الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيثِ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْعِصْمَةَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ
قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ وَفَائِدٌ متروك روى عنه الثقات وقال بن عَدِيٍّ مَعَ ضَعْفِهِ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ
8 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ [
480])
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِيَ) بِفَتْحٍ اسْمُهُ زَيْدٌ وَقِيلَ أَبُو الْمَوَالِ جَدُّهُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى آلِ عَلِيٍّ صَدُوقٌ رُبَّمَا أَخْطَأَ مِنَ السَّابِعَةِ
قَوْلُهُ (يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ) أَيْ صَلَاةَ الِاسْتِخَارَةِ وَدُعَاءَهَا (فِي الْأُمُورِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ كُلِّهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَحْتَقِرُ أَمْرًا لِصِغَرِهِ وَعَدَمِ الِاهْتِمَامِ بِهِ فَيَتْرُكُ الِاسْتِخَارَةَ فِيهِ فَرُبَّ أَمْرٍ يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِهِ فَيَكُونُ في الإقدام عليه ضرر عظيم أوفى تَرْكِهِ (كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الِاسْتِخَارَةِ وَأَنَّهُ مُتَأَكَّدٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ (إِذَا هَمَّ) أَيْ قَصَدَ (بِالْأَمْرِ) أَيْ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُرِيدُ فِعْلَهُ أَوْ تَرْكَهُ (فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ (مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ سُنَّةُ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ بِوُقُوعِ الدُّعَاءِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ (ثُمَّ لْيَقُلْ) أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ الْخَيْرَ أَوِ الْخِيَرَةَ
قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ اسْتَخَارَ اللَّهَ طَلَبَ مِنْهُ الْخَيْرَ وقال صاحب النهاية خار الله لك أَيْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ
قَالَ وَالْخَيْرَةُ بِسُكُونِ الْيَاءِ الِاسْمُ مِنْهُ
قَالَ فَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهِيَ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِهِ اخْتَارَهُ اللَّهُ كَذَا فِي النَّيْلِ (بِعِلْمِكَ) الْبَاءُ فِيهِ وَفِي قَوْلِهِ بِقُدْرَتِكَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ بِأَنَّكَ أَعْلَمُ وَأَقْدَرُ قَالَهُ زَيْنُ الدَّيْنِ الْعِرَاقِيُّ
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ وَأَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعْطَافِ كَمَا فِي قَوْلِهِ (رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) أَيْ بِحَقِّ عِلْمِكَ وَقُدْرَتِكَ الشَّامِلَيْنِ كَذَا فِي عمدة القارىء
وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ بِسَبَبِ عِلْمِكَ وَالْمَعْنَى أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ تَشْرَحَ صَدْرِي لِخَيْرِ الْأَمْرَيْنِ بِسَبَبِ عِلْمِكَ بِكَيْفِيَّاتِ الْأُمُورِ وَجُزْئِيَّاتِهَا وَكُلِّيَّاتِهَا إِذْ لَا يُحِيطُ بِخَيْرِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا مَنْ هُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وأنتم لا تعلمون
قَالَ الطِّيبِيُّ الْبَاءُ فِيهِمَا إِمَّا لِلِاسْتِعَانَةِ أَيْ أطلب خبرك مُسْتَعِينًا بِعِلْمِكَ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ فِيهِمْ خَيْرَكَ وَأَطْلُبُ مِنْكَ الْقُدْرَةَ فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ وَإِمَّا لِلِاسْتِعْطَافِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
وَأَسْتَقْدِرُكَ أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ تَجْعَلَ لِيَ قُدْرَةً عَلَيْهِ (وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ) أَيْ تَعْيِينَ الْخَيْرِ وَتَبْيِينَهُ وَتَقْدِيرَهُ وَتَيْسِيرَهُ وَإِعْطَاءَ الْقُدْرَةِ لِيَ عَلَيْهِ (اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ) أَيِ الَّذِي يُرِيدُهُ
قَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ فَأَوْقَعَ الْكَلَامَ مَوْقِعَ الشَّكِّ عَلَى مَعْنَى التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِعِلْمِهِ فِيهِ وَهَذَا النَّوْعُ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْبَلَاغَةِ تَجَاهُلَ الْعَارِفِ وَمَزْجَ الشَّكِّ بِالْيَقِينِ يُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّكَّ فِي أَنَّ الْعِلْمَ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ لا في أصل العلم انتهى
قال القارىء وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ الظَّاهِرُ وَنَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (فِي دِينِي) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِدِينِي (وَمَعِيشَتِي) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَعَاشِي
