المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الأمر الثاني عشر) - إظهار الحق - جـ ٣

[رحمت الله الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث: في إثبات النسخ

- ‌أمثلة القسم‌‌ الأول

- ‌ الأول

- ‌(الثاني)

- ‌ الثالث

- ‌ الرابع

- ‌(الخامس)

- ‌(السادس)

- ‌(السابع)

- ‌(الثامن)

- ‌(التاسع)

- ‌(العاشر)

- ‌(الحادي عشر)

- ‌(الثاني عشر)

- ‌(الثالث عشر)

- ‌(الرابع عشر)

- ‌(الخامس عشر)

- ‌(السادس عشر)

- ‌(السابع عشر)

- ‌(الثامن عشر)

- ‌(التاسع عشر)

- ‌(العشرون)

- ‌(الحادي والعشرون)

- ‌أمثلة القسم‌‌ الثاني)

- ‌ الثاني)

- ‌(الأول)

- ‌(الثالث)

- ‌(الرابع)

- ‌(الخامس)

- ‌(السادس)

- ‌(السابع)

- ‌(الثامن)

- ‌(التاسع)

- ‌(العاشر)

- ‌(الحادي عشر)

- ‌(الثاني عشر)

- ‌الباب الرابع في إبطال التثليث

- ‌المقدمة ففي بيان اثني عشر أمراً تفيد الناظر بصيرة في الفصول

- ‌(الأمر الأول)

- ‌(الأمر الثاني)

- ‌(الأمر الثالث)

- ‌(الأمر الرابع)

- ‌(الأمر الخامس)

- ‌(الأمر السادس)

- ‌(الأمر السابع)

- ‌(الأمر الثامن)

- ‌(الأمر التاسع)

- ‌(الأمر العاشر)

- ‌(الأمر الحادي عشر)

- ‌(الأمر الثاني عشر)

- ‌الفصل الأول: في إبطال التثليث بالبراهين العقلية

- ‌(البرهان الأول)

- ‌(البرهان الثاني)

- ‌(البرهان الثالث)

- ‌(البرهان الرابع)

- ‌(البرهان الخامس)

- ‌(البرهان السادس)

- ‌(البرهان السابع)

- ‌الفصل الثاني: في إبطال التثليث بأقوال المسيح عليه السلام

- ‌(القول الأول) :

- ‌(القول الثاني) :

- ‌(القول الثالث)

- ‌(القول الرابع) :

- ‌(القول الخامس) :

- ‌(القول السادس) :

- ‌(القول السابع) :

- ‌(القول الثامن) :

- ‌(القول التاسع) :

- ‌(القول العاشر) :

- ‌(القول الحادي عشر) :

- ‌(القول الثاني عشر) :

- ‌الفصل الثالث: في إبطال الأدلة النقلية على ألوهية المسيح

- ‌الدليل (الأول) :

- ‌الدليل الثاني

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الباب الخامس: في إثبات كون القرآن كلام الله ومعجزاً ورفع شبهات القسيسين

- ‌الفصل الأول: الأمور التي تدل على أن القرآن كلام الله

- ‌(الأمر الأول) :

- ‌(الأمر الثاني) :

- ‌(الأمر الثالث) :

- ‌(الأمر الرابع)

- ‌(الأمر الخامس)

- ‌(الأمر السادس)

- ‌(الأمر السابع)

- ‌(الأمر الثامن)

- ‌(الأمر التاسع)

- ‌(الأمر العاشر)

- ‌(الأمر الحادي عشر)

- ‌(الأمر الثاني عشر)

- ‌الفصل الثاني: في رفع شبهات القسيسين على القرآن

- ‌(الشبهة الأولى)

- ‌(الشبهة الثانية)

- ‌(الشبهة الثالثة)

- ‌(الشبهة الرابعة)

- ‌(الشبهة الخامسة)

- ‌الفصل الثالث: في إثبات صحة الأحاديث النبوية في كتب الصحاح من كتب أهل السنة والجماعة

- ‌(الفائدة الأولى)

- ‌(الفائدة الثانية) :

- ‌(الفائدة الثالثة)

- ‌الفصل الرابع: في دفع شبهات القسيسين الواردة على الأحاديث

- ‌(الشبهة الأولى)

