المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ - تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين

[البلقيني]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 2.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3.

أما بعد:

فإن العلم من أفضل القُرَب التي يتقرب بها العبد إلى ربه، كيف لا، وقد أثنى الله تعالى على أهله في غير آية، منها: قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (آل عمران:18)4. وقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا

1 آية (102) ِ سورة آل عمران.

2 آية (1) من سورة النساء.

3 آية (70 – 71) من سورة الأحزاب.

4 آية (18) من سورة آل عمران.

ص: 237

يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} 1، وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم في غير حديث: منها حديث معاوية رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"2.

وقد هيأ الله تبارك وتعالى ظهورَ علماء أجلاء في كل عصر من العصور، وقفوا أنفسهم على خدمة الكتاب والسنة واستنباط الأحكام منهما، فخلفوا ثروة عظيمة زخرت بها مكتبات العالَم في شتى الأقطار، ومن أولئك العلماء الأجلاء علم الدين صالح عمر البلقيني المتوفى سنة 868 هـ، فقد خلف ما يزيد على عشرين مؤلفا، ومما اطلعت عليه من مؤلفاته مخطوطة بعنوان:"تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين" فأردت أن أدلي بدلوي - مع قلة بضاعتي - بإخراج هذا المؤلف محققا.

أسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يعينني على ذلك، وييسره لي وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، إنه ولي ذلك، والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.

خطة البحث

يحتوي هذا البحث على مقدمة وقسمين: قسم في الدراسة، وقسم في التحقيق.

فأما قسم الدراسة فيشتمل على ما يلي:

- التعريف بالمؤلف:

1 آية (9) من سورة الزمر.

2 أخرجه البخاري 1/25 في كتاب العلم، باب: من يرد الله خيرا يفقه في الدين، واللفظ له، ومسلم 2/719 في الزكاة، باب النهي عن المسألة.

ص: 238

وهذا يشتمل على البحث عن: اسمه ونسبه، ومولده، ومكانته العلمية، وأبرز علماء أسرته، وشيوخه، وتلاميذه، وثناء العلماء عليه، وولايته للقضاء، ومؤلفاته، ووفاته.

- التعريف بالكتاب المحقق:

وذلك يشتمل على البحث عن: نسبة الكتاب للمؤلف، وموضوعات الكتاب وسبب تأليفه ومنهجه، ووصف النسخ المعتمدة في التحقيق، ونماذج من المخطوط، ومنهج التحقيق.

وأما قسم التحقيق فقد اتبعت فيه المنهج الآتي بيانه في صفحة (258) .

ص: 239

القسم الدراسي

في التعريف بالمؤلف والمخطوط المحقَّق

أولا: التعريف بالمؤلف

ويشتمل عل النقاط التالية:

* اسمه ونسبه:

هو علم الدين صالح بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن شهاب بن عبد الحق بن عبد الخالق البلقيني 1.

اشتهر بلقبه: "علم الدين "2.

وكنيته: "أبو البقاء "و " أبو النقى "3.

ونسبته إلى " بلقينة " محلة بالقرب من " بنها "إلى الشمال من القاهرة 4.

* مولده:

اتفق أكثر المترجمين له أن ولادته كانت ليلة الاثنين، الثالث من شهر جمادى الأولى، عام واحد وتسعين وسبعمائة للهجرة 5.

غير أن الحافظ ابن حجر ذكر أن المؤلف ولد سنة تسعين وسبعمائة

1 وردت ترجمة المؤلف في:

رفع الإصر لابن حجر 2/256، الدليل الشافي 1/351، الشيوخ لابن فهد ص/357، ذيل رفع الإصر ص/155، الضوء اللامع 3/312-314، حسن المحاضرة للسيوطي 1/444-445، نظم العقيان ص/119، شذرات الذهب 9/454، بدائع الزهور 2/419، كشف الظنون

1/354-363، 619، البدر الطالع 1/286-287، هدية العارفين 1/422، الأعلام

3/279، معجم المؤلفين 5/9، عصر السلاطين 2/116-117.

2 انظر: المصادر السابقة.

3 انظر: نظم العقيان ص/119، معجم المؤلفين 5/9.

4 انظر: عصر السلاطين 2/116.