قَالَ الْعَيْنِيُّ الْمَعَاشُ وَالْمَعِيشَةُ وَاحِدٌ يُسْتَعْمَلَانِ مَصْدَرًا وَاسْمًا وَفِي الْمُحْكَمِ الْعَيْشُ الْحَيَاةُ عَاشَ عَيْشًا وَعِيشَةً وَمَعِيشًا وَمَعَاشًا ثُمَّ قَالَ الْمَعِيشُ وَالْمَعَاشُ وَالْمَعِيشَةُ مَا يُعَاشُ بِهِ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ زَادَ أَبُو دَاوُدَ وَمَعَادِي وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعَاشِ الْحَيَاةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمَعَاشِ مَا يُعَاشُ فِيهِ وَلِذَلِكَ وقع في حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي انْتَهَى (وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ) هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَاقْتُصِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ على عاقبة أمري وكذا في حديث بن مَسْعُودٍ وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَنَّ الْعَاجِلَ وَالْآجِلَ مَذْكُورَانِ بَدَلَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَدَلَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْكِرْمَانِيِّ لَا يَكُونُ الدَّاعِي جَازِمًا بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا إِنْ دَعَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ مَرَّةً فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي وَمَرَّةً فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ وَمَرَّةً فِي دِينِي وَعَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ قَالَ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ أَيِ الشَّكُّ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَلَا أَبِي هُرَيْرَةَ أَصْلًا انْتَهَى
(فَيَسِّرْهُ لِي) وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ عن بن مَسْعُودٍ فَوَفِّقْهُ وَسَهِّلْهُ (وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا أَيْ يَسِّرْهُ عَلَيَّ وَاجْعَلْهُ مَقْدُورًا لِفِعْلِي (حَيْثُ كَانَ) أَيِ الْخَيْرُ (ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ) بِهَمْزَةِ قَطْعٍ أَيِ
اجْعَلْنِي رَاضِيًا بِهِ (يُسَمِّي حَاجَتَهُ) أَيْ أَثْنَاءَ الدُّعَاءِ عِنْدَ ذِكْرِهَا بِالْكِنَايَةِ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ إِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ بَعْدَهَا فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَدْرِي الْعَبْدُ وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهَا أَمَّا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ خَيْرُهُ كَالْعِبَادَاتِ وَصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِخَارَةِ فِيهَا
قَالَ النَّوَوِيُّ إِذَا اسْتَخَارَ مَضَى بَعْدَهَا لِمَا شُرِحَ لَهُ صَدْرُهُ انْتَهَى
وَهَلْ يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وفي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهُ الصَّوَابِ فِي الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ مِمَّا لَمْ يَنْشَرِحْ لَهُ صَدْرُهُ قَالَ الْعِرَاقِيُّ الظَّاهِرُ الِاسْتِحْبَابُ وَقَدْ وَرَدَ تَكْرَارُ الِاسْتِخَارَةِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ بن السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ سَاقِطٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الِاسْتِخَارَةِ فِي الْأُولَى بَعْدَ الفاتحة قل يا أيها الكافرون وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ لَمْ أَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ أَحَادِيثِ الِاسْتِخَارَةِ مَا يُقْرَأُ فِيهِمَا
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (وأبي أيوب) أخرجه أحمد وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ (حَدِيثُ جَابِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
قَوْلُهُ (وَهُوَ شَيْخٌ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ إِلَخْ) قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ حَكَمَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ بِالصِّحَّةِ تَبَعًا لِلْبُخَارِيِّ فِي إِخْرَاجِهِ فِي الصَّحِيحِ وَصَحَّحَهُ أيضا بن حِبَّانَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ إِنَّ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي الموالي في الاستخارة منكر
وقال بن عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالَّذِي أَنْكَرَ عَلَيْهِ حَدِيثَ الِاسْتِخَارَةِ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
وقال شيخنا زين الدين كان بن عدي أراد بذلك أن لحديثه هذا شاهد مِنْ حَدِيثِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فَرْدًا مُطْلَقًا وَقَدْ وَثَّقَهُ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى