المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جلسة مع الصحفي الألماني - تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب

[مقبل بن هادي الوادعي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌فضائل آل بيت النبوة

- ‌أسئلة بعض المغتربين في أمريكا

- ‌أسئلة شباب أندونيسيا

- ‌أسئلة أصحاب لودر

- ‌أسئلة إخوة من أمريكا

- ‌أسئلة السلفيين البريطانيين

- ‌مع عبد الرحمن عبد الخالق

- ‌هذه السرورية فاحذروها

- ‌أسئلة البريطانيين من مدينة بارمنغهام عن جمعية إحياء التراث وحزب التحرير

- ‌جلسة مع الصحفي الألماني

- ‌أسئلة الشباب السوداني

- ‌أجوبة الأسئلة الفرنسية

- ‌من وراء التفجير في أرض الحرمين

- ‌حرمة الانتخابات

- ‌نصيحتي لشباب عدن

- ‌نصيحتي لأهل السنة من الجن

- ‌رسالة إلى أهل عبس

- ‌نصيحتي لأهل السنة

- ‌الزنداني ومجلس الشيخات باليمن

- ‌مع كتابي "غارة الأشرطة

- ‌تعبير طلبة العلم عن حب الدعوةوالقائمين عليها والرد على أهل البدع

- ‌شيخ المعالي

- ‌قوافل التحدي

- ‌العلم الشامخ

- ‌السراج الوهاج لوصف دار الحديث بدماج

- ‌وردة من شعور إلى شيخ الصقور

- ‌القول النفيس في كشف ما عند الزنداني من التلبيس

- ‌الفاصلة بين الضيفين

- ‌حاشد التي رأيت

- ‌القصيدة الخمسينية من نظرات إلى الساحة الدعوية

- ‌التبيان لبعض ما عليه الإخوان

- ‌الصواعق في الرد على الشيعي الناهق

- ‌القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني

- ‌النسف البركاني لبعض ضلالات الزنداني

الفصل: ‌جلسة مع الصحفي الألماني

‌جلسة مع الصحفي الألماني

(1)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .. أما بعد:

فهذه أسئلة قدّمت لشيخنا أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله، من الصحفي الألماني (باغند) وقد قام بإلقاء الأسئلة الأخ أحمد الوصابي حفظه الله.

السؤال179: ما هو الاتجاه السلفي؟

الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد:

فقبل الإجابة على السؤال فإني أنصح الألمانيين بالإسلام فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه (2)} ، ويقول سبحانه وتعالى: {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا

(1) تم تسجيل هذه الجلسة بعد صلاة العصر من يوم السبت (29 محرم 1417).

(2)

سورة آل عمران، الآية:85.

ص: 215

وقال إنّني من المسلمين (1)}، ويقول سبحانه وتعالى:{ملّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين (2)} .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والّذي نفس محمّد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة يهوديّ ولا نصرانيّ ثمّ يموت ولم يؤمن بالّذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النّار)).

والإسلام بحمد الله ليس كالمسيحية ولا اليهودية، الذين يأتون بتشكيكات:{وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النّصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم (3)} .

فالإسلام يجمع الأمة على الخير وهو طريق الجنة، فأي يهودي أو نصراني يسمع بدين الإسلام على حقيقته ثم لا يسلم فهو إلى النار.

ولا ينبغي أن نعتذر بما يحصل من المسلمين من سوء معاملة كسرقة وشرب خمر، ونهب إلى غير ذلك، فالعيب في المسلمين لا في الإسلام.

ونرجع إلى السؤال فنقول: إن الاتجاه السلفي، اتجاه إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فهم السلف الصالح، والمراد بالسلف الصالح هي القرون المفضلة التي جاء ذكرها في حديث عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود والمعنى متقارب: ((خير النّاس قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ يأتي أقوام يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا

(1) سورة فصلت، الآية:33.

(2)

سورة الحج، الآية:78.

(3)

سورة التوبة، الآية:30.

ص: 216

يفون، ويظهر فيهم السّمن)).

ويقول الله عز وجل كتابه الكريم: {ومن يشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيرًا (1)} ، فالصحابة هم رءوس المؤمنين، فاتباع سبيلهم هو النجاة، وقبل هذا كله اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي يقول فيه ربنا عز وجل:{وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (2)} .

وفي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)).

وكما في "الصحيحين" من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ومن رغب عن سنّتي فليس منّي)).

