المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تمهيد: -   إذ كان المثل يقول الناس أعداء ما جهلوا … - تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية

[محمد بن سعد الشويعر]

الفصل: ‌ ‌تمهيد: -   إذ كان المثل يقول الناس أعداء ما جهلوا …

‌تمهيد:

-

إذ كان المثل يقول الناس أعداء ما جهلوا

فإن بعض الناس أيضاً أعداء ما خالف شهواتهم وتعارض مع مصالحهم الشخصية.

والحكم الفصل فيما يجب أن ينطلق منه الفرد في رأيه وحكمه هو عرض الأمور على مصدر التشريع السماوي الذي لا يأتيه الباطل ولا يتطرق إليه الشك.

والمسلمون في كل مكان مأمورون قبل انطلاقهم نحو وجهة نظر معينة في أمور العقيدة وكل ما له صلة بالدين وقبل القدح أو المدح أن يرجعوا لمصدري التشريع في دينهم وهما:

كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

فمن أتى بشيء يخالفهما نبذ ومن سار وفقهما قولاً وعملاً أيد ونصر.

هذا حكم فيما يجب أن يكون عليه الفرد المسلم وهو الوعي والإدراك والتحليل والتأكيد بحيث لا يكون إمعة ينقل صدى الآخرين ويستغله أعداء دين الإسلام وهو لا يدري.

وقصة بني المصطلق التي نزل بشأنها قرآن يتلى حيث يقول جل وعلا {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعتم نادمين} (1) فيها درس عملي للفئة المؤمنة التي تحرص على دينها وعلاقاتها بإخوانها المؤمنين بأن تتوثق من كل إشاعة ترمي إلى خلخلة الصف وبذر الشحناء وإتاحة الفرصة للفرقة.

(1) - سورة الحجرات آية رقم 6.

ص: 39

فما اكثر الأعداء الذين يحاولون الغرر بالمسلمين وإيجاد مبررات التخاذل لمباعدتهم عن حقيقة الإسلام وصفاءه وإدخال أشياء على المسلمين في دينهم هي من جذور طقوس الديانة اليهودية والنصرانية التي أفسدت حقيقة تلك الديانات السماوية من قبل بما دخلها من تبديل في محاولة دؤوبة لبثها في صفوف المسلمين عن طريق بعض عبادهم وعلمائهم.

وهدفهم من هذا أن يتساووا معهم في المعصية والمخالفة ليسهل بذلك النفاذ إلى المجتمع ثم عن هذا الطريق إدخال أشياء تباعد المسلمين عن الإسلام ومع الزمن والتساهل تتسع الشقة ويكثر البعد فيصبح الإسلام غريباً على أبنائه.

يروى عن سفيان الثوري (97 - 161 هـ) رحمه الله أنه قال: "من فسد من علماء المسلمين ففيه شبه باليهود الذين معهم علم ولم يعملوا به ومن فسد من عباد المسلمين ففيه شبه بالنصارى الذين يعبدون الله على جهل وضلال" نسأل الله السلامة والعافية (1) .

ومن هنا جاءت نقاوة الإسلام في التشريع وصفاؤه في العقيدة وسطاً في العمل ووسطاً في القول ووسطاً في الاعتقاد وقمة في العلاقة مع الله وقد جعل الله أمة الإسلام وسطاً بين الأمم في كل شئ قال تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} (2)

فأمة الإسلام وسط بين رهبانية النصارى وغلوهم في عيسى عليه السلام اعتقادا وفي عبادتهم بالضلال والجهل واتباعهم لرجال الكنيسة بدون فهم أو مناقشة.

(1) - بعضهم ينسبه لغياث بن عيينه رحمه الله.

(2)

- سورة البقرة الآية 143 وراجع أقوال سيد قطب في الظلال على دلالة الوسط.

ص: 40

وبين تحايل اليهود وكذبهم وادعائهم على الله جل وعلا وأنبيائه عليهم السلام بما تصف ألسنتهم وتعمدهم الضلال والإضلال وإخفائه للحقائق العلمية والعقيدة في الديانة التي جاءتهم من عند الله على ألسنة الأنبياء والرسل من باب الإفساد والمخالفة.

والتاريخ الإسلامي يشير إلى أن الجهل فشي في المجتمعات الإسلامية في نهاية الخلافة العباسية بعد ما كثرت العجمة وقل العلم وتأثر الناس بفلسفة الرومان وعلوم فارس والهند.

