المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

القسم الثاني: تفسير الإمام ابن أبي العز، ويشمل السور والآيات - تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة - جـ ١٢٠

[ابن أبي العز]

الفصل: القسم الثاني: تفسير الإمام ابن أبي العز، ويشمل السور والآيات

القسم الثاني: تفسير الإمام ابن أبي العز، ويشمل السور والآيات التالية

‌سورة الفاتحة

[قوله تعالى] : {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 1

{الدِّينِ} الجزاء2، يقال: كما تدين تدان. أي: تُجازي تُجازى

قال تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 3 {جَزَاءً وِفَاقاً} 4 {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَاّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} 5 {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَاّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 6 {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَاّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 78.

[قوله تعالى] : {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 9 إذا هداه هذا الصراط، أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة. لكن الذنوب هي لوازم نفس الإنسان، وهو محتاج إلى الهدى كل لحظة، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الطعام والشراب، ليس كما يقوله بعض المفسرين: إنه

1 سورة الفاتحة، الآية:4.

2 انظر تفسير القرآن، للسمعاني (1/37) ، وجامع البيان (1/155) ، وتفسير ابن أبي حاتم (1/19) . وقد ذكر ابن عطية في المحرر الوجيز (1/72، 73) أن "الدين" يجيء في كلام العرب على أنحاء، منها ما ذُكر هنا. قال: وهذا الذي يصلح لتفسير قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .

3 سورة السجدة، الآية:17.

4 سورة النبأ، الآية:26.

5 سورة الأنعام، الآية:160.

6 سورة النمل، الآية: 89، 90.

7 سورة القصص، الآية:84.

8 شرح العقيدة الطحاوية، ص (600) .

9 سورة الفاتحة، الآية:7.

ص: 27

قد هداه، فلماذا يسأل الهدى؟ وأن المراد التثبيت، أو مزيد الهداية1.

بل العبد محتاج إلى أن يُعلِّمه الله ما يفعله من تفاصيل أحواله، وإلى ما يتركه من تفاصيل الأمور في كل يوم، وإلى أن يلهمه أن يعمل ذلك، فإنه لا يكفي مجرّد علمه، إن لم يجعله مريداً للعمل بما يعلمه، وإلَاّ كان العلم حجة عليه، ولم يكن مهتدياً، والعبد محتاج إلى أن يجعله الله قادراً على العمل بتلك الإرادة الصالحة2، فإن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم، وما لا نريد فعله تهاوناً وكسلاً مثل ما نريده أو أكثر منه أو دونه، وما لا نقدر عليه مما نريده كذلك، وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله، فأمر يفوت الحصر، ونحن محتاجون إلى الهداية التامّة، فمن كملت له هذه الأمور، كان سؤاله سؤال تثبيت3، وهي آخر الرتب. وبعد ذلك كله هداية أخرى، وهي الهداية إلى طريق الجنة في الآخرة4؛ ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة، لفرط حاجتهم إليه، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء5، فيجب أن يعلم أن الله بفضل رحمته جعل هذا الدعاء من أعظم الأسباب المقتضية للخير، المانعة من الشر، فقد بيَّن القرآن أن السيئات من النفس، وإن كانت بقدر الله، وأن الحسنات كلها من الله تعالى6.

1 أورد السؤال والجوابين السمعاني في تفسير القرآن (1/38) ، ونحو هذا في كثير من كتب التفسير. انظر تفسير القرآن لأبي الليث (1/83) ، ومعالم التنزيل (1/41) ، والكشاف (1/66)، والتفسير الكبير (1/205) . وقد فسر الطبري الآية في جامع البيان (1/66) بالقول الأول فقال:"وفقنا للثبات عليه".

2 من أول كلام المؤلف إلى هنا موجود في مجموع فتاوى شيخ الإسلام (14/320، 321) . وكذلك هو في الحسنة والسيئة لشيخ الإسلام نفسه، ص (83، 84) .

3 انظر بدائع الفوائد (2/38) ففيه نحو ما ذكر المؤلف هنا.

4 انظر المحرر الوجيز (1/78) .

5 من قوله: ((ولهذا)) إلى ((الدعاء)) مأخوذ بنصه من كتاب الحسنة والسيئة، ص (84) .

6 شرح العقيدة الطحاوية، ص (519، 520) ونحو هذا أعاده في ص (800) .

ص: 28