فالطريق الصحيح للإسلام هي طريقة السلف، الذين يعبدون الله على بصيرة، ليس فيها جدل المعتزلة، ولا غلو الشيعة والصوفية، بل كتاب وسنة:{اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (3)} .

السؤال180: كيف حالة الدين في اليمن بين السنة والشيعة؟

الجواب: الدين في اليمن على أحسن ما يرام، أما دعوة الشيعة بحمد الله قد ماتت، ولم يبق إلا دعوة أهل السنة، لأنّها الدعوة الحقة، يقول ربنا عز وجل

(1) سورة النساء، الآية:115.

(2)

سورة الحشر، الآية:7.

(3)

سورة الأعراف، الآية:3.

ص: 217

في شأن اتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وإن تطيعوه تهتدوا (1)} ، ويقول:{إنّ هذا القرءان يهدي للّتي هي أقوم (2)} .

ثم زاد دعوة الشيعة تلويثًا الأفكار الإيرانية، فيأتون بأشياء تكون سببًا لتشويه دعوتهم، ومن الأمثلة على هذا أن هناك كتابًا يباع اسمه "عيون المعجزات" وفي هذا الكتاب: أن الشمس قالت لعلي: السلام عليك ياأول ياآخر ياظاهر يا باطن يامن هو بكل شيء عليم. وأن رجلاً قال لعلي: أشهد أنك تعلم السر وأخفى. وأن علي بن أبي طالب قال لرجل: أما تعلم أني أعلم ما في الأرحام.

ومن هذه التراهات، فازداد الناس منها نفورًا، وأقبلوا على دعوة أهل السنة، ومن فضل الله فدعوة أهل السنة هي المقبولة لدى المجتمع اليمني وهي المحبوبة وهي التي يطالب بها المجتمع اليمني بالزيارات والبقاء عندهم، ويقول قائلهم: إذا جئتم لنا بطالب علم فنحن مستعدون أن نقوم بجميع ما يحتاج إليه، ويعلمنا كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وأهل السنة لا يدعون إلى أنفسهم، ولكن يدعون الناس إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ بخلاف الآخرين فإنّهم يدعون إلى أنفسهم وإلى تعظيمهم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((لا تطروني كما أطرت النّصارى ابن مريم فإنّما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله))، ويقول:((والله ما أحبّ أن ترفعوني فوق منْزلتي الّتي أنزلني الله عز وجل).

(1) سورة النور، الآية:54.

(2)

سورة الإسراء، الآية:9.

ص: 218

مع أن الله تعالى قد أنزل في رفعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سورًا، فسورة الضحى تعتبر تسليةً للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكذلك سورة {ألم نشرح لك صدرك} تسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورفع لمعنوياته. وكذ سورة {إنّا أعطيناك الكوثر} ، رفع لمعنوية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومع ذلك يقول:((والله ما أحبّ أن ترفعوني فوق منْزلتي الّتي أنزلني الله عز وجل).

وأولئك سواء أكانوا من الشيعة أم من الصوفية يغلون في أئمتهم، وربما نزّلوهم منْزلة الخالق وهذا موجود في كتبهم، بل قال بعضهم:

لي خمسة أطفي بهم

نار اللظى والحاطمة

المصطفى والمرتضى

وابناهما والفاطمة

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في عرصات القيامة: ((نفسي، نفسي، نفسي)).

ويقول لابنته فاطمة التي هي بضعة منه: ((يا فاطمة بنت محمّد سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئًا)).

السؤال181: في أي بلد نجد أفضل حال للدين في المجتمع؟

الجواب: أفضل بلد هي اليمن فالدعوة منتشرة فيها، وقد أثنى عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله:((الإيمان يمان والحكمة يمانية)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: ((هناك الزّلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشّيطان)). ويخبر عن أهل اليمن أنّهم أرق أفئدة وألين قلوبًا.

وهكذا في أرض الحرمين ونجد رجال صالحون محبون للخير ومحبون للدعوة، فهم على خير لكن الحركة الإسلامية ليس لها نظير في اليمن.

ص: 219

السؤال182: كم طالب يدرس عندك؟

الجواب: أما في سائر الوقت، فما بين الستمائة إلى التسعمائة، وأما في وقت العطلة المدرسية فربما يبلغون الألف وأربعمائة طالب.