وقبل ذلك وفي أثناءه كان التأثر في أطراف الدولة أكثر حيث نشأت فرق كثيرة لها معتقدات متباينة ونماذج شتى في الاتجاه والهدف وضع بذورها اليهودي عبد الله بن سبأ الذي أسلم مخادعة حتى وجد فرصة ملائمة لبث روح الفرقة بين المسلمين في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.

ونشأت أول فرقة باسم الفرقة السبأية وهو الذي أسسها.

وقد تحدثت بعض الكتب كالملل والنحل للشهرستاني والفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيميه في فتاواه وكتبه عن تلك الفرق ومعتقداتها وكيفية نشأتها وما تخالف فيه أهل السنة والجماعة.

ويمتاز ابن تيميه رحمه الله بالرد على بعض تلك الفرق والتنويه عن معتقدات أصحابها وأعمال البعض الآخر.

ومن يتبع الحركات الفكرية والعقيدة الإسلامية في العالم الإسلامي منذ ذلك التاريخ يلمس هذا جيداً حيث برز الصراع الفكري في المجتمع على أعقاب تعلق بعض المسلمين بفلسفة اليونان وعلوم فارس والهند.

ص: 41

والمجتمع الإسلامي لا يعدم وجود أناس يدركون ما تنطوي عليه تلك الأفكار وما يندس في ثناياها من معتقدات وافدة على عقيدة الإسلام الصحيحة النقية فيصححون لمن حولهم ما أدخل في بيئتهم وما يراد لعقيدتهم لأن جميع الملل والنحل في الأرض تريد أن تضل المسلمين عن دينهم الحق إن استطاعوا. قال تعالى {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} (1) .

وهذه حكمة أرادها الله في صراع الحق بالباطل لتسترشد العقول وتتفهم الأفئدة فيرجع للصواب من الله به خيراً لأن الحق واضح بالدليل النقلي والعقلي.

وهذا جزء من مهمات الدعوة والتوضيح التي حمل بها بنوا إسرائيل وتخلوا عنها عناداً ومكابرة فكان لزاماً على علماء المسلمين العارفين الخائفين من عقاب الله ونقمته الأنبراء لدعوة الناس إلى المنهج المحمدي في العقيدة والعبادة وتصحيح المفاهيم العقدية حسبما أمر الله في كتابه ودعا إليه نبيه الكريم ثم ما سار عليه أصحابه ومن تبعهم بإحسان امتثالاً وتطبيقاً.

ولا تعدم كل دعوة سليمة وصحيحة في كل زمان ومكان وجود أعداء وخصوم إما عن جهل أو لتعصب شخصي أو لمآرب خاصة ومصالح ذاتية " فالهوى يعمي ويصم " فيحرك تلك النوازع أمثال هؤلاء ليشهروا السلاح في وجه الإسلام علانية أو بالاستتار فيلصقوا التهم ضد الدعاة المخلصين ويستعينوا بالكذب والافتراء لبلبلة الأفكار ثم بوضع الألقاب المنفرة لنزع الثقة من هؤلاء الدعاة حتى يعمي الأمر على الغالبية

(1) - سورة البقرة 217.

ص: 42

العظمى من الناس وهم العامة الذين لا يقرؤون ولا يبحثون.

ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية التصحيحية التي نبعت من وسط الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر في وقت كان المسلمون - لا في الجزيرة العربية وحدها بل في كل مكان أحوج ما يكونون إليها لإنقاذهم من الجهل الذي ران عليهم وتصحيح مفاهيمهم في أمور العقيدة والعبادات التي أشدها الجهل بأمور الدين والإقتداء بعلماء يجهلون أمور دينهم كما أخبر بذلك الصادق المصدوق فيما يخشاه على أمته من العلماء المضلين الذين يفتون بغير ما أنزل الله فيضلون ويضلون في قوله الكريم " إن الله لا ينزع العلم بعد ما أعطاكموه انتزاعاً ولكن ينتزعه مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال فيستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون "(1) .

فقد جاءت دعوة الشيخ محمد لإزالة ما علق بتعاليم الإسلام من شوائب وتصحيح ما أدخل على التوحيد وخاصة توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات من مشاركة للمخلوق مع الخالق في صرف ما هو لله جل وعلا مقروناً بالمخلوق في العمل والاعتقاد وتعطيل أسماء الله وصفاته جل وعلا أو نفيها والسير خلف تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان.

