الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّلْخِيصِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الصَّوَابُ مَوْقُوفٌ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ اخْتُلِفَ فِيهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (التَّكْبِيرُ جَزْمٌ وَالسَّلَامُ جَزْمٌ) أَيْ لَا يُمَدَّانِ وَلَا يُعْرَبُ أَوَاخِرُ حُرُوفِهِمَا بَلْ يُسَكَّنُ فَيُقَالُ اللَّهُ أَكْبَرْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَالْجَزْمُ الْقَطْعُ مِنْهُ سُمِّيَ جَزْمُ الْإِعْرَابِ وَهُوَ السُّكُونُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ الْجَزَرِيِّ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ صَفْحَةَ 48 حَذْفُ السَّلَامِ الْإِسْرَاعُ به وهو المراد بقوله جزم وأما بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّكْبِيرَ وَالسَّلَامَ لَا يُمَدَّانِ وَلَا يُعْرَبُ التَّكْبِيرُ بَلْ يُسَكَّنُ آخِرُهُ وَتَبِعَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ جَزْمٌ لَا يُمَدُّ
قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ لَفْظِ الْجَزْمِ فِي مُقَابِلِ الْإِعْرَابِ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَكَيْفَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَلْفَاظُ النَّبَوِيَّةُ انْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ
تَنْبِيهٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ التَّكْبِيرُ جَزْمٌ وَالسَّلَامُ جَزْمٌ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ لَا أَصْلَ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ انْتَهَى
وَقَالَ السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ حَدِيثُ التَّكْبِيرُ جَزْمٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْمَرْفُوعِ مَعَ وقوعه في كتبا الرافعي وإنما هو حق مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَمِنْ جِهَتِهِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ بِزِيَادَةِ وَالْقِرَاءَةُ جَزْمٌ وَالْأَذَانُ جَزْمٌ وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ كَانُوا يَجْزِمُونَ التَّكْبِيرَ انْتَهَى
09 -
(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ [
298])
قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ) الْبَصْرِيِّ تَابِعِيٌّ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْهُ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ وَغَيْرُهُ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (إِذَا سَلَّمَ لَا يَقْعُدُ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ إِلَخْ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ قُعُودُهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ أَزْيَدَ مِنْ هَذَا الْمِقْدَارِ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ) هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ أَنْتَ السَّلِيمُ مِنَ الْمَعَائِبِ وَالْآفَاتِ وَمِنْ كُلِّ نَقْصٍ (وَمِنْكَ السَّلَامُ) هَذَا بِمَعْنَى السَّلَامَةِ أَيْ أَنْتَ الَّذِي تُعْطِي السَّلَامَةَ وَتَمْنَعُهَا
قَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْمَصَابِيحِ وَأَمَّا مَا يُزَادُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمِنْكَ السَّلَامُ وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ وَأَدْخِلْنَا دَارَكَ السَّلَامَ فَلَا أَصْلَ لَهُ بل مختلق بَعْضِ الْقُصَّاصِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (تَبَارَكْتَ) مِنَ الْبَرَكَةِ وَهِيَ الْكَثْرَةُ وَالنَّمَاءُ أَيْ تَعَاظَمَتْ إِذَا كَثُرَتْ صِفَاتُ جَلَالِكَ وَكَمَالِكَ (ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) أَيْ يَا ذَا الْجَلَالِ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ وَالْجَلَالُ الْعَظَمَةُ وَالْإِكْرَامُ الْإِحْسَانُ [299](وَقَالَ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) أَيْ قَالَ هَنَّادٌ فِي رِوَايَتِهِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ بِزِيَادَةِ لَفْظِ يا
قوله (وفي الباب عن ثوبان وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ) أَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ فَأَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى
قُلْتُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ
وَأَمَّا حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قُلْنَا لِأَبِي سَعِيدٍ هَلْ حَفِظْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا كان يقوله بعد ما سَلَّمَ قَالَ نَعَمْ كَانَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ والحمد لله رب العالمين
قَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ انْتَهَى
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى الْحَدِيثَ
وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثَ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لَا إِلَهَ إِلَا اللَّهُ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِدُونِ لَفْظِ يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ زَادَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْمُغِيرَةِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ إِلَى قَدِيرٍ وَرُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ وَثَبَتَ مِثْلُهُ عِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ لَكِنْ فِي الْقَوْلِ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى انْتَهَى (لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ فِي اللَّفْظَيْنِ أَيْ لَا يَنْفَعُ صَاحِبُ الْغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ وإنما يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْجَدُّ الْغِنَى وَيُقَالُ الْحَظُّ قَالَ وَمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْكَ بِمَعْنَى الْبَدَلِ قَالَ الشَّاعِرُ فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى الظَّمْآنِ يُرِيدُ لَيْتَ لَنَا بَدَلَ مَاءِ زَمْزَمَ انْتَهَى
وَفِي الصِّحَاحِ مَعْنَى مِنْكَ هُنَا عِنْدَكَ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ
وقال بن التِّينِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْبَدَلِ وَلَا عِنْدَ بَلْ هُوَ كَمَا تَقُولُ وَلَا يَنْفَعُكَ مِنِّي شَيْءٌ إِنْ أَنَا أَرَدْتُكَ بِسُوءٍ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ مَعْنًى وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا بمعنى عند أوفيه حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ مِنْ قَضَائِي أَوْ سَطْوَتِي أَوْ عَذَابِي
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ فِي الْمُغْنِي الْأَوَّلَ قَالَ
وَالْجَدُّ مَضْبُوطٌ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَمَعْنَاهُ الْغِنَى أَوِ الْحَظُّ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْحَظُّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ أَوِ الْوَلَدِ أَوِ الْعَظَمَةِ أَوِ السُّلْطَانِ وَالْمَعْنَى لَا يُنْجِيهِ حَظُّهُ مِنْكَ وَإِنَّمَا يُنْجِيهِ فَضْلُكَ وَرَحْمَتُكَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُلَخَّصًا
قُلْتُ فَالْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْجِدُّ بكسر الجيم فقد حكى عن أبي عمر والشيباني أَنَّهُ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعْنَاهُ هُنَا إِلَّا بِتَكَلُّفٍ قِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ اجْتِهَادُهُ وَأَنْكَرَهُ الطَّبَرِيُّ
وَقَالَ الْقَزَّازُ فِي تَوْجِيهِ إِنْكَارِهِ الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ نَافِعٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ دَعَا الْخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ لَا يَنْفَعُ عِنْدَهُ قَالَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَتَضْيِيعِ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَقِيلَ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ بمجرده مالم يُقَارِنْهُ الْقَبُولُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ ورحمته
قَوْلُهُ (وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّكَ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى كَمَا عَرَفْتَ (رَبِّ الْعِزَّةِ) أَيِ الْغَلَبَةِ بَدَلٌ مِنْ رَبِّكَ (عَمَّا يَصِفُونَ) بِأَنَّ لَهُ وَلَدًا (وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) أَيِ الْمُبَلِّغِينَ عَنِ اللَّهِ التَّوْحِيدَ وَالشَّرَائِعَ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) عَلَى نَصْرِهِمْ وَهَلَاكِ الْكَافِرِينَ
[300]
قوله (أَخْبَرَنَا شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ) هُوَ شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ ثِقَةٌ (قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ) اسْمُهُ عُمَرُ بْنُ مَرْثَدٍ وَيُقَالُ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
قَوْلُهُ (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالِانْصِرَافِ السَّلَامُ (اسْتَغْفَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ كَيْفَ الِاسْتِغْفَارُ قَالَ يَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ اسْتِغْفَارُهُ صلى الله عليه وسلم مع أنه مغفور له
قال بن سَيِّدِ النَّاسِ هُوَ وَفَاءٌ بِحَقِّ الْعُبُودِيَّةِ وَقِيَامٌ بِوَظِيفَةِ الشُّكْرِ كَمَا قَالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَلِيُبَيِّنَ لَلْمُؤْمِنِينَ سُنَّتَهُ فِعْلًا كَمَا بَيَّنَهَا قَوْلًا فِي الدُّعَاءِ وَالضَّرَاعَةِ لِيُقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى (أَنْتَ السَّلَامُ) وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ
فَائِدَةٌ قَالَ الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَأَمَّا الدُّعَاءُ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوِ الْمَأْمُومِينَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم أَصْلًا وَلَا رُوِيَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا حَسَنٍ
وَأَمَّا تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِصَلَاتَيِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ وَلَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ أُمَّتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ رَآهُ مَنْ رَآهُ عِوَضًا مِنَ السُّنَّةِ بَعْدَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَعَامَّةُ الْأَدْعِيَةِ المتعلقة