السؤال183: هل يستلمون مرتبًا، ومن يموّل هذه الدار؟

الجواب: أما المرتب فالله يعلم بحالتهم، ولكنهم أغنياء القلوب، فقد جاء في "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال:((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكنّ الغنى غنى النّفس)) فهم يستلمون شيئًا يسيرًا جدًا من أهل الخير سواء أكان من اليمن أو من أرض الحرمين ونجد، وأما الحكومات فليس هناك حكومة تساعد على هذا، ونسأل الله أن يغنينا عن هذه الحكومات.

السؤال184: ماذا يدرسون؟

الجواب: يدرسون العلوم الدينية على اختلاف مستوياتهم، فدروسي العامة هي:"تفسير ابن كثير" و "صحيح البخاري" و "صحيح مسلم" و "مستدرك الحاكم" و "أحاديث معلة ظاهرها الصحة" فلما انتهينا منه فتحنا درسًا في كتاب "الشفاعة" ودرس في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين"، والأخوة الأقوياء يدرسون إخوانهم على حسب مستوياتهم في اللغة العربية والعقيدة، والفقه، ومصطلح الحديث وغيره.

السؤال185: هل هناك تدريبات عسكرية؟

الجواب: أما هذا فليس عندنا وقت، وإلا فليس بحرام علينا، بل نحن مشغولون بالكتابة في التأليف والتحقيق وتحصيل العلم، ونرى أنه أنفع للإسلام

ص: 220

والمسلمين، ونرى أنه يغيظ أعداء الإسلام أعظم من المدافع والرشاشات ومن الطائرات، وإلا فلماذا يأتون ويسألون عن هذا المعهد وكذلك الإذاعات والصحف تتكلم عليه، لأنه يدرّس الكتاب والسنة، والله عز وجل يقول:{وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم (1)} . والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير، احرص على ما ينفعك)).

السؤال186: ما رأيك في الأحزاب في اليمن؟

الجواب: الأحزاب فتنة فرضتها أمريكا لا جزاها الله خيرًا وإلا فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (2)} . ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً (3)} . ويقول أيضًا: {إنّما المؤمنون إخوة (4)} . ويقول: {ياأيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم (5)} .

وفي "الصحيحين" من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)).

(1) سورة الأنفال، الآية:60.

(2)

سورة آل عمران، الآية:103.

(3)

سورة المؤمنون،، الآية:52.

(4)

سورة الحجرات، الآية:10.

(5)

سورة الحجرات، الآية:13.

ص: 221

وأهل السنة بحمد الله لا يدخلون في هذه الحزبية ويقولون: نحن قد رضينا بالرئيس من دون انتخابات ولكن نطالبه بالاستقامة على الكتاب والسنة وعلى دين الله، ولسنا دعاة فتن، بل أهل السنة بعيدون عن الفتن وسفك الدماء والثورات والانقلابات، والفضل في هذا لله عز وجل.

السؤال187: ما رأيك في الديمقراطية في اليمن؟

الجواب: الديمقراطية كفر، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم:{إن الحكم إلاّ لله (1)} ، ويقول:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (2)} . ويقول: {أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون (3)} .

ولسنا في حاجة الديمقراطية، بل دين الإسلام سوى بين المسلمين وآخى بينهم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التّقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرّات بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)).

فلسنا محتاجين إلى الديمقراطية، فإن معناها: حكم الشعب نفسه بنفسه، أي: لا كتاب ولا سنة، والله عز وجل قد ضمن الكتاب والسنة من الخطأ، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "صحيح مسلم" من حديث جابر:((وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله))

(1) سورة الأنعام،، الآية:57.

(2)

سورة المائدة، الآية:44.

(3)

سورة المائدة، الآية:50.

ص: 222

ويقول سبحانه وتعالى: {إنّ هذا القرءان يهدي للّتي هي أقوم (1)} .

والديمقراطية هي التصويت بالإباحية، فقد صوتوا في بعض بلاد الكفر أنه يجوز للرجل أن يتزوج بالرجل، فالديمقراطية مسخ، وتجعل الصالح والفاسق سواء، والله سبحانه وتعالى يقول:{أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (2)} ، وتجعل المرأة والرجل سواء والله عز وجل يقول:{وليس الذّكر كالأنثى (3)} ، وقال:{تلك إذًا قسمة ضيزى (4)} لمن نسب إلى الله الإناث، ونزه نفسه منهن.

السؤال188: هل الشورى الإسلامية تشبه الديمقراطية؟

الجواب: الشورى هي أن يجتمع مجموعة من أهل الحل والعقد ومن العلماء ومن ذوي الخبرة والسياسة وهم الذين يديرون أحوال الناس على نهج الكتاب والسنة، كما قال الله سبحانه وتعالى:{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم (5)} فالقصد أنّهم يرجعون إلى الكتاب والسنة.

بخلاف الديمقراطيين فإنّهم يرجعون إلى الأكثرية والله عز وجل يقول: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين (6)} ، ويقول: {وإن تطع أكثر من

(1) سورة الإسراء، الآية:9.

(2)

سورة السجدة، الآية:18.

(3)

سورة آل عمران، الآية:36.

(4)

سورة النجم، الآية:22.

(5)

سورة النساء، الآية:83.

(6)

سورة يوسف، الآية:103.

ص: 223

في الأرض يضلّوك عن سبيل الله (1)}، ويقول:{وقليل من عبادي الشّكور (2)} ، ويقول:{ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (3)} .

فالديمقراطية تأخذ بالكثرة، والإسلام يأخذ ويعتبر بالكتاب والسنة وبأهل الحل والعقد يقول الله سبحانه وتعالى:{وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله (4)} ، ويقول:{فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (5)} .

السؤال189: من الذي يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

الجواب: الذي يقوم به أهل العلم بأذن من المسئولين، إذا خشي الفتنة، يقول الله تعالى:{ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (6)} ، فيقول:{ولتكن منكم} فلم يقل كونوا كلكم.

ويقول سبحانه وتعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (7)} .

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)).

(1) سورة الأنعام، الآية:116.

(2)

سورة سبأ، الآية:13.

(3)

سورة الطور، الآية:47.

(4)

سورة الشورى، الآية:10.

(5)

سورة النساء، الآية:59.

(6)

سورة آل عمران، الآية:104.

(7)

سورة التوبة، الآية:71.

ص: 224

والأمور تختلف فبعضها لا يعرفها إلا أهل العلم فينبغي أن ترد إلى أهل العلم بشرط ألاّ يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، فإن أدى المنكر إلى ما هو أنكر منه فإن الأولى هو الترك.

السؤال190: هل العنف مسموح أن يستخدم ضد الذين لا يمشون بالطريق الصحيح؟

الجواب: أما أهل السنة فإنّهم الآن ليسوا محتاجين إلى العنف، فالناس مستجيبون لهم غاية الاستجابة، لأنّهم لا يدعون إلى أنفسهم ولكن يدعون إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأهل السنة لم يستطيعوا سد ربع بل ربع عشر الفراغ في الدعوة إلى الله، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة (1)} .

فقد رأينا في بلدنا اليمنية أن الدعوة بالحكمة والموعظة أنفع للإسلام والمسلمين، ورأينا الناس بحمد الله على أحسن ما يرام، فلا ينبغي أن ننفرهم عن هذا الخير، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((يسّروا ولا تعسّروا وبشّروا ولا تنفّروا)).

والذي يستعمل العنف هم الجاهلون كالحزبيين وغيرهم، أما أهل السنة فلا يستعملون العنف، ونتحدى من يقول: إن أهل السنة يستعملون العنف؛ أن يأتي بدليل على ذلك، وإذا كان في مسألة القبور فهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين فقد أمر النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليّ بن أبي طالب ألا يدع قبرًا مشرفًا إلا سوّاه ولا صورةً إلاّ طمسها.

(1) سورة النحل، الآية:125.

ص: 225

لكن الحزبيين هم الذين يستعملون العنف، بل ربما أن بعض مشايخ القبائل إذا خالفه شخص ولم يمش على ما يهوى يرسل له من يقتله، أما أهل السنة فإننا نتحدى من يقول: إننا أرسلنا شخصًا يقتل شخصًا، أو أننا قد آذينا شخصًا من المسلمين، بل ندعو ونعلم والاستجابة على أحسن ما يرام والفضل في هذا لله عز وجل.

السؤال191: من هو المفتي الذي يستطاع أن تنشر فتواه؟

الجواب: هناك مفتون مثل الشيخ ابن باز حفظه الله تعالى، وكذلك الشيخ الألباني حفظه الله، فهما اللذان يأنس طلبة العلم بفتواهما، وليس هناك تحجّر من فضل الله فإذا ظهر لشخص في مسألة فله أن يفتي بها، والاجتهاد قد يتبعّض، ونحمد الله عز وجل فالناس في اليمن واثقون غاية الوثوق بأهل السنة وبفتاواهم.