فصار التوحيد بأقسامه الثلاثة: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات مشوباً بما يكدره حيث دخل عليها في المعتقد ما يصرفها عن حقيقتها نظراً للتأثر بالمعتقدات البعيدة عن المنهج الذي جاء به

(1) - رواه البخاري عن عروة عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

ص: 43

المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم الإقتداء بأصحابها بعد أن بهرهم القول وأعجبهم المظاهر والدعوات لأمثال من قال الله فيهم {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} (1) .

وما ذلك إلا لأن النفوس خليت من القاعدة المكينة وهو العلم والإدراك بما شرع الله لخلقه ومعرفة الحكمة من إيجادهم للحياة.

لقد نشأ عن ذلك الضعف العلمي ونقص في الإدراك وتقليد للأمم الغلبة والمؤثرة فكثرت الطرق الصوفية التي بدأت برغبة دينية وحرص على التبتل والمحافظة على الإسلام فكانت بدايتها طيبة وهدفها نبيل.

إلا أن الجهل ورغبة التوارث لهذه المكانة الاجتماعية التي جاءت باسم المنصب الديني قد جاء برجال لا علم عندهم ولا قدرة لديهم في فهم رأي الشريعة الإسلامية في كثير من الأمور وهذا ما كان يخشاه صلى الله عليه وسلم على أمته.

ومن ينظر في إزالة الحجب ورفع التكاليف وأعمال المريدين والأقطاب عند الطرق الصوفية ويربط هذا بالغفران لدى النصارى ومكانة أصحاب الألقاب في الكنيسة وطقوس الميلاد وصكوك الغفران يرى أن أحدهما استمد من الآخر في هذه الجوانب وفي جوانب أخرى.

ولكي يعود للإسلام نقاوته وصفاؤه من كل شوائب دخيلة عن جهل أو تقليد سواء من الديانة اليهودية أو النصرانية أو من جذور الجاهلية فإنه

(1) - سورة البقرة آية 204 - 205.

ص: 44

لابد من الامتثال لأمر الله جل وعلا في مثل قوله سبحانه {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير} (1) .

وإن علماء المسلمين العارفين بأمور دينهم فهماً حقيقياً لهم الذين عليهم دور التوضيح والإرشاد والتوجيه والتبيين حسبما يأمرهم بهذا مصدر التشريع في الإسلام كتاب الله وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة التي خدمنا فيها علماء الحديث المعروفون.

وهذا ما يجب أن يعيه كل داعيه ويهتم به كل عالم من علماء المسلمين.

وفي تاريخ الدعاة والمصلحين صفحات مشرقة نتيجة اهتمامهم وانطلاقهم في دعوة الناس من ذلك النبع الصافي الفياض والمعين الزاخر الذي لا ينضب.

والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله واحد من ذلك الجيش الذي انتهج طريقاً يتفق مع رسالة الصفوة الأولى من التابعين واتباعهم بإحسان للإصلاح والعم فقد أدرك ما يعيش فيه مجتمعه من صوفية متطرفة رغم وفرة العلماء وما سار عليه أبناء جلدته من تعلق بالقبور التي لا تنفع ولا تضر وتبرك بالأحجار الجامدة ووضع الكلام في غير محله.

فكان الناس يتعقلون بتلك الجمادات طلباً للنفع أو دفعاً للضر ونسوا أن الله هو النافع الضار القادر على كل شئ وإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم.

(1) - سورة البقرة آية 120.

ص: 45

لقد شق هذا الأمر عليه لما فيه من جرأة على الخالق بصرف القلب والعمل إلى غيره مع أنه هو المنعم والمتفضل سبحانه بكل شئ.

ويمكن وصف حالة المجتمع الإسلامي في كل مكان ذلك الوقت وليس في نجد وحدها بما قاله المؤرخ الأمريكي لوثروب ستودارد بمثل هذه الكلمات " أما الذين غشيته غاشية سوداء فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة سجفاً من الخرافات وقشور الصوفية وخلت المساجد من أرباب الصلوات وكثر عدد الأدعياء الجهلاء وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التعاويذ ويوهمون الناس بالأباطيل والشبهات ويرغبون في الحج إلى قبور الأولياء وزينوا للناس الشفاعة من فناء القبور وغابت عن الناس فضائل القرآن فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى من كان يدعي الإسلام لغضب ".

هذه - كما قال الشيخ عبد الله خياط إمام وخطيب الحرم المكي الشريف - شهادة حق من عدو منصف لم يعرف عنه الدخول في الإسلام يصف واقع الإسلام والمجتمع الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري وما وصل إليه من الانحطاط والتدني (1)

ويقول الأمير شكيب أرسلان عن هذا المؤرخ: لو أن فيلسوفاً من فلاسفة الإسلام أراد تشخيص حالة الإسلام في هذه القرون الأخيرة

(1) - ضمن مقال نشر لفضيلته في عكاظ في شهر جمادى الأولى من عام 1404 هـ وانظر كتاب الإمام محمد بن عبد الوهاب للأستاذ عبد الله بن رويشد ج 2 ص 245 - 246 نقلاً عن كتاب " حضارة العالم الإسلامي ".

ص: 46

ما أمكنه يصيب المحز ويطبق المفصل ، تطبيق هذا الكاتب الأمريكي استودارد.

ونجد والجزيرة العربية لم تكن تختلف عن ديار الإسلام في ذلك الوقت فقد تغلب الباطل على الحق في أكثر ديار الإسلام وكثرت البدع والخرافات فالعلماء موجودون ولكنهم لا يرشدون الناس للطريق الأقوم بل أضلوهم وأفسدوا عقائدهم.

وقد ذكر المؤرخان النجديان: حسين بن غنام الإحسائي ثم النجدي المتوفى عام 1225 هـ ، وعثمان بن بشر المتوفى عام 1290 هـ ، نماذج مما آلت إليه حالة الناس في العقيدة والعبادة في البلاد الإسلامية والعربية وفي نجد بصفة خاصة باعتبارهما يعرفان عن كثب وعرفا واقع الناس وما هم فيه.

فابن غنام عاصر الدعوة من بدايتها وأدرك دور الشيخ محمد ومكانته في نقل الناس من حال إلى حال وتفانيه في سبيل الدعوة. قد أحب هذه الدعوة وأرخ لها وانتقل من أجلها من بلدة الأحساء وسكن الدرعية ، حيث توفي بها ، نراه في كتابه التاريخي يصف البلاد العربية عامة ونجد بصفة خاصة ويضرب الأمثال بانحراف الناس إلى الوثنية بقبر زيد بن الخطاب الذي كان عليه قبة وله مزار في بلدة الجبيلة قرب الرياض إلى جانب قبور وقباب أخرى لبعض الصحابة الذين قتلوا في حروب الردة ثم ذكر ما كان يعتنق الناس عندها من الشرك بالله من دعاء ونذور وتبرك وتوسل من دون الله ولم يقتصر الأمر على القبور بل تعداها إلى الشجر والحجر والشياطين (1) .

(1) - راجع تاريخ ابن غنام ج 1 ص 5 - 18.

ص: 47

ونأخذ من تاريخ ابن غنام الذي عاصر الأحداث وسجلها فكرة ومن تاريخ خلفه ابن بشر الذي أدرك كثيراً من مجريات الأحداث بأن نجداً قد نالها ما نالها من بلاد الإسلام من الانحراف والتدهور العقدي (1) ، الذي يحركه أصحاب المصالح ومشايخ الطرق.

ومن هنا بدأت غيرة الشيخ محمد وتحركت همته للدعوة أداء لرسالة المعرفة وتنفيذاً لما يأمره به العلم حيث رأى أن العلم لا بد أن يقترن بالعمل وأن الأمانة توضيح ما خفي على الناس وما يجب عليهم عمله ويتحتم عليه تركه من أمور هي من الإسلام تركت وأشياء أدخلت عليه وسارت في حياة الناس على أنها من مستلزمات العقيدة أو جزء من أوامر الدين وهم لا يدركون الحقيقة.

ذلك أن العلماء المنتفعون أو الجهلة المتعالون ورجال الطرق الصوفية قد لبسوا الأمر وأفسدوا المعتقدات وصرفوا الناس عن الفهم الحقيقي لشرائع الإسلام ووجهوهم إلى ما يحلوا لهم في المكتسب الدنيوي والاستعلاء في السيادة.

فكان يقيناً أن تلقى هذه الدعوة التصحيحية السلفية جحوداً ونكراناً من المقربين العارفين وتوجساً وخيفة من الآخرين المتطلعين وعداء من الخصوم وأرباب المصالح.

