الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصوم الدعوة من داخل المنطقة:
-
جوبهت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أول ما جوبهت من داخل المنطقة التي انطلقت منها فوقف أمامها أناس ادعوا العلم وكانت لهم مصالح سوف تتأثر من معرفة الناس للحقيقة التي حرص الشيخ على إبانتها للناس مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والهوى دائماً يعمي ويصم كما أن للحسد دوراً في تلك المجابهة كما يقول الشاعر العربي:
حسدوا الفتى إذ لم يكونوا مثله
…
فالقوم أعداء له وخصوم
لقد بلغ من هؤلاء القوم أن انبروا لدعوة الشيخ بالحرج والكذب والافتراء.... ثم لخوفهم الذي اقلق راحتهم بدأوا يبثون الرسائل يميناً وشمالاً من باب التنفير والكيد كما حصل من ابن سحيم وابن مويس وغيرهما ممن سوف نلم بذكرهم والإشارة لانتشار رسائلهم التي كشفها الشيخ محمد نفسه في الرسائل التي يبعث بها للآفاق داعياً وموضحاً من جهة ومزيلاً لما علق بالأذان من أكاذيب وافتراءات من جهة أخرى.
ولن ندخل في تلك المنافحات والمراسلات ولكن يكفي أن نستشهد بالآية الكريمة
{فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} (سورة الرعد آية 17)
لقد ذهب القوم جميعاً الناقد والمنقود والمفتري والمفترى عليه وأثبتت الأيام صدق إخلاص الشيخ محمد رحمه الله حيث بقي صدى الدعوة بل ازداد وحرص الناس في كل مكان على تتبع كتبه رحمه الله ودراستها كما عاد كثير من المناوئين إلى رشده بعدما استبان لهم سلامتها وصدق هدف
الداعية لأن الحق أحق أن يتبع أما أولئك المناوئون فقد ماتت أسماؤهم ومات معها كل ما قالوه ولا يكاد الناس يعرفون عن أغلبهم إن لم نقل كلهم إلا من فحوى رسائل الشيخ محمد رحمه الله.
هذا في الدنيا وأما في الآخرة فالجزاء عند الله جلت قدرته لأنه هو الذي يعلم السرائر وما تخفي الصدور.
وقد اعتبر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله خصوم الشيخ ثلاثة أقسام: -
1-
علماء مخرفون يرون الحق باطلاً والباطل حقاً ويعتقدون أن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دين وهدى ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين وأبغض الأولياء وهو عدو يجب جهاده.
2-
وقسم آخر من المنسوبين للعلم: جهلوا حقيقة هذا الرجل ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه بل قلدوا غيرهم وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بعض الأولياء والأنبياء ومن معاداتهم وإنكار كراماتهم فذموا الشيخ وعابوا دعوته ونفروا عنه.
3-
وقسم آخر خافوا على المناصب والمراتب فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم فتنزلهم عن مراكزهم وتستولي على بلادهم (1) .
ومن أبرز خصوم الدعوة الذين صاروا يكاتبون الآفاق ويفترون على
(1) - انظر الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته للشيخ ابن باز ص 27 - 28.
الشيخ أشياء لم يقلها ثم لما ضاق بهم المكان وعرف الناس حقيقة دعوة الشيخ محمد واتبعوها لأنها دين الله الخالص ، لم يسعهم إلا مغادرة الديار إلى أماكن أخرى ليوصلوا عملهم ويجدوا ميداناً أرحب يصولون ويجولون فيه فموهوا على كثير من المسلمين واغتر بهم بعض العلماء هناك من دون روية أو تبصر.
ونذكر من أولئك بعض الأسماء باختصار:
1-
سليمان بن محمد بن سحيم الذي جاء ذكره في كثير من رسائل الشيخ بأنه يكتب للأمصار في النيل من الشيخ ومهاجمة دعوته حيث يصور للناس برسائله أشياء لم تقع من الشيخ وليس لها أصل ، كان من علماء الرياض وبعد سقوط الرياض في يد الدولة السعودية الأولى غادر للأحساء ثم الزبير بالعراق وقد توفي هناك وفيها أولاده عام 1181 هـ (1) .
