الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَفِي تَحْدِيثِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ بَعْدَهُمَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الجمهور وقد روى عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ رَوَى ذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ وَمِمَّنْ كَرِهَهُ مِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلْيَسْكُتُوا وَإِنْ كَانُوا رُكْبَانًا وَإِنْ لَمْ يَرْكَعُوهُمَا فَلْيَسْكُتُوا انْتَهَى (وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْكَلَامِ بَعْدَ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ وَقَالَ الْقَاضِي وَكَرِهَهُ الْكُوفِيُّونَ وَرُوِيَ عَنِ بن مَسْعُودٍ وَبَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِغْفَارِ وَالصَّوَابُ الْإِبَاحَةُ لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَوْنُهُ وَقْتَ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِغْفَارِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْكَلَامِ انْتَهَى
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي إِرْشَادِ السَّارِي وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ الْمُبَاحِ بَعْدَ ركعتي الفجر قال بن الْعَرَبِيِّ لَيْسَ فِي السُّكُوتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَضْلٌ مَأْثُورٌ إِنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ انْتَهَى
قُلْتُ أَمَّا أَثَرُ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي الْكَرَاهَةِ فَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ خَرَجَ بن مَسْعُودٍ عَلَى قَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَنَهَاهُمْ عَنِ الْحَدِيثِ وَقَالَ إِنَّمَا أَجَبْتُمْ لِلصَّلَاةِ فَإِمَّا أَنْ تُصَلُّوا وَإِمَّا أَنْ تَسْكُتُوا وَكَذَا رَوَاهُ فِيهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَلَيْسَ هَذَا الْأَثَرُ بِمُتَّصِلٍ عَطَاءٌ لم يسمع من بن مَسْعُودٍ وَكَذَا أَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَإِنْ صَحَّ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ الْمُتَحَدِّثِينَ لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا لَا يُجْدِي نَفْعًا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ
وَالسُّكُوتُ عَنْ مِثْلِ هَذَا لَيْسَ بِمُخْتَصٍّ فِي هَذَا بِوَقْتٍ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى هَذَا فَالتَّحْدِيثُ بِالْكَلَامِ الْمُبَاحِ ثَابِتٌ مِنَ الشَّارِعِ وَكَلَامُ الصَّحَابَةِ لَا يُوَازِنُ كلام الشارع
وأما قول بن الْعَرَبِيِّ إِنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَأَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ مَرْفُوعًا مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ بذكر الله حتى كانت له تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ
95 -
(بَاب مَا جَاءَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ [
419])
قَوْلُهُ (لَا صلاة بعد الفجر) أي بعد طلوع كَمَا فَسَّرَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ الْبَابِ الفجر (إلا
سَجْدَتَيْنِ) يَعْنِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ السُّنَّةَ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَحَفْصَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِي إِسْنَادِهِمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْإِفْرِيقِيُّ
وَأَمَّا حَدِيثُ حَفْصَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خفيفتين واللفظ لمسلم
قوله (حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ قَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِ شَيْخِهِ يَعْنِي شَيْخَ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى فَقِيلَ أَيُّوبُ بْنُ حُصَيْنٍ وَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ حُصَيْنٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ انْتَهَى
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ لَا يُعْرَفُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَجْهُولٌ انتهى
فحديث بن عُمَرَ هَذَا ضَعِيفٌ
وَقَدِ اعْتَرَضَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى بِأَنَّ الطَّبَرَانِيَّ قَدْ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا قُدَامَةُ قُلْتُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى التِّرْمِذِيِّ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَنْفِي عِلْمَهُ وَمَعْرِفَتَهُ (وَهُوَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ دَعْوَى التِّرْمِذِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ عَجِيبٌ فَإِنَّ الخلاف فيه مشهور حكاه بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ)
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَفْعَلَهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ
وَقَدْ أَطْنَبَ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ انْتَهَى
وَقَدِ اسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَ التَّنَفُّلَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَخِيرُ فَصَلِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَقْبُولَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ وَفِي لَفْظٍ فَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ الْحَدِيثَ
قُلْتُ الرَّاجِحُ عِنْدِي هُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ لِدَلَالَةِ أَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَيْهِ صَرَاحَةً