المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسئلة إخوة من أمريكا - تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب

[مقبل بن هادي الوادعي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌فضائل آل بيت النبوة

- ‌أسئلة بعض المغتربين في أمريكا

- ‌أسئلة شباب أندونيسيا

- ‌أسئلة أصحاب لودر

- ‌أسئلة إخوة من أمريكا

- ‌أسئلة السلفيين البريطانيين

- ‌مع عبد الرحمن عبد الخالق

- ‌هذه السرورية فاحذروها

- ‌أسئلة البريطانيين من مدينة بارمنغهام عن جمعية إحياء التراث وحزب التحرير

- ‌جلسة مع الصحفي الألماني

- ‌أسئلة الشباب السوداني

- ‌أجوبة الأسئلة الفرنسية

- ‌من وراء التفجير في أرض الحرمين

- ‌حرمة الانتخابات

- ‌نصيحتي لشباب عدن

- ‌نصيحتي لأهل السنة من الجن

- ‌رسالة إلى أهل عبس

- ‌نصيحتي لأهل السنة

- ‌الزنداني ومجلس الشيخات باليمن

- ‌مع كتابي "غارة الأشرطة

- ‌تعبير طلبة العلم عن حب الدعوةوالقائمين عليها والرد على أهل البدع

- ‌شيخ المعالي

- ‌قوافل التحدي

- ‌العلم الشامخ

- ‌السراج الوهاج لوصف دار الحديث بدماج

- ‌وردة من شعور إلى شيخ الصقور

- ‌القول النفيس في كشف ما عند الزنداني من التلبيس

- ‌الفاصلة بين الضيفين

- ‌حاشد التي رأيت

- ‌القصيدة الخمسينية من نظرات إلى الساحة الدعوية

- ‌التبيان لبعض ما عليه الإخوان

- ‌الصواعق في الرد على الشيعي الناهق

- ‌القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني

- ‌النسف البركاني لبعض ضلالات الزنداني

الفصل: ‌أسئلة إخوة من أمريكا

‌أسئلة إخوة من أمريكا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .. وبعد:

فهذه أسئلة من الإخوة في أمريكا لفضيلة الشيخ أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى داعين الله سبحانه وتعالى أن يوفقه للصواب، وأن يرزقه السداد مع الدعاء له بالحفظ والثبات.

السؤال105: ما حكم الدراسة في كلية الإيمان لأن بعض الأخوة يظن أنّها جامعة سلفية، فهل تنصحون بالدراسة فيها؟

الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد:

فقد سألني غير أخ من اليمنيين عن الدراسة بكلية الإيمان، ففي الغالب أنني أتهرّب عن الجواب عمدًا، وربما أفتيت بعضهم بما سيأتي، والسبب في هذا أن اليمني لا يتحمل المشاق ويأتي من بلدة بعيدة، أما أخ يأتي من أمريكا ليدرس في كلية الإيمان، ثم يصدم فلا بد أن يبيّن له.

والغالب على المؤسسات التي يقوم بها الإخوان المسلمون، أنّهم يقومون

ص: 125

بها من أجل أنه إذا حصلت انتخابات ينتخبهم أولئك، وقد عرفنا أن الانتخابات طاغوتية، وذكرنا هذا في غير ما شريط وهو بحمد الله في كتبنا المطبوعة مثل: مثل "قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد"، ومثل "المصارعة" ومثل "المخرج من الفتنة" و"فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار" وغيرها من الكتب، فقد بيّنا أن الانتخابات تعتبر طاغوتية، وأيضًا هناك غرض آخر هو جمع الأموال لهذه الكلية وغيرها. وكلية الإيمان لو كانت كلية إيمان، أو كلية سنية سلفية ما طرد بعض إخواننا الجزائريين منها بسبب أنّهم تظاهروا بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولما ذهب عبد المجيد الزنداني بطلبة كلية الإيمان إلى جماعة التبليغ بالحديدة ليتعلموا منهم الآداب، جماعة التبليغ الذين جمعوا بين التصوف والجهل، يقوم أحدهم ويتكلم ويضيّع الساعات على المستمعين، بكلام جهل وأحاديث ضعيفة وموضوعة.

فلا ننصح بالالتحاق بها، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون (1)} . فطالب العلم يجب أن يكون همّه هو التفقه في دين الله، وفي "الصحيحين" عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدّين)).

