المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الهدف من التسمية: - تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية

[محمد بن سعد الشويعر]

الفصل: ‌الهدف من التسمية:

وراشد بن خنين الذي انتقل من الخرج إلى الأحساء ومات هناك بغير عقب (1) .

وغيرهم ممن جاء ذكرهم في رسائل الشيخ كابن إسماعيل وابن ربيعة وابن مطلق وابن عبد اللطيف وصالح بن عبد الله وغيرهم وقد بلغ ماجمع من رسائله التي توضح دعوته رحمه الله والرد على ما قيل نحوها من افتراءات واحد وخمسون رسالة ، وطبعت في 323 صفحة ضمن مجلد واحد وهي ذات فائدة كبيرة لمن يريد التحقق عن كثب عن كنه الشيخ ودعوته ولا ريب أن كثيراً من ناوأها عندما استبانت له الحقيقة رجع عن رأيه السابق لأن الحق أحق أن يتبع.

‌الهدف من التسمية:

-

لئن كان مسعود الندوي رحمه الله في كتابه " محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه " قد قال: إن من أبرز الأكاذيب على دعوة شيخ الإسلام تسميتها بالوهابية ولكن أصحاب المطامع حاولوا ن هذه التسمية أن يبثوا أنها دين خارج على الإسلام واتحد الإنجليز والأتراك والمصريون فجعلوها شبحاً مخيفاً بحيث كلما قامت أي حركة إسلامية في العالم الإسلامي في القرنين الماضيين ورأى الأوروبيون فيها خطراً على مصالحهم ربطوا حبالها بالوهابية النجدية وإن ناقضتها (2)

فإن الشيخ أحمد بن حجر قاضي المحكمة الشرعية الأولى بقطر قد ربط افتراءات بعض المتكلمين الحنابلة السابقين بالافتراءات على الشيخ محمد

(1) - في تراجم هؤلاء انظر السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لإبن حميد وعلماء نجد في ستة قرون لإبن بسام ، وروضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين لمحمد بن عثمان القاضي.

(2)

- انظر كتابه هذا ترجمة عبد العليم البستوي مراجعة وتقديم الدكتور محمد تقي الدين الهلالي ص 165.

ص: 96

لأن المخالفين لا ينقصون من قدر الآخرين إلا بالافتراء عليهم وكذلك المستعمر لا يجد طريقاً في القضاء على الحركات الإسلامية إلا بمثل هذا الأسلوب.

وكان مما قاله الشيخ أحمد في كتابه " نقض كلام المفترين الحنابلة السلفيين ":

((ونسبوا إلى الشيخ وإلى أتباعه أنهم لا يجعلون للرسول صلى الله عليه وسلم حرمة بل يقول أحدهم عصاي خير من الرسول. ولا يرون للعلماء ولا الصالحين مقاماً وينكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحرمون زيارة القبور وقبور سائر المؤمنين ولا يرون الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يعتنون بكتب الأئمة بل يحرقونها ويتلفونها ولا يرون تقليدهم جائزاً ويكفرون المسلمين من قرون عديدة سوى من كان على معتقدهم ويحرمون قراءة المولد النبوي)) (1) إلى غير ذلك من المزاعم.

والجواب أن هذه الأشياء المنسوبة إليهم كلها كذب لا نصيب لها من الصحة أبداً وهذه كتبهم مطبوعة تباع وتوزع فمن أراد أن يعرف كذب هذه المزاعم فليقرأ كتبهم (2) .

ومن هنا ندرك السر في الإصرار على لقب الوهابية وإشاعة أنهم مذهب خامس لأن علماء المغرب قد اكتووا بنار الوهابية الرستمية الخارجية الأباضية التي قامت هناك وأسسها عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم في آخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجري ولديهم فتاوى حولها ومذهب أهلها كما أوضحنا من قبل.

فهي ثوب جاهز ما على أعداء الدعوة إلا خلعه على هذه الدعوة الجديدة

(1) - من المعلوم أن إقامة المولد النبوي وقراءة المولد على ما يفعله البعض تقرباً وتعبداً بدعة ، يراجع القول الفصل في مولد خير الرسل صلى الله عليه وسلم للشيخ إسماعيل الأنصاري.

(2)

- انظر كتابه هذا ص 57 - 58 إلى ص 101 حيث يرد على تلك الشبه.

ص: 97

من باب التنفير واختصار الطريق لأنه لا يخدم المستعمر في ديار الإسلام إلا أصحاب البدع والخرافات.

أما العلماء من أصحاب المصالح فتمسكوا بما قيل من افتراءات وألصق من شبهات رغم أن الحوار والنقاش ينفي تلك التهم وأنها لا أساس لها من الصحة ويتبرأون منها وما ذلك إلا أن الهوى يعمي ويصم.

