الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْبَلِ الْمُحَدِّثُونَ الْمُتَقَدِّمُونَ كالشافعي وأحمد بن حنبل وبن مَعِينٍ وَالْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَأَبِي حَاتِمٍ وَأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ وَالْحَاكِمِ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِمْ زِيَادَةَ ثُمَّ لا يعود في حديث بن مَسْعُودٍ وَزِيَادَةَ فَصَاعِدًا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ وَزِيَادَةَ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَلَمْ يَجْعَلُوهَا غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ لِأَصْلِ الْحَدِيثِ
قُلْتُ إِنَّمَا لَمْ يَقْبَلُوا هَذِهِ الزِّيَادَاتِ لِأَنَّهُ قَدْ وَضَحَ لَهُمْ دَلَائِلُ عَلَى أَنَّهَا وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ كَمَا بَيَّنُوهُ وَأَوْضَحُوهُ لَا لِمُجَرَّدِ أَنَّ رَاوِيَهَا قَدْ تَفَرَّدَ بِهَا كَمَا زَعَمَ النِّيمَوِيُّ
وَإِنَّمَا أَطْنَبْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ الْقَاصِرُونَ بِمَا حَقَّقَ النِّيمَوِيُّ فِي زَعْمِهِ الْفَاسِدِ
قَوْلُهُ (وَاسْمُ هُلْبٍ يَزِيدُ بْنُ قُنَافَةَ الطَّائِيُّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَخِفَّةِ النُّونِ وَبِفَاءٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي لِصَاحِبِ مَجْمَعِ الْبِحَارِ
5 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)
[253]
قَوْلُهُ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ إِلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ إِلَّا فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَمِنَ الْأَعْصَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَدْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ زَمَنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ بَعْضُهُمْ لَا يَرَى التَّكْبِيرَ إِلَّا لِلْإِحْرَامِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وأنس وبن عُمَرَ وَأَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي مُوسَى وَعِمْرَانَ
بن حصين ووائل بن حجر وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ النسائي
وأما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مالك الأشعري فأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ
وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
وَأَمَّا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ والنسائي وبن ماجه
وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ بِالْبَطْحَاءِ خَلْفَ شَيْخٍ أَحْمَقَ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ
فَقَالَ بن عَبَّاسٍ تِلْكَ صَلَاةُ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَغَيْرُهُمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ) قَالَ الْبَغَوِيُّ اتَّفَقَتِ الأمه على هذه التكبيرات قال بن سَيِّدِ النَّاسِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُشْرَعُ إِلَّا تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ فَقَطْ يُحْكَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَقَتَادَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُمَرَ بن عبد العزيز والحسن البصري ونقله بن الْمُنْذِرِ عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عبد الله بن عمر ونقله بن بَطَّالٍ عَنْ جَمَاعَةٍ أَيْضًا مِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أبي سفيان وبن سِيرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ التَّكْبِيرَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِلَّا فِي الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُكَبِّرَ وَقَالَ أَحْمَدُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَبِّرَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْفَرْضِ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا
وَرُوِيَ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى وحده
واستدل مَنْ قَالَ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ كَذَلِكَ بِمَا أخرجه أحمد وأبو داود عن بن أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ إِذَا خَفَضَ وَرَفَعَ وَفِي رِوَايَةٍ فَكَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا خَفَضَ يَعْنِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي إِسْنَادِهِ الْحَسَنُ بْنُ عمران قال أبو زرعة شيخ ووثقه بن حِبَّانَ وَحَكَى عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ هَذَا عِنْدِي بَاطِلٌ وَهَذَا لَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ أَحَادِيثِ الْبَابِ لِكَثْرَتِهَا وَصِحَّتِهَا وَكَوْنِهَا مُثْبِتَةً وَمُشْتَمِلَةً عَلَى الزِّيَادَةِ
وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ أَقَلُّ أَحْوَالِهَا الدَّلَالَةُ عَلَى سُنِّيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ عُثْمَانُ حِينَ كَبَّرَ وَضَعَّفَ صَوْتَهُ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَرَكَ الْجَهْرَ
وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ مُعَاوِيَةُ
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَهُ زِيَادٌ وَهَذِهِ
الروايات غير متنافية لِأَنَّ زِيَادًا تَرَكَهُ بِتَرْكِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ تَرَكَهُ بِتَرْكِ عُثْمَانَ وَقَدْ حَمَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْإِخْفَاءِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ كَانُوا يَتْرُكُونَ التَّكْبِيرَ فِي الْخَفْضِ دُونَ الرَّفْعِ وَمَا هَذِهِ بِأَوَّلِ سُنَّةٍ تَرَكُوهَا
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَجِبُ كُلُّهُ
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى النُّدْبِيَّةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ صَلَاتَهُ
وَلَوْ كَانَ واجبا لعلمه وأيضا حديث بن أَبْزَى يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ تَرْكَهُ صلى الله عليه وسلم لَهُ فِي بَعْضِ الحالات لبيان الجواز وا شعار بِعَدَمِ الْوُجُوبِ
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الْمُسِيءَ صَلَاتَهُ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْمُسِيءِ بِلَفْظِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ
فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ
قُلْتُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ صلاته التكبير
[254]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ آخِرُهُ رَاءٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ الزَّاهِدُ ثِقَةٌ عَابِدٌ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ (قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بن الحسن) بن شَقِيقٍ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيَّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ روى عن إبراهيم بن طهمان وبن المبارك وغيرهما وعنه البخاري وأحمد وبن مَعِينٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَاتَ سَنَةَ 215 خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ
قَوْلُهُ (كَانَ يُكَبِّرُ وَهُوَ يَهْوِي أَيْ يَهْبِطُ إِلَى السُّجُودِ الْأَوَّلِ مِنْ هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا كَضَرَبَ يَضْرِبُ إِذَا سَقَطَ وَأَمَّا هَوَى بِمَعْنَى مَالَ وَأَحَبَّ فَهُوَ مِنْ بَابِ سَمِعَ يَسْمَعُ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُطَوَّلًا وَفِيهِ) ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِيهِ أن التكبير ذكر الهوى فيبتدي بِهِ مِنْ حِينِ يَشْرَعُ فِي الْهُوِيِّ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ إِلَى حِينِ يَتَمَكَّنُ سَاجِدًا انْتَهَى