الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد
فإذا كان الفقهاء رحمهم الله يقولون:
الأصل براءة الذمة ورجال القانون في العصر الحاضر كلمتهم المعهودة تقول: المجرم برئ حتى تثبت إدانته ، وأصدق من ذلك قول الله عز وجل:
{فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} (سورة الحجرات آية 6)
فإن من مهمات طالب العلم عدم الانسياق خلف كل قول من دون تحقيق أو تثبت لأن زلة العالم كبيرة وانسياقه خلف آراء أصحاب الأهواء يزري بمكانته ويقدح في عدالته فلقد جاء في الأثر: إذا جاءك الخصم قد فقئت عينه فلا تحكم له فلعل الآخر قد فقئت عيناه.
ذلك أن الخصومة في الرأي أو المعتقد أو الحقوق مداولة بين الطرفين فلا يصح أن يؤخذ الحكم من جانب ويترك الجانب الآخر وإلا أصبح في الحكم تحيز.
وإصدار الحكم عدالة يجب التثبت منها والتروي في نتيجتها حتى لا تكون جائرة لأن منهجنا في الإسلام حفظ اللسان من الزلل والأعمال من الخطأ.
وميزان ذلك الحفظ ، عرض كل أمر على كتاب الله وسنة رسوله الكريم:{فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول} (سورة النساء آية 59) والحق أحق أن يتبع.
يقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: -
لأن أخطئ في العفو خير من أن أخطئ في العقوبة ، هذا لرغبته رحمه الله عدم إيجاد نفرة في المجتمع الإسلامي أفراداً وجماعات
ولئن كانت هذه التسمية - الاصطلاحية - خطأ في النسبة والمعتقد كما كانت الآراء المنسوبة للشيخ محمد وأتباعه خطأ وتبرأوا من ذلك كتابة ومناقشة ، فإن المتتبعين لذهه العقيدة السلفية هم أعرف بما تعنيه من دلالات واضحة من مصدري التشريع في دين الإسلام: كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ولذا لم يتبرموا من هذا اللقب لإدراكهم بأن ما قيل ما هو إلا محض افتراء لا يثبت بالنقاش والمحاورة فهم متبعون للمحجة البيضاء التي ترك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه عليها ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، وهي مأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم وعمله وتقريره ، وبعد التوثق من ذلك صحة وسنداً.
فهذا عمران بن رضوان ، وهو من مسلمي خارج الجزيرة ، وعلماء بلدة لنجه ، عندما بلغته هذه الدعوة وتحقق عنها مدحها بقصيدة جاء فيها هذا البيت (1) .
إن كان تابع أحمد متوهباً *** فأنا المقر بأنني وهابي
وما ذلك غلا هذا اللقب كما قال العالم العراقي محمد بهجت الأثري: من وحي أعداء الإسلام ، والذين كانوا يظنون أن العالم الإسلامي قد صار جثة هامدة لا حراك بها ولابد أن تكون الدول الاستعمارية هي الوارثة لأرضه وكنوزه ومعادنه وخيراته ، فوضعت هذه الدعوة الجديدة التي انبعثت
(1) - المذكور من علماء ووجهاء مدينة لنجد بإيران.
من قلب جزيرة العرب مدوية لجمع شمل المسلمين وإنقاذهم من المهالك في ثورة الطائفية التي تزيد أرقام الطوائف رقماً جديداً أي عكست الحال فنبزتها بالوهابية وأذاعت هذا النبز الأنباء الذائعة الشهرة فتلقفته الأسماع ورددته الألسن وراق الدولة العثمانية هذا النبز فأجرته عل ألسنة الدراويش ومرتزقة طعام التكايا والزوايا من تنابلة السلطان وأفرطت في إلقاء الشبهات عليه وتشويهه ولا سيما بعد استفحال شأنه وقيام الدولة العربية الإسلامية في جزيرة العرب على أساسه وقواعده (1) .
ولقد رأيت من المناسبات أن أختم هذه الرسالة الموجزة بكتابين: أحدهما أرسله الشيخ سليمان بن عبد الوهاب إلى ثلاثة من علماء المجمعة والآخر من الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأهل القصيم إلا أن تأريخهما بكل أسف لم يكن واضحاً. في هذا الكتاب يوضح الشيخ محمد منهجه في الدعوة حيث طلب مني بعض علماء موريتانيا ذلك عندما زرت بلادهم في شعبان عام 1407 هـ وذلك من باب إفادة القارئ وفتح المجال أمامه ليستوثق بنفسه ويحكم ويوازن من غير أن يفرض عليه رأي لم يقتنع به وقد جعلتهما ملحقاً وما أردت إلا الإصلاح والتوفيق من الله العزيز الحكيم.
(1) - انظر كتابه " محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد والتجديد في العصر الحديث " ص 16 - 17.