الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الأعراف
…
سورة الأنفال
قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} 1
…
الاستغفار تارة يُذكر وحده، وتارة يقرن بالتوبة، فإذا ذكر وحده دخل معه التوبة، كما إذا ذكرت التوبة وحدها شملت الاستغفار، فالتوبة تتضمن الاستغفار، والاستغفار يتضمن التوبة، وكل واحد منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق، وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى فالاستغفار طلب وقاية شر ما مضى، والتوبة الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله2.
1 سورة الأنفال، الآية:33.
2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (452) .
سورة التوبة
…
قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} 3 كانت عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفراً وربيع الأول وعشرين من ربيع الآخر. وهذا قول زفر حكاه عنه أبو بكر الرازي في أحكام القرآن4.
3 سورة التوبة، الآية:2.
4 التنبيه على مشكلات الهداية، ص (462) تحقيق أنور. وانظر أحكام القرآن للجصاص (4/267) ولم أر ذكراً لزفر في هذا الموضع من نسخة أحكام القرآن التي بين يدي. وفي بيان بداية هذه الأربعة الأشهر ونهايتها أقوال غير ما ذكر هنا. إلا أن القول الَّذِي ذكره المؤلف أقواها، وقد رجحه الجصاص، وابن العربي، ولم يذكر غيره الكيا الهراسي. انظر أحكام القرآن للجصاص (4/267) ، وأحكام القرآن لابن العربي (2/885) ، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (3/172) .
..قوله تعالى
…
{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} 1
…
أهل مكة كانت معايشهم من التجارات، وكان المشركون يأتونهم بالطعام ويتجرون فلما منعوا من دخول الحرم خافوا الفقر وضيق العيش، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} أي فقراً وفاقة {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآية2.
[قوله تعالى:]{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} 3 رُوي عن حذيفة رحمه الله وغيره أنه قال: "لم يعبدوهم من دون الله، ولكنهم أحلوا لهم، وحرموا عليهم فاتبعوهم"4. وهذا المعنى قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم، وحديثه في المسند والترمذي مطولاً5.
1 سورة التوبة، الآية:28.
2 التنبيه على مشكلات الهداية، ص (616) تحقيق أنور. وانظر جامع البيان (14/194) ولباب النقول، ص (202) ، والتفسير الصحيح (2/441) .
3 سورة التوبة، الآية:31.
4 أخرجه عبد الرزاق في تفسير القرآن (2/272) عن أبي البختري قال: سأل رجل حذيفة، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره برقم (10058) من طريق أبي البختري أيضاً قال: قيل لحذيفة. وسنده ضعيف؛ لأن أبا البختري حديثه مرسل عن حذيفة. انظر التهذيب (4/72) ويظهر هنا أن أبا البختري قد سمعه بواسطة، إلا أن الواسطة مبهم. وأخرجه الطبري في جامع البيان (14/211-213) ، والبيهقي في السنن الكبرى (10/116) كلاهما من طريق أبي البختري. وأورده السيوطي في الدر المنثور (3/231) ونسب إخراجه إلى هؤلاء وغيرهم. والأثر يشهد لصحته الحديث الذي أشار إليه المؤلف.
5 الاتباع، ص (81، 82) . والحديث أخرجه الترمذي في سننه برقم (3095) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. وأخرجه الطبري في جامع البيان برقم (16631) ، وابن أبي حاتم في تفسيره برقم (10057)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/116) . والحديث قال عنه الشيخ سليم الهلالي: هو حسن لغيره. انظر الاعتصام (2/87) حاشيته. ولم أقف عليه في مسند الإمام أحمد المطبوع، وقد أورده السيوطي في الدر المنثور (3/230، 231) ولم يذكر الإمام أحمد فيمن خرجه.