بِالصَّلَاةِ إِنَّمَا فَعَلَهَا فِيهَا وَأَمَرَ بِهَا فِيهَا وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِحَالِ الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى رَبِّهِ يُنَاجِيهِ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا سَلَّمَ مِنْهَا انْقَطَعَتْ تِلْكَ الْمُنَاجَاةُ وَزَالَ ذَلِكَ الْمَوْقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ فَكَيْفَ يَتْرُكُ سُؤَالَهُ فِي حَالِ مُنَاجَاتِهِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْأَلُ إِذَا انْصَرَفَ عَنْهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ عَكْسَ هَذَا الْحَالِ هُوَ الأولى بالمصلى إلا أن ها هنا نُكْتَةً لَطِيفَةً وَهُوَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَذَكَرَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَسَبَّحَهُ وَحَمِدَهُ وَكَبَّرَهُ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ عُقَيْبَ الصَّلَاةِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ وَيَدْعُوَ مَا شَاءَ وَيَكُونُ دعاءه عُقَيْبَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الثَّانِيَةِ لَا لِكَوْنِهِ دُبُرَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ وَحَمِدَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتُجِيبَ لَهُ الدُّعَاءُ عُقَيْبَ ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لْيَدْعُ بِمَا شَاءَ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ حديث صحيح انتهى كلام بن القيم وتعقبه الحافظ بن حَجَرٍ كَمَا نَقَلَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي الْمَوَاهِبِ بِقَوْلِهِ مَا ادَّعَاهُ مِنَ النَّفْيِ مُطْلَقًا مَرْدُودٌ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَلَا تَدَعْ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ النسائي وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ سَمِعْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَحَدِيثُ صُهَيْبٍ رَفَعَهُ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصَّلَاةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الْحَدِيثَ
أخرجه النسائي وصححه بن حِبَّانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ
فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِدُبُرِ الصَّلَاةِ قُرْبُ آخِرِهَا وَهُوَ التَّشَهُّدُ
قُلْتُ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالذِّكْرِ دُبُرَ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَعْدَ السَّلَامِ إِجْمَاعًا فَكَذَا هَذَا حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قِيلَ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ قَالَ الدُّعَاءُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ أَفْضَلُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ النَّافِلَةِ كَفَضْلِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى النَّافِلَةِ
وَفَهِمَ كَثِيرٌ من الحنابلة أن مراد بن الْقَيِّمِ نَفْيُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّهُ نَفَاهُ بِقَيْدِ استمرار المصلى القبلة وإيراده عقب السلام وأما إذا نفل بِوَجْهِهِ أَوْ قَدَّمَ الْأَذْكَارَ الْمَشْرُوعَةَ فَلَا يُمْنَعُ عِنْدَهُ الْإِتْيَانُ بِالدُّعَاءِ حِينَئِذٍ انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ لَا رَيْبَ فِي ثُبُوتِ الدُّعَاءِ بَعْدَ الِانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا وَفِعْلًا وَقَدْ ذَكَرَهُ الحافظ بن الْقَيِّمِ أَيْضًا فِي زَادِ الْمَعَادِ حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ مَا لَفْظُهُ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ
انْصِرَافِهِ مِنْ صَلَاتِهِ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ عِصْمَةَ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ نِقْمَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ
وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم إِلَّا سَمِعْتُهُ حِينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاتِهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَذُنُوبِي كُلَّهَا اللَّهُمَّ ابْعَثْنِي وَأَحْيِنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي لِصَالِحِ الْأَعْمَالِ وَالْأَخْلَاقِ إِنَّهُ لَا يَهْدِي لِصَالِحِهَا وَلَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أنت
وذكر بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّمِيمِيِّ قَالَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ وَإِذَا صَلَّيْتَ المغرب قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ
انْتَهَى كلام بن الْقَيِّمِ
فَقَوْلُهُ أَمَّا الدُّعَاءُ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوِ الْمَأْمُومِينَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم لَا أَدْرِي مَا مَعْنَاهُ وَمَا مُرَادُهُ بِهَذَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ نَفَاهُ بِقَيْدِ اسْتِمْرَارِ الْمُصَلِّي الْقِبْلَةَ وَإِيرَادُهُ عَقِبَ السَّلَامِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