5 انظر: مصادر ترجمته في هامش رقم (1) .

ص: 242

للهجرة1.

والأول هو الأقرب للصواب؛ إذ هو المثبت في جميع مصادر الترجمة، إلا ما ورد في كتاب "رفع الإصر " للحافظ ابن حجر، ولعله خطأ في النسخ أو الطباعة.

* مكانته العلمية:

تبوأ المؤلف مكانة علمية سامية، وبلغ رتبة عالية حتى كان إمام العلماء في عصره والمبرز فيهم، ولم يأت نبوغه من فراغ، بل إن نشأته في أسرة علمية، وترعرعه في بيت عريق اشتهر بالريادة العلمية، كان له الأثر الكبير في تكوين شخصيته العلمية الفذة.

فأسرة " مدرسة أسهمت في تخريج كثير من العلماء الأفذاذ الذين أسهموا في نشر العلوم الشرعية، وإثراء المكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب والرسائل، التي أفاد منها المعاصرون لهم ومن جاءوا بعدهم وقد اشتهر العديد منهم، ممن كانوا على قدر كبير من العلم والخلق والورع.

* ومن أبرز علماء هذه الأسرة:

1-

محمد بن عمر بن رسلان البلقيني " أخو المؤلف".

من أشهر الفقهاء في القرن الثامن الهجري، درَّس وأفتى، وتولى القضاء، له مؤلف بعنون «رسالة الكليم في تسلية أهل المصائب» ، توفي رحمه الله بالقاهرة سنة 791 هـ.2

2-

عمر بن رسلان بن نصير سراج الدين البلقيني (والد المؤلف) .

1 انظر: رفع الإصر عن قضاة مصر 2/256.

2 انظر: أنباء الغمر 2/376، طبقات ابن قاضي شهبة 3/171، شذرات الذهب 8/546.

ص: 243

برز في كافة العلوم الشرعية، وأثنى عليه علماءُ عصره، وفاق أقرانه في الفقه وحفظ متون الحديث. من مصنفاته: التدريب في الفقه، ومناسبات تراجم أبواب البخاري، وتصحيح المنهاج. توفي رحمه الله سنة 805 هـ.1

1-

عبد الرحمن بن عمر بن رسلان البلقيني، جلال الدين (أخو المؤلف) .

اشتهر بالذكاء وقوة الحفظ، وولي القضاء عدة مرات، ووصفه الحافظ ابن حجر بأنه من عجائب الدنيا في سرعة الفهم، وجودة الحفظ. من مؤلفاته: الإفهام لما في صحيح البخاري من الإبهام، وبيان الكبائر والصغائر، وحواشي الروضة. توفي رحمه الله سنة 824 هـ.2

2-

أحمد بن أبي بكر بن رسلان البلقيني، شهاب الدين، ابن أخ المؤلف.

كان فقيها عالما فاضلا، وجيها. من مؤلفاته: الروضة الأريضة في قسمة الفريضة. توفي رحمه الله سنة 844 هـ.3

3-

قاسم بن عبد الرحمن بن عمر بن رسلان، زين الدين (ابن أخ المؤلف) .

من فقهاء الشافعية. من مؤلفاته: شرح التنبيه، وشرح الحاوي، وشرح المنهاج. توفي رحمه الله سنة 861 هـ.4

4-

محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن رسلان البلقيني، بدر الدين،

(ابن ابن أخ المؤلف) .

اشتغل بالفقه والأصول والفرائض، ونبغ فيه، وتتلمذ عليه عدد كبير، وأخذوا عنه. من مؤلفاته: حاشية على خبايا الزوايا للزكشي في الفقه، وشرح

1 انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 4/36، البدر الطالع 1/506، الأعلام 5/46.

2 انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 4/87، أنباء الغمر 7/440، الأعلام 3/320.

3 انظر: الضوء اللامع 1/253، شذرات الذهب 9/362، معجم المؤلفين 1/176.

4 انظر: الضوء اللامع 6/181، شذرات الذهب 9/437، معجم المؤلفين 8/105.