أما الشيعة والصوفية والحزبيون فقد أصبحوا أمواتًا غير أحياء، والفضل في هذا لله؛ ليس هذا بحولنا ولا بقوتنا ولا بشجاعتنا ولا بكثرة مالنا وعلمنا ولا بفصاحتنا ولكن هذا أمر أراده الله سبحانه وتعالى.

السؤال192: من هو الذي يستطيع أن يكفّر؟

الجواب: هم أهل العلم الذين يستطيعون أن يحكموا على الشخص بأنه إما مسلم أو كافر، اللهم إلا إذا كان نصرانيًا أو يهوديًا أو شيوعيًا فهذا معلوم لدى المسلمين بأنّهم كفار، وقد وجدت جماعة يقال لها: جماعة التكفير وهي موجودة في مصر والسودان واليمن، فهذه الجماعة تكفر المسلمين بالمعصية، ولنا ردود عليهم، وهم مضيّق عليهم بالدعوة لا بالسجن والإرهاب، ولكن

ص: 226

بالدعوة إلى الكتاب والسنة تبين ضلالهم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((أيّما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلاّ رجعت عليه)).

فلا يجوز لمسلم أن يكفر المسلمين.

السؤال193: هل الخروج ضد الحكام مسموح؟

الجواب: الخروج ضد الحكام بلية من البلايا التي ابتلى بها المسلمون من زمن قديم، وأهل السنة بحمد الله لا يرون الخروج على الحاكم المسلم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشقّ عصاكم أو يفرّق جماعتكم فاقتلوه)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما)). وعبادة بن الصامت رضي الله عنه يقول: دعانا النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرةً علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان.

فالخروج على الحاكم يعتبر فتنة فبسببه تسفك الدماء ويضعف المسلمون، حتى لو كان الحاكم كافرًا فلا بد أن يكون لدى المسلمين القدرة على مواجهته، حتى لا تسفك دماء المسلمين، فإن الله عز وجل يقول:{ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا (1)} .

فتاريخ أهل السنة من زمن قديم لا يجيزون الخروج على الحاكم المسلم،

(1) سورة النساء، الآية:93.

ص: 227

وفي هذا الزمن الخروج على الحاكم الكافر لا بد أن يكون بشروط، فإذا كان جاهلاً لا بد أن يعلم، وألا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، ولا تسفك دماء المسلمين.

السؤال194: هل لديك مشاكل مع الحكومة اليمنية؟

الجواب: بحمد الله، ليس لدينا أي مشكلة بحال من الأحوال.

السؤال195: كيف تستطيع أن تنشط كفاح المقاتلين في مصر والجزائر وأفغانستان؟

الجواب: نحن لا نشجع القتال في البلاد الإسلامية، بل ننكره وننهى عنه.

السؤال196: ما رأيك في الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين؟

الجواب: أما حركة (حماس) فلن تكون نصرًا للإسلام، ففيها الشيعي والإخواني الحزبي، وقد ضحك على الناس كثيرًا ياسر عرفات مع أنه كان عميلاً لإسرائيل، ثم في النهاية باع فلسطين من خلال هذا الحكم الذاتي، ولو تركتْ حكومات المسلمين المسلمين فإنّهم هم الذين يستطيعون أن يطهروا القدس من اليهود.

أما جماعة حماس فهي جماعة حزبية لا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر، وتنكر على أهل السنة. ولو حصل لهم نصر لفعلوا كما فعل في أفغانستان يوجه بعضهم إلى بعض المدفع والرشاش، لأنّهم ليسوا على قلب واحد.

السؤال197: أنت تكلمت على أفغانستان، فما هو الحل للأفغانيين؟

ص: 228

الجواب: الحل أن يرجعوا إلى الكتاب والسنة وأن يحكّموا العلماء، ولا يحكموا مجلس الأمن كما قاله عبد المجيد الزنداني في نصح له، وأنا أعتقد أنّها عقوبة من الله، لأنّهم قاموا على أهل السنة بكنر وأبادوهم، فعليهم بالرجوع إلى الكتاب والسنة وتحكيم العلماء، وأن يبتعدوا عن المادة فهي التي أفسدتْهم، فقد كان جهادهم المتقدم مستقيمًا وعلى خير، فلما أتتهم المادة من هنا وهنا أفسدتْهم، وكذلك مسألة الكراسي فلا ينبغي لهم أن يتقاتلوا من أجل الكراسي، لكن يقاتل الشخص لله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل).