- ‌(الشبهة الثانية)

- ‌(الشبهة الثالثة)

- ‌(الشبهة الرابعة)

- ‌(الشبهة الخامسة)

الفصل: ‌(الأمر الثاني عشر)

فظهر لك أن آراءهم في بيان علامة الاتحاد بين أقنوم الابن وجسم المسيح كانت مختلفة في غاية الاختلاف، ولذا ترى البراهين المورَدة في الكتب القديمة الإسلامية مختلفة، ولا نزاع لنا في هذه العقيدة مع المرقولية إلا باعتبار إطلاق اللفظ الموهم، وفرقة البروتستنت لما رأوا أن بيان علاقة الاتحاد لا يخلو عن الفساد البين تركوا آراء الأسلاف، وعجزوا أنفسهم واختاروا السكوت عن بيانها وعن بيان العلاقة بين الأقانيم الثلاثة.

(الأمر الثاني عشر)

عقيدة التثليث ما كانت في أمة من الأمم السابقة من عهد آدم إلى عهد موسى عليه السلام، وهَوْسات أهل التثليث بتمسكهم ببعض آيات سفر التكوين لا تتم علينا لأنها في الحقيقة تحريف لمعانيها، ويكون المعنى على تمسكهم من قبيل كون المعنى في بطن الشاعر، ولا أدعي أنهم

ص: 718

لا يتمسكون بزعمهم بآية من آيات السفر المذكور بل أدعي أنه لم يثبت بالنص كون هذه العقيدة لأمة من الأمم السالفة، وأما أنها ليست بثابتة في الشريعة الموسوية وأمته فغير محتاج إلى البيان لأنه من طالع هذه التوراة المستعملة لا يخفى عليه هذا الأمر، ويَحْيى عليه السلام كان إلى آخر عمره

ص: 719

شاكاً في المسيح عليه السلام بأنه المسيح الموعود به أم لا، كما صرح به في الباب الحادي عشر من إنجيل متى أنه أرسل اثنين من تلاميذه وقال له أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟، فلو كان عيسى عليه السلام إلهاً يلزم كفره إذ الشك في الإله كفر، وكيف يتصوّر أنه لا يعرف إلهه وهو نبيه، بل هو أفضل الأنبياء بشهادة المسيح كما هي مصرحة في هذا الباب، وإذا لم يعرف الأفضل مع كونه معاصراً فعدم معرفة الأنبياء الآخرين السابقين على عيسى أحق بالاعتبار، وعلماء اليهود من لدن موسى عليه السلام إلى هذا الزمان لا يعترفون بها، وظاهر أن ذات الله وصفاته الكمالية قديمة غير متغيرة موجودة أزلاً وأبداً، فلو كان التثليث حتماً لكان الواجب على موسى عليه السلام وأنبياء بني إسرائيل أن يبينوه حق التبيين، فالعجب كل العجب أن تكون الشريعة الموسوية التي كانت واجبة الإطاعة لجميع الأنبياء إلى عهد عيسى عليه السلام خالية عن بيان هذه العقيدة التي هي مدار النجاة على زعم أهل التثليث، ولا يمكن نجاة أحد بدونها نبياً كان أو غير نبي، ولا يبين موسى ولا نبي من الأنبياء الإسرائيلية هذه العقيدة ببيان واضح،

بحيث تفهم منه هذه العقيدة صراحة ولا يبقى شك ما، ويبين موسى عليه السلام الأحكام التي هي عند مقدس أهل التثليث ضعيفة ناقصة جداً بالتشريح التام ويكررها مرة بعد أولى وكرة بعد أخرى، ويؤكد على