ص: 244

مقدمة المناوي في النحو. توفي رحمه الله سنة 889 هـ.1

* شيوخه:

ظهر خلال الحقبة الزمنية التي عاش فيها المؤلف عدد كبير من أبرز العلماء والمجتهدين الذين تميزوا في مختلف العلوم والفنون، وازدهرت فيه الحركة العلمية، وكان لأولئك الجهابذة تأثير في إبراز شخصية العلم البلقيني، حيث أفاد من أولئك العلماء المبرزين، ومن أشهرهم:

1-

عمر بن رسلان بن نصير البلقيني، سراج الدين، والد المؤلف المتوفى سنة 805 هـ2.

2-

عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن، الإمام الحافظ العراقي الشافعي، المتوفى سنة 806 هـ3

3-

أحمد بن حجي بن موسى، شهاب الدين الشافعي، الحافظ المؤرخ المتوفى سنة 816 هـ.4

4-

محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشي المخزومي، قاضي مكة وخطيبها، المتوفى سنة 817 هـ.5

محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن جماعة، عز الدين، أحد أبرز فقهاء

1انظر: الضوء اللامع 11/3، البدر الطالع 2/244، هدية العارفين 2/213.

2 سبقت ترجمته في صفحة (6) .

3 انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 4/29-33، البدر الطالع 8/72، هدية العارفين 1/562.

4 انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 4/12، شذرات الذهب 9/173، أنباء الغمر 7/121.

5 انظر: الضوء اللامع 8/83، طبقات ابن قاضي شهبة 4/54، هدية العارفين 2/182.

ص: 245

- الشافعية. توفي رحمه الله سنة 819 هـ.1

6-

عبد الرحمن بن عمر بن رسلان، جلال الدين، أخو المؤلف، المتوفى سنة 824 هـ.2

7-

أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني، الحافظ الشهير، والإمام المحدث، صاحب كتاب «فتح الباري» ، المتوفى سنة 852 هـ 3.

* تلاميذه:

برز المؤلف في عصره، واشتهر بالإمامة في الفقه وغيره، وذاع صيته، وفاق أقرانه، فاتجه إليه طلاب العلم من كل مكان، ولازموا حلقاته الدراسية، ونهلوا من العلوم التي يلقيها.

ومن أشهر التلاميذ الذين أخذوا عنه: -

1-

محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن رسلان، بدر الدين، المتوفى سنة 889 هـ4.

2-

أحمد بن أحمد بن عبد الخالق الأسيوطي، ولي الدين الشافعي، أحد القضاة، المتوفى سنة 891 هـ.5

3-

عبد الله بن زيد بن أبي بكر الجراعي الحنبلي، جمال الدين الصالحي، المتوفى سنة 896 هـ 6.

1 انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 4/49، أنباء الغمر 7/240، البدر الطالع 2/147.

2 سبقت ترجمته في صفحة (7) .

3 انظر: الضوء اللامع 2/36، شذرات الذهب 9/395، الأعلام 1/178.

4 سبقت ترجمته في صفحة (7 – 8) .

5 انظر: الضوء اللامع 1/210، متعة الأذهان 1/39.

6 انظر: متعة الأذهان 1/465.

ص: 246

4-

محمد بن إسماعيل بن محمد الشافعي، شمس الدين، الشهير بخطيب السقيفة، المتوفى سنة 896 هـ 1.

5-

محمد بن إسماعيل بن خالد السعدي، بدر الدين، الفقيه الحنبلي، المتوفى سنة 900 هـ 2.

3-

محمد بن عبد الرحمن بن محمد، شمس الدين السخاوي الشافعي، الحافظ المؤرخ الشهير المتوفى بالمدينة المنورة سنة 902 هـ 3.

6-

عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، السيوطي، جلال الدين، الحافظ، صاحب المؤلفات التي زادت عل ستمائة مصنف، والمتوفى سنة 911?4.

7-

عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح الراميني، نجم الدين الصالحي، الفقيه الحنبلي، المتوفى سنة 919 هـ 5.

8-

زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري، زيد الدين، القاضي الفقيه الشافعي، المتوفى سنة 926 هـ 6.

9-

أبو بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن، الفقيه الشافعي، المعروف بابن قاضي عجلون، المتوفى سنة 928 هـ 7.

1 انظر: متعة الأذهان 2/630.