وبعد هذا فننصحك أيها الصحفي أن تسلم إذا أردت أن تنقذ نفسك من النار، ثم تعمل بصدق وإخلاص، فإن الغالب على الصحفيين أنّهم يتلونون، فهم يمدحون الحكام من أجل أن يعطوهم أموالاً، وربما يقلبون الحقائق ويهاجمون أهل العلم، فلا بد أن يكون الشخص ذا مبدأ صادق ولا يبالي بمن خالف، أما إذا كان يتلون فحتى صحيفته لن يطمئن الناس إليها، لأنّها قد أصبحت كذابة ومع المادة، فعسى أن تعدنا أن تسلم فنحن نريد لك الخير ونحن ننصحك بهذا.

الصحفي: أنا أعرف هذا، وقد جلست أمس ما يقارب الساعتين مع طلبتك وقد تكلمنا على الإسلام، لكنني لن أسلم الآن.

أبوعبد الرحمن: لماذا؟

الصحفي: أنا باحث.

أبوعبد الرحمن: كم لك باحث؟

ص: 229

الصحفي: بعض السنين.

أبوعبد الرحمن: كل هذه المدة وما عرفت شيئًا عن الإسلام، هل قرأت في "صحيح البخاري" أو "رياض الصالحين" أو هل قرأت شيئًا من القرآن أو كله؟

الصحفي: لا، لم أقرأه كله.

أبوعبد الرحمن: فاقرأ القرآن إن كنت باحثًا عن الحقيقة، فإن الخير كله في القرآن، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومجالسة أهل الخير لا مجالسة الحزبيين وأصحاب الكراسي. وإذا كنت صادقًا ونشرت هذا الكلام، فترسل لنا بصحيفة، وسنعطيك العنوان.

الصحفي: إذا كتبت لصحيفة فسأرسل لكم بصحيفة، أما إذا كنت أكتب لإذاعة فهذا غير ممكن.

أبوعبد الرحمن: أي إذاعة؟

الصحفي: أنت تعرف ( B.B.C)(1) ؟ فإن لدينا في ألمانيا مثل B.B.C، لكن بشكل صغير، ولدينا في كل محافظة إذاعة صغيرة، وأنا أكتب لواحدة فقط.

أبوعبد الرحمن: ولكنك قلت: إنك صحفي؟

الصحفي: نعم، فأنا أكتب لإذاعة واحدة، وأكتب لمجلة وكنت مصورًا لها، وأكتب كذلك لجريدتين أسبوعيتين، فأنا مراسل حر، لا أعمل لصحيفة واحدة.

(1) B.B.C : هي هيئة الإذاعة البريطانية.

ص: 230

[انتهت هذه الجلسة مع هذا الصحفي الألماني، وفي اليوم التالي وبعد صلاة المغرب عقّب شيخنا على هذه الجلسة بقوله حفظه الله تعالى ما يلي:]

وبما أن هذا الزائر ادعى أنه صحفي، وغالب ظني أنه جاسوس وليس بصحفي، على أن الصحفيين يجوز أن يكون غالبهم جواسيس، ففي ذات مرة أتاني شخص من اليمنيين قد علق كاميرا التصوير، وقال: أنا صحفي أريد أن ألقي معك مقابلة، فأريد أن تخبرني بكتبك التي ألفتها، وبحالة الدعوة، وهكذا، ثم تحدثنا قليلاً، فقال: أنا أقول لك بالمفتوح الآن مع أزمة الخليج وكان هذا في أيام أزمة الخليج من أين يأتيكم المال؟ فلعلكم قد تعطلتم من المال، فإذا كان قد حصل هذا فسنطلب من الحكومة أن تساعدكم. فقلنا: له: لا، نحن بخير والحمد لله.

وفي مرة أخرى أتاني أربعة أو خمسة في المكتبة القديمة وقالوا: نحن صحفيون، فهذا مندوب وزارة الإعلام، وهذا مندوب صحيفة كذا، وهذا مندوب لجريدة كذا، فقلت لهم: لا أدري أصحفيون أنتم أم جواسيس؟ فقالوا: هكذا. قلت: نعم. فقالوا: إذًا نترك المقابلة. فقلت: اتركوها. ثم رأيت واحدًا منهم في صعدة.

