الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَعْنِي يُجَوِّزُونَ الصَّلَاةَ فِي النِّعَالِ إِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً سَوَاءٌ كَانَتِ النِّعَالُ جَدِيدَةً أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ بِجَوَازِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ بِالنِّعَالِ وَبِجَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهَا عَلَى جَوَازِ الْمَشْيِ بِهَا بَيْنَ الْقُبُورِ حَيْثُ قَالَ قَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ مُتَوَاتِرَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي نَعْلَيْهِ ومن إباحته الناس الصَّلَاةَ فِي النِّعَالِ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ ثُمَّ قَالَ فَلَمَّا كَانَ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ بِالنِّعَالِ غَيْرَ مَكْرُوهٍ وَكَانَتِ الصَّلَاةُ بِهَا أَيْضًا غَيْرَ مَكْرُوهَةٍ كَانَ الْمَشْيُ بِهَا بَيْنَ الْقُبُورِ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ مَكْرُوهًا
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ انْتَهَى مختصر
79 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ [
401])
قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَرْكِ الْقُنُوتِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فِي أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ
قَالَ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى إِثْبَاتِ الْقُنُوتِ فِيهَا قَالَ فَمِمَّنْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمِنَ الصَّحَابَةِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو حَلِيمَةَ مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ وَخُفَافُ بْنُ إِيمَاءِ بْنِ رَحْضَةَ وَأُهْبَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ وَعَرْفَجَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَعَائِشَةُ الصِّدِّيقَةُ وَمِنَ الْمُخَضْرَمِينَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَأَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وأبان بن عثمان وقتادة وطاووس وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَعُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَزِيَادُ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَمِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْفُقَهَاءِ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادٌ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الشَّامِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ رِوَايَتَانِ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ خلق كثير
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَنَعُوا مِنْ شَرْعِيَّةِ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ وَزَعَمَ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعًا ثُمَّ نُسِخَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَازِمِيِّ
قَوْلُهُ (كَانَ يَقْنُتُ فِي صلاة الصبح والمغرب) قال الحافظ بن حَجَرٍ وَغَيْرُهُ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ أَثْبَتَ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي وَقْعِ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي وُقُوعِ الْقُنُوتِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي اسْتِمْرَارِ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَإِنْ قَالُوا لَفْظُ كَانَ يَفْعَلُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِمْرَارِ الْمَشْرُوعِيَّةِ قُلْنَا إِنَّ النَّوَوِيَّ قَدْ حَكَى عَنْ جُمْهُورِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ سَلَّمْنَا فَغَايَتُهُ مُجَرَّدُ الِاسْتِمْرَارِ وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّرْكَ آخِرًا كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَدِلَّةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ عَنِ الْمَغْرِبِ فَهُوَ جَوَابُنَا عَنِ الْفَجْرِ وَأَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ
فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ عَنْ مدلول لفظ كان ها هنا فَهُوَ جَوَابُنَا قَالُوا أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ ثُمَّ تَرَكَ فَأَمَّا الصُّبْحُ فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا
وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ فِي الصحيحين ولو صح هذا لكان قاطعا للبراع وَلَكِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ قَالَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ يَخْلِطُ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ يَهِمُ كَثِيرًا وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الفلاس صدوق سيء الحفظ وقال بن معين ثقة لكنه يخطيء وَقَالَ الدَّوْرِيُّ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ يَغْلَطُ وَحَكَى السَّاجِيُّ أَنَّهُ قَالَ صَدُوقٌ لَيْسَ بِالْمُتْقِنِ وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلِحَدِيثِهِ هَذَا شَاهِدٌ وَلَكِنَّ فِي إِسْنَادِهِ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ
قَالَ الحافظ ويعكر على هذا مارواه الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قُلْنَا لِأَنَسٍ إِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ قَالَ كَذَبُوا إِنَّمَا قَنَتَ شَهْرًا وَاحِدًا يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَقِيسٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لكنه لم يتهم بكذب
وروى بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْنُتْ إِلَّا إِذَا دَعَا لِقَوْمٍ أَوْ دَعَا فَاخْتَلَفَتِ الْأَحَادِيثُ عَنْ أَنَسٍ وَاضْطَرَبَتْ فَلَا يَقُومُ لِمِثْلِ هَذَا حُجَّةٌ انْتَهَى
إِذَا تَقَرَّرَ لَكَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَقَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقُنُوتَ مُخْتَصٌّ بِالنَّوَازِلِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي عِنْدَ نُزُولِ النَّازِلَةِ أَنْ لَا تُخَصَّ بِهِ صَلَاةٌ دُونَ صَلَاةٍ وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الِاخْتِصَاصِ
من حديث أنس عند بن خُزَيْمَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عند بن حِبَّانَ بِلَفْظِ كَانَ لَا يَقْنُتُ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ علي وأنس وأبي هريرة وبن عَبَّاسٍ وَخُفَافٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَاءَيْنِ (بْنِ إِيمَاءِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَمُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتٍ مَمْدُودٌ مَصْرُوفٌ وَفِيهِ أَيْضًا فَتْحُ الْهَمْزَةِ مَعَ الْقَصْرِ (بْنِ رَحْضَةَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ لَهُ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ كَذَا فِي قُوتِ المغتذي
أماحديث عَلِيٍّ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ قَالَ كَانَ الْقُنُوطُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ وَلَهُ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي الْقُنُوتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ لَأُقَرِّبَنَّ بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظهر والعشاء الاخرة وصلاة الصبح بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ ويلعن الكفار
وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَدْعُو عَلَيْهِمْ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ خُفَافٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرُهُمُ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ) وَحَكَاهُ الْحَازِمِيُّ عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَدْ عَرَفْتَ مُتَمَسَّكَاتِهِمْ وَمَا فِيهَا