الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففي هذه الآية تصريح بأن نسخ أحكام التوراة لأجل أنها كانت ضعيفة بلا فائدة في تفسير هنري واسكات: "رفعت الشريعة والكهانة اللتان لا يحصل منهما التكميل، وقام كاهن وعفو جديد يكمل منهما المصدقون الصادقون".
(العشرون)
في الباب الثامن من العبرانية: "فلو كان العهد الأول غير معترض عليه لم يوجد للثاني موضع 13 فبقوله عهداً جديداً صيّر الأول عتيقاً والشيء العتيق والبالي قريب من الفناء" ففي هذا القول تصريح بأن أحكام التوراة كانت معيبة وقابلة للنسخ لكونها عتيقة بالية، في تفسير دوالي ورجرد مينت في ذيل شرح الآية الثالثة عشرة قول يايل هكذا:"هذا ظاهر جداً أن الله تعالى يريد أن ينسخ العتيق الأنقص بالرسالة الجديدة الحسنى، فلذلك يرفع المذهب الرسومي اليهودي ويقوم المذهب المسيحي مقامه".
(الحادي والعشرون)
في الآية التاسعة من الباب العاشر من العبرانية "فينسخ الأول حق يثبت الثاني" في تفسير دوالي ورجرد مينت في شرح الآية الثامنة والتاسعة قول يايل هكذا: "استدل الحواري في هاتين الآيتين وفيهما إشعار بكون ذبائح اليهود غير كافية ولذا تحمل المسيح على نفسه الموت ليجبر نقصانها، ونسخ بفعل أحدهما استعمال الآخر".
فظهر على اللبيب من الأمثلة المذكورة أمور (الأول) نسخ بعض الأحكام في الشريعة اللاحقة ليس بمختص بشريعتنا بل وجد في الشرائع السابقة أيضاً (والثاني) أن الأحكام العملية للتوراة كلها أبدية كانت أو غير أبدية نسخت في الشريعة العيسوية (والثالث) أن لفظ النسخ أيضاً موجود في كلام مقدسهم بالنسبة إلى التوراة وأحكامها (والرابع) أن مقدسهم أثبت الملازمة بين تبدل الإمامة وتبدل الشريعة (والخامس) أن مقدسهم يدعي أن الشيء العتيق البالي قريب من الفناء، فأقول لما كانت الشريعة العيسوية بالنسبة إلى الشريعة المحمدية عتيقة فلا استبعاد في نسخها بل هو ضروري على وفق الأمر الرابع، وقد عرفت في المثال الثامن عشر والسادس أن مقدسهم ومفسريهم استعملوا ألفاظاً غير ملائمة بالنسبة إلى التوراة وأحكامها مع أنهم معترفون أنها كلام الله (السابع) أنه لا إشكال في نسخ أحكام التوراة بالمعنى المصطلح عندنا إلا في الأحكام التي صرح فيها أنها أبدية أو يجب رعايتها دائماً طبقة بعد طبقة، لكن هذا الإشكال لا يرد علينا لأنا لا نسلم أولاً أن هذه التوراة هي التوراة المنزلة أو تصنيف موسى كما علم في الباب الأول، ولا نسلم ثانياً أنها غير مصونة عن التحريف كما عرفت مبرهناً في الباب الثاني،.
ونقول ثالثاً إلزاماً بأن الله قد يظهر له بدأ وندامة عما أمر أو فعل فيرجع عنه وكذلك يعد وَعْداً دائمياً ثم يخلف وعده، وهذا الأمر الثالث أقوله إلزاماً فقط لأنه يفهم من كتب العهد العتيق هكذا من مواضع كما ستعرف عن قريب، وإني وجميع علماء أهل السنة بريئون ومتبرؤن عن هذه العقيدة الفاسدة، نعم يرد هذا الإشكال عن المسيحيين الذين يعترفون بأن هذه التوراة كلام الله ومن تصنيف موسى ولم تحرف، والندامة والبدء محالان في حق الله والتأويل الذي يذكرونه في الألفاظ المذكورة
بعيد عن الإنصاف وركيك جداً بهذه الألفاظ في كل شيء يكون بالمعنى الذي يناسبه، مثلاً إذا قيل لشخص معين إنه دائماً يكون كذا فلا يكون المراد بالدوام ههنا إلا المدة الممتدة إلى آخر عمره لأنا نعلم بديهة أنه لا يبقى إلى فناء العالم، وقيام القيامة، وإذا قيل لقوم عظيم يبقى إلى فناء العالم ولو تبدلت أشخاصه في كل طبقة بعد طبقة أنهم لا بد أن يفعلوا كذا دائماً طبقة بعد طبقة أو إلى الأبد أو إلى آخر الدهر فيفهم منه الدوام إلى فناء العالم بلا شبهة، وقياس أحدهما على الآخر مستبعد جداً، ولذلك علماء اليهود يستبعدون تأويلهم سلفاً وخلفاً وينسبون الاعتساف والغواية إليهم.