ومن هنا بدأت الاتهامات تتوافد والسهام تشرع والأفكار تعمل لحبك الأكاذيب واختراع الألقاب المنفرة.

وهذا شئ ينتظر في كل أمر جديد وفكر مناهض لما ألفه الناس

(1) - راجع تاريخ ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج 1 ص 34 - 35. ص 44 -45.

ص: 48

وساروا عليه قولاً، وعملاً فقديماً قال عرب الجاهلية للنبي صلى الله عليه وسلم " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون "(1) .

لكنه غير مقبول بعد انتهاء فترة الاختبار وظهور الحجة الساطعة بعد البلوى والامتحان وبعد النقاش والحوار والمداولة والمجادلة.

فقد أثبتت المراسلات الهادئة والكتابات الهادفة وآراء العلماء المتزنين الذين حاوروا في مكة مجموعة من علماء الدعوة بأن الإمام سعود بن عبد العزيز الذي سار على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم ينتهج أمراً بدعاً ولم يخالف في دعوته ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الشيخ محمداً لم يستدل في كتبه بغير الآيات القرآنية الكريمات والأحاديث النبوية الصحيحة حسبما دار من حوله بين علماء مكة وعلماء نجد ذلك الوقت وبين ابن سعود وعلماء نجد من جانب وعلماء المغرب من جانب آخر عام 1226 هـ كما رصد ذلك في تاريخ المغرب (2) .

وسوف أستعرض في هذا البحث أسماء بعض العلماء من نجد الذين ناوؤوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وخرجوا من نجد يحملون العداء للدعوة والكذب عليها وتشويهها أمام المسلمين فاقتنع بكلامهم ودعواهم البعيدون وتأثروا بمقالاتهم بينما لم يعرفوا عن الدعوة شيئاً من غير هذا الجانب ولم يدركوا سبب الافتراء عليها ومبررات الكذب والبهتان ضد الشيخ محمد ودعوته.

(1) - سورة الزخرف آية 23.

(2)

- راجع في هذا الكتاب الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام ج 10 ص 70 - 71 ، وكتاب الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى ج 8 ص 120 - 122. وانظر البيان المفيد فيما اتفق عليه علماء مكة ونجد من عقائد التوحيد الطبعة الأولى عام 1244 هـ.

ص: 49

وقد نلتمس لبعض العلماء في ديار الإسلام عذراً إذ جاءهم أناس من أبناء المنطقة يجأرون إليهم ويصفون الدعوة بنعوت قد توافق أهواء في النفوس أثار بعضها أصحاب المصالح من الدول الاستعمارية ويحرك ذلك ما عرف لدى العلماء من حسد وتناحر وتعصب واختلاف.

كما دفعني للحديث في هذا الموضوع: كتاب فقهي قديم على مذهب الإمام مالك له رغبة كبيرة في نفوس إخواننا المغاربة وقد طبع حديثاً في بيروت عن طريق دار الغرب الإسلامي اسم الكتاب " المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء أفريقيا والأندلس والمغرب ". والمؤلف هو: احمد بن يحيى الونشريسي. وقد نشرته دار الغرب الإسلامي في بيروت عام 1401 هـ ، 1981 هـ.

لقد لفت نظري ما رأيت في الجزء 11 ص 168 تحت عنوان سؤال جاء العبارة: كيف يعامل معتنقوا المذهب الوهابي؟؟!!

وهو سؤال ملفت للنظر ومثير للانتباه خاصة وأن دعوة السيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الإصلاحية التجديدية المصححة لأمور العقيدة الإسلامية مما داخلها قد كادت لا تعرف إلا بهذا الاسم الذي أطلقه أعداؤها على هذه الدعوة ومن يتعاطف معها أو يسير على منوالها حتى ولو كان لا يعرف من هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولا أين قامت دعوته؟؟!!

هذا الاصطلاح جاء من باب التنفير حيث حركت ذلك اللقب ودعت إليه بعض الطرق الصوفية ومصالحها أو الرغبة في تفكيك المسلمين ومباعدتهم عن دينهم الحقيقي حسب منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.

ص: 50

فوافق ذلك هوى في نفوس أعداء الدين الإسلامي الحريصين على تفكيك وحدة المسلمين وتفتيت ما بين أبناء الإسلام من أواصر ومحبة يدعو إليها دينهم وتهتم بها تعاليمه:

{إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون. يآيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم} (1) .

" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر "(2) .

وما ذلك إلا لإذكاء روح التناحر والبغضاء في صفوف المسلمين لأنهم أدركوا تأثير الكلمة فيما يتعلق بأمور الدين من جهة ومن أخرى فلأن نسبة الأمية آنذاك في العالم الإسلامي عالية جداً فالناس لا يقرؤون ليعرفوا ولا يفهمون إلا ما يقال لهم عن طريق أناس نصبوا من أنفسهم علماء وهم أدعياء للعلم حيث توجههم السلطات ويرون أن ما خرج عن هؤلاء يجب أن يعتقده الناس رغم وجود أصوات تنادي بالحق وتدعوا إليه بسطاً وتوجيهاً ولكن عينهم بصيرة ويدهم قصيرة كما يقال.

وقد ذكر الشيخ عبد الله عبد الغني خياط إمام وخطيب الحرم المكي الشريف في لمحاته التي تصدر كل ثلاثاء في جريدة عكاظ بأن الأستاذ احمد علي الكاظمي قد أورد في كتاب ألفه كلمة قصيرة عن ضابط بريطاني اسمه " هارفورد برايجس " كان يقيم في العراق كوكيل سياسي من سنة 1199 هـ إلى سنة 1209 هـ وكان يعاصر الإمام محمد وكانت له صلات مع الأمير سعود بن عبد العزيز - الذي أصبح فيما بعد الحاكم الثالث للدولة السعودية الأولى بعد أن تولى الأمر بعد مقتل والده عام 1218 هـ - ولهذا الضابط

(1) - سورة الحجرات آية 10.

(2)

- حديث رواه الترمذي

ص: 51

تاريخ موجز عن الوهابية - ونص الكلمة كالآتي: " لقد أشاع الباب العالي أن ابن سعود كان يمنع الناس من زيارة المدينة المنورة ولكن الصحيح أنه كان يمنع الناس من ارتكاب أعمال الشرك أمام الروضة كما منع الناس من عبادة الأولياء ".

وقد ظن البسطاء اعتماداً على قول أصحاب النفوذ من ولاة وغيرهم أن الوهابية أو دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية - كفر وأن من يسير عليها إنما هو كافر.

ولكن الصحيح الذي عرفه كل من اهتم بدراسة ذلك المعتقد أن الشيخ محمد وأتباعه يسيرون على نهج الكتاب والسنة في الأصول.

أما في الفقه - وهو الاتجاه المذهبي - فوفق الفقه الحنبلي وليسوا مذهباً خامساً كما أطلقوا عليهم من باب التنفير لدى العامة والفقه الحنبلي قد انتقل إلى نجد قبل ولادة الشيخ محمد بأكثر من قرن أتى به الدارسون في مدرسة الصالحية بدمشق والدراسون في مصر وقبله كان السائد المالكي والحنفي.

وقد صدق برخاردت في قوله: إن كل ما أشيع عن الوهابية سببه سوء فهم حقيقة الوهابية التي لم تكن إلا تطهيراً داخلياً للإسلام.

فهذه شهادة قررها من لا يتعرف بالإسلام كدين غير أنه منصف حكى الواقع الذي لا مرية فيه وقد قال بمثل هذا الرأي كل من: الأستاذ منح هارون في الرد على الكاتب الإنجليزي كونت ويلز والباحث الأمريكي لوثروب ستودارد في كتاب " حاضر العالم الإسلامي ".

والمستشرق الألماني كارل بروكلمان في كتابه " تاريخ الشعوب الإسلامية " الذي تناول هذه الحركة بالدرس والتحليل في الجزء الرابع.

والمؤرخ الألماني داكوبورت فون ميكوس في كتابه " عبد العزيز " وصدر بألمانيا عام 1953 م.

ص: 52

والأستاذ ديلفرد كانتول في كتابه "الإسلام في نظر الغرب" وقد ألفه جماعة من المستشرقين.

والعالم الفرنسي برنارد لويس في كتابه " العرب في التاريخ ".

والمستشرق النمساوي جولد زيهر في كتابه " العقيدة والشريعة ".

والمستشرق الإنجليزي جب في كتابه " المحمدية ".

والمستشرق الفرنسي سيديو في كتابه " تاريخ العرب العام ".