فالغالب عليهم أنّهم يريدون أن يفتنوا بين الدعاة إلى الله، وبين الدعاة إلى الله والحكومات وكذلك مسألة الكذب فأحدهم مستعد أن يكذب ولا يبالي، وعدم الصراحة، وربنا يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا

ص: 231

فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (1)}.

وإذا كانت مجلة "الفرقة" والتي يزعم أصحابها أنّهم من الدعاة إلى الله وهم في الواقع من المحاربين للسنة، ومن أكذب الناس، فما ظنك بشخص علماني، الله أعلم أهو يهودي أو نصراني أو شيوعي، فهل يأتي من كان بعيد لينشر لنا الإسلام؟!! وهناك في كتاب "المصارعة" فصل بعنوان: جلسة قصيرة مع عميان البصيرة. أنصح بقراءته عند أن جاءنا خمسة عشر صحفيًا، وكنا نظن أنّهم سينقلون الحقيقة والواقع فإذا هم يكذبون إلا من رحم الله منهم ولله در من قال:

وأرى الصحافيين في أقلامهم

وحي السماء وفتنة الشيطان

فهم الجناة على الفضيلة دائمًا

وهم الحماة لحرمة الأديان

قلت: ينبغي أن يقال: والهاتكون لحرمة الأديان.

فلربما رفعوا الوضيع سفاهةً

ولربما وضعوا رفيع الشان

ولربما باعوا الضمير بدرهم

ولأجله اتجهوا إلى الأوثان

وجيوبهم فيها قلوبهم إذا

ملئت فهم من شيعة السلطان

وإذا خلت من فضله ونواله

ثاروا عليه بخائن وجبان

ويصوّبون

المخطئين

تعمّدًا

ومن المصيبة زخرف

العنوان

فمن الذي يصدقهم أو يصدق جرائدهم، أو أنّهم يريدون نشر الحقيقة، فأنصح نفسي وإخواني أنه إذا أتى صحفيون ألاّ نضيع وقتنا معهم، فهم يفرحون بالكلمة يختطفونها.

(1) سورة النساء، الآية:135.

ص: 232

فيجب على أهل السنة أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي رفع شأنهم وقدرهم وجعل أمريكا وإسرائيل تهاب منهم.

وقد كان من جملة الأسئلة التي عرضها هذا الصحفي أن قال: كيف التدريبات العسكرية عندكم؟

فقلت له: ليس لدينا وقت لهذا، وهي ليست محرمة علينا، فإن الله عز وجل يقول:{وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم (1)} .

ثم سأل عن الجهاد والقتال والخروج على الحكام، فقلت له: إن الخروج على الحكام يعتبر فتنة، لكن يجب على المسلمين أن يعدوا أنفسهم لقتال الكفار، فقال: مثل من؟ فقلت: مثل اليهود والنصارى والعلمانيين والشيوعيين، فقال: ومتى يكون ذلك؟ فقلت: إذا عرف المسلمون أمور دينهم وتمسكوا بالكتاب والسنة.

والشريط من فضل الله كله عليه، ولكنه كما قلت ضياع وقت؛ فنحن طلبة علم وجلوسنا مع الزائرين المسلمين أنفع للإسلام والمسلمين، فربما يأتينا أخ من أقصى حضرموت، فأقول له أنا مشغول، أو من الحديدة، وأقول كذلك: أنا مشغول.

فأنا أقول: إنني ما أنصفت الزائرين، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((إنّ لزورك عليك حقًّا)). فينبغي أن نجعل لإخواننا الزائرين وقتًا فهم أحق بهذا، والله سبحانه

(1) سورة الأنفال، الآية:60.

ص: 233

وتعالى يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين (1)} .

فينبغي أن نكون متحابين حتى ينفع الله بدعوتنا، وإذا زارنا الزائر ورآنا متحابين يؤثر بعضنا بعضا ويشفق بعضنا على بعض فهذه تعتبر دعوة، أما أن نؤثر هؤلاء الذين هم شرّ من الكلاب اليهود والنصارى والعلمانيين والشيوعيين والبعثيين العقائديين، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم:{إنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها أولئك هم شرّ البريّة (2)} .

ويقول سبحانه وتعالى: {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون (3)} .

