المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأربعمائة وخمسين سنة ولم يظهر خروجهم. وفي الآية الخامسة والعشرين من - إظهار الحق - جـ ٤

[رحمت الله الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السادس: (في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودفع مطاعن القسيسين وهو مشتمل على فصلين)

- ‌الفصَّل الأول: (في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلموفيه ستة مسالك)

- ‌(المسلك الأول) أنه ظهرت معجزات كثيرة على يده صلى الله عليه وسلم

- ‌ النوع الأول) ففي بيان أخباره عن المغيبات الماضية والمستقبلة

- ‌النوع الثاني ففي الأفعال التي ظهرت منه عليه السلام على خلاف العادة

- ‌المسلك الثاني: أخلاقه وأوصافه صلى الله عليه وسلم

- ‌(المسلك الثالث) مَنْ نظر إلى ما اشتملت شريعته

- ‌(المسلك الرابع) ظهور دينه على سائر الأديان في مدة قليلة

- ‌(المسلك الخامس) أنه ظهر في وقت كان الناس محتاجين إلى من يهديهم

- ‌(المسلك السادس) أخبار الأنبياء المتقدمين عليه، عن نبوته عليه السلام

- ‌وقدم فيه قبل تلك الأخبار أموراً ثمانية:

- ‌(الأمر الأول)

- ‌(الأمر الثاني)

- ‌(الأمر الثالث)

- ‌(الأمر الرابع)

- ‌(الأمر الخامس)

- ‌(الأمر السادس)

- ‌(الأمر السابع)

- ‌(الأمر الثامن)

- ‌البشارات:

- ‌(البشارة الأولى)

- ‌(البشارة الثانية)

- ‌(البشارة الثالثة)

- ‌(البشارة الرابعة)

- ‌(البشارة الخامسة)

- ‌(البشارة السادسة)

- ‌(البشارة السابعة)

- ‌(البشارة الثامنة)

- ‌(البشارة التاسعة)

- ‌(البشارة العاشرة)

- ‌(البشارة الحادية عشر)

- ‌(البشارة الثانية عشر)

- ‌(البشارة الثالثة عشر)

- ‌(البشارة الرابعة عشر)

- ‌(البشارة الخامسة عشر)

- ‌(البشارة السادسة عشر)

- ‌(البشارة السابعة عشر)

- ‌(البشارة الثامنة عشر)

- ‌الشبهه على البشارة الثامنة عشر:

- ‌(الشبهة الأولى)

- ‌(الشبهة الثانية)

- ‌(الشبهة الثالثة)

- ‌(الشبهة الرابعة)

- ‌(الشبهة الخامسة)

- ‌الفصل الثاني: (في دفع المطاعن)

- ‌(المطعن الأول) مطعن الجهاد

- ‌(المطعن الثاني) عدم ظهور المعجزات على يد محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(المطعن الثالث) باعتبار النساء

- ‌(المطعن الرابع) أن محمد صلى الله عليه وسلم كان مذنباً

الفصل: وأربعمائة وخمسين سنة ولم يظهر خروجهم. وفي الآية الخامسة والعشرين من

وأربعمائة وخمسين سنة ولم يظهر خروجهم.

وفي الآية الخامسة والعشرين من الباب الخامس من إنجيل يوحنا هكذا: (الحق الحق أقول لكم أنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون) فانظروا إلى قوله وهي الآن وقد مضت مدة أزيد من ألف وثمانمائة ولم تجيء هذه الساعة والى الآن أيضاً مجهولة لا يعرف أحد متى تجيء.

(الشبهة الخامسة)

في الباب الأول من كتاب الأعمال هكذا: 4 (وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الأب الذي سمعتموه مني) 5 (لأن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير) . وهذا يدل على أن فارقليط، هو الروح النازل يوم الدار. لأن المراد بوعد الأب هو فارقليط، أقول الادعاء بأن المراد بموعد الأب هو فارقليط، ادعاء محض، بل هو غلط لثلاثة عشر وجهاً وقد عرفتها، بل الحق أن الإخبار عن فارقليط شيء، والوعد بإنزال الروح عليه مرة أخرى شيء آخر وقد وفى الله بالوعدين، وقد عبر بالوعد الأول بمجيء فارقليط، وههنا بموعد الأب. غاية الأمر أن يوحنا نقل بشارة فارقليط، ولم ينقلها الإنجيليون الباقون، ولوقا نقل موعد نزول الروح الذي نزل يوم الدار ولم ينقله يوحنا.