2 انظر: الضوء اللامع 9/59، شذرات الذهب 9/552.

3 انظر: الضوء اللامع 9/59، الكواكب السائرة 1/53، الأعلام 6/194.

4 انظر: الكواكب السائرة 1/226، شذرات الذهب 1/74، البدر الطالع 1/328.

5 انظر: متعة الأذهان 1/542، الكواكب السائرة 1/284، شذرات الذهب 1/132.

6 انظر: الضوء اللامع 3/118، الكواكب السائرة 1/178، الأعلام 3/46.

7 انظر: الكواكب السائرة 1/114، شذرات الذهب 10/17، الأعلام 2/66.

ص: 247

* ثناء العلماء عليه:

تبوأ الإمام البلقيني مكانة مرموقة بين علماء عصره، وكان لنبوغه العلمي وسيرته في القضاء أثر محبة الناس له، واحتفظ التاريخ بذكراه العطرة، وسطر سيرته الحسنة، وعدد مناقبه الغزيرة، ومآثره العديدة.

ويتضح ذلك من خلال قراءة تاريخ حياته في المصادر التاريخية التي أوردت ترجمته:

قال عنه السخاوي، وهو من أبرز تلاميذه 1: -

كان إماما فقيها، عاملا قوي الحافظة، سريع الإدراك، خلق العبارة فصيحا، بساما بشوشا، طلق المحيا، فاشيا للسلام، مهابا، لطيفا في المحاضرة، فكها، ذاكرا لكثير من المتون والفوائد الحديثية والمبهمات، مستحضرا لجملة من الرقائق والمواعظ والأشعار، وكذا الوقائع والحوادث العلمية، شهما مقداما لا يهاب.

وقال عنه العلامة السيوطي 2: هو شيخنا، حامل لواء مذهب الشافعي في عصره في عراقه وحجازه وشامه ومصره، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، تفرد بالفقه، وأخذ عنه الجم الغفير، وألحق الأصاغر بالأكابر، والأحفاد بالأجداد، وقد أفردت ترجمته بالتأليف.

وقد اشتهر الإمام البلقيني بأسلوبه الأخَّاذ في الوعظ والإرشاد المميز في الخطب، فكان يجتمع في مجالسه، والمسجد الذي يُلقي الإمام البلقيني فيه الخطب جموع غفيرة وأعداد كبيرة من الناس، وأصبح علما يشار إليه بالبنان، وقال أحد

1 انظر: الضوء اللامع 3/312-313، ذيل رفع الإصر ص/159.

2 انظر: حسن المحاضرة ص/445، نظم العقيان ص/119.

ص: 248

الأدباء مثنيا عليه1.

وعظ الأنام إمامنا الحبر الذي

سكب العلوم كبحر فضل طافح

فشفا القلوب بعلمه وبوعظه

والوعظ لا يشفي سوى من صالح

* ولايته القضاء:

لا عجب أن يتولى الإمام البلقيني منصب القضاء بعد الشهرة العلمية، والمنزلة الفقهية التي بلغها، وليس غريبا أن يتولى القضاء، وقد ولي معظم العلماء من أسرته وأقاربه هذا العمل.

فقد تولى القضاء مبكرا قبل بلوغه العشرين من عمره نيابة عن أخيه القاضي جلال الدين بن عمر، في «دمنهور» شمال مصر.

ثم استقر في القضاء بالديار المصرية، ثم عزل، ثم أعيد، وتوالى عزله وإعادته عدة مرات، وبلغ مجموع ما أمضاه في القضاء ثلاثة عشر عاما ونصف.

وعرض عليه الوالي قضاء دمشق، فامتنع. وأثنى عليه السخاوي، وذكر أنه سار في القضاء سيرة حسنة2.

* مؤلفاته:

حفل عصر العلامة البلقيني بأفذاذ من العلماء الذين أسهموا إسهاما بارزا في زيادة الإنتاج العلمي وتدوينه، وكثرت المؤلفات المختلفة في شتى أنواع المعارف والفنون بالإضافة إلى ما كانوا يقومون به من الإفتاء والتدريس، وإرشاد الناس وتوجيههم فإنهم لم يغفلوا عن جانب التأليف والكتابة، ولم ينصرفوا عنه رغم كثرة المشاغل والأعمال الأخرى.

