْقِمُ عَلَيْكَ ضَرْبَكَ عَمَّارًا» . فَقَالَ: «جَاءَ سَعْدٌ وَعَمَّارٌ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِمَا فَانْصَرَفَ سَعْدٌ وَأَبَى عَمَّارٌ أَنْ يَنْصَرِفَ، فَتَنَاوَلَهُ رَسُولِي عَنْ غَيْرِ أَمْرِي، فَوَاللَّهِ مَا أَمَرْتُ وَلَا رَضِيتُ، فَهَذِي يَدِي لِعَمَّارٍ فَلْيَصْطَبِرْ» قَالَ أَبُو مِحْصَنٍ: يَعْنِي: يَقْتَصُّ

ص: 1101

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ حَيْوَةُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّتَهُ، مَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهَلِهِ يَذْكُرُونَ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَضُرِبَ فِي أَمْرٍ نَازَعَهُ فِيهِ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَحَمَلَهُ زِيَادُ بْنُ سَمْعَانَ وَنَاسٌ مَعَهُ إِلَى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا يَعْقِلُ، فَصَلِّي النَّاسُ الْجُمُعَةَ ثُمَّ صَلُّوا الْعَصْرَ وَلَمْ يُفِقْ عَمَّارٌ وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى دَنَتِ الشَّمْسُ

⦗ص: 1102⦘

أَنْ تَغْرُبَ، ثُمَّ أَفَاقَ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ بِقَلِيلٍ فَصَلَّى الْأُولَى وَالْعَصْرَ جَمِيعًا

ص: 1101