ولا بأس فيه فإنهم قد يتفقون في نقل الأقوال الخسيسة، كركوب عيسى عليه السلام على الحمار وقت الذهاب إلى

ص: 1204

أورشليم، اتفق على نقله الأربعة، وقد يتخالفون في نقل الأحوال العظيمة، ألا ترى أن لوقا انفرد بذكر إحياء ابن الأرملة من الأموات في نابين، وبذكر إرسال عيسى عليه السلام سبعين تلميذاً، وبذكر إبراء عشرة برص، ولم يذكر هذه الحالات أحد الإنجيليين مع أنها من الحالات العظيمة، وأن يوحنا انفرد بذكر وليمة العرس في قانا الجليل وظهر من يسوع فيه معجزة تحويل الماء خمراً، وهذه المعجزة أول معجزاته، وسبب ظهور مجده وإيمان التلاميذ به، وبذكر إبراء السقيم في بيت صيدا في أورشليم، وهذه أيضاً معجزة عظيمة، والمريض كان مريضاً من ثمان وثلاثين سنة، وبذكر قصة امرأة أخذت في زنا، وبذكر إبراء الأكمه وهذا أيضاً من أعظم معجزاته، وهي مصرحة بهما في الباب التاسع، وبذكر إحياء

ص: 1205

العاذار من بين الأموات، ولم يذكرها أحد من الإنجيليين مع أنها حالات عظيمة. وهكذا حال متى ومرقس فإنهما انفردا بذكر بعض المعجزات والحالات التي لم يذكرهما غيرهما.

ولما طال البحث في هذا المسلك، فلنقتصر على هذا القدر من البشارات التي نقلتها عن كتبهم المعتبرة عندهم في زماننا، وأما البشارات التي توجد في كتب أخرى هي ليست معتبرة عندهم في زماننا فما نقلتها. وبعد ما فرغت أنقل عنها بشارة واحدة أيضاً على سبيل الأنموذج.

فأقول: القسيس سيل نقل في مقدمة ترجمته للقرآن المجيد من إنجيل برنايا بشارة محمدية هكذا: (اعلم يا برنابا أن الذنب وإن كان صغيراً يجزي الله عليه لأن الله غير راض عن الذنب، ولما اجتنى أمي وتلاميذي لأجل الدنيا سخط الله لأجل هذا الأمر، وأراد باقتضاء عدله أن يجزيهم في هذا العالم على هذه العقيدة الغير اللائقة ليحصل لهم النجاة من عذاب جهنم، ولا يكون لهم أذية هناك، وإني وإن كنت برياً لكن بعض الناس لما قالوا في حقي أنه الله وابن الله، كره الله هذا القول واقتضت مشيئته بأن لا تضحك الشياطين يوم القيامة علي ولا يستهزئون بي، فاستحسن بمقتضى لطفه ورحمته أن يكون الضحك والاستهزاء في الدنيا بسبب موت يهوذا، ويظن كل شخص أني صلبت، لكن هذه الإهانة والاستهزاء تبقيان إلى أن يجيء محمد رسول الله، فإذا جاء في الدنيا ينبه كل مؤمن على هذا الغلط، وترتفع هذه الشبهة من قلوب الناس) انتهت ترجمة كلامه.

ص: 1206

(أقول) هذه البشارة عظيمة وإن اعترضوا أن هذا الإنجيل رده مجالس علمائنا السلف (أقول) لا اعتبار لردهم وقبولهم كما علمت بما لا مزيد عليه في الباب الأول، وهذا الإنجيل من الأناجيل القديمة ويوجد ذكره في كتب القرن الثاني والثالث، فعلى هذا كتب هذا الإنجيل قبل ظهور محمد صلى الله عليه وسلم بمئتين سنة، ولا يقدر أحد أن يخبر بغير الإلهام بمثل هذا الأمر قبل وقوعه بمئتين سنة، فلا بد أن يكون هذا قول عيسى عليه السلام، وإن قالوا أن أحداً من المسلمين حرف هذا الإنجيل بعد ظهور محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: هذا الاحتمال بعيد جداً لأن المسلمين ما التفتوا إلى هذه الأناجيل الأربعة أيضاً، فكيف إلى إنجيل برنابا، ويبعد أن يؤثر تحريف أحد من المسلمين في إنجيل برنابا تأثيراً يتغير به النسخ الموجودة عند المسيحيين أيضاً، وهم يزعمون أن علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين أسلموا، نقلوا

ص: 1207

عن كتب العهدين البشارات المحمدية وحرفوها، فعلى زعمهم أقول أن هؤلاء العلماء الكبار حرفوا على زعمهم، ولم يؤثر تحريف هؤلاء في كتبهم التي كانت موجودة عندهم في مواضع هذه البشارات، فكيف أثر تحريف بعض المسلمين في إنجيل برنابا في النسخ التي كانت عندهم، فهذا الاحتمال واه ضعيف جداً واجب الرد.

