الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالواعظين في الآية الأولى ولفظ روح في الآية الثانية بالواعظ من جانب الله، ولفظ روح الحق في الآية السادسة بالواعظ الصادق، وترجم لفظ روح الضلال بالواعظ المضل، وليس المراد بروح الله وروح الحق الأقنوم الثالث الذي هو عين الله على زعمهم وهو ظاهر فتفسير فارقليط بروح القدس وروح الحق لا يضرنا لأنهما بمعنى الواعظ الحق، كما أن لفظ روح الحق وروح الله بهذا المعنى في الرسالة الأولى ليوحنا، فيصح إطلاقهما على محمد صلى الله عليه وسلم بلا ريب.
(الشبهة الثانية)
أن المخاطبين بضميرهم الحواريون، فلا بد أن يظهر فارقليط في عهدهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يظهر في عهدهم، أقول هذا أيضاً ليس بشيء، لأن منشأه أن الحاضرين وقت الخطاب لا بد أن يكونوا مراضين بضمير الخطاب وهو ليس بضروري في كل موضع، ألا ترى أن قول عيسى عليه السلام في الآية الرابعة والستين من الباب السادس والعشرين من إنجيل متى في خطاب رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع هكذا:(وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء) . وهؤلاء المخاطبون قد ماتوا ومضت على موتهم مدة هي أزيد من ألف وثمانمائة سنة، وما رأوه آتياً على سحاب السماء، فكما أن المراد بالمخاطبين ههنا الموجودون من قومهم وقت نزوله من السماء، فكذلك فيما نحن فيه المراد الذين يوجدون وقت ظهور فارقليط.
(الشبهة الثالثة)
أنه وقع في حق فارقليط أن العالم لا يراه ولا يعرفه، وأنتم تعرفونه وهو لا يصدق على محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الناس رأوه وعرفوه
أقول هذا أيضاً ليس بشيء، وهم أحوج الناس تأويلاً في هذا القول بالنسبة إلينا، لأن روح القدس عين الله عندهم والعالم يعرف الله أكثر من معرفة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن نقول أن المراد بالمعرفة المعرفة الحقيقية الكاملة، ففي صورة التأويل لا اشتباه في صدق هذا القول على محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون المقصود أن العالم لا يعرفه معرفة حقيقية كاملة، وأنتم تعرفونه معرفة حقيقية كاملة، والمراد بالرؤية المعرفة، ولذا لم يعد عيسى عليه السلام لفظ الرؤية بعد لفظ أنتم بل قال وأنتم تعرفونه.
ولو حملنا الرؤية على الرؤية البصرية يكون نفي الرؤية محمولاً على ما هو المراد في قول الإنجيلي الأول في الباب الثالث عشر من إنجيله، وأنقل عبارته عن الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816 وسنة 1825: 13 (فلذلك أضرب لهم الأمثال لأنهم ينظرون ولا يبصرون، ويسمعون ولا يستمعون ولا يفهمون) 14 (وقد كمل فيهم تنبأ أشعيا حيث قال إنكم تستمعون سمعاً ولا تفهمون وتنظرون نظراً ولا تبصرون) . فلا إشكال أيضاً وأمثال هذين الأمرين وإن كانت معاني مجازية لكنها بمنزلة الحقيقة العرفية. ووقعت في كلام عيسى عليه السلام كثيراً: في الآية السابعة والعشرين من الباب الحادي عشر من إنجيل متى هكذا: (وليس أحد يعرف الابن إلا الأب ولا أحد يعرف الأب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له) .