الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الأمر الخامس)
ما فيه من كشف أسرار المنافقين حيث كانوا يتواطئون في السر على أنواع كثيرة من المكر والكيد، وكان الله يطلع رسوله على تلك الأحوال حالاً فحالاً، ويخبره عنها على سبيل التفصيل، فما كانوا يجدون في كل ذلك إلا الصدق، وكذا ما فيه من كشف حال اليهود وضمائرهم.
(الأمر السادس)
جمعه لمعارف جزئية وعلوم كلية لم تعهد العرب عامة ولا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة من علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجج العقلية والسير والمواعظ والحكم، وأخبار الدار الآخرة ومحاسن الآداب والشيم. وتحقيق الكلام في هذا الباب أن العلوم إما دينية أو غيرها ولا شك أن الأولى أعظمها شأناً وأرفعها مكاناً، فهي إما علم العقائد والأديان، وإما علم الأعمال. أما علم العقائد والأديان فهو عبارة عن معرفة الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، أما معرفة الله تعالى فهي عبارة عن معرفة ذاته ومعرفة صفات جلاله ومعرفة صفات إكرامه وأفعاله ومعرفة أحكامه ومعرفة أسمائه، والقرآن مشتمل على دلائل هذه المسائل وتفاريعها وتفاصيلها على وجه لا يساويه شيء من الكتب، بل لا يقرب منه، وأما علم الأعمال فهو إما أن يكون عبارة عن علم التكاليف المتعلقة بالظواهر، وهو علم الفقه. ومعلوم أن جميع الفقهاء إنما استنبطوا مباحثهم من
القرآن، وإما أن يكون علم التصوف المتعلق بتصفية الباطن ورياضة القلوب، وقد حصل في القرآن من مباحث هذا العلم ما لا يوجد في غيره، كقوله:{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وقوله: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} وقوله: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} فقوله: {ادفع بالتي هي أحسن} يعني ارفع سفاهتهم وجهالتهم بالخصلة التي هي أحسن وهي الصبر ومقابلة السيئة بالحسنة. وقوله {فإذا الذي} إلخ يعني إذا قابلت إساءتهم بالإحسان وأفعالهم القبيحة بالأفعال الحسنة تركوا أفعالهم القبيحة وانقلبوا من العداوة إلى المحبة، ومن البغضة إلى المودة