ودائرة المعارف البريطانية التي جاء فيها " الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده ويهملون ما سواها وأعداء الوهابية هم أعداء للإسلام الصحيح "(1) .

أما في بعض ديار الإسلام فهناك أصوات منصفة مسلمة قالت الحق لأنه الحق الذي يجب إبلاغه للناس عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب مثل:

- الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان".

- الشيخ محمود شكري الألوسي العراقي في كتاب ألفه عن تاريخ نجد.

- الشيخ أحمد بن سعيد البغدادي - العراقي في كتابه " نديم الأديب ".

(1) - راجع كتاب محمد بن عبد الوهاب للأستاذ عبد الله ابن رويشد ج 2 من ص 345 - 354 وفيه مقتطفات من كلام هؤلاء.

ص: 53

الشيخ جمال الدين القاسمي ، والشيخ عبد الرازق البيطار ، والشيخ طاهر الجزائري ، والشيخ محمد كامل القصاب في أرض الشام حيث درسها هؤلاء فأعجبوا بها ورأوا أنها على حق وصواب فنشروها في المجتمع الشامي مما دفع السلطات العثمانية إلى إحالة عميد الحركة الشيخ جمال الدين القاسمي إلى القضاء في عام 1908 م وقد برأه القضاء.

هذا إلى جانب آراء كثير من العلماء مثل:

السيد محمد رشيد رضا في كتابه " محاورة المصلح والمقلد ، وكتابه الآخر " الوهابيون والحجاز " ، وما ينشره في مجلة المنار. ومحمد كرد علي ، وشكيب أرسلان ، وفيليب حتى ، وأمين سعيد ، وعلي الطنطاوي ، والزركلي ، ومحمد جميل بيهم ، وعمر أبو النصر ، وعبد المتعال الصعيدي في " المجددون " ، وحامد الفقي في " أثر الدعوة الوهابية " ، وعبد العزيز بكر في " الأدب العربي وتاريخه " ، ومصطفى الحفناوي ، والدكتور أحمد أمين في " زعماء الإصلاح ، ومحمد قاسم في " تاريخ أوروبا ومناع القطان في دعوة الإسلام " ، وعبد الكريم الخطيب في " محمد بن عبد الوهاب " ، ومحمد ضياء الدين في مجلة الإرشاد الكويتية رجب عام 1373 هـ. والدكتور محمد بن عبد الله ماضي " حاضر العالم الإسلامي ". وأحمد حسين في " مشاهداتي في جزيرة العرب " بعد أدى فريضة الحج عام 1948 م (1367 هـ) . والعقاد في " الإسلام في القرن العشرين " ، وطه حسين في بحث نشره عام 1354 هـ عن الحياة الأدبية في جزيرة العرب (1) . والشيخ أحمد بن حجر القاضي بقطر في كتابه " الشيخ محمد بن عبد الوهاب " ، ومسعود الندوي في كتابه " مصطلح مظلوم ومفترى عليه " ، والدكتور محمد جميل غازي في كتابه " مجدد القرن الثاني عشر ، وأمين

(1) - راجع مقتطفات من هذه الأقوال في " محمد بن عبد الوهاب " لابن رويشد ج 2 ص 275 - 360.

ص: 54

سعيد في كتابه " سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب " ، ومسلم الجهني في كتابه " أثر حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العالم الإسلامي " وغيرهم كثير جداً.

وإن ما يرى ويلمس عن تسمية الدعوة السلفية بالوهابية فهو مما أطلقه خصوم هذه الدعوة السلفية التصحيحية ، التي نبعت من الجزيرة العربية غيرة على دين الله ولإزالة ما علق بتعاليم الإسلام من شوائب وما أدخل على التوحيد من مشاركة للمخلوق مع الخالق في صرف ما هو له جل وعلا مقروناً بالمخلوق وفي هذا منافاة لمضمون الحديث القدسي الذي جاء فيه قول الله جل وعلا " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه "(1) .

ومن باب ربط السبب بالمسبب ومحاولة التصحيح لما علق بأذهان الناس عبر مدة زمنية طويلة نقول: إن أولئك الخصوم أعطوا هذه الدعوة اصطلاحاً في اللقب هو " الوهابية " من باب التنفير والتشويه وتلقفها من جاء بعدهم حيث إن أول من حرك ذلك الاصطلاح ودعي إليه أصحاب بعض الطرق الصوفية والدراويش التي أخطأت هي في فهم الدين الإسلامي على نقاوته وكما يجب أن يفهم ليتعبد الناس به خالقهم كما أمروا بذلك لأن الإسلام لا رهبانية فيه.