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخبر عن ارتفاع العلم، وهذا يعد علمًا من أعلام النبوة فيقول: ((إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالمًا اتّخذ النّاس رءوسًا جهّالاً، فسئلوا فأفتوا

(1) سورة التوبة، الآية:122.

ص: 126

بغير علم فضلّوا وأضلّوا))، متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو.

ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا ذلك مبلغهم من العلم (1)} ، ويقول:{يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (2)} . فينبغي أن نهتمّ بالتفقه في دين الله.

والتعلم في المساجد فيه خير وبركة، وهل تخرّج من تخرّج من صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلاّ من المساجد. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلاّ نزلت عليهم السّكينة، وغشيتهم الرّحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)).

ورحم الله مالكًا إذ يقول: لا يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها. فأنصحك أن تنظر لمن يدرّسك كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ورب العزة يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم:{واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (3)} .

فهذا حاصل ما أنصح به الإخوة؛ أن يرحلوا إلى الأماكن التي يدرّس فيها كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وقد بوّب الإمام البخاري في "صحيحه": باب الرحلة في طلب العلم، ثم ذكر حديث عقبة بن الحارث أنه رحل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: إنّ امرأةً سوداء جاءت، فزعمت أنّها أرضعته هو وزوجته،

(1) سورة النجم، الآية: 29 - 30.

(2)

سورة الروم، الآية:7.

(3)

سورة الكهف، الآية:28.

ص: 127

فذكر للنّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأعرض عنه، وتبسّم النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:((كيف وقد قيل؟!)).

السؤال106: بعض الإخوة يريدون الدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة، وشروط القبول فيها صعبة، فهل هناك جامعة أخرى تنصح بالدراسة فيها؟

الجواب: أسمع بجامعات في باكستان، وما عندي حقيقة هذه الجامعات، فينبغي أن يتنبه حتى لا تكون جامعات حنفية، أو جامعات حزبية، وأنا أنصحهم أن يرفعوا أمرهم إن استطاعوا إلى الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله تعالى فلعله يشفع لهم في ذلك، ولو تيسر لهم الالتحاق بجامعة المدينة كان خيرًا.

السؤال107: في دماج لا يوجد برنامج لتعليم اللغة العربية للأعاجم فبماذا تنصحنا؟

الجواب: كان هناك إخوة جزائريون، وإخوة ليبيون يدرّسون بعض القادمين، وقد قدم إلينا إخوة من بلجيكا، وإخوة من بلاد شتى، ويقوم إخواننا بتدريسهم، ومن المؤكد أن عندنا من يحسن اللغة الإنجليزية، ويستطيع أن يدرّس لغة عربية بواسطتها، ولا يوجد عندنا الآن إلا قدر ثلاثة أو أربعة الذين لا يستطيعون التكلم باللغة العربية، وإلا فبحمد الله يوجد إخوة يحسنون التكلم باللغات الأجنبية.

السؤال108: يوجد عندنا رجل يجيد اللغة العربية وهو عاميّ فهل ندرس عنده مع عدم التزامه بالسنة، ونحن في أمس الحاجة إلى اللغة العربية؟

ص: 128

الجواب: إذا كان سالمًا من الحزبية، وسالمًا من المذهبية، ومن انحرافات الإلحاد، فلا بأس أن يدرس عنده، ويتعلم هو أيضًا فهم يعلمونه سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يعلمهم اللغة العربية.

السؤال109: بعض الإخوة يرحلون في طلب العلم الشرعي ويترك والدته، ثم بعد غياب تطلب منه المجيء إليها من باب الاشتياق إليه، وقد تكون غير مسلمة فهل يلبي طلبها؟

الجواب: نعم يلبي طلبها، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{وصاحبهما في الدّنيا معروفًا (1)} ، أما إذا لم تكن لديه إمكانيات ولا يستطيع، فلا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها، ويتصل بها بواسطة الهاتف، أو بالمكاتبات.

السؤال110: بجوارنا مسجد إمامه إخواني عنده مخالفات شرعية، وإذا صلينا في هذا المسجد يستهزئون بنا، وينفرون عنا فهل نبقى ندعو في هذا المسجد، مع وجود هذا الأذى علمًا بأن المسجد السلفي بعيد؟

الجواب: إن كنتم تستطيعون الذهاب إلى المسجد السلفي فأنا أنصحكم بذلك، وتستفيدون أداء الصلاة على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأنْس بإخوانكم والفضيلة، فقد جاء في "صحيح مسلم" من حديث جابر بن عبد الله قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال لهم:((إنّه بلغني أنّكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد))؟ قالوا: نعم يارسول الله قد أردنا ذلك، فقال: ((يابني سلمة دياركم

(1) سورة لقمان، الآية:15.

