الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الأنعام
قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ} 1 قال غير واحد من السلف: لا يطيقون أن يروا الملك في صورته، فلو أنزلنا إليه ملكاً، لجعلناه في صورة بشر، وحينئذ يشتبه عليهم، هل هو بشر أو ملك2؟. ومن تمام نعمة الله علينا أن بعث فينا رسولاً منَّا3.
…
قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} 4 أي وأنذر من بلغه5.
1 سورة الأنعام، الآية:8.
2 أخرج نحوه الطبري في جامع البيان (11/268، 269) عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد. وأخرج نحوه ابن أبي حاتم في تفسيره (4/1266) عن ابن عباس. وانظر تفسير القرآن العظيم (2/8125) ، والدر المنثور (3/5) .
والطبري وابن أبي حاتم ذكرا نحو هذا التفسير عند قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} وأما الآية التي ذكرها المؤلف فالمقصود منها لقضي الأمر بنزول العذاب إن لم يؤمنوا عند مجيء الآية، أو لقضي الأمر بقيام الساعة، أو لقضي الأمر بأن يموتوا؛ لأنهم لا يطيقون رؤية الملك في صورته الحقيقية. ثلاثة أقوال. ذكرها الطبري وغيره. انظر جامع البيان (11/267، 268) ، والمحرر الوجيز (6/9، 10) والقول الثاني ضعيف، قال ذلك ابن عطية.
3 شرح العقيدة الطحاوية، ص (220) .
4 سورة الأنعام، الآية:19.
5 شرح العقيدة الطحاوية، ص (169) . وبهذا فسَّر الإمام الطبري الآية، وأسند نحوه عن بعض الصحابة والتابعين، وكذا أسنده ابن أبي حاتم، وعبد الرزاق الصنعاني. انظر جامع البيان (11/290-292) ، وتفسير ابن أبي حاتم (4/1271، 1272) ، وتفسير القرآن لعبد الرزاق (2/205) .
.. في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لما نزل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ
…
} 1: "أعوذ بوجهك"{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال: "هاتان أهون"2.
…
ذكر
…
الخلال في كتاب السنة بسنده إلى محمد بن سيرين، أنه قال: إن أسرع الناس ردة أهل الأهواء، وكان يرى هذه الآية نزلت فيهم {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} 3.
…
قوله تعالى في سورة الأنعام: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ} 4 وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَاّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} 5 الآيتان، وقوله تعالى في سورة الأنعام:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} 6الآية فقد أمر الله سبحانه بالأكل مما ذكر اسم الله عليه، وعلق ذلك بالإيمان، وأنكر على من لم يأكل مما ذكر اسم الله عليه، ونهى عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه وقال:
1 سورة الأنعام، الآية:65.
2 شرح الطحاوية ص (776) والحديث أخرجه البخاري برقم (4628) ، ورقم (7313) ورقم (7406) من حديث جابر رضي الله عنه، واللفظ الذي اختاره المؤلف هو برقم (7313) ولم أجده في صحيح مسلم المطبوع. وقد أخرجه غير الإمام البخاري.
3 سورة الأنعام، الآية:68. وانظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (433) . والأثر لم أقف عليه في كتاب السنة المطبوع بعد البحث. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (4/7428) عن ابن سيرين بإسناد رجاله ثقات. وأورده السيوطي في الدر المنثور (3/20) ونسب إخراجه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. ولم يذكر أن الخلَاّل أخرجه.
4 سورة الأنعام، الآية:118.
5 سورة الأنعام، الآية:119.
6 سورة الأنعام، الآية:121.
{إِنَّهُ لَفِسْقٌ} وأن الأكل1 مما لم يذكر اسم الله عليه لفسق2.
قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} 3 أي: كان ميتاً بالكفر فأحييناه بالإيمان4.
.... قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَاّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} 5فاستمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه، وامتثال أوامره، وإخباره بشيء من المغيبات، ونحو ذلك، واستمتاع الجن بالإنس تعظيمه إياه، واستعانته به، واستغاثته، وخضوعه له6.
…
قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} 7
…
1 يريد المؤلف أن يُفسِّر الضمير الذي في قوله: {وإنه} والذي ذكره نحوه في زاد المسير (3/115) .
2 التنبيه على مشكلات الهداية، ص (545) تحقيق أنور.
3 سورة الأنعام، الآية:122.
4 شرح العقيدة الطحاوية، ص (360) . وبهذا فسَّر الإمام الطبري الآية في جامع البيان (12/18)، وأسنده ابن أبي حاتم في تفسيره (4/1381) عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة. ثم قال:"ورُوي عن مجاهد، والسدي، وأبي سنان نحو ذلك" وبهذا فسر الآية المفسرون. انظر مثلاً: المحرر الوجيز (6/141) ، ومدارك التنزيل (2/31) ، والتسهيل (2/36) ، ولباب التأويل (2/178) ، وتفسير الجلالين بحاشية الفتوحات (2/85) ، والفتوحات الإلهية (2/85) .
5 سورة الأنعام، الآية:128.
6 شرح العقيدة الطحاوية، ص (766) . ونحو هذا التفسير أسنده ابن جرير في جامع البيان (12/116) عن ابن جريج. وبه فسر ابن جرير. وانظر معاني القرآن الكريم (2/489، 490) ، وتفسير القرآن للسمعاني (2/144) ففيهما هذا القول وغيره.
7 سورة الأنعام، الآية:130.
الرسل من الإنس فقط، وليس من الجنِّ رسول، كذا قال مجاهد1 وغيره من السلف والخلف. وقال ابن عباس رضي الله عنهما:"الرسل من بني آدم ومن الجن نذر"2 وظاهر قوله تعالى حكاية عن الجن: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} 3 الآية، يدل على أن موسى مرسل إليهم أيضاً. والله أعلم.
