الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- أخلاق حملة القرآن لأبي بكر الآجرى.
- كيف نتعامل مع القرآن؟ لمحمد الغزالي.
- المدخل إلى الدراسات القرآنية لأبي الحسن الندوي.
- تدبر القرآن لسلمان بن عمر السنيدي.
- مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي.
- النبأ العظيم لمحمد عبد الله دراز.
- التذكار في أفضل الأذكار للإمام القرطبي.
- منهج السلف في العناية بالقرآن الكريم لبدر بن ناصر البدر.
- صحابة رسول الله وجهودهم في تعليم القرآن الكريم لأنس أحمد كرزون.
- نظرات في كتاب الله للإمام الشهيد حسن البنا -جمع عصام تليمة.
- جيل قرآني فريد من كتاب معالم في الطريق لسيد قطب.
- مقومات التصور الإسلامي لسيد قطب.
- مقدمة تفسير في ظلال القرآن لسيد قطب.
- روائع إقبال لأبي الحسن الندوي.
- ما كتبه ابن القيم عن القرآن في كتب: زاد المعاد - الفوائد - مدارج السالكين - مفتاح دار السعادة
…
- فضائل القرآن للفريابي.
- فضائل القرآن لأبي عبيد الهروي.
ولقد أكرم الله عز وجل كاتب هذه السطور، وتفضل عليه بما لا يستحقه، بأن يسَّر له الكتابة في هذا الموضوع في عدة كتب هي:
- العودة إلى القرآن لماذا وكيف؟
- إنه القرآن سر نهضتنا.
- بناء الإيمان من خلال القرآن.
- كيف نغير ما بأنفسنا؟
- الطوفان قادم .. الله أو الدمار.
- عودة المجد .. وَهْم أم حقيقة؟.
- الجيل الموعود بالنصر والتمكين.
- حقيقة العبودية.
- كيف ننتفع بالقرآن؟
فلك أخي القارئ أن تقرأ من هذه الكتب ما تشاء حتى تقوى رغبتك وتشتد حاجتك إلى القرآن، واعلم أن «الإمداد على قدر الاستعداد» ، وأن الاستعداد للتلقي يزيد وينقص تبعًا للشعور بالاحتياج، فمن اشتد شعوره بالاحتياج إلى القرآن وقويت في ذلك رغبته ازداد استعداده لذلك التلقي، ومن ثمَّ الإقبال الدائم عليه، فيتحقق تبعًا لذلك الوصال بين القلب والقرآن.
المحور الثاني: الإلحاح على الله عز وجل
لا بد أن نوقن بأن الذي سيفتح لنا قلوبنا ليحدث الوصال بينها وبين القرآن هو الله وحده لا شريك له {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: 50].
فلا بد وأن يصدر أولاً القرار الإلهي بالوصال وإلا سيكون حالنا {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} [الرعد: 14].
ألم يقل سبحانه: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118]؟!
ومع ذلك، وحتى لا يدَّعي أحد بأن الأمر ليس بيده، وأنه منتظر لهداية ربه، فقد ربط سبحانه بين إمداده وعطائه للعبد، وبين مدى حرص هذا العبد واستعداده لتلقي هذا العطاء {فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: 14].
وفي الحديث القدسي يقول تعالى: «يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم» (1).
فالجملة الأولى (كلكم ضال إلا من هديته) تحصر وتقصر الهداية على الله عز وجل، والجملة الثانية (فاستهدوني أهدكم) تبين دور العبد في استجلاب تلك الهداية، فإن كانت الهداية من الله، إلا أن البداية من العبد يطلبها بلسان حاله أو مقاله.
وكما جاء في الأثر عن أبي الدرداء:
لما أهبط الله آدم إلى الأرض قال له: يا آدم أحبني وحببني إلى خلقي، ولا تستطيع ذلك إلا بي، ولكن إذا رأيتك حريصًا على ذلك أعنتك عليه (2) ..
عون الله للعبد على قدر عزمه:
يقول ابن رجب: عون الله للعبد على قدر قوة عزيمته وضعفها، فمن صمم على إرادة الخير أعانه الله وثبته.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
…
وتأتي على قدر الكرام المكارم
ولهذا سمى الله خواصّ الرسل: أولوا العزم.
