المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول في اكتساب الأولاد والحث عليه - تذكره الآباء وتسليه الأبناء = الدراري في ذكر الزراري

[كمال الدين ابن العديم]

الفصل: ‌الباب الأول في اكتساب الأولاد والحث عليه

‌الدراري في ذكر الذراري

‌الباب الأول في اكتساب الأولاد والحث عليه

قال النبي (: "تناسلوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" وقال عليه الصلاة والسلام: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ألا وإن ولده من كسبه" وقال عمر رضي الله عنه: (إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله نسمة تسبحه وتذكره) . وقال: (تكثروا من العيال فإنكم لا تدرون ممن ترزقون) .

وذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى أن الاشتغال بالنكاح أفضل

ص: 15

من التخلي لنفل العبادة من حيث أنه يفضي إلى الولد الذي به بقاء العالم إلى الأمد الموعود، وعود مصلحة الولد إلى الوالد حياً وميتاً بنصره لوالده في حال حياته، والنفقة عليه على تقدير الحاجة إليه وإمداده إياه بأنواع الثواب بعد وفاته من الدعاء والصدقة والترحم عليه بسببه.

ولعمري إن التسبب في إيجاد مثل مولانا السلطان الذي نشر العلوم في أيامه، وأحيا الفقراء والمساكين بجوده وإنعامه، وحبب العلماء إلى الناس بما ظهر لهم من لطفه بهم وإكرامه، أفضل عند الله تعالى من صلاة الدهر نفلاً وصيامه.

ولو شاهد أبو حنيفة رضي الله عنه عصره وزمانه، ورأى بره للرعية وإحسانه، لجعله دليله في المسألة وبرهانه، ولسلم له الخصم ما نازعه فيه، فمثل هذا الدليل في إبانة الحجة يكفيه.

دخل عثمان بن عفان رضي الله عنه على ابنته وهي عند عبد الله ابن خالد بن أسيد فرآها مهزولة فقال: لعل بعلك يغيرك، قالت: لا. فقال لزوجها: لعلك تغيرها، قال: لا. قال: فافعل فلغلام

ص: 16

يزيده الله في بني أمية أحب إلي منها.

قال أرسطاطاليس: لما كان البقاء مما استأثر به القديم جل ذكره لجلالته وعلو قدره وكان محبوباً إلى النفوس كلها ناطقها وصامتها، ولما لم يمكن الحيوان البقاء بشخصه أحب البقاء بنوعه فأوجد المثل. قال الله عز وجل في كتابه الكريم فيما يحكي عن زكريا عليه السلام ودعائه في الولد: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين (يعني: لا تذرني وحيداً لا ولد لي.

وقالت أعرابية تتمنى ولداً:

يا حسرتا على ولد

أشبه شيء بالأسد

إذا الرجال في كبد

تغالبوا على نكد

كان له حظ الأشد

ص: 17