[قوله تعالى:]{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} 1 الآيتين
…
أخبر سبحانه أنه كره انبعاثهم إلى الغزو مع رسوله وهو طاعة فلما كرهه منهم، ثبطهم عنه2، ثم ذكر سبحانه بعض المفاسد التي كانت تترتب على خروجهم مع رسوله، فقال:{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَاّ خَبَالاً} أي: فساداً وشراً3 {وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} أي: سعوا بينكم بالفساد والشر4 {يبغونكم الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} أي: قابلون منهم، مستجيبون لهم5، فيتولد من سعي هؤلاء، وقبول هؤلاء من الشر ما هو أعظم
1 تمام الآيتين {
…
فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَاّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} . سورة التوبة، الآية: 46، 47.
2 قال الزجاج: التثبيط ردُّك الإنسان عن الشيء يفعله، أي كره الله أن يخرجوا معكم فردهم عن الخروج. معاني القرآن وإعرابه (2/450) .
3 انظر جامع البيان (14/278) ، وتفسير غريب القرآن للسجستاني، ص (66) ، ومجاز القرآن (1/261) ، ومعالم التنزيل (2/298) .
4 أصل الإيضاع في اللغة سرعة السير، وفسره المؤلف بالسعي؛ لأنه قريب منه. انظر معنى الإيضاع في غريب القرآن وتفسيره لليزيدي، ص (164) ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة، ص (187) ، والعمدة في غريب القرآن، ص (148) .
5 تفسير (سماعون لهم) بما ذكر المؤلف أسنده ابن جرير في جامع البيان (14/281) عن قتادة، ومحمد بن إسحاق. ورجحه ابن القيم على قول من قال: إن المقصود ب (سماعون) جواسيس؛ لأن أهل النفاق موجودون بين المسلمين لا يحتاجون إلى من يتجسس لهم. انظر بدائع التفسير (2/355) .
من مصلحة خروجهم، فاقتضت الحكمة والرحمة أن أقعدهم عنه1.
…
قال تعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} 2 الخلاق: النصيب، قال تعالى:{وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} 3، أي استمتعتم بنصيبكم من الدنيا، كما استمتع الذين من قبلكم بنصيبهم4، {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} ، أي: كالخوض الذي خاضوه، أو كالفوج، أو الصنف، أو الجيل الذي خاضوا5. وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض؛ لأن فساد الدين إمَّا في العمل، وإمَّا في الاعتقاد، فالأول من جهة الشهوات. والثاني من جهة الشبهات6.
وروى البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لتأخُذَنَّ أمتي مآخذ القرون قبلها شبراً بشبر، وذراعاً بذراع" قالوا: فارس والروم؟ قال: "فمن الناس إلا أولئك"7.
1 شرح العقيدة الطحاوية، ص (333، 334) ، ويظهر أن المؤلف اطلع على كلام ابن القيم في هذا. انظر بدائع التفسير (2/357) .
2 سورة التوبة، الآية:69.
3 سورة البقرة، الآية:200. وانظر جامع البيان (4/203) تجد ابن جرير يُفسِّر الخلاق بما قال المؤلف.
4 نحو هذا التفسير الذي قاله المؤلف في معالم التنزيل (2/309) ، وفتح القدير (2/398) .
5 نحو هذا التقدير الذي ذكره المؤلف قاله الزمخشري في الكشاف (2/201) ولعل المؤلف أخذه منه.
6 من قوله: (وجمع)، إلى قوله:(الشبهات) مأخوذ من كلام الإمام ابن القيم بتصرف يسير. انظر بدائع التفسير (2/367) .
7 شرح العقيدة الطحاوية، ص (338، 339) . وهناك أحاديث غير هذا الحديث أوردها المؤلف هنا، وهي بمعنى هذا الحديث. وهذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (7319) ، والإمام مسلم في صحيحه برقم (2669) وقد أشار طائفة من المفسرين إلى هذا الحديث، أو ما في معناه عند تفسير هذه الآية. انظر جامع البيان (14/341، 342) ، وتفسير القرآن للسمعاني (2/ 326) ، ومعالم التنزيل (2/309) ، وتفسير القرآن العظيم (2/369) .
