الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الأمر الثالث)
ادعاء أن أهل الكتاب ما كانوا ينتظرون نبياً آخر غير المسيح وإيلياء، ادعاء باطل لا أصل له بل كانوا منتظرين لغيرهما أيضاً، لما علمت في الأمر الثاني أن علماء اليهود المعاصرين لعيسى عليه السلام سألوا يحيى عليه السلام أولاً: أنت المسيح؟ ولما أنكر سألوه: أنت إيلياء؟ ولما أنكر سألوه: أنت النبي؟ أي النبي المعهود الذي أخبر به موسى، فعلم أن هذا النبي كان منتظراً مثل المسيح وإيلياء وكان مشهوراً بحيث ما كان محتاجاً إلى ذكر الاسم بل الإشارة إليه كانت كافية.
وفي الباب السابع من إنجيل يوحنا بعد نقل قول عيسى عليه السلام هكذا: 40: (فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي) 41: (وآخرون قالوا هذا هو المسيح) وظهر من هذا الكلام أيضاً أن النبي المعهود عندهم كان غير المسيح ولذلك قابلوا بالمسيح.
(الأمر الرابع)
ادعاء أن المسيح خاتم النبيين ولا نبي بعده باطل، لما عرفت في الأمر الثالث أنهم كانوا منتظرين للنبي المعهود الآخر الذي يكون غير المسيح وإيلياء عليهم السلام، ولما لم يثبت بالبرهان مجيئه قبل المسيح فهو بعده ولأنهم يعترفون بنبوة الحواريين وبولس بل بنبوة غيرهم أيضاً.
وفي الباب الحادي عشر من كتاب الأعمال هكذا: 27 (في تلك الأيام انحدر الأنبياء من أورشليم إلى أنطاكية) 28 (وقام واحد معهم اسمه أغابوس وأشار بالروح أن جوعاً عظيماً كان عتيداً أن يصير على جميع
المسكونة الذي صار في أيام كلوديوس) (قيصر) فهؤلاء كلهم كانوا أنبياء على تصريح إنجيلهم وأخبر واحد منهم اسمه أغابوس عن وقوع الجدب العظيم.
وفي الباب الحادي والعشرين من الكتاب المذكور هكذا: 10 (وبينما نحن مقيمون أياماً كثيرة انحدر من اليهودية نبي اسمه أغابوس) 11 (فجاء إلينا وأخذ منطقة بولس وربط يد نفسه ورجليه وقال هذا بقوله الروح القدس، الرجل الذي له هذه المنطقة، هكذا سيربطه اليهود في أورشليم ويسلمونه إلى أيدي الأمم) .
وفي هذه العبارة أيضاً تصريح بكون أغابوس نبياً، وقد يتمسكون لإثبات هذا الادعاء بقول المسيح المنقول في الآية الخامسة عشر من الباب السابع من إنجيل متى هكذا:(احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتوكم بثبات الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة) .
والتمسك به عجيب لأن المسيح عليه السلام أمر بالاحتراز من الأنبياء الكذبة لا الأنبياء الصدقة أيضاً ولذلك قيد بالكذبة، نعم لو قال احترزوا من كل نبي يجيء بعدي لكان بحسب الظاهر وجه للتمسك وإن كان واجب التأويل عندهم، لثبوت نبوة الأشخاص المذكورين، وقد ظهر الأنبياء الكذبة الكثيرون في الطبقة الأولى بعد صعوده كما يظهر من الرسائل الموجودة في العهد الجديد في الباب الحادي عشر من الرسالة الثانية إلى أهل قورنثيوس هكذا: 12 (ولكن ما أفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كي يوجدوا كما نحن أيضاً فيما يفتخرون به) 13 (لأن مثل هؤلاء رسل كذبة فعله ماكرون مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح) فمقدسهم ينادي بأعلى نداء أن الرسل الكذبة الغدارين ظهروا في عهده وقد تشبهوا برسل المسيح.
وقال آدم كلارك المفسر في شرح هذا المقام: (هؤلاء الأشخاص كانوا يدعون كذباً أنهم رسل المسيح، وما كانوا رسل المسيح في نفس الأمر وكانوا يعظون ويجتهدون، لكن مقصودهم ما كان إلا جلب المنفعة) .
وفي الباب الرابع من الرسالة الأولى ليوحنا هكذا: (أيها الأحياء لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله، لأن الأنبياء الكذبة كثيرون قد خرجوا إلى العالم) . فظهر من العبارتين أن الأنبياء الكذبة قد ظهروا في عهد الحواريين.
وفي الباب الثامن من كتاب الأعمال هكذا: 9 (وكان قبلاً في المدينة
رجل اسمه سيمون يستعمل السحر، ويدهش شعب السامرة قائلاً أنه شيء عظيم) 10 (وكان الجميع يتبعونه من الصغير إلى الكبير قائلين هذا هو قوة الله العظيمة) .
وفي الباب الثالث عشر من الكتاب المذكور هكذا: (ولما اجتازا الجزيرة إلى باقوس وجدا رجلاً ساحراً نبياً كذاباً يهودياً اسمه باريشوع) وكذا سيظهر الدجالون الكذابون يدعي كل منهم أنه المسيح كما أخبر عيسى عليه السلام وقال: (لا يضلكم أحد فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو [ص 223] المسيح ويضلون كثيرين) كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من إنجيل متى فمقصود المسيح عليه السلام التحذير من هؤلاء الأنبياء الكذبة والمسحاء