الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ (حَدِيثُ فَاطِمَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ إِلَخْ) فَإِنْ قُلْتَ قَدِ اعْتَرَفَ التِّرْمِذِيُّ بِعَدَمِ اتِّصَالِ إِسْنَادِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ فَكَيْفَ قَالَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَسَّنَهُ لِشَوَاهِدِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَدْ يُحَسِّنُ الْحَدِيثَ مَعَ ضَعْفِ الْإِسْنَادِ للشواهد وهذا الحديث أخرجه أحمد وبن مَاجَهْ أَيْضًا فَإِنْ قُلْتَ لِمَ أَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ فَاطِمَةَ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ وَلَمْ يُورِدْ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي أَسِيدٍ وَهُوَ صَحِيحٌ بَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ قُلْتُ لِيُبَيِّنَ مَا فِيهِ مِنَ الِانْقِطَاعِ وَلِيَسْتَشْهِدَ بِحَدِيثِ أَبِي أَسِيدٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ
20 -
(بَاب مَا جَاءَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ [
316])
قَوْلُهُ (عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) بْنِ الْعَوَّامِ الْأَسَدِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ عَابِدٌ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهُ قَافٌ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ مَاتَ سنة 104 أربع ومائة يقال له رواية)
قَوْلُهُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ أَيْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ إِطْلَاقِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ في ذلك للندب
ونقل بن بَطَّالٍ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ الْوُجُوبَ
وَالَّذِي صَرَّحَ به بن حَزْمٍ عَدَمُهُ
وَمِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي رَآهُ يَتَخَطَّى اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِصَلَاةٍ كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى
قُلْتُ لَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَهَا فِي جَانِبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ قَبْلَ وُقُوعِ التَّخَطِّي مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِهَا وَالنَّهْيِ عَنْ تَرْكِهَا
قُلْتُ وَمِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ مَا أَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَلَا يُصَلُّونَ
وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّحِيَّةَ إِنَّمَا تُشْرَعُ لِمَنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ وَلَيْسَ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَدْخُلُونَ وَيَجْلِسُونَ وَيَخْرُجُونَ بِغَيْرِ صَلَاةِ تَحِيَّةٍ وَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ إِلَّا بَعْدَ تَبْيِينِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ
وَمِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَمَّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ
وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بأن التعاليم الواقعة في مبادىء الشريعة لا تصلح الصرف وُجُوبِ مَا تَجَدَّدَ مِنَ الْأَوَامِرِ وَإِلَّا لَزِمَ قَصْرُ وَاجِبَاتِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالشَّهَادَتَيْنِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَكَذَا الْمَلْزُومُ
وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ يَنْفِي وُجُوبَ الْوَاجِبَاتِ ابْتِدَاءً لَا الْوَاجِبَاتِ بِأَسْبَابٍ يَخْتَارُ الْمُكَلَّفُ فِعْلَهَا كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا لِأَنَّ الدَّاخِلَ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الصَّلَاةَ بِالدُّخُولِ فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ شُمُولُ ذَلِكَ الصَّارِفِ لِمِثْلِهَا
وَذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ جَوَابًا ثَالِثًا وَذَكَرَ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ مُفَصَّلًا وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ إِذَا عَرَفْتَ هَذَا لَاحَ لَكَ أَنَّ الظَّاهِرَ مَا قَالَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ انْتَهَى
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا الْأَوْقَاتُ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا لَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ بِدَاخِلٍ فِيهَا
قَالَ الْحَافِظُ هُمَا عُمُومَانِ تَعَارَضَا الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ لِكُلِّ دَاخِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ أَحَدِ الْعُمُومَيْنِ فَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى تَخْصِيصِ النَّهْيِ وَتَعْمِيمِ الْأَمْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى عَكْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَيْنِ الْعُمُومَيْنِ مَا لَفْظُهُ فَتَخْصِيصُ أَحَدِ الْعُمُومَيْنِ بِالْآخَرِ تَحَكُّمٌ وَكَذَلِكَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مَعَ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَمَعَ اشْتِمَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى النَّهْيِ أَوِ النَّفْيِ الَّذِي فِي مَعْنَاهُ وَلَكِنَّهُ إِذَا وَرَدَ مَا يَقْضِي بِتَخْصِيصِ أَحَدِ الْعُمُومَيْنِ عُمِلَ عَلَيْهِ وَصَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ مُخْتَصٌّ بِهِ بَلْ ثَبَتَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ أَفَنَقْضِيهِمَا إِذَا فَاتَتَا قَالَ لَا
وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ لَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ إِلَّا جَوَازُ قَضَاءِ سُنَّةِ الظُّهْرِ لَا جَوَازُ جَمِيعِ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ نَعَمْ حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الَّذِي سَيَأْتِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلرَّجُلَيْنِ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا فَقَالَا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ
أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ
وَكَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ صَلَاةَ الصُّبْحِ كَمَا سَيَأْتِي يَصْلُحُ لِأَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَصِّصَاتِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِالْكَرَاهَةِ وَكَذَلِكَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ
وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ فِعْلَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ في الأوقات المكروهة وتركها لا يخلوا عِنْدَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا مِنْ إِشْكَالٍ وَالْمَقَامُ عِنْدِي مِنَ الْمَضَائِقِ وَالْأَوْلَى لِلْمُتَوَرِّعِ تَرْكُ دُخُولِ الْمَسَاجِدِ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ
قَوْلُهُ (قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ) قَالَ الْحَافِظُ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ إِذَا خَالَفَ وَجَلَسَ لَا يُشْرَعُ التَّدَارُكُ وفيه نظر لما رواه بن حبان في صحيحه من حديث أبي ذرأنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَارْكَعْهُمَا
ترجم عليه بن حِبَّانَ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ قَالَ الْحَافِظُ وَمِثْلُهُ قِصَّةُ سُلَيْكٍ كَمَا سَيَأْتِي في الجمعة انتهى
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَّامِّ مِنَ الْجُلُوسِ أَوَّلًا ثُمَّ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ ثَانِيًا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ انْتَهَى
قُلْتُ وَيُبْطِلُهُ حَدِيثُ الْبَابِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بلفظ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيَّ لَمَّا أَتَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ والنبي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَقَعَدَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ لَمَّا أَتَى الْمَسْجِدَ بِثَمَنِ جَمَلِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه بن عَدِيٍّ كَمَا فِي التَّلْخِيصِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذر فأخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا نَهَارًا فِي الضُّحَى فَإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ (وَرَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