…
…
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم2، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة.
وقيل: إن السابقين الأولين من صلى إلى القبلتين، وهذا ضعيف، فإن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس بمجرده فضيلة؛ لأن النسخ ليس من فعلهم، ولم يدل على التفضيل به دليل شرعي، كما دل على التفضيل بالسبق إلى الإنفاق والجهاد والمبايعة التي كانت تحت الشجرة3.
…
قال تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
…
} 4 وأمّا ما5 رواه الفقيه أبو
1 سورة التوبة، الآية:100.
2 ما قال المؤلف قوي جداً؛ لأنه قد جمع بين الأقوال المشهورة التي جاءت عن المتقدمين، وهي: 1- من أدرك بيعة الرضوان 2- أهل بدر 3- من صلى القبلتين. انظر جامع البيان (14/435، 436) ، وتفسير ابن أبي حاتم (6/1868) ، ومعاني القرآن الكريم (3/247، 248) ، وتفسير القرآن للسمعاني (2/341، 342) . وقد قال الشوكاني بعد أن ذكر الأقوال الثلاثة: ولا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها. فتح القدير (2/416)، وتابعه على ذلك الهندي في فتح البيان (4/186) . قلت: هو معنى كلام المؤلف.
3 شرح العقيدة الطحاوية، ص (689، 690، 692) .
4 سورة التوبة، الآية:124.
5 هذا قاله بعد ما ذكر الأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه، ومنها الآية المذكورة.
الليث السمرقندي رحمه الله، في تفسيره عند هذه الآية، فقال: حدثنا الفقيه، قال: حدثنا محمد بن الفضل، وأبو القاسم السَّاباذي1، قالا: حدثنا فارس ابن مردويه، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن العابد2، قال: حدثنا يحيي بن عيسى، قال: حدثنا أبو مطيع، عن حماد بن سلمة عن ابن المحزَّم3، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، الإيمان يزيد وينقص؟ فقال:"لا، الإيمان مكمل في القلب، زيادته ونقصانه كفر"4. فقد سُئل شيخنا عماد الدين ابن كثير رحمه الله تعالى عن هذا الحديث؟ فأجاب: بأن الإسناد من أبي الليث إلى أبي مطيع مجهولون لا يُعرفون في شيء من كتب التواريخ المشهورة، وأما أبو مطيع، فهو: الحكم بن عبد الله بن مسلمة البلخي، ضعفه أحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن علي الفلاس، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وأبو حاتم الرازي، وأبو حاتم محمد بن حبَّان البُستي، والعُقيلي، وابن عَدي، والدارقطني، وغيرهم5. وأما أبو المُهزِّم، الراوي عن أبي هريرة وقد تصحف على الكاتب واسمه: يزيد بن سفيان، فقد ضعَّفه
1 في تفسير أبي الليث المطبوع (الشنابازي) . انظر منه (2/83) .
2 في المرجع السابق (محمد بن الفضل العابد) . انظر منه (2/83) .
3 في المرجع السابق (عن أبي المهزّم) وسينبه عليه المؤلف، فلعل النسخة التي اطلع عليها فيها تحريف.
4 أخرجه أبو الليث السمرقندي في تفسير القرآن (2/83، 84) . وحكم بوضعه جماعة منهم الذهبي في ميزان الاعتدال (1/3) حيث قال بعد أن أورده:
…
هذا وضعه أبو مطيع على حماد. وقد ذكر الذهبي أن أبا الليث ممن تروج عليه الأحاديث الموضوعة. انظر السير (16/323) . وانظر في شأن وضع هذا الحديث أيضاً اللآلي المصنوعة (1/38) وتنزيه الشريعة (1/149) .
5 انظر ميزان الاعتدال (1/574)