1 انظر: البدر الطالع 1/268.

2 انظر: الضوء اللامع 3/313، رفع الإصر 2/258-259، ذيل رفع الإصر ص/168، حسن المحاضرة 1/444، شذرات الذهب 9/454.

ص: 249

والإمام البلقيني واحد ممن كان لهم دور بارز في ذلك، فقد قدم للمكتبة الإسلامية عددا من المؤلفات التي جادت بها قريحته، وسطرها قلمه، أعانه عليها ما وهبه الله من ذكاء وفطنة، وحفظ واستيعاب للفنون المختلفة والعلوم المتنوعة.

وفيما يلي سرد لمؤلفاته التي أوردتها المصادر التي ترجمت له:

1-

أجوبة عن أسئلة منظومة1.

2-

أحكام المبعض2.

3-

التجرد والاهتمام بجمع فتاوى الوالد شيخ الإسلام3.

يقع في ثلاثة مجلدات، مجموع أوراقها (908) ورقات، محفوظ بالمكتبة الأزهرية4، ومرتب على أبواب الفقه.

ويتضمن فتاوى والده في مختلف المسائل، وفرغ من تأليفه في شهر شعبان سنة أربع وأربعين وثمانمائة.

4-

تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين.

وهو هذه الرسالة التي حققتها، وسيأتي الحديث عنها إن شاء الله تعالى5.

5-

التذكرة، في ست مجلدات6.

1 انظر: ذيل رفع الإصر ص/174.

2 انظر: ذيل رفع الإصر ص/172.

3 انظر: ذيل رفع الإصر ص/171، الضوء اللامع 3/313، البدر الطالع 1/287، هدية العارفين 1/422، كشف الظنون 1/345، الأعلام 3/194، معجم المؤلفين 5/9.

4 انظر: فهرس المكتبة الأزهرية 2/230.

5 في صفحة (18) وما بعدها.

6 انظر: ذيل رفع الإصر ص/174، كشف الظنون 1/389، الأعلام 3/194.

ص: 250

6-

ترجمة البلقيني، كتاب ذكر فيه سيرة والده وحياته العلمية1.

7-

ترجمة الجلال البلقيني، أفرد فيه ترجمة لأخيه جلال الدين عبد الرحمن2.

8-

تفسير القرآن العظيم، في ثلاثة عشر مجلدا، فرغ من تأليفه سنة 863 ?3.

9-

تكملة التدريب.

أكمل المؤلف فيه مؤلفا في الفقه لوالده، اسمه "التدريب"4، كان قد وصل فيه إلى كتاب "الرضاع"، وأتمَّه المؤلف إلى نهاية أبواب الفقه، وفرغ من تأليفه في شهر محرم سنة 857 ?5.

10-

تلخيص الفوائد المحضة على الرافعي والروضة.

وهو تعليقات على كتاب "فتح العزيز" و "روضة الطالبين"، ويقع في سبع مجلدات6.

11-

الجوهر الفرد فيما يخالف فيه الحر العبد 7.

1 انظر: ذيل رفع الإصر ص/174، الأعلام 3/194.

2 انظر: ذيل رفع الإصر ص/174، الأعلام 3/194، كشف الظنون 1/397، هدية العارفين 1/422.

3 انظر: حسن المحاضرة 1/445، شذرات الذهب 9/454، كشف الظنون 1/445، هدية العارفين 1/442.

4 انظر: التعريف عن كتاب «التدريب» في ترجمة والد المؤلف في صفحة (6-7) .

5 انظر: ذيل رفع الإصر ص/171، البدر الطالع 1/187، كشف الظنون 1/382.

6 انظر: ذيل رفع الإصر ص/171.

7 انظر: الضوء اللامع 3/314، البدر الطالع 1/287، والأعلام 3/194، معجم المؤلفين 5/9.

ص: 251

وهي رسالة جمع فيها المؤلف المسائل الفقهية التي يخالف فيها العبيد الأحرار مرتبة على أبواب الفقه. وقد حققها الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله السحيمي.

12-

دخول العبد المسلم في ملك الكافر.

توجد منها نسخة مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تحت رقم (523/ف) كتب على غلافها اسم المؤلف، ولم أر من نسبها إليه ممن ترجموا له.