ولكي يؤكدوا صحة ما وضعوا من شبهات استغل أعداء الدعوة ما صار بين الشيخ محمد وأخيه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب من خلاف بادئ الأمر حيث عارضه سليمان شأنه شأن طلبة العلم في منطقة نجد وخارجها عدم الاستجابة إلا بعد معرفة الحقيقة فإذا استبان الرشد رجعوا للحق مذعنين.

والشيخ سليمان أيضاً ممن اقتنع بحقيقة الدرب الذي سار فيه أخوه وسلامة المقصد فصار من مؤيديه بعد ذلك.

نقول استغل الخصوم ذلك فألفوا رسالتين نسبتا إلى سليمان هذا هما " الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية " و " فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب "

بينما المتتبعون للأمر ينفون ذلك عن سليمان وإنما قصد إلصاقها بسليمان لزيادة التنفير بأن أخاه سليمان وهو أقرب الناس أنكر عليه بينما واقع الحال أنه تابعه ووفد إليه معتذراً في الدرعية.

وكدليل آخر على كذب هذه المؤلفات وعدم صحة نسبتها لسليمان أن لقب الوهابية لم تتفتق عنه الحيلة إلا مع الحملات التركية المصرية بقيادة إبراهيم باشا على نجد وبعد موت الشيخ محمد بأكثر من عشرين سنة وبعد موت سليمان أيضاً. بدليل أن " ني بور " المعاصر الأوروبي للشيخ محمد لم يستعمل اصطلاح الوهابية أصلاً وقال مسعود الندوي عنه:

ويظهر من

ص: 98

هذا اصطلاح الوهابية لم يكن معروفاً إلى ذلك الوقت ولكنه يسمي دعوة الشيخ بدين جديد New صلى الله عليه وسلم eligion مع أنه في النهاية يعبر عن مذهب محمد بن عبد الوهاب الجديد بالمحمدية. وأن أول ذكر للوهابية جاء عند " برك هارت " الذي جاء الحجاز بعد استيلاء محمد علي في سنة 1229 هـ كما جاء ذلك عند الجبرتي في تاريخه (1) .

وكما جاء أيضاً في رحلة سادلير التي مر بنا ذكرها.

وقرينة ثالثة فلو كان سليمان بن عبد الوهاب ممن رد على أخيه وناوأ الدعوة فإن اسمه سوف يتكرر في الردود وسيأتي له ذكر أسوة بأسماء من ناوأها ولو لفترة حيث الجدل والنقاش مستمر وإنما هو ثوب ألبس لسليمان هذا ولم يكن له ، كما ألبست الدعوة اصطلاحاً لا يربطها به صلة ، لتنافر ما بين دعوة الشيخ محمد والوهابية الرستمية الخارجية ، من حيث المعتقد والمحتوى والمكان والطريقة والاستشهاد بالدليل الشرعي ولذا لم يرد له ذكر في ذلك مما يدل على براءته من ذلك.

فالوهابية الرستمية تخالف معتقد أهل السنة والجماعة كما هو معروف عنهم من الدارسين لحالهم؟ ، بينما الشيخ كما يقول بنفسه في رسائله وتشهد به جميع كتبه وكتب أبنائه وتلاميذه: متبع وليس بمبتدع يسير وفق مذهب أهل السنة والجماعة ويدعو رأيه بالدليل الصحيح من كتاب الله الكريم وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم وما انتهجه السلف الصالح من القرون المفضلة كما هو واضح القياس في جميع كتبه ورسائله.

وقرينة رابعة: فإن مخالفة سليمان بن عبد الوهاب لأخيه كانت في بداية أمر الشيخ محمد ، ووقتها لم تتعد الردود الكلام الشفوي والمراسلات

(1) - راجع كتاب الندوي محمد بن عبد الوهاب ص 167 - 168.

ص: 99

الصغيرة ، وابن غنام ممن رصد ذلك بتاريخه وقد عاصرهما وتوفي بعدهما بزمن ولم يذكر من ذلك شيئاً رغم أنه ذكر المخالفين للشيخ. هذا من جانب ومن جانب آخر فإن كلمة الوهابية نسبة لوالدهما سوياً ولا يمكن أن يكون لسليمان الابتداع في إطلاقها لأنه لم يرد على والده من جهة ومن جهة أخرى فإنه يدرك أن النسبة خطأ لأنها من نسبة الشيء إلى غير أصله فال يمكن أن تقول للمكي إنه مدني ولا للمغربي أنه هندي وإن أطلقت تجاوزاً فهما يشتركان فيها ، الراد والمردود عليها. وهذه لا تنطلي على سليمان بن عبد الوهاب إذا كان هو صاحب الرد حقيقة.