(تنبيه) نقلنا هذا الإخبار أولاً في الكتاب الإعجاز العيسوي، عن الترجمة المطبوعة سنة 1850 من الميلاد، وطبع هذا الكتاب سنة 1271 من الهجرة وسنة 1854 من الميلاد واشتهر في أقطار الهند وتراجمهم، وكتبهم تتغير في الطبع المتأخر بالنسبة إلى الطبع المتقدم تغيراً ما، كما قد نبهت في مقدمة الكتاب أيضاً، فإن لم يجد الناظر هذه البشارة في بعض نسخ الترجمة المذكورة المطبوعة في سنة غير السنة المذكورة لا يقع في شك سيما إذا كان هذا البعض من النسخ المطبوعة في سنة متأخرة عن ألف وثمانمائة وأربع وخمسين من الميلاد، لأن علماء بروتستنت لو أسقطوا في طبعهم هذه البشارة من الترجمة المذكورة فلا يستبعد من عادتهم التي صارت، بمنزلة الأمر الطبيعي لهم.

وقال الفاضل حيدر علي القرشي في كتابه المسمى بخلاصة سيف المسلمين الذي هو بلسان أردو في الصفحة 63 و 64: (أن القسيس أو سكان الأرمني ترجم كتاب أشعيا باللسان الأرمني في سنة ألف وستمائة وست

ص: 1208

وستين سنة، وطبعت هذه الترجمة في سنة ألف وسبعمائة وثلاث وثلاثين في مطبع انتوني بورتولي ويوجد في هذه الترجمة في الباب الثاني والأربعين هذه الفقرة:(سبحوا الله تسبيحاً جديداً وأثر سلطنة على ظهره واسمه أحمد) انتهت. وهذه الترجمة موجودة عند الأرامن فانظروا فيها) انتهى كلامه.

(أقول) هذه الترجمة لم تصل إلي وما اطلعت عليها لكن هذا الفاضل لعله رآها واطلع عليها، ولا شك أن هذه الفقرة عظيمة النفع، وإن لم تكن هذه الترجمة معتبرة عند علماء بروتستنت، ومن أسلم من علماء اليهود والنصارى في القرن الأول شهد بوجود البشارات المحمدية في كتب العهدين، مثل عبد الله بن سلام وابني سعية

ص: 1209

وبنيامين ومخيريق وكعب الأحبار وغيرهم، من علماء اليهود، ومثل بحير

ص: 1210

اونسطور الحبشي وضفاطر وهو الأسٍقف الرومي الذي أسلم على يد دحية الكلبي وقت الرسالة فقتلوه، والجارود، والنجاشي، والسوس، والرهبان الذين جاؤوا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وغيرهم من علماء النصارى، وقد اعترف بصحة نبوته، وعموم رسالته، هرقل قيصر الروم، ومقوقس صاحب مصر، وابن صوريا، وحيي بن أخطب، وأبو ياسر بن أخطب وغيرهم ممن حملهم الحسد على الشقاء، ولم يسلموا.

ص: 1211

وروي أنه عليه السلام لما أراد الدلائل على نصارى نجران، ثم إنهم أصروا على جهلهم، فقال عليه السلام: إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم، فقالوا: يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك، فلما رجعوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم: ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم نبوته، وقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا وإن أبيتم إلا ألف دينكم. فوادعوا الرجل وانصرفوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد غدا محتضناً الحسين، وآخذاً بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي رضي الله عنه خلفها، وهو يقول: إذا أنا دعوت فأمنوا. فقال أسقفهم: يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً، لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله، فلا تباهلوا فتهلكوا. فأذعنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلوا له الجزية ألفي حلة حمراء وثلاثين درعاً من حديد. فقال عليه الصلاة والسلام: لو باهلوا لمسخوا قردة، وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله، حتى الطير على الشجر،

ص: 1212

وهذه الواقعة دلت على نبوته بوجهين:

(الأول) أنه عليه الصلاة والسلام خوّفهما بنزول العذاب عليهم، ولو لم يكن واثقاً بذلك لكان ذلك منه سعياً في إظهار كذب نفسه، لأنه لو باهل ولم ينزل العذاب ظهر كذبه، ومعلوم أنه كان من أعقل الناس، فلا يليق به أن يعمل عملاً يفضي إلى ظهور كذبه، فلما أصر على ذلك علمنا أنه إنما أصر عليه لكونه واثقاً بوعد الله.

(والثاني) أن القوم كانوا يبذلون النفوس، والأموال، في المنازعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو لم يعرفوا أنه نبي لما تركوا مباهلته.

ص: 1213