وحكى ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم أنه زعم أن في الجن رسلاً، واحتج بهذه الآية الكريمة4، وفي الاستدلال بها على ذلك نظر؛ لأنها محتملة وليست بصريحة وهي والله أعلم كقوله:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} 5 والمراد من أحدهما6.
1 أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (4/1389) عن مجاهد بإسناد رجاله ثقات.
2 أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (12/122) من طريق ابن جريج، قال: قال ابن عباس: هم الجن الذين لقُوا قومهم، وهم رسل إلى قومهم. ومعلوم أن ابن جريج لم يدرك ابن عباس. وقد نقل ابن حجر عن يحيى بن سعيد أنه قال: إذا قال ابن جريج قال، فهو شبه الريح. انظر تهذيب التهذيب (6/404) . ولهذا أورد ابن الجوزي قول ابن عباس هذا بصيغة التمريض فقال:"ورُوي عن ابن عباس" انظر زاد المسير (3/125) .
3 سورة الأحقاف، الآية:30.
4 أخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/121) من طريق شيخه ابن حميد، قال حدثنا يحيى ابن واضح، قال حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سئل الضحاك عن الجن هل كان فيهم نبي. ثم ساق ما يفيد معنى ما ذكره المؤلف. وابن حميد قد تكلم فيه العلماء؛ ولذلك قال الذهبي في الكاشف (3/32) : وثقه جماعة والأولى تركه.
5 سورة الرحمن، الآية:22.
6 شرح العقيدة الطحاوية، ص (168) . وما ذكره المؤلف هنا مختصر من كلام شيخه ابن كثير في التفسير (2/178) فقد أطال في الرد على الضحاك وذكر أدلة من خالفه. والقول ما ذهب إليه ابن كثير والمؤلف فإنه قول الأكثر فيما اطلعت عليه، وقد وصفه القرطبي في الجامع (7/86) بأنه الصحيح، ويمكن تخريج الآية على ما ذكر ابن كثير. وهو قول الأئمة من قبله: ابن جريج، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. انظر معاني القرآن (1/354) ، وتأويل مشكل القرآن، ص (287) ، وجامع البيان (12/122) فيه كلام ابن جريج، ومعاني القرآن وإعرابه (2/292) وأحسن من هذا التخريج ما جاء عن ابن عباس فإنه جمع بين القولين، وهو من ناحية الإسناد كما رأيت، إلا أن مثله قد جاء عن مجاهد بإسناد رجاله ثقات، كما تقدم من رواية ابن أبي حاتم.
.. قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} 1
…
يعود الضمير إلى المذكور كله، وهو الميتة والدم ولحم الخنزير؛ فإن الأصل: قل لا أجد فيما أوحي إليّ شيئاً محرماً، فحذف الموصوف، وأقيمت الصفة مقامه، ثم قال: إلا كذا وكذا، فإن هذا المذكور كله رجس، وإعادة الضمير إلى بعض المذكور فيه نظر2.
…
قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} 3 وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} 4 فوحَّد لفظ "صراطه" و"سبيله" وجمع "السبل" المخالفة
1 سورة الأنعام، الآية:145.
2 التنبيه على مشكلات الهداية، ص (64) تحقيق عبد الحكيم. وفي تفسير الضمير في "فإنه" ثلاثة أقوال. 1- يرجع إلى اللحم 2- يرجع إلى الخنزير 3- يرجع إلى الكل.
انظر بحر العلوم (1/521) ، والبحر المحيط (4/242، 243) وفتح القدير (2/178)، وروح المعاني (8/44) وقد وصف الألوسي ما ذهب إليه المؤلف بأنه خلاف الظاهر. وقال ابن القيم:"فالضمير في قوله: (فإنه) وإن كان عوده إلى الثلاثة المذكورة باعتبار لفظ المحرم، فإنه يترجح اختصاص لحم الخنزير به؛ لثلاثة أوجه. أحدها: قربه. والثاني: تذكيره دون قوله: فإنها رجس. والثالث: أنه أتى بالفاء وإن، تنبيهاً على علة التحريم لتنزجر النفوس عنه، ويقابل هذه العلة ما في طباع بعض الناس من استلذاذه واستطابته فنفى عنه ذلك وأخبر أنه رجس، وهذا لا يحتاج إليه في الميتة والدم؛ لأن كونهما رجساً أمر مستقر معلوم عندهم". بدائع التفسير (2/185) .
3 سورة الأنعام، الآية:153.
4 سورة يوسف، الآية:108.
له1. وقال ابن مسعود رضي الله عنه خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً وقال: "هذا سبيل الله" ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن يساره، وقال: "هذه سبل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} " 2
…
…
روى البخاري عند تفسير الآية، عن أبي هريرة، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل"4. وروى مسلم، عن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أوَّل الآيات
1 المؤلف يعني نحو ما قاله شيخه ابن كثير في تفسيره (2/192) فقد قال: "إنما وحد سبيله؛ لأن الحق واحد، ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها".
2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (799، 800) .والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/435) ، والدارمي في سننه (1/78) برقم (202) ، والنسائي في تفسيره (1/483) ، والطبري في جامع البيان برقم (14168) ، وابن أبي حاتم في تفسيره برقم (8102) ، والحاكم في المستدرك (2/348، 349) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأخرجه ابن ماجة في المقدمة برقم (11) من حديث جابر. وحكم محقق جامع البيان بأن رواية الطبري صحيحة الإسناد، وقال شعيب الأرنؤوط: سنده حسن. انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (800) .
3 سورة الأنعام، الآية:158.
4 صحيح البخاري مع الفتح الحديث رقم (4636) ، وصحيح مسلم الحديث رقم (157) .