واعلم أن العزيمة على الرشد مبدأ الخير، فإن الإنسان قد يعلم الرشد وليس له عليه عزم.
(1) رواه مسلم.
(2)
استنشاق نسيم الأنس لابن رجب الحنبلي ص 127.
فالخير كله منوط بالعزيمة الصادقة على الرشد، وهي الحملة الأولى التي تهزم جيوش الباطل، وتوجب الغلبة لجنود الحق، قال أبو حازم: إذا عزم العبد على ترك الآثام، أتته الفتوح.
ويكفيك مثالاً لهذا ما حدث من عمر بن عبد العزيز عندما دُفن سليمان بن عبد الملك قُرَّب إليه موكب الخلافة فتركه وركب بغلته، وصار مستصحبا لتلك العزيمة، فعلم الله صدقه فيها فأعانه عليها (1).
فهل تريد - أخي- الانتفاع بالقرآن؟! ما عليك إذن إلا أن تستصحب عزيمة صادقة في ذلك، ثم تترجم هذه الرغبة والعزيمة في صورة دعاء وطلب من الله عز وجل بأن يبلغك مرادك.
ترجمة الرغبة:
فإن كانت الخطوة الأولى للانتفاع الحقيقي بالقرآن هي اشتداد الرغبة، فإن الخطوة التي تليها .. بل تصحبها .. هي ترجمة هذه الرغبة بالدعاء والتضرع إلى الله عز وجل بأن يفتح قلوبنا لنور القرآن، ويُعرَّضها لحُسن التأثر به.
علينا أن ندعوه - سبحانه - دعاء المضطر الذي يخرج دعاؤه من أعماق أعماق قلبه، كالذي تتقاذفه الأمواج في البحر، فأخذ يصارع الغرق، وليس لديه شيء يتعلق به إلا أمله في الله بأن يستجيب تضرعه، وينقذه من الموت.
واعلم - أخي - أن مفتاح الإجابة هو التضرع والحرقة واستشعار الاحتياج الماس لله عز وجل.
يقول ابن رجب: وعلى قدر الحرقة والفاقة تكون إجابة الدعاء (2).
وتذكر - أخي - قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه» (3).
وعلينا ألا نكتفي بالدعاء والاستغاثة مرة أو مرتين، بل لا بد من الإلحاح والإلحاح على الله بدعاء المضطر مرات ومرات حتى ينفتح الباب.
فالله عز وجل يسمع دعاءنا، ويقدر على إجابته - وإجابة جميع الخلائق - من أول مرة، ولكنه يريد أن يرى منا الصدق في الطلب، وأننا جادون فيما ندَّعى، لذلك فهو قد يؤخر الإجابة اختبارًا لنا، فإن تركنا الباب، وأوقفنا التضرع والدعاء كان ذلك علامة وبيَّنة على عدم صدقنا في أننا بحاجة ماسة لإجابة ما نطلبه من الله، وأن الأمر لا يعدو أن يكون رد فعل لحالٍ طارئة عشنا معها، وتأثرنا بها تأثرًا لحظيًا، لذلك يقول صلى الله عليه وسلم:«يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يُستجب لي» (4).
ولنعلم جميعًا بأننا لو وصلنا لحالة الاضطرار والحرقة عند الدعاء مرات ومرات، فإن الباب - يقينًا - سيُفتح، والشيطان سيخنس، وشمس القرآن ستشرق في قلوبنا بنور ربها.
ومن أهم أوقات الإلحاح على الله ودعائه دعاء المضطر هو ذلك الوقت الذي يسبق قراءة القرآن، فالإلحاح الحار في هذا الوقت من شأنه أن يهيئ القلب لاستقبال القرآن استقبالاً صحيحًا.
فكما يقول تعالى: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَاّ مَن يُنِيبُ - فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 13، 14].
ومنها كذلك تلك الأوقات التي تستغلق فيها أبواب فهم الآيات علينا.
(1) مجموع رسائل ابن رجب 1/ 343 - 348 باختصار.
(2)
الذل والانكسار لابن رجب.
(3)
رواه الإمام أحمد والترمذي.
(4)
متفق عليه.