المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الحادي عشر في ذكر الخوف عليهم والشفقة والرأفة - تذكره الآباء وتسليه الأبناء = الدراري في ذكر الزراري

[كمال الدين ابن العديم]

الفصل: ‌الباب الحادي عشر في ذكر الخوف عليهم والشفقة والرأفة

‌الباب الحادي عشر في ذكر الخوف عليهم والشفقة والرأفة

يقال: إذا ترعرع الولد تزعزع الوالد.

أخذ عبد الملك بن مروان أحد لصوص العرب فأمر بقطع يده، فجاءت أمه فقالت: يا أمير المؤمنين ولدي وكاسبي، قال: بئس الولد ولدك وبئس الكاسب كاسبك، هذا حد من حدود الله تعالى لا أعطله، قالت: أجعله من الذنوب التي تستغفر الله منها، فعفا عنه.

قال يموت بن المزرع يخاطب ابنه مهلهلاً:

مهلهل أحشائي عليك تقطع

وأقرح أجفاني أخوك مزرع

إلى الله أشكو ما تجن جوارحي

وما فيكما من غصةٌ أتجرع

ص: 78

فإن ذرفت عيناي وجداً عليكما

ففي دون ما ألقاه مبكى ومجزع

أخاف حماماً يا مهلهل باغتاً

وطير المنايا حائمات ووقع

كان للصنوبري ابن مسترضع ففطم، فدخل الصنوبري يوماً داره والصبي يبكي، فقال: ما لابني؟ فقالوا: فطم، فتقدم إلى مهده وكتب عليه:

منعوه أحب شيء إليه

من جميع الورى ومن والديه

منعوه غذاءه ولقد كا

ن مباحاً له وبين يديه

عجباً منه ذا على صغر السن

هوى فاهتدى الفراق إليه

وقال آخر في إشفاقه على ولده:

كلفني الهم لإغناء الولد

وخوف أن يفترقوا إلى أحد

وأن يعيشوا عيشة فيها ضمد

ويشربوا من بعد عد بثمد

ص: 79

منتقلاً من بلد إلى بلد

يوماً بصنعاء ويوماً بالجند

وقال آخر:

لا تعجبي يا مي من سوادي

ومن قميص هم بانقداد

كلفني تعسف البلاد

وقلة النوم على وسادي

مخالفة الفقر على أولادي

وما قيل في القعود عن السفر إشفاقاً على الولد:

أراني إذا رمت الرحيل يصدني

قصير الخطا طفل علي كريم

أخو خمسة مثل الفراخ تضمهم

مواتية فيما تفيد رؤوم

أراد أعرابي سفراً فقال لامرأته:

عدي السنين لغيبتي وتصبري

وذري الشهور إنهن قصار

ص: 80

فأجابته:

واذكر صبابتنا إليك وشوقنا

وارحم بناتك إنهن صغار

فأقام وترك سفره.

ص: 81