وعلينا أن نصلح أنفسنا معشر المسلمين فإن من المسلمين من يقول: ياهادياه. يعني الهادي المقبور بصعدة عجل الله بزوال قبته، ومنهم من يقول: يا ابن علوان، ومنهم من يقول: يا عمر بن سعيد، ومنهم من يقول:

بوبكر بن سالم يا بخت من زاره

ذي ما معه برهان ما شاعت اخباره

فكيف نرجو أن نهزم العدو ونحن على هذه الحالة.

فذاك صوفيّ، وذاك شيعيّ، وأستطيع أن أقسم بالله الذي لا إله إلا هو أنه لو جاء يهوديّ وقال: نحن نريد أن ننصر أهل بيت النبوة فقد ظلموا من زمن

(1) سورة الشعراء، الآية:215.

(2)

سورة البينة، الآية:6.

(3)

سورة الأنفال، الآية: 22 - 23.

ص: 234

قديم، وأن نعيد الخلافة لهم لرأيت الشيعة المغفلين بعده، وقد حصل هذا منهم فقد قاموا وآزروا علي سالم البيض بيّض الله عيونه.

وهكذا الصوفية فربما يبيع أحدهم الدين برؤيا مكذوبة، يقول: قد رأيت أن هذا ولي من أولياء الله، وفي الحقيقة هو شيوعي أو بعثي إلى غير ذلك.

فأحوال المسلمين تحتاج إلى بناء من جديد على الكتاب والسنة حتى لا يبقى للتشيّع والتصوف أثر على المجتمع، فربما خذلوا المسلمين، ولهم مواقف أي الشيعة مع اليهود والنصارى ضد الإسلام والمسلمين كما قال هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "منهاج السنة" وقال هذا أيضًا تلميذه الذهبي في "المنتقى" وقال هذا أيضًا ابن كثير في "البداية والنهاية".

ولا تنسوا جماعة التكفير، والباطنية، فالشيعة وغلاة الصوفية والباطنية يكيدون للمسلمين المتمسكين بدينهم ويودون أن الشيوعية تنتصر على المسلمين، لأن منتهى الباطنية والشيوعية واحد وهي الإباحية المطلقة.

فلا بد أن يثبت المسلمون أقدامهم، وأن يقوم أهل السنة بتوعية الشعوب الإسلامية. وبحمد الله قد حصل خير كثير، وعلينا أن نمشي على مهل ولا نتعجل النتائج فقد حقق الله الخير الكثير، وأن نحرص على أن تكون أعمالنا خالصة لوجه الله، وبحمد الله فالجو الذي نحن فيه يساعدنا على هذا، لأننا لا نطلب الكراسي ولا الرتب ولا الوزارات، فأهل السنة هم الذين سيحقق الله على يديهم الخير وينصر الله بهم الإسلام والمسلمين.

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لمعاذ وأبي موسى رضي الله عنهما: ((يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا)).

ص: 235

ويقول: ((إنّما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين)).

فعلينا أن ندعو الناس بالرفق واللين إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والحمد لله فالناس مستجيبون على أحسن ما يرام، فدعوتنا ليس دعوة فتن، والواقع يشهد، ولسنا كالذين مع الحكام في وجوههم ويمسحون أقدامهم ويقولون لهم: مرحبًا وأهلاً وسهلاً، وفي باطنهم يعتقدون أن هذا الحاكم كافر، لا، بل نحن طريقتنا واحدة كتاب وسنة، والحكام نعاملهم معاملة إسلامية، ونسأل الله أن يهديهم وأن يردهم إلى الحق ردًا جميلا.

وكذلك معاملتنا للمجتمع، فإن المجتمع يحب أهل السنة اللهم إلا الحاقدين كالشيعة والصوفية، فالمجتمع يحب أهل السنة لأنّهم لا ينافسونه على الدنيا، كما قيل: الدنيا جيفة وطلابها كلاب، بل يحرصون على تعليم الناس ولا يسألونهم أجرًا على تعليمهم، ولا يقولون أيضًا: نريد أن تبايعونا على أنكم من حزبنا، وليس عندنا دفتر فمن أتى كتبنا اسمه، ولو فعلنا هذا فلا يعد حزبية، ولكن لنعرفه ونعرف بلده، فليس هذا عندنا لأن كل واحد منا مشغول بالتزود من العلم النافع.

ونريد أن نكون كل يوم في ازدياد من الخير من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفانا مسلمين والحمد لله رب العالمين.

ص: 236