ص: 129

تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم)). أي: الزموا دياركم التي هي بعيدة عن المسجد من أجل أن تكتب آثاركم.

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال: ((إذا توضّأ فأحسن الوضوء ثمّ خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصّلاة، لم يخط خطوةً إلا رفعت له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّي عليه، ما دام في مصلاه: اللهمّ صلّ عليه، اللهمّ ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصّلاة)).

فإذا استطاعوا أن يحضروا في المسجد السلفي، فهذا أمر طيب، وإلاّ فأنصحهم أن يتخذوا لهم مسجدًا يكون سهل التكاليف، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((ما أمرت بتشييد المساجد)). ويقول أيضًا: ((لا تقوم السّاعة حتّى يتباهى النّاس في المساجد)).

فالسنة أن يكون المسجد متواضعًا، وإن استطعت أن يكون المسجد كمسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلت، وإن لم تستطع فلا تتكلف، ولا تتأنق في بناء المساجد فإنه مخالف للسنة، وكذلك الزخرفة، والمنارة، وكذا ما يسمونه بالمحراب، وما ينصبونه على أرباع المسجد والتي تسمى بالشرفات، هذا لم يرد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، عندما بنى في ذلك الوقت، وكذلك المنبر الطويل الزائد على ثلاث درجات.

ولا إله إلا الله فإنه ما أتاني آت سواء أكان من إرتيريا، أو من إندونيسيا، أو من السودان، ومن غيرها من البلاد الإسلامية إلا وهو يشكو من أذية الإخوان المفلسين لأهل السنة. فأنا أقول: إلى الله المشتكى، فهم مستعدون أن يصطلحوا مع الشيوعي ومع الملحد، والعلماني، ومع البعثي، ومع الناصري،

ص: 130

ومع الصوفي، ومع الشيعي، وليسوا مستعدين أن يصطلحوا مع السني إلا في حالة إذا قربت الانتخابات، فإنّهم يقولون: اسكتوا عنا، ونحن نسكت عنكم.

السؤال111: الإخوة في أمريكا يبتعدون عن المعاملة مع الكفار والعامة ينكرون عليهم ويقولون: إن المجوس أهدوا إلى الصحابة بعض الهدايا، والسؤال: كيف يتعامل المسلم مع الكفار، وهل هذه القصة صحيحة ثابتة؟

الجواب: المجوس إن أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يخضع لهم، بل هم الذين يخضعون لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما قال:((نصرت بالرّعب من مسيرة شهر)). بخلاف معاملة المسلمين الآن مع أعداء الإسلام والكفار فإنّها معاملة ذلّ ومسكنة. فالذي يستطيع أن يستغني عنهم فنحن ننصحه بذلك، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار (1)} .

والذي يؤخذ حقه، أو يحتاج لأمر ضروري أن يشكو إلى الحكومة الكافرة فله ذلك، على أنّ التنازل من قبل الشخص يعتبر أحسن، وعزّة النفس وسلامة القلب لا يعادلهما شيء. فمعاملة المسلمين للكفار، أنّ المسلمين لم يكونوا يخضعون حتى عند أن كانوا مهاجرين في الحبشة فقد أعزهم الله سبحانه وتعالى بذلك الملك رحمه الله وهو أصحمة النجاشي، ودافع عنهم، والله سبحانه وتعالى هو المقيض والميسر لمن أخلص لله، وعلم الله صدق نيته.

السؤال112: هناك عادة سيئة تفشّت في أوساط الإخوة الملتزمين وهي أن

(1) سورة هود، الآية:113.

ص: 131

بعضهم يتزوج وبعد أيام قليلة يحدث بين الزوجين خصام وينتشر الخبر فإذا بالإخوة يشجعونه على الطلاق، حتى أنّ هناك أختًا طلّقت أربع عشرة مرة، فهذه ظاهرة منتشرة كثيرًا، وليس هناك من أهل العلم من يعودون إليه، فبماذا تنصحنا؟

الجواب: الذي أنصح الإخوة به هو ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يفرك مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر)). وما جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال: ((استوصوا بالنّساء خيرًا، فإنّهنّ خلقن من ضلع، وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرًا)). وأيضًا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها)) والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ))، فنقصان العقل والدين ملازم لكثير من النسوة.

والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وعاشروهنّ بالمعروف (1)} ، ويقول أيضًا:{الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً إنّ الله كان عليًّا كبيرًا (2)} .

(1) سورة النساء، الآية:19.

(2)

سورة النساء، الآية:34.

ص: 132

فإذا كان لسوء أخلاق فيصبر، أما إذا كانت غير عفيفة فيفارقها، يقول الله سبحانه وتعالى:{الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين (1)} .

وهي في بلد الترف، وفي بلد الفسوق والفجور لا تساعد على الدين فضلاً عن الخير. فلأن يهدي الله على يديك هذه المرأة خير لك من حمر النعم.

السؤال113: هناك في أمريكا يدفن الكفار والمسلمون في مقبرة واحدة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إذا مررتم بمقابر المشركين أو بمعناه، فكيف يتم العمل بهذا الحديث؟

الجواب: لا أعلم مانعًا من هذا، ولا أعلم دليلاً على أنه يجب وجوبًا أن يدفن المسلمون في مقبرة، وأن يدفن الكفار في مقبرة أخرى، وما جاء أنه يتأذى بجاره الكافر فينظر في صحته.

السؤال114: هناك بنوك ربوية فهل يجوز التعامل معها والاشتغال فيها؟

الجواب: أما الاشتغال فيها فلا، إن كنت كاتبًا أو مشاركًا فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((لعن الله آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهديه)). وإن كنت تضع نقودك فقط وأنت تخاف عليها أن تسرق، فلا تأخذ أرباحًا منها، بل يرد لك مالك كما هو، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم:{فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله (2)} ، ويقول أيضًا: {وإن تبتم فلكم

(1) سورة النور، الآية:3.

(2)

سورة البقرة، الآية:275.

ص: 133

رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (1)}.

أما إذا كان لا يخاف على ماله فلا، لأنه يساعدهم بالأرباح، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (2)} . فلا يجوز المعاملة، ولا التعاون مع هذه البنوك، إلا في مسألة ضرورية كأن تخشى على مالك من اللصوص أو الضياع، فلك أن تضع أموالك فيها، ولا تأخذ أرباحًا.

السؤال115: ما حكم الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وكيف يفعل من لا قدرة له، علمًا بأنّ هناك أماكن بأمريكا أهون من بعض الأماكن الأخرى؟

الجواب: قد نصحنا الإخوة إن كانوا يستطيعون أن يرتحلوا إلى بعض الشعاب ويقيموا فيها ليحافظوا على أهليهم وأولادهم فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كلّ مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه)).

والهجرة إلى بلاد المسلمين متعبة جدًا، فربما تصل إلى بلدة ويعتبرونك جاسوسًا، ويردونك من حيث أتيت، والفساد أيضًا موجود في جميع بلاد المسلمين، بين مستقلّ ومستكثر.

فأقول: إن الذي يستقيم له دينه سواء في أمريكا أو في غيرها، وهو لا يستطيع ولا يتمكن من الهجرة، فلا شيء عليه إن شاء الله، ولو ظن أنه يستطيع أن يتمكن من الهجرة فأنا أنصحه أن يترك أولاده وأهله، حتى يذهب

(1) سورة البقرة، الآية:279.

(2)

سورة المائدة، الآية:2.

ص: 134

وينظر البلد هل هي صالحة لمكثه، وهل يستطيع أن يقيم بها أم سيطالبونه بالإقامات وبأشياء لا يستطيعها، فلا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها، ولا يكلف الله نفسًا إلاّ ما آتاها.

والهجرة باقية إلى يوم القيامة: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا إلاّ المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً (1)} .

السؤال116: هناك رجل حبشي الأصل يقال له: عبد الله الحبشي، يقول: بأن الذي يدعي أن الله فوق العباد فهو كافر، وينشر هذه العقيدة بين العامة، مع العلم أنه صوفي؟

الجواب: هو رجل ضال، وقد ردّ عليه الشيخ الألباني حفظه الله تعالى.

ونؤمن بأن الله مستو على عرشه: {الرّحمن على العرش استوى (2)} ، ونؤمن بأنه عال علينا، سبحان ربي الأعلى {وهو القاهر فوق عباده (3)} ، {إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه (4)} ، {ءأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور (5)} .