ص: 720

محافظتها تأكيداً بليغاً، ويوجب القتل على تارك بعضها، وأعجبُ منه أن عيسى عليه السلام أيضاً ما بين هذه العقيدة إلى عروجه ببيان واضح مثلاً بأن يقول إن الله ثلاثة أقانيم الأب والابن وروح القدس، وأقنوم الابن تعلق بجسمي بعلاقة فلانية أو بعلاقة فهمها خارج عن إدراك عقولكم فاعلموا أني أنا الله لا غير، لأجل العلاقة المذكورة أو يقول كلاماً آخر مثله في إفادة هذا المعنى صراحة، وليس في أيدي أهل التثليث من أقواله إلا بعض الأقوال المتشابهة: قال صاحب ميزان الحق في كتابه المسمى بمفتاح الأسرار: "إن قلت لِمَ لَمْ يبين المسيح ألوهيته ببيان أوضح مما ذكره، ولِمَ لَمْ يقل واضحاً ومختصراً أني أنا الله لا غير؟ " فأجاب أولاً بجواب غير مقبول لا يتعلق غرضنا بنقله في هذا المحل، ثم أجاب ثانياً "بأنه ما كان أحد يقدر على فهم هذه العلاقة والوحدانية قبل قيامه" يعني من الأموات "وعروجه فلو قال صراحة لفهموا أنه إله بحسب الجسم الإنساني وهذا الأمر كان باطلاً جزماً فدرك هذا المطلب أيضاً من المطالب التي قال في حقها لتلاميذه إن لي أموراً كثيرة أيضاً

ص: 721

لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كان ما يسمع يتكلم ويخبركم بأمور آتية" ثم قال "إن كبار ملة اليهود أرادوا مراراً أن يأخذوه ويرجموه، والحال أنه ما كان بَيَّن ألوهيته بين أيديهم إلا على طريق الإلغاز" فعلم من كلامه عذران:(الأول) عدم قدرة فهم أحد قبل العروج (والثاني) خوف اليهود وكلاهما ضعيفان في غاية

الضعف، أما الأول فإنه كان هذا القدر يكفي لدفع الشبهة: أن علاقة الاتحاد التي بين جسمي وبين أقنوم الابن فهمها خارج عن وسعكم فاتركوا تفتيشها واعتقدوا بأني لست إلهاً باعتبار الجسم بل بعلاقة الاتحاد المذكور، وأما نفس عدم القدرة على فهمها فباقية بعد العروج أيضاً حتى لم يعلم عالم من علمائهم إلى هذا الحين كيفية هذه العلاقة والوحدانية، ومن قال ما قال فقوله رَجْم بالغيب لا يخلو عن مَفْسَدة عظيمة، ولذا ترك علماء فرقة البروتستنت بيانها رأساً، وهذا القسيس يعترف في مواضع من تصانيفه بأن هذا الأمر من الأسرار خارج عن درك العقل، وأما الثاني فلأن المسيح عليه السلام ما جاء عندهم إلا لأجل أن يكون كفارة لذنوب الخلق ويصلبه اليهود، وكان يعلم يقيناً أنهم يصلبونه ومتى يصلبونه فأي محل للخوف من اليهود في بيان العقيدة؟، والعجب أن خالق

ص: 722

الأرض والسماء والقادر على ما يشاء يخاف من عباده الذين هم من أذل أقوام الدنيا، ولا يبين لأجل خوفهم العقيدة التي هي مدار النجاة.

وعباده من الأنبياء مثل أرمياء وأشعياء ويحيى عليهم السلام لا يخافون منهم في بيان الحق ويؤذَوْن إيذاء شديداً ويقتل بعضهم، وأعجب منه أن المسيح عليه السلام يخاف منهم في بيان هذه المسألة العظيمة، ويشدد عليهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غاية التشديد حتى تصل النوبة إلى السب، ويخاطب الكتبة والفريسيين مشافهة بهذه الألفاظ: ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون، وويل لكم أيها القادة العميان وأيها الجهال العميان، وأيها الفريسي الأعمى، وأيها الحيات والأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم، ويظهر قبائحهم على رؤوس الأشهاد، حتى شكا بعضهم بأنك تشتمنا كما هو مصرح به في الباب الثالث والعشرين من إنجيل متّى والحادي

ص: 723

عشر من إنجيل لوقا، وأمثال هذا مذكورة في المواضع الأخر من الإنجيل أيضاً، فكيف يظن بالمسيح عليه السلام أن يترك بيان العقيدة التي هي مدار النجاة لأجل خوفهم؟. حاشا ثم حاشا أن يكون جنابه هكذا، وعلم من كلامه أن المسيح عليه السلام ما بين هذه المسألة عند اليهود قط إلا بطريق الإلغاز وأنهم كانوا ينكرون هذه العقيدة أشد الإنكار حتى أرادوا رجمه مراراً على البيان الإلغازي.

ص: 724