وما ذلك إلا أن بعض القائمين على تلك الطرق يحكمون الجانب الذاتي فلا يهتمون إلا بما يتوفر لهم من مصالح ومكاسب دنيوية يخشون ضياعها ونسوا أن تعاليم الإسلام وشرائعه أسمى من ذلك وأن إخلاص العمل يجب أن يراد به الله جل وعلا وحده.

(1) - اخرجه مسلم في باب ارياء عن زهير ابن حرب ص 291 الأحاديث القدسية.

ص: 55

وسلاحهم في الوصول لما يريدون: التضليل على العوام والتلبيس أمام السلطة وتخويفها من هذا الصوت الجديد على مصالحها من باب استعدائها عليه.

فتلقف ذلك أعداء الإسلام حيث لقي هوى في نفوسهم لحرصهم على تفكيك وحدة المسلمين وغرس بذور الشر بينهم لأنهم أدركوا ووعوا خطر ما ترمي إليه الدعوة الصحيحة لدين الإسلام وإذكاء الحماسة الدينية لدى المسلمين على مصالحهم وسيطرتهم على ديار الإسلام.

وهذا الموضوع وإن كان قد كتب الناس فيه كثيراً نسأل الله أن ينفع المسلمين بما كتب لهم وأن يعيد ضالهم إلى الطريق الأقوم فهو سبحانه القادر على ذلك.

إلا أن الذي لفت نظري ودفعني للحديث في هذا الجانب هو ما وجدته في ذلك الكتاب الفقهي القديم على مذهب الإمام مالك رحمه الله حيث أثار انتباهي كما قلت من قبل عنوان هذا السؤال: كيف يعامل معتنقوا المذهب الوهابي؟؟!! (1)

وفي قراءتي لنص السؤال وجدته كما يلي:

سئل اللخمي عن قوم من الوهبية سكنوا بين أظهر المسلمين زماناً وأظهروا الآن مذهبهم وبنوا مسجداً.. إلى آخر ما جاء في السؤال

الذي ختمه بقوله: فهل لمن بسط الله يده في الأرض الإنكار عليهم وضربهم وسجنهم حتى يتوبوا من ذلك؟؟

ولما كان الجواب فيه قساوة وحدة ولم يفصل عن هذه الفرقة وما إذا كانت نسبة إلى عبد الله بن وهب الراسبي الخارجي المتوفي عام 38 هـ في وقعة

(1) - انظر ص 20 من هذا البحث.

ص: 56

النهروان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه قد خرج عليه بعد التحكيم (1) أو نسبة إلى شئ آخر أياً كان زمانه ومكانه.

وأنه لم يشر فيه إلى شئ غير هذا بل إن أحد الاخوة من المغرب العربي قد فهم كما يتبادر للذهن لدى آخرين بأن المقصود من ذلك دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأن المعهود الذكرى يتغلب على ما يراد بحثه واستقصاؤه ومع هذا فإن صاحب هذا الفهم من ذوي العلم والمكانة حيث جرى معه حوار تراجع - بحمد الله - عن فهمه السابق بموجبه وهذه الرسالة استجابة لمطلبه.

وقد يعذر هو غيره لأن الهجوم منصب على هذه الدعوة من كل جانب والدفاع عنها قليل ولأن هذه التسمية قد طغت وعمت وفتاوى علماء المغرب القديمة على الوهابية الرستمية الخارجية الأباضية تنفر الناس منها وتكفر أتباعها لما عرفوه عنها من مخالفة لأهل السنة والجماعة إذ قد أفتى غير اللخمي علماء آخرون كالشيخ السيوري.

ومن هنا فقد أحببت التثبت أولاً عمن يعني السائل والمجيب ثم إزالة ما في الأمر من لبس وجلاء ذلك الاشتباه الذي قد أدركه كثير من الناس من باب أمانة العالم وتوثيق المعلومات ولأن هذا اللبس قد امتدت بعض المفاهيم حوله وألبست ثوباُ جاهزاً على دعوة سلفية تباين ذلك الاتجاه وتخالفه.

(1) - انظر الكامل لابن الأثير في حوادث عام 38 هـ.

ص: 57