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسري به إلى السماء، فما أسري به إلى البحر، ولا أسري به

(1) سورة النساء، الآية: 97 - 98.

(2)

سورة طه، الآية:5.

(3)

سورة الأنعام، الآية: 18،61.

(4)

سورة فاطر، الآية:10.

(5)

سورة الملك، الآية:16.

ص: 135

إلى اليمن، ولا إلى الشام، ولا إلى كذا وكذا، بل عرج به إلى السماء.

فهذا رجل ضلّيل خبيث أنصحكم ألاّ تقرءوا له، وألا تثقوا بكلامه، فهو عدوّ للسنة، بل ربما يكون دسيسة لأعداء الإسلام، ليشغل المسلمين بتراهاته وأباطيله وأكاذيبه.

السؤال117: ما حال حديث: ((إنّ المشرك إذا أسلم لا يقبل الله منه عملاً حتّى يهاجر إلى بلاد الإسلام)

الجواب: ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شأن الهجرة، فقد جاء أعرابيّ إلى النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسأله عن الهجرة فقال:((ويحك، إنّ الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل))؟ قال: نعم. قال: ((فتعطي صدقتها))؟ قال: نعم. قال: ((فهل تمنح منها شيئًا))؟ قال: نعم. قال: ((فتحلبها يوم وردها))؟ قال: نعم. قال: ((فاعمل من وراء البحار، فإنّ الله لن يترك من عملك شيئًا)).

والصحابة لم يهاجروا كلهم، بل ربما يأتي الرجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويأمره بالرجوع إلى قومه، كما في قصة عمرو بن عبسة عند أن أتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال له: إنّه يريد أن يكون معه، فقال:((إنّك لا تستطيع يومك هذا، ألا ترى حالي وحال النّاس، ولكن ارجع إلى قومك فإذا علمت أني قد ظهرت فأتني)). فأتاه إلى المدينة.

والشخص ربما يهاجر ويصدم ويرى معاملات سيئة، فربما يرى السرقة، والتبرج والسفور، والرشوة، والبنوك الربوية، والعداوة فيما بين المسلمين، والإقبال على الدنيا بجشع، والخيانة والكذب، ويظن أن هذا هو الإسلام، والإسلام برئ من هذا، فجميع هذه الأمور حرمها الإسلام وأنكرها، ولو

ص: 136

سردنا أدلتها لطال الكلام. ولكنّ ضعفة الإيمان من المسلمين هم الذين يرتكبون هذه الأمور.

السؤال118: ما حال حديث كفارة المجلس: ((سبحانك الّلهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك)

الجواب: صحيح ثابت من طرق متعددة ذكرها الحافظ ابن حجر في آخر "فتح الباري" وذكرها في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" في الكلام على المعل.

والذي نتكلم عليه بأنه معل هو حديث أبي هريرة، ولكنه قد جاء عن صحابة آخرين، وحديث أبي هريرة يعلّه الإمام البخاري ويقول: لا أدري أسمعه موسى بن عقبة من سهيل بن أبي صالح أم لم يسمع؟ وقد ساق بسنده إلى موسى بن إسماعيل عن وهيب بن خالد عن عون بن عبد الله قوله من قول بعض أتباع التابعين، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديث أبي هريرة بل هو حديث معل.

أما حديث كفارة المجلس فأحاديث متكاثرة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلاّ قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرةً)).

السؤال119: ما حكم الدعاء في صلاة التراويح، وما صحة حديث رفع اليدين في الوتر مع ذكر الأدلة؟

الجواب: أما الدعاء في صلاة التراويح بذلك التطويل فبدعة، بدعة، بدعة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علّم الحسن أن يقول: ((اللهمّ اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن

ص: 137

عافيت، وتولّني فيمن تولّيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت، إنّك تقضي ولا يقضى عليك، وإنّه لا يذلّ من واليت، ولا يعزّ من عاديت، تباركت ربّنا وتعاليت)). وكذا ما يحدث في الحرمين من ذلك التطويل فليس مشروعًا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أما رفع اليدين فإنه من طريق: عبد الله بن نافع بن أبي العمياء، وهو ضعيف. وجاء في "مسند الإمام أحمد" من حديث أنس ولكن أصله في "الصحيحين" وليس فيه رفع اليدين، فنحن في شكّ من ثبوتها. فرفع اليدين في دعاء القنوت ليس بمشروع.

