الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غُلُوُّ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ فِي تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ عَمَّنِ ارْتَكَبَ الْكَبِيرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ غَلَتْ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ عَنْ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ مِنْهُمُ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالرَّافِضَةُ. فَأَمَّا
الْخَوَارِجُ فَتَأَوَّلَتْهَا عَلَى إِكْفَارِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَعَاصِي، وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ. قَالُوا: تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أَنَّهُ كَافِرٌ بِاللَّهِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ ضِدُّ الْكُفْرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُمَا فِعْلَانِ مُتَضَادَّانِ أَحَدُهُمَا يَنْفِي الْآخَرَ، فَإِذَا فَعَلَ الْإِيمَانَ قِيلَ مُؤْمِنٌ لِفِعْلِهِ الْإِيمَانَ، وَإِذَا فَعَلَ الْكُفْرَ قِيلَ هُوَ كَافِرٌ لِفِعْلِهِ الْكُفْرَ. قَالُوا: فَسَوَاءٌ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أَوْ قَالَ: «لَا يَزْنِي إِلَّا وَهُوَ كَافِرٌ» لَا يَصِحُّ فِي الْقَوْلِ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالُوا: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 16] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَصْلَى النَّارَ إِلَّا مُكَذِّبٌ، ثُمَّ قَالَ:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضِ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء
: 29] . وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] فَأَوْجَبَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ النَّارَ لِمَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ نَحْوَ الْقَاتِلِ وَالزَّانِي وَغَيْرِهِمَا، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِيجَابِ النَّارِ لِشَارِبِ الْخَمْرِ، وَغَيْرِهِ مِمَّنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ فَقَالَ:«مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ»
وَقَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ، وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ» وَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» وَنَحْوَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ. قَالُوا: فَلَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل أَنَّهُ لَا يَصْلَى النَّارَ إِلَّا مُكَذِّبٌ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَصْلَاهَا هَؤُلَاءِ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ كُفَّارٌ مُكَذِّبُونَ قَالُوا: وَمَنْ لَمْ يَقْطَعْ بِذَلِكَ وَيَشْهَدْ بِهِ كَذَّبَ بِأَخْبَارِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا. وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَالرَّافِضَةُ فَقَالُوا: كُلُّ مَنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْإِيمَانِ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَا مُؤْمِنٍ وَلَكِنَّهُ فَاسِقٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُنَافِقٌ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا» مَعَ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذِكْرِ النِّفَاقِ بِالْأَعْمَالِ مِنْهَا مَا
674 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ فَفِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا»
675 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ: «مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ مَضَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ؟ قَالَ: فَإِنَّ فِي قَلْبِهِ شُعْبَةً مِنَ النِّفَاقِ مَا بَقِيَ فِيهِ مِنْهُنَّ شَيْءٌ " حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ
677 -
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: اعْتَبَرُوا الْمُنَافِقَ بِثَلَاثٍ: إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَءُوا: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 76] "
678 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْيَمَانِيُّ، عَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ النَّهْدِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَعِنْدَهُ عِرَاقِيُّ فَقَالَ لَهُ الْعِرَاقِيُّ: مَا الْمُنَافِقُ؟ قَالَ: «الْمُنَافِقُ الَّذِي إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَذَنْبٌ بِاللَّيْلِ، وَذَنْبٌ بِالنَّهَارِ»
679 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ:«إِنِّي قُلْتُ لِفُلَانٍ قَوْلًا شَبِيهًا بِالْعِدَةِ أَنْ أُنْكِحَهُ ابْنَتِي فَأَنْكِحُوهَا فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِثُلُثِ النِّفَاقِ»
680 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:«الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ»
681 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَرِيبٍ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى الْأُمَرَاءِ زَكَّيْنَاهُمْ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ دَعَوْنَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ النِّفَاقَ "
682 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: سُئِلَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ مَنِ الْمُنَافِقُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَصِفُ الْإِسْلَامَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ»