كما روى هذا العداء للدعوة من آل سحيم لعدة رجال وكلهم بيت علم ذلك الوقت في مدينة المجمعة وفي الرياض ولعل السر في هذا من حسد العلماء وغيرتهم لأن الشيطان حريص بدخول المنافذ على الإنسان مهما كانت.
2-
محمد بن عبد الله بن فيروز النجدي أصلاً الأحسائي مولوداً ، كان من العلماء الأعلام وقد اهتم به والي البصرة العثماني عبد الله أغا لما انتقل إليها وسكنها وبقي بها حتى آخر حياته عام 1216 هـ ، حيث دفن بالزبير وقد خرج من الأحساء عندما أوشكت جيوش آل سعود أن تدخلها لأنه ناوأ
(1) - انظر ترجمته عند ابن بسام في علماء نجد خلال ستة قرون ج 1 ص 322 وتاريخ ابن غنام.
الدعوة منذ بدايتها فوجد عند الوالي ما يعينه على تحريض السلطان العثماني بالقضاء على الدعوة وقمعها (1) وقد أيده في هذا المسلك بعض تلاميذه ماعدا: محمد بن رشيد العفالقي الذي هاجر للمدينة فلما دخلها الإمام سعود بن عبد العزيز أكرمه كعادته في إكرام العلماء وجعله على قضاء المدينة فأحب الدعوة السلفية وكان من دعاتها وظهرت جهوده في مصر بعد أن سكنها فأحبه الناس هناك وله دور كبير في تعريف الناس بالسلفية وتوفي بالقاهرة سنة 1257 هـ (2) .
3-
محمد بن عبد الرحمن بن عفالق له مكانة علمية في الأحساء يرتاده طلاب العلم وقد توفي بالأحساء سنة 1163 هـ وقد أدرك أول دعوة الشيخ محمد رحمه الله فعاداها وكتب إلى الشيخ رسالة يتحداه فيها بأن يبين له ما تحتوي عليه سورة العاديات من المجاز والاستعارة والكناية وغيرها من العلوم البلاغية ، حيث صح في اعتقاده أن استحضار النكت البلاغية والاصطلاحات البيانية هي الوسيلة الوحيدة على تحقيق ما يجب لله تعالى على عباده من معرفته ومعرفة توحيده وإخلاص العبادة له كما قال الشيخ عبد الله بن بسام عند ترجمته لحياته (3)
4-
عبد الله بن عيسى المويسي قاضي حرمة الذي جاء ذكره في رسائل الشيخ كثيراً فأخذ الشيخ محمد يحذر الناس منه ويبين أعماله وقد توفي ببلده عام 1175 هـ (4) وذلك قيل انتشار الدعوة أو اتساع دائرتها في الجزيرة العربية.
(1) - انظر ترجمته في علماء نجد لابن بسام ج 3 ص 882 - 886 ورسالته في محاربة الدعوة في تاريخ ابن غنام وابن بشر.
(2)
- انظر مشاهير علماء نجد لعبد الرحمن آل الشيخ ص 228 ويسميه أحمد.
(3)
- انظر علماء نجد خلال ستة قرون ج 3 ص 820.
(4)
- نفس المصدر ج 2 ص 60.