13-

الغيث الجاري على صحيح البخاري 1.

شرح للمؤلف على صحيح البخاري من أوله إلى أواخر كتاب الصيام2.

14-

القول المستبين في أحكام المرتدين3.

15-

القول المفيد في اشتراط الترتيب بين كلمتي التوحيد4.

16-

القول المقبول فيما يدعي فيه بالمجهول5.

مخطوطة صغيرة في ست ورقات محفوظة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا، منها مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تحت رقم (523/ف) .

17-

الكشاف على الكشاف6.

وهو تعليق على شيء من تفسير الكشاف للزمخشري في عدة مجلدات.

1 انظر: ذيل رفع الإصر ص/171.

2 انظر: ذيل رفع الإصر ص/171.

3 انظر: البدر الطالع 1/287، هدية العارفين 1/422، معجم المؤلفين 5/9.

4 انظر: ذيل رفع الإصر ص/171، الأعلام 3/194، معجم المؤلفين 5/9.

5 انظر: ذيل رفع الإصر ص/170-171.

6 انظر: ذيل رفع الإصر ص/171.

ص: 252

1-

مؤلف في الطاعون1.

2-

مقالات نثرية.

وهو تقريظ على بعض مصنفات معاصريه2.

3-

المقال المقطر في مقام المنبر.

وهو ديوان خطب في مجلد واحد 3.

4-

النثر الرائق في الرقائق.

وهو أربعة أجزاء في المواعظ 4.

5-

النثر الفائق في الرقائق.

وهو في مجلد واحد في المواعظ 5.

* وفاته:

أجمعت المصادر التاريخية التي ترجمت للمصنف – رحمه الله تعالى – على أن وفاته كانت في يوم الأربعاء، الخامس من شهر رجب، عام ثمان وستين وثمانمائة للهجرة النبوية. ودفن في اليوم التالي لوفاته بعد أن أدت جموع غفيرة الصلاة عليه بجامع الحاكم6.

1 انظر: ذيل رفع الإصر ص/172.

2 انظر: ذيل رفع الإصر ص/175-178.

3 انظر: ذيل رفع الإصر ص/174، الأعلام 3/194.

4 انظر: ذيل رفع الإصر ص/174.

5 انظر: ذيل رفع الإصر ص/174.

6 انظر: مصادر ترجمته في صفحة (240) .

ص: 253

ثانيا: التعريف بالمخطوط المحقق:

ويشتمل على النقاط التالية:

* نسبة الرسالة إلى المؤلف:

وردت نسبة رسالة (تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين) ضمن قائمة مؤلفاته التي توردها المصادر المختصة، وكتاب (هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين) لمؤلفه إسماعيل باشا البغدادي المتوفى 1339?، من أهم المصادر التي عنيت بنسبة المؤلفات إلى أصحابها وربط عناوينهابأسماء مؤلفيها.

وحين عدد البغدادي في كتابه هدية العارفين 1/422 أسماء مؤلفات العلامة البلقيني، ذكر منها هذه الرسالة:(تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين) .

كما نسبها للبلقيني، الحاج خليفة في مؤلفه الذي خصصه لذكر أسماء المؤلفين ومؤلفاتهم. فقد جاء في كتابه:«كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 1/363: «تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين» لعلم الدين صالح بن سراج الدين عمر البلقيني.

فنسبة الرسالة إلى المؤلف ثابتة من خلال هذين المصدرين.

كما أن أسلوب المؤلف ومنهجه في كتابتها لا يختلف عن المنهج الذي سلكه في تأليف رسائله الأخرى التي اطلعت عليها، ومنها:

- الجوهر الفرد فيما يخالف فيه الحر العبد.

- القول المقبول فيما يدعي فيه بالمجهو.

- دخول العبد المسلم في ملك الكافر.

ص: 254

* موضوع المخطوط وسبب تأليفه ومنهجه:

هذا المؤلف (تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين) يتحدث فيه مؤلفه عن بعض المسائل المتعلقة بمن يقبل قوله بلا يمين على مذهب الإمام الشافعي الذي ينتسب إليه.

أما سبب تأليفه فقد أشار المؤلف إليه في المقدمة حيث قال: ليتذكر بها الفقيه المتين الراغب في الفقه ولينتفع بذلك أهل التقوى والدين.

أما منهجه في هذا المؤلف فهو يختار من كل باب من أبواب الفقه مسألة أو مسألتين أو أكثر، ولذلك يعبر بـ (من) التبعيضية عند بداية كل باب.

ثم بعد ذلك يورد المسألة ويصوغها بأسلوبه في بعض الأحيان، وأحيانا ينقلها بنصها من كتب المذهب وأحيانا يصرح بالنقل من هذه الكتب كالتتمة، والكفاية، والحاوي، وغيرها. وقد اعتمد كثيرا على النقل من روضة الطالبين للإمام النووي.

وفي الغالب لا يذكر الأوجه في المسألة، بل يجزم بحكمها وهو الصحيح في المذهب، وفي بعض المسائل يذكر الأقوال والأوجه بدون تصحيح، وقد لا يذكر قولا أو وجها في المسألة بخلاف ما عليه المذهب، وهذا قليل.

والمؤلف – رحمه الله تعالى – جمع هذه المسائل ورتبها ونقلها من بطون كتب المذهب في مؤلف خاص بها وعرضها بأسلوب سهل واضح، وعلق على بعض المسائل بتعليقات مفيدة ولم يستقص المؤلف جميع المسائل الوادرة في هذا الموضوع، كما أنه لم يذكر الأدلة النقلية أو العقلية لما أورده من مسائل.

* وصف النسخ المعتمدة في التحقيق:

بعد الاجتهاد في البحث والتنقيب في فهارس المخطوطات المختلفة لم أعثر

ص: 255

إلا على نسخة فريدة لهذا المؤلَّف: (تحفة الأمين فيمن يقبل قوله بلا يمين) ، وهذه المخطوطة محفوظة بالهند - حيدر أباد - في الجامعة العثمانية تحت رقم (361/297) .

وتقع هذه المخطوطة في أربع ورقات، في كل لوحة (23) سطرا ما عدا اللوحة الأخيرة من الورقة الرابعة، فهي أقل من ذلك وتتراوح كلمات كل سطر ما بين 10 إلى 11 كلمة. وقد كتبت هذه المخطوطة بخط جيد مختلط بين النسخ والرقعة، وهي خالية من التعليقات والحواشي. وناسخها: محمد بن المساوي الأهدل.

أما تاريخ نسخها فكان الفراغ منه ضحى يوم الاثنين في شهر محرم سنة 1223 هـ، كما هو مدون في آخر لوحة من المخطوط وكتب بعد ذلك:

كمل الكتاب تكاملت نعم السرور لصاحبه

وعفى الإله بفضله وبجوده عن كاتبه

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماكثيرا.

ص: 256

نماذج من المخطوط

ص: 257

الورقة الأولى من المخطوط

ص: 258

الورقة الأخيرة من المخطوط

ص: 259

منهج التحقيق:

من أجل أن تظهر هذه الرسالة على الوجه الصحيح، والصورة التي وضعها عليها المؤلف، سرت في تحقيقها على المنهج الآتي: -

1-

كتبت النص حسب القواعد الإملائية المتعارف عليها في عصرنا الحاضر.

2-

وثقت الأقوال التي نسبها المؤلف في المخطوط لبعض فقهاء الشافعية أو نقلها عنهم.

3-

علقت على بعض المواضع التي رأيت مناسبة التعليق عليها في الهامش معتمدا في ذلك على مصادر الشافعية الأصلية.

4-

عرفت بالكتب التي ذكر المؤلف ووثقت ما نقله منها.

5-

ترجمت للأعلام الذين ذكرهم المؤلف ترجمة موجزة معتمدا على المصادر الأصلية في ذلك.

6-

شرحت الكلمات الغريبة التي ورد ذكرها في المخطوط، وذلك بالرجوع إلى المصادر الأصلية المهتمة بذلك.

7-

حددت نهاية كل ورقة، وذلك بوضع خط مائل (/) هكذا، ثم ذكرت في الهامش: نهاية لوحة رقم كذا من المخطوط.

8-

وضعت في نهاية الكتاب فهرسا للمصادر التي اعتمدت عليها وآخر للموضوعات.

ص: 260