683 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أَصَابِعِي هَذِهِ:" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُنَافِقَ الْعَلِيمَ، قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ مُنَافِقًا عَلِيمًا؟ قَالَ: عَالِمُ اللِّسَانِ، جَاهِلُ الْقَلْبِ وَالْعَقْلِ "
684 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سُوَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيهِمُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ سَرَّحَهُمْ وَحَبَسَهُ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَالِمِ اللِّسَانِ وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، وَأَرْجُو أَنْ لَا تَكُونَ مِنْهُمْ، فَافْرُغْ مِنْ صَنْعَتِكَ وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ»
685 -
قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَخْطُبُ وَأَنَا بِجَنْبِ الْمِنْبَرِ، عَدَدَ أَصَابِعِي هَذِهِ وَهُوَ يَقُولُ:" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْمُنَافِقَ الْعَلِيمَ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَكُونُ الْمُنَافِقُ عَلِيمًا؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ وَيَعْمَلُ بِالْجَوْرِ أَوْ قَالَ الْمُنْكَرِ "
686 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ يَا أَبَا رَجَاءٍ أَرَأَيْتَ مَنْ أَدْرَكْتَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكَانُوا يَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالَ: " أَمَا إِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ قَدْ أَدْرَكْتُ مِنْهُمْ صَدْرًا حَسَنًا، قَالَ: نَعَمْ شَدِيدًا "
687 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ:«مَا مَضَى مُؤْمِنٌ قَطُّ وَلَا بَقَى إِلَّا وَهُوَ مِنَ النِّفَاقِ مُشْفِقٌ، وَلَا مَضَى مُنَافِقٌ قَطُّ وَلَا بَقَى إِلَّا وَهُوَ مِنَ النِّفَاقِ آمِنٌ»
688 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:" أَدْرَكْتُ زِيَادَةً عَلَى خَمْسِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا وَهُوَ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَمَا رَضَى أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ حَتَّى قَالَ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَانَ يَتَفَوَّهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ "
689 -
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُنَادِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثنا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمَدِينِيُّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مِنَ النِّفَاقِ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ»
690 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، يُلَقَّبُ بِزَاجٍّ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " جَاءَ نَاسٌ فَوَقَعُوا فِي رَجُلٍ قَالَ: مَا تَقُولُونَ لَهُ إِذَا شَهِدْتُمُوهُ قَالَ: نُثْنِي عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ، قَالَ:«ذَلِكُمُ النِّفَاقُ»
691 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ فِرَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:«إِنَّ الْغِنَاءَ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ، وَإِنَّ الذِّكْرَ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَقَالُوا: كُلُّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً فَهُوَ مُنَافِقٌ، كَمَا رَوَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ. وَأَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّ الْغِنَاءَ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَبْدَأُ النِّفَاقُ لُمْظَةً سَوْدَاءَ فِي الْقَلْبِ، فَكُلَّمَا ازْدَادَ النِّفَاقُ ازْدَادَتِ اللُّمْظَةُ حَتَّى يَكْمُلَ النِّفَاقُ، وَلَمْ يُرِدِ الرَّيْبَ لِأَنَّ الرَّيْبَ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَا آخِرَ إِنَّمَا هُوَ شَكٌّ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا الْأَعْمَالَ بِالْقَلْبِ لِأَنَّهُ جَزَّأَ النِّفَاقَ لُمْظَاتٍ فِي الْقَلْبِ، كَمَا جَزَّأَ الْإِيمَانَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ» فَذَلِكَ قَوْلُهُ: هَذَا أَنَّهُ يُرِيدُ الْعَمَلَ وَلَا يُرِيدُ الشَّكَّ لِأَنَّ الشَّكَّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَا آخِرَ فَيَتَفَرَّقُ خِصَالًا
⦗ص: 637⦘
. وَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مُنَافِقٌ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِرْقَةٌ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْحَدِيثِ فَزَعَمُوا أَنَّهُ مُنَافِقٌ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى غَيْرِ تَلْخِيصٍ وَلَا شُهُودٍ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَلَكِنِ اتِّبَاعًا لِلْأَخْبَارِ عَلَى مَا جَاءَتْ يُسَمُّونَهُ بِالنِّفَاقِ، وَلَا يُسَمُّونَهُ مُؤْمِنًا، وَلَا مُسْلِمًا، وَلَا كَافِرًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدِ اتَّفَقَتْ هَذِهِ الْفِرَقُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مَعَ اخْتِلَافِهَا فِي اسْمِ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فَمَاتَ غَيْرَ تَائِبٍ مِنْهَا فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ خَالِدًا مُخَلَّدًا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، وَأَيَّسُوهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَجَمِيعُ مَا كَتَبْنَاهُ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا خِلَافَهُمْ لَنَا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَازِمَةٌ لَهُمْ