وقرينة خامسة: أن الكاتبين عن الدعوة في وقتها حيث لفتت الأنظار من الغربيين وغيرهم مثل " ني بور " ممن عاصرها الذي وصل إلى الأحساء فقد كان يسميها المحمدية نسبة إلى محمد ابن عبد الوهاب وتارة يسميها الدعوة الجديدة. وهذان الاسمان لا يحققان الغرض المقصود باستثارة العامة و " برك هارت " الذي وصل الحجاز عام 1229 هـ وقابل محمد علي وأثنى على هذه الدعوة ومكانتها العقدية وسلامتها من الشوائب وانتقد من يخافها فيما رصده برحلته. مما يبرهن على أن الحيلة قد تفتقت عن اسم يراد به الإثارة. ويعطي شرعية على تحريك الجيوش ، وتجريد الحملات ضد هذه الدعوة بمثل هذا اللقب الجديد الذي لابد أن يكون له جذور تستولي على المشاعر وإثارة الحماسة.

ولذا سبقت هذه التسمية الحملات من أجل إرهاق الناس بالضرائب ودعوتهم للبذل والإنفاق كما ذكر الجبرتي في تاريخه من أقاويل عنهم بوجوب قتال الخوارج ، وبأن الوهابية الأباضية الخارجية قد عادت للظهور فيجب بذل المستطاع لمحاربتها.

ص: 100

هذا من أهم بواعث نفض الغبار عن ذلك اللقب الكامن في سجلات التاريخ ولذا فإنه قد كذب على سليمان بن عبد الوهاب تأليف هذه الرسالتين بعد موته بزمن. كما زيفت في الوقت الحاضر مذكرات " همفر " الذي قيل عنه بأنه جاسوس بريطاني وعن علاقته بالشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث لم يعرف لذلك أصل ولم يسمع بهذا الشخص من قبل.

وهذا من الادعاءات التي لا برهان عليها أو دليل يؤيدها

والكذب لا حدود له.

وأعداء الإسلام يهتمون بإثارة مثل هذا لما فيه من بلبلة للأفكار وتحريك للفتن ونزع للثقة من كل داعية مخلص.

وصحافة اليوم دليل قاطع على هذا المنهج في الإثارة وكثرة الافتراءات على كثير من الدول لأن منهجها يخالف الآخرين.

ذلك أن الدين الحق الصافي من الشوائب كلما برز وبدأ الناس يميلون إليه لما فيه من تخليص للنفوس والمجتمعات من السلبيات التي تدخل على دين الإسلام وهو منها براء ، ينزعج أعداء الإسلام من ذلك العمل الذي يؤلف القلوب فيحركون أعوانهم لمباعدة هذا الاقتراب ، كما تحس هذا عندما قام الفلسطينيون بانتفاضتهم بالحجارة والهتافات

فقد انزعج اليهود من الدعوة للجهاد التي هتفت بها الأطفال ومن ترديدها لكلمة " الله أكبر " وأشاعوا في العالم بوسائل إعلامهم أن التمرد شيوعي ليصرفوا النظر عن الاتجاه الإسلامي الذي خشاه اليهود.. فما أشبه الليلة بالبارحة.

والأمثال في ذلك كثيرة في كل مكان وزمان: فهذا الوتري المولود بالمدينة عام 1261 هـ والذي رأى الأستاذ أحمد العماري الذي حقق رسالته في

ص: 101

محاكمة السلفية الوهابية بالمغرب في تساؤلاته حول هذه الرسالة بما نصه:

ألا يكون الوتري أراد من مرافقته هاته ومحاكمته متابعة السلفية بالمغرب كما تابعها بالمشرق حسب الإشارات التي وردت عنده بالرسالة؟ لماذا يتحيز للسلطان التركي وللوالي على مصر ضد محمد بن عبد الوهاب فهل هو تزمت شديد للطرقية على حساب السلفية ، أو توجد خلفيات أخرى وراء التحامل؟ نحاول أن نجيب على هذه الأسئلة من خلال عرض الأسباب التي جعلت الوتري يكتب رسالته (1)

إذا فكل من كتب كان لسبب دفعه وهدف وجه إليه.

فقد تأثر أمثال الوتري باهتمام أهل المغرب بالدعوة السلفية بعد أن وصلت رسالة الإمام سعود بن عبد العزيز في عام 1225 هـ حيث عهد المولى سليمان العلوي للأديب السيد حمدون بن الحاج الفاسي الإجابة عليها وقد أرفق بالجواب قصيدة مدح فيها ابن سعود وقد أكد أبو عبد الله محمد الكنسوس أن حمدون بن الحاج أجاب ابن سعود ومدحه بأمر من السلطان سليمان وبرهن على ذلك بأمور مقنعة ثم ذكر المحقق بعضاً من هذه الميمية في مدح سعود ومنها:

إن قمت فينا بأمر لم يقم أحد *** به فجوزيت ما يجزاه ذو نعم

بقطع أهل الحروب بالحجاز بأن *** يقتلوا أو يصلبوا بلاوهم

أو أن تقطع أيديهم وأرجلهم *** عن الخلاف أو أن ينفوا من أرضهم

(1) - انظر ص 4 من هذا التحقيق بمجلة كلية الآداب بفاس شعبة التاريخ عدد خاص سنة 1406 هـ عام 1985 م ويقع هذا التحقيق في 46 صفحة ، وقد دافع المحقق بإنصاف عن السلفية في المغرب.

ص: 102