الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع:
عن أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"الشام أرض المحشر والمنشر".
قلت: حديث صحيح، تفرَّدَ المُصنِّفُ بإخراجه من هذا الوجه، وهو ضعيف الإسناد جدًّا.
لكن أخرجه الإمام أحمد "6/ 257"، ومن طريقه ابن عساكر "1/ 164"، من وجهٍ آخر في حديثٍ لأبي ذر موقوفًا عليه، وفيه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك، ولم ينكره عليه، فهو في حكم المرفوع، بَيْدَ أن إسناده ضعيف.
لكن له طريق أخرى في حديث آخر لأبي ذر، أخرجه ابن عساكر "1/ 163-164"، وقد صححه الحاكم "4/ 509" على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وهو في "صحيح الترغيب""رقم 1162".
وله شاهد أخرجه أحمد "6/ 436"، وابن ماجه "1/ 429 و430"، من حديث ميمونة بنت سعد مولاة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله! أَفْتِنَا في بيت المقدس؟ فقال:
"أرض المحشر والمنشر
…
" الحديث.
وإسناده صحيح، كما قال الحافظ أحمد بن أبي بكر البوصيري في "زوائده"، وقوَّاه النووي في "المجموع"، وقد تكلمنا عليه مفصلًا في كتابنا "الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب" في "المساجد".
تم تبيَّنَ لي أنه معلول، ولذلك نقلته من "صحيح أبي داود" إلى "ضعيفه""68".
وبالجملة؛ فالحديث بشاهده وطريقه الأخرى صحيح قويّ؛ لذلك نرى أن الأستاذ/ صلاح الدين المُنجد، قد أخطأ حين أورد الحديث في الأحاديث الموضوعة التي نَبَّه عليها في مقدمة الكتاب "ص10"1، وليس يسوغ له ذلك قوله في خاتمتها:
"ونحن في ترجيحنا أن هذه الأحاديث موضوعة، قد اعتمدنا على النقد الداخلي، أعني: نقد المتن في الحديث، ولو صحَّ سنده"؛ لأنه:
أولًا: ليس لهذا النقد الداخلي قواعد محررة، وضوابط مقررة، يمكن الاعتماد عليها، والرجوع
1 كتاب "فضائل الشام ودمشق".
الاختلاف إليها، خلافًا للنقد الخارجي، أي: نقد السند، فقد وضع له علماؤنا رحمهم الله من القواعد والضوابط ما لا يمكن الزيادة عليه، كما تَجِدُ ذلك مفصلًا في كتب مصطلح علم الحديث، ومن أجمعها "قواعد التحديث" للشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله.
وثانيًا: أن الأستاذ لم يبيّن وجه كون الحديث موضوعًا متنًا حتى يمكن النظر في ذلك، ومجال الكلام في هذا البحث الخطير لا يتسع له هذا الملحق.