الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السُّجُودِ طَالِبًا لِلْقِيَامِ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ مَا قَالَ لَكِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ تُعَيِّنُ الْمُرَادَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عمدة القارىء مَا لَفْظُهُ وَفِي التَّلْوِيحِ وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ هَذَا كَانَ رُخْصَةً وَأَمَّا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ غَيْرَ مَا قَالَهُ بن عَجْلَانَ فَذَكَرَهُ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الِاعْتِمَادِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ انْتَهَى
قُلْتُ قَدْ وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَنَا بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاعْتِمَادِ فِي السُّجُودِ وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ وَقَدْ وَقَعَ فِي جَمِيعِهَا لَفْظُ إِذَا تَفَرَّجُوا كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أبي داود فلعله وقع في بضع النُّسَخِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَصَاحِبُ التَّوْشِيحِ وَاللَّهُ تعالى أعلم
8 -
(بَابُ كَيْفَ النُّهُوضُ مِنَ السُّجُودِ [
287])
قَوْلُهُ (إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ (لَمْ يَنْهَضْ) أَيْ لَمْ يَقُمْ (حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا) وَهَذِهِ الْجِلْسَةُ تُسَمَّى بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَأَخَذَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا ولم يستحبها الْأَكْثَرُ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَبِأَحَادِيثَ أُخْرَى فَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
أَنَا أَعْلَمُكُمْ
بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا فَاعْرِضْ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَعْتَدِلُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا ثُمَّ يَسْجُدُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ وَيُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَعْتَدِلُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَنْهَضُ ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَخْ رَوَاهُ أبو داود والدارمي وروى الترمذي وبن مَاجَهْ مَعْنَاهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ كَذَا فِي مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ
وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ هَكَذَا ثُمَّ هَوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ وَفَتَحَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ نَهَضَ ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَخْ
ومنها حديث بن عَبَّاسٍ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَآخَرُونَ وَفِيهِ ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ فَتَقُولُهَا عَشْرًا فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْحَدِيثَ
قَالَ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ فِي إِثْبَاتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَا لَفْظُهُ اعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا الْحَنَفِيَّةِ وَكَثِيرًا مِنَ الْمَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ قَدْ ذَكَرُوا فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي حَكَاهَا التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْخَالِيَةَ عَنْ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمُحَدِّثُونَ أَكْثَرُهُمُ اخْتَارُوا الْكَيْفِيَّةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا أَسْلَفْنَا أَنَّ الْأَصَحَّ ثُبُوتًا هُوَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ فَلْيَأْخُذْ بِهَا مَنْ يُصَلِّيهَا حَنَفِيًّا كَانَ أَوْ شَافِعِيًّا انْتَهَى
قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ
تَنْبِيهٌ قَدِ اعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَقُلْ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ عَنِ العَمَلِ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ بِأَعْذَارٍ كُلِّهَا بَارِدَةٍ فَمِنْهَا مَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الْكِبَرِ وَرَدَّهُ صَاحِبُ بَحْرِ الرَّائِقِ حَيْثُ قَالَ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام صَلُّوا كما رأيتموني أصلي انتهى
وقال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الدِّرَايَةِ هَذَا تَأْوِيلٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَلَمْ يُفَصِّلْ لَهُ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى
وَمِنْهَا مَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ خَالٍ عَنْهَا أَيْ عَنْ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ قَالَ فَلَمَّا تَخَالَفَا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ
مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ انْتَهَى
وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلَّةِ وَأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَحِكَايَاتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ وَلَمْ تَتَّفِقِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ عَلَى نَفْيِ هَذِهِ الْجِلْسَةِ بَلْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِإِثْبَاتِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قُلْتُ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِثْبَاتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ
وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ
وَفِيهِ أَنَّهَا جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا اسْتُغْنِيَ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ لِلْقِيَامِ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النُّهُوضِ إِلَى الْقِيَامِ
وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ أَنَّ السُّنَنَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كل واحد ممن وصفع صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا مِنْ مَجْمُوعِهِمْ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالْأَعْذَارُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ لَا يَلِيقُ أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَيْهَا
قَوْلُهُ (حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا وبن مَاجَهْ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَإِلَى الْقَوْلِ بِهَا رَجَعَ أَحْمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنِ القَوْلِ بِتَرْكِ جِلْسَةِ الاستراحة إلى القول بها
قال بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ هَلْ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ لَا يَجْلِسُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَجْلِسُ وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ قَالَ الْخَلَّالُ رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِلَى هَذَا يَعْنِي تَرَكَ قَوْلَهُ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَلَى مَتْنِ الْمُقْنِعِ لِشَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيِّ وَفِيهِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَجْلِسُ
اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ قَالَ الْخَلَّالُ رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِهِ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ
وقال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ قَالَ الْخَلَّالُ رَجَعَ أَحْمَدُ إِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ
فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ
فَفِي رُجُوعِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنِ القَوْلِ بِتَرْكِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْلِيقَاتِهِ عَلَى الترمذي رجوعه عن الحافظ بن حجر وعن بن الْقَيِّمِ ثُمَّ قَالَ وَظَنِّي أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَرْجِعْ انْتَهَى
قُلْتُ مَبْنَى ظَنِّهِ هَذَا وَمَنْشَؤُهُ لَيْسَ إِلَّا التَّقْلِيدُ فَإِنَّهُ إِذَا تَمَكَّنَ فِي قَلْبٍ وَرَسَخَ فِيهِ يَنْشَأُ مِنْهُ كَذَلِكَ ظُنُونٌ فَاسِدَةٌ (وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا) يَعْنِي أَصْحَابَ الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رحمه الله إِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا يُرِيدُ بِهِمْ أَصْحَابَ الحديث
9214214214 214 - باب منه أيضا [288] قوله (عن خَالِدُ بْنُ إِيَاسٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَخِفَّةِ التَّحْتِيَّةِ (وَيُقَالُ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ صَخْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ أَبُو الْهَيْثَمِ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ إِمَامُ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ مِنَ السَّابِعَةِ
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مَتْرُوكٌ (عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ قَالَ الْحَافِظُ صَدُوقٌ اخْتَلَطَ باخره
قال بن عَدِيٍّ لَا بَأْسَ بِرِوَايَةِ الْقُدَمَاءِ عَنْهُ كَابْنِ أبي ذئب وبن جُرَيْجٍ مِنَ الرَّابِعَةِ
قَوْلُهُ (يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) أَيْ بِدُونِ الْجُلُوسِ
وَالْحَدِيثُ قَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ لَا يَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ خَالِدَ بْنَ إِيَاسٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَمَا عَرَفْتَ وَأَيْضًا فِيهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَكَانَ قَدِ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ كَمَا عَرَفْتَ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ أَنْ يَنْهَضَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) لَوْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ
لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا
وَاسْتَدَلَّ مَنِ اخْتَارَ النُّهُوضَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ أُخْرَى وَآثَارٍ فَعَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهَا مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا
فَمِنْهَا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أَحْمَقُ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
قِيلَ يُسْتَفَادُ مِنْهُ تَرْكُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِلَّا لَكَانَتِ التَّكْبِيرَاتُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا ذِكْرٌ فَهِيَ لَيْسَتْ بِجِلْسَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ النُّهُوضِ إِلَى الْقِيَامِ فَكَيْفَ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَرْكُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَوْ سُلِّمَ فَدَلَالَتُهُ عَلَى التَّرْكِ لَيْسَ إِلَّا بِالْإِشَارَةِ وَحَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا بِالْعِبَارَةِ
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِبَارَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِشَارَةِ
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ قَوْمَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَشْعَرِيِّينَ اجْتَمِعُوا وَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ أُعَلِّمْكُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَخَرَّ سَاجِدًا ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ كَبَّرَ فَانْتَهَضَ قَائِمًا رَوَاهُ أَحْمَدُ
قِيلَ قَوْلُهُ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَانْتَهَضَ قَائِمًا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ كَثِيرُ الْإِرْسَالِ وَالْأَوْهَامِ انْتَهَى
ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ بِنَفْيِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَوْ سُلِّمَ فَهُوَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِهَا لَا عَلَى نَفْيِ سُنِّيَّتِهَا ثُمَّ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَقْوَى وَأَصَحُّ وَأَثْبَتُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَفِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ رَوَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ صَحِيحٍ
وَالتِّرْمِذِيَّ بِإِثْبَاتِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُمَا وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي