الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن عشر:
عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"ستكون دمشقُ في آخر الزمان أكثرَ المدنِ أهلًا، وهي تكونُ لأهلها معقلًا، وأكثرَ أبدالًا، وأكثر مساجد، وأكثرَ زهّادًا، وأكثر مالًا، وأكثر رجالًا، وأقلَّ كفارًا، ألا وإن مصر أكثرُ المدن فراعنة، وأكثر كفورًا، وأكثرُ ظلمًا، وأكثرُ رياءً، وفجورًا، وسحرًا، وشرًّا، فإذا عمرت أكنافُها بعث الله عليهم الخليفة الزائد البينانِ، والأعور الشيطان، والأخرم الغضبانَ، فويلُ لأهلهِا من أتباعهِ وأشياعهِ، ثم قرأ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} 1، فإذا قُتِلَ ذلك
الخليفة بالعراقِ، خرجَ عليهم رجلُ مربوعُ القامة، أسودُ الشعر، كثُّ اللحية، برَّاقُ الثنايان، فويلٌ لأهلِ العراق من أشياعِه المراقِ، ثم يخرجُ المهديُّ منَّا أهل البيت، فيملأ الأرض عدلًا كما مُلِئَتْ جوراً
…
" وذكر باقي الحديث.
قلت: حديث منكر، تفرد بروايته محمد بن إبراهيم، وهو محمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى أبوعبد الله الغساني، نُسِبَ في رواية المصنِّف إلى جده، ونُسِبَ إلى أبيه في رواية بن عساكر من طريق أخرى عنه، نقلها السيوطي في "الحاوي""2/ 464"، وترجم له ابن عساكر، ولم يذكر له تعديلًا، فهو مجهول الحال، وسائر رواة الحديث ثقات غيره، فالحمل فيه عليه، ويظهر من أحاديثه التي يرويها عن الثقات أنه منكر الحديث، كهذا الحديث والحديث الآتي بعده.
غير أن حديثه هذا فيه جملة صحيحة ثابتة عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهي خروج المهديّ،
والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا، وأشهرها حديث عبد الله بن مسعود مرفوعًا:
"لا تذهبُ الدنيا حتى يملكَ رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلًا وقسطًا، كما مُلِئَت جَوْرًا وظلمًا".
رواه أبو داود ط2/ 207"، والترمذي "2/ 27"، وأحمد "1/ 376و 377و 430و 448"، والطبراني في "الكبير" و"الصغير" "ص 245"، من طريق زر بن حبيش عنه.
وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه الذهبي في "التخليص""4/ 442".
ورواه ابن ماجه "2/ 517"، والحاكم "4/ 264"، من طريق أخرى عن ابن مسعود نحوه، وإسناده حسن.
ورواه أبو داود، وأحمد "2/ 773" من حديث علي، وإسناده صحيح.
ورواه الترمذي، وابن ماجة، والحاكم "4/ 557"، وأحمد:3/ 17و 27و 36" من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، وهو
كما قالَا.
وقد أخطأ ابن خلدون خطًأ واضحًا، حيث ضعَّفَ أحاديث المهديّ جُلّها، ولا غرابة في ذلك؛ فإن الحديث ليس من صناعته.
والحق أن الأحاديث الواردة في المهدي فيها الصحيح والحسن، وفيها الضعيف والموضوع، وتمييز ذلك ليس سهلًا إلى على المتضلِّع في علم السنة ومصطلح الحديث، فلا تعبأ بكلام من يتكلم فيما لا علم له به.