السؤال120: بعض الإخوة ينكر على من يصلي بدون عمامة، فما هو الدليل على المنع، وهل لبس العمامة سنة أم لا؟

الجواب: العمامة تعتبر من عادات العرب التي أقرها الإسلام، أما أنّها تصل إلى حد السّنيّة فلا تصل إلى حد السنية، فهي تعتبر عادة، لكن إذا نويت الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تثاب على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وأما الصلاة بدون عمامة فصحيحة، ولا ينبغي أن ينكر على شخص يصلي بدون عمامة، لا ينكر على أحد إلاّ بدليل من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والذي ننصح به هو لبس العمامة في الصلاة، وفي غير الصلاة، لكن لو خرج شخص وهو كاشف الرأس فلا ننكر عليه، ولا نقول صلاته باطلة.

السؤال121: ما حكم اتخاذ السترة في الصلاة مع الدليل، وهل حديث

ص: 138

الخط في اتخاذ السترة صحيح أم لا، وهل من السنة أن أضع سترةً لمن لم يتخذ سترة؟

الجواب: أما اتخاذ السترة فالصحيح الوجوب لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا صلّى أحدكم، فليصلّ إلى سترة وليدن منها)).

وأما حديث الخط فهو ضعيف، فمن أهل العلم من ضعّفه بالاضطراب كابن الصلاح، ومنهم من ضعفه لجهالة بعض رواته، فقد اضطرب في اسم الراوي وهو أيضًا مجهول، ولو كان ثقةً لما ضر الاضطراب في اسمه.

وإذا رأيت أخًا يصلي بدون سترة ووضعت له سترةً فهذا أمر لا بأس به، وهو من باب التعاون على الخير والتعليم.

السؤال122: هل صح عن ابن مسعود أنه قال: كيف ننهى عباد الله عن ذكر الله، مع العلم أن بعض الإخوة يستدلون به على جواز أذان المرأة في البيت؟

الجواب: لا أعلمه ثابتًا، ولم يثبت أن النسوة كن يؤذّنّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما رفع الصوت فلا إشكال في تحريمه، لأن الله عز وجل يقول:{فلا تخضعن بالقول فيطمع الّذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا (1)} .

فلا ترفع صوتها لتفتن الرجال. وأما بدون رفع الصوت فلم يثبت، ولا بأس أن تقيم، على أنني لا أعلم دليلاً في شأن الإقامة.

السؤال123: وأخيرًا بم تنصحنا في كيفية طلب العلم وما هي الكتب

(1) سورة الأحزاب، الآية:32.

ص: 139

والأشرطة التي يحتاج إليها الطالب المبتدئ للعلم؟

الجواب: الذي ننصح به، أن يراسلوا أهل العلم، وان استطاعوا أن يرحلوا إليهم فعلوا، مثل الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز، والشيخ عبد المحسن العباد، والشيخ ربيع بن هادي، والشيخ ابن عثيمين، فإن استطاعوا أن يرحلوا إليهم فعلوا، وإن لم يستطيعوا أن يرحلوا إليهم فبواسطة الهاتف والمراسلات، وإن وجد في تلك البلد التي هم فيها عالم مبرز فننصحهم أن يلتفوا حوله، وأن يدعوا الناس للالتفاف حوله، بشرط ألا يكون متمذهبًا ولا حزبيًّا، فإن الحزبي همّه أن يجمع الناس إلى حزبه، والمتمذهب يدعو الناس إلى مذهبه:{ألا لله الدّين الخالص (1)} .

فلا بد من إخلاص الدين والدعوة لله عز وجل: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير (2)} ، {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (3)} ، {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة (4)} .

وهنا أمر لا بد من التنبيه عليه، وهو: أن بعض الحزبيين ربما يقسم لك بالله أنه ليس بحزبي، فتبقى متحيّرًا، لكن إذا دعاك للانتخابات، أو رأيته يمجّد الحزبيين ويستقبلهم، فهو موضع ريبة وشك، ينبغي أن تتنبّه له.

والحمد لله رب العالمين

(1) سورة الزمر، الآية:3.

(2)

سورة آل عمران، الآية:104.

(3)

سورة يوسف، الآية:108.

(4)

سورة النحل، الآية:125.

ص: 140