5-
عثمان بن عبد العزيز بن منصور الذي درس في العراق ومن أشهر مشايخه داود بن جرجيس ، ومحمد بن سلوم الفرضي ، وهما من أشد خصوم الدعوة وبين ابن جرجيس وعلماء نجد ردود ومنافرات حول هذه الدعوة قال ابن بسام في ترجمته: والمترجم له متردد في اتجاهه العقدي فمرة يوالي الدعوة السلفية وينتسب إليها وأخرى يبتعد عنها ويوالي أعداءها ولذا فإنه لما وصل نجداً داود بن جرجيس الذي أخذ يقرر استحباب التوسل بالصالحين من الأموات والاستعانة بهم ونحو ذلك مما يخالف صافي العقيدة ناصره وصار يثني عليه ويمدح طرقته وقرظ كتابه وأثنى على نهجه بقصيدة بلغت ستة وثلاثين بيتاً وقد رد عليه بقصائد مماثلة بالوزن والقافية أكثر من سبعة علماء من نجد (1)
6-
محمد بن عبد الله بن حميد المولود في عنيزة سنة 1232 هـ ومفتي الحنابلة في مكة إلى أن توفي بالطائف سنة 1295 هـ ذكر ابن بسام في ترجمته لحياته قائلاً: إن المترجم له بحكم وظيفته تبع الدولة العثمانية - مفتي الحنابلة بالحرم المكي - التي حابت العقيدة السلفية وبحكم وجود المترجم له بعد النكبة التي أصابت الدعوة السلفية في بلادها فقضت عليها وكثرت أعداءها والموالين لأضدادها وبحكم قراءته خارج نجد على علماء نذروا أنفسهم لمحاربة هذه الدعوة فإن هذه المؤثرات طبعته بطابعها الخاص وجعلت منه خصماً لها وحليفاً لأعدائها (2)
7-
مربد بن أحمد التميمي الذي ناوأ الدعوة ثم سافر على اليمن سنة 1170 هـ وبدأ يبث التشويه لسمعة الدعوة ودعاتها والقائمين عليها وبقي هناك حوالي عشرة أشهر وفارقهم إلى الحجاز مع الحجاج.
(1) - انظر متابه علماء نجد في ستة قرون ج 3 ص 696.
(2)
- انظر علماء نجد في ستة قرون ج 3 ص 865 - 866 وانظر مخطوطة ابن حميد " السحب الوابلة على ضرائع الحنابلة " حيث ضرب صفحاً عن علماء الدعوة وناصر خصومها.
وقد قال عنه ابن بسام عند ترجمته: والقصد أن هذا الرجل وأمثاله ممن ناوأوا الدعوة الإصلاحية هم الذين شوهوا سمعتها وألصقوا بها الأكاذيب وزوروا عليها الدعاية الباطلة حتى اغتر بهم من لا يعرف حقيقتها ولا يخبر حالها فرميت بالعداء عن قوس واحد إما من الحاسدين الحاقدين وإما من المغرورين المخدوعين وإما من أعداء الإصلاح والدين حتى غزتها الجيوش العثمانية في عقر دارها فأوقفت سيرها وشلت نشاطها بالقضاء على دعاتها وإبادة القائمين عليها من ملوك الحكومة السعودية الأولى ورجال العلم من أبناء الشيخ محمد وأحفاده حتى شاء الله تعالى انبعاثها مرة أخرى هيأ الله لها البطل المغوار الإمام تركي بن عبد الله، الذي قاوم الجيوش التركية حتى طهر البلاد منها (1) ولا تزال بحمد الله في طريق آمن وممهد ومن أثرها الأمن الذي تنعم به البلاد في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية السمحة.
وقال في نهاية ترجمته إنه عاد من الحجاز إلى بلده حريملاء ولكن الإمام محمد بن سعود تغلب عليه فهرب منها فلما وصل بلدة رغبة أمسكه أميرها علي الجريسي وقتله وذلك في عام 1171 هـ (2) .
8-
وهناك علماء آخرون لم يعرف عنهم التحدي للدعوة لكنهم يميلون مع خصومها في البلاد التي انتقلوا إليها أمثال: محمد بن علي بن سلوم الفرضي الذي انتقل من سدير إلى الزبير بالعراق متعاطفاً مع شيخه محمد بن فيروز حيث توفي بالعراق هو وابناه عبد الرازق وعبد اللطيف اللذان أصبحا من أعلام علماء سوق الشيوخ والبصرة في وقتها.
وإبراهيم بن يوسف الذي تعلم في دمشق م سكنها وكان له حلقة علم في الجامع الأموي وقتل في ظروف غامضة هناك عام 1187 هـ ،
(1) - انظر كتابه علماء نجد في ستة قرون ج 3 ص 949.
(2)
- نفس المصدر ص 950.