المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث التاسع: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ أنه قال: يا رسول - تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌ ‌الحديث التاسع: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ أنه قال: يا رسول

‌الحديث التاسع:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ أنه قال: يا رسول الله! اكتب لي بلدًا أكون فيه، فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك.

قال:

"عليك بالشام "ثلاثًا".

فلما رأي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كراهيته للشام فقال:

"هل تدرون ما يقول الله عز وجل؟ يقول: يا شامُ يا شامُ! يدي عليم يا شامُ، أنت صفوتي من بلادي، أُدخِلُ فيكِ خيرتي من عبادي، أنت سيفُ نقمتي، وسوطُ عذابي، أنت الأندرُ، وإليك المحشرُ.

ورأيت ليلة أسرى بي عمودًا أبيض كأنه لؤلؤٌ تحملُه الملائكةُ، قلتُ: ما تحملون؟ قالوا: نحملُ عمودَ الإسلامِ، أُمرنا أن نضعَه بالشامِ.

ص: 27

وبينا أنا نائم رأيت كتابًا اخْتُلِسَ من تحت وسادتي، فظننت أن الله تخلَّى من أهل الأرض، فأتبعت بصري، فإذا هو نور ساطع بين يدي، حتى وُضِعَ بالشام، فمن أبى أن يلحق بالشام، فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ، وَلْيَسْتَقِ مِنْ غُدُرِهِ، فإن الله قَدْ تكفَّل لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ".

قلت: حديث صحيح دون قوله: "يا شام يا شام! يدي عليك يا شام! "، وقوله "أنت سيف نقمتي، وسوط عذابي، أنت الأندر"، فإن هذا القدر مما لم أقف عليه في غير هذا الحديث.

وفي إسناده أبو عليّ خفيف بن عبد الله الغازي.

وقد ذكره ابن عساكر في "تاريخه"، ولم يذكر فيه تعديلًا؛ فهو علة الحديث، وساق له هذا الحديث وحده من طريق المُصنف.

ثم وجدت لخفيف هذا متابعين كما يأتي، فبرئت عهدته منه، وإنما علته صالح بن رستم أبو عبد السلام، وهو مولى بني هاشم في رواية المؤلف، وهو مجهول، وهو غير أبي عبد السلام الذي روى عن ثوبان على الصحيح؛ كما

ص: 28

قال الحافظ في "التقريب".

وقد أورده الهيثميّ مفرقًا في موضعين "10/ 58 و58-59"، وقال:"رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، غير صالح بن رستم، وهو ثقة".

فهذا من أوهامه؛ لأن ابن رستم هذا مجهول؛ كما عرفت آنفًا.

وروى ابن عساكر "1/ 101-102" منه قوله: "رأيت ليلة أسرى بي

"، إلى قوله: "حتى وُضِعَ بالشام"، وزاد: "فقال ابن حوالة: يَا رَسُولَ اللَّهِ! خِرْ لِي، فقال: عليك بالشام". وهي عند الطبراني.

وعنه رواها ابن عساكر، قال: ثنا أحمد بن المعلَّى الدمشقيّ، عن هشام بن عمار، شيخ خفيف بن عبد الله، وأحمد هذا ثقة.

ثم رواه ابن عساكر "1/ 62" من طريق الطبراني أيضًا: نا أحمد بن المعلّى، وأحمد بن أنس بن مالك: نا

ص: 29

هشام بن عمار بسنده المذكور عند المؤلف إلى ابن حوالة.. الحديث بتمامه.

وأما سائر الحديث فصحيح؛ لورود بعضه من طرق أربعة، وقد سبق ذكرها في الحديث الثاني.

وقوله: "وإليك المحشر" معناه في الحديث الرابع.

وقد رُوِيَ من حديث أبي أمامة عند الحاكم:4/ 509"، وصححه، وخُولِفَ، والطبراني، ومن حديث العرباض بن سارية، رواه الطبراني، ورواته ثقات؛ كما قال المنذري "4/ 62"، والهيثمي "10/ 59"، ومن حديث ابن حوالة نفسه بلفظ: "

عليك بالشام، فإنه خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده". رواه أبو داود وأحمد بسندٍ صحيح؛ كما تقدَّم في تخريج الحديث الثاني.

ومن ذلك تعلم أن الحكم على الحديث بالوضع -كما فعل الشيخ الغماري في "المغير""ص61-62" لمجرد الضعف الماشر إليه في حديث أبي أمامة، لا يخفى بعده عن القواعد الحديثية، فإن مجيء الحديث من عدة طرق -ولو ضعيفة- يخرجه عن الوضع، فكيف وبعضها صحيح؟!

ص: 30