فَائِدَةٌ اعْلَمْ أَنَّ عُلَمَاءَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ رَافِعًا يَدَيْهِ وَيُؤَمِّنَ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْمَأْمُومِينَ رَافِعِي أَيْدِيَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ جَوَازِهِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ بِدْعَةٌ قَالُوا إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَنَدٍ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُحْدَثٌ وَكُلُّ مُحْدَثٍ بِدْعَةٌ وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ فَاسْتَدَلُّوا بِخَمْسَةِ أَحَادِيثَ
الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هريرة
قال الحافظ بن كثير في تفسيره ص 172 ج 3 قال بن أبي حاتم حدثنا أبو معمر المقرئ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيْهِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ خَلِّصِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَضَعَفَةَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يهتدون سبيلا من أيدي الكفار
وقال بن جَرِيرٍ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي دُبُرِ صَلَاةِ الظُّهْرِ اللَّهُمَّ خَلِّصِ الْوَلِيدَ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَضَعَفَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا
وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ كَمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى ما في تفسير بن كثير
قُلْتُ وَفِي سَنَدِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ
الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي رِسَالَتِهِ فَضُّ الْوِعَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأَسْلَمِيِّ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَرَأَى رَجُلًا رَافِعًا يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ
قَالَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ
قُلْتُ وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ وَقَالَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَتَرْجَمَ لَهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ انْتَهَى
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السُّنِّيُّ فِي كِتَابِهِ عَمَلُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْبَالِسِيُّ حدثنا عبد العزيز بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ بَسَطَ كَفَّيْهِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَهِي وَإِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَإِلَهَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْتَجِيبَ دَعْوَتِي فَإِنِّي مُضْطَرٌّ وَتَعْصِمَنِي فِي دِينِي فَإِنِّي مُبْتَلًى وَتَنَالَنِي بِرَحْمَتِكَ فَإِنِّي مُذْنِبٌ وَتَنْفِيَ عَنِّيَ الْفَقْرَ فَإِنِّي مُتَمَسْكِنٌ إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ لَا يَرُدَّ يَدَيْهِ خَائِبَتَيْنِ
قُلْتُ فِي سَنَدِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ
قَالَ فِي الْمِيزَانِ اتَّهَمَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ بن حِبَّانَ كَتَبْنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ خَالِدٍ عَنْهُ نُسْخَةً ثَبَّتَهَا بِمِائَةِ حَدِيثٍ مَقْلُوبَةٍ مِنْهَا مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُلْزَقٌ بِإِنْسَانٍ لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ
وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَضَرَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى حَدِيثِهِ انْتَهَى
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الفجر فما سَلَّمَ انْحَرَفَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْأَعْلَامِ هَذَا الْحَدِيثَ بِغَيْرِ سَنَدٍ وَعَزَاهُ إِلَى الْمُصَنِّفِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِهِ فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصلاة مَثْنَى مَثْنَى تَشَهُّدٌ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَخَشُّعٌ وتضرع وتمسكن ثن تقنع يديك يقول ترفعهما إلى ربك مستقبلا بِبُطُونِهِمَا وَجْهَكَ وَتَقُولُ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَفِي رِوَايَةٍ فَهُوَ خِدَاجٌ
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِعُمُومِ أَحَادِيثِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ قَالُوا إِنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ مُسْتَحَبٌّ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدُّعَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ وَأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الدُّعَاءِ
وَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتِ الْمَنْعُ عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بَلْ جَاءَ فِي ثُبُوتِهِ الْأَحَادِيثُ الضِّعَافُ قَالُوا فَبَعْدَ ثُبُوتِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَعَدَمِ ثُبُوتِ الْمَنْعِ لَا يَكُونُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بِدْعَةً سَيِّئَةً بَلْ هُوَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهُ
أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ
وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْبًا حَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى إِنَّا لَنَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ دَاوُدَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ لِي عِصْمَةً وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ قَالَ وَحَدَّثَنِي كَعْبٌ أَنَّ صُهَيْبًا حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُنَّ عند إنصرافه من صلاته والحديث صححه بن حِبَّانَ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَدْ تَقَدَّمَ في كلام بن الْقَيِّمِ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ وَحَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ
وَأَمَّا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ رَفَعَهُ إِنَّ رَبَّكُمْ حيي كريم يستحي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ خَالِيَةً
قَالَ الْحَافِظُ سَنَدُهُ جَيِّدٌ
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ ذكر الرجل يطيل السفر أشعت أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَفْرَدَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي جُزْءٍ سَرَدَ مِنْهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ جُمْلَةً وَعَقَدَ لَهَا الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بَابًا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَ قَوْلِهِ وَرَفَعَ يديه
وحديث جابر أن الطفيل بن عمر وهاجر فَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي هَاجَرَ مَعَهُ وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو رَافِعًا يَدَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ الْحَدِيثَ وَهُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فِي قِصَّةِ الْكُسُوفِ فانتهيت
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو
وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْكُسُوفِ أَيْضًا ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَفِي حَدِيثِهَا عِنْدَهُ فِي دُعَائِهِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْحَدِيثَ
وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الطَّوِيلِ فِي فَتْحِ مَكَّةَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَدْعُو
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حميد في قصة بن اللُّتْبِيَّةِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ
وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِي
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمًا ثُمَّ سَرَّى عَنْهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا الْحَدِيثَ
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ
وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ كُنْتُ رَدِفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا فَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ وَهُوَ رَافِعٌ الْيَدَ الْأُخْرَى أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ
وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْحَدِيثَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ
وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
قُلْتُ وَفِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ رِسَالَةٌ لِلسُّيُوطِيِّ سَمَّاهَا فَضَّ الْوِعَاءِ فِي أَحَادِيثِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ هَلَكَ الْعِيَالُ هَلَكَ النَّاسُ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ يَدْعُو وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
قَالُوا هَذَا الرَّفْعُ هَكَذَا وَإِنْ كَانَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي مُطْلَقِ الدُّعَاءِ
قُلْتُ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ عِنْدِي أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ جَائِزٌ لَوْ فَعَلَهُ أَحَدٌ لَا بَأْسَ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ فِي هَذَا الزَّمَانِ يُوَاظِبُونَ عَلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ كُلِّ مَكْتُوبَةٍ مُوَاظَبَةَ الْوَاجِبِ فَكَأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ وَاجِبًا وَلِذَلِكَ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذا الجلال والاكرام ثم قال وَلَمْ يَدْعُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ
وَصَنِيعُهُمْ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ إِمَامِهِمُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَيْضًا مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِهِمُ الْمُعْتَبَرَةِ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عمدة القارىء قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلُّ صَلَاةٍ يُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا يَقُومُ وَمَا لَا يُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا كَالْعَصْرِ وَالصُّبْحِ فهو مخير وهو قول أبي مجلز لا حق بْنِ حُمَيْدٍ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ولم