المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العنصر الثاني: تعريف موجز بالإمام ابن أبي العز - تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة - جـ ١٢٠

[ابن أبي العز]

الفصل: ‌العنصر الثاني: تعريف موجز بالإمام ابن أبي العز

‌العنصر الثاني: تعريف موجز بالإمام ابن أبي العز

1-

اسمه ونسبه وولادته

أ-اسمه ونسبه: هو علي بن علي بن محمد بن محمد ابن أبي العز1 بن صالح ابن أبي العز بن وهيب بن عطاء بن جُبير بن جابر بن وهيب، الأذرعي - الأصل - الدمشقي2، يلقب بصدر الدين3.

ب- ولادته: ولد في الثاني والعشرين من شهر ذي الحجة4، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة5، في الصالحية من مدينة دمشق6.

2-

نشأته وشيوخه وتلاميذه:

أ- نشأته: نشأ المؤلف في ظل أُسرة ذات نباهة في العلم، ومكانة في المجتمع، فأبوه كان قاضياً، وكذلك جده7. وأبو جده (محمد) كان أحد أساتذة المدرسة المرشدية8، وأولاد عمومته منهم القاضي9، ومنهم

1 ورد في عدد من مخطوطات كتب المؤلف (ابن العز) وكذلك في كشف الظنون (2/1143) ، وهدية العارفين (1/ 726) وورد في بعض المواضع من إنباء الغ مر (3/50) ، أن اسم المؤلف محمد، وتابع ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (6/326) هذا الموضع من ِإنباء الغمر، والصحيح (علي) كما في جميع المراجع الأخرى، وكما هو مدون على مخطوطات كتبه.

2 هكذا ذكر نسب أبيه ابن قاضي شهبة في تاريخه (2/ 469) وأشار أيضاً إلى اسم المؤلف ولقبه بقوله: "ولده صدر الدين علي"(2/ 470) .

3 انظر المرجع السابق (2/ 470) ، والثغر البسام، ص (201) .

4 انظر الدليل الشافي (1/465) .

5 انظر الدرر الكامنة (3/ 159) ، والدليل الشافي (1/ 465) .

6 انظر الدليل الشافي (1/465) .

7 انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/415) فقد أشار إلى أن أباه وجده من القضاة.

8 انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (67، 68) .

9 انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (3/481، 360) .

ص: 18

المفتي1، ومنهم المدرس2.

ب- شيوخه: لا تجود علينا كتب التراجم، ولو بيسير في هذا الجانب، والذي أستطيع أن أقول في هذه الناحية وأنا مسبوق إليه3: إن الإمام صدر الدين ابن أبي العز قد تركت فيه كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه أعظم الأثر، فهما الشيخان الموجهان لحياة هذا الإمام، وقد صرح باسم الإمام ابن كثير في أكثر من موضع في شرح العقيدة الطحاوية، ووصفه بأنه شيخه4، ويترجح عند بعض الباحثين بأنه كان يتصل بالإمام ابن القيم ويستفيد منه مشافهة5، فأمّا نقله من كتبه فكثير جداً، خصوصاً في شرح العقيدة الطحاوية6.

وهناك شيخ آخر لابن أبي العز ذكره في كتابه التنبيه على مشكلات الهداية7، هو: إبراهيم بن علي بن أحمد الطرسوسي، أحد العلماء على مذهب الإمام أبي حنيفة، وتوفي بدمشق سنة 758 ?8.

وأما دراسة ابن أبي العز الأولية فلم أظفر بشيء عنها ولكن يبدو أنها كانت على يدي والده، وفي المدراس التي تهتم بدراسة المذهب الحنفي.

ج- تلاميذه: لا نشك في أن لهذا الإمام تلاميذاً، ولكن لم تتفضل علينا كتب التراجم بشيء في ذلك؛ إلاّ ما ذكره الإمام السخاوي في بعض

1 انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (68) .

2 انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/503، 504) و (3/148) .

3 انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (7، 73) للأستاذين التركي والأرنؤوط.

4 انظر المرجع السابق، ص (73) وانظر من هذا البحث آخر سورة التوبة، الآية (124) .

5 انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (73) .

6 انظر من هذا البحث الحواشي، عند الآية (18) من سورة آل عمران، والآية (172) من سورة الأعراف.

7 انظر منه، ص (355) تحقيق أنور.

8 انظر تاج التراجم، ص (89) ، والفوائد البهية، ص (10) ، والطبقات السنية (1/213) .

ص: 19

كتبه1 أن ابن الديري واسمه سعد بن محمد بن عبد الله أحد قضاة الحنفية ت: 867 قد أجاز له ابن أبي العز.

3-

مذهبه في العقيدة والفقه

أ- في العقيدة: الإمام ابن أبي العز مشى على مذهب السلف في جميع المباحث العقدية، وحسبك في إثبات هذه الحقيقة - التي هي أوضح من الشمس في رابعة النهار - أمران.

الأول: ما سطره في شرحه للعقيدة الطحاوية، فقد تناول في هذا الكتاب جل المباحث العقدية بمنهج سلفي رصين، حتى غدا هذا الكتاب أحد الدعائم التي تعتمد عليها الجامعات الإسلامية في تدريس مادة التوحيد.

الثاني: اعتراضه على بعض شعراء أهل زمانه2، عندما مدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة، وقع فيها بعض الأخطاء العقدية فبيَّن الإمام ابن أبي العز تلك الأخطاء، ونبَّه عليها، فلم يعجب ذلك بعض أهل زمانه ممن ينتحل العلم، وشغَّبوا عليه بهذه المسألة فامتحن بسببها وأُدخل السجن، وأوذي3.

ب- أما مذهبه في الفقه: فهو حنفي4، يزن أقوال الأئمة بالكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة. ولقد وضع لنفسه منهجاً قويماً قاده إلى

1 انظر الضوء اللامع (3/ 249 - 253) ، ووجيز الكلام (1/ 296) .

2 واسمه: علي بن أيبك بن عبد الله. قَال ابن حجر: اشتهر بالنظم قديما

وله مدائح نبوية (ت: 801 ?) انظر إنباء الغمر (4/67) ، والدليل الشافي (1/ 452) .

3 تفاصيل الحادثة وامتحانه في إنباء الغمر بأبناء العمر (2/95-98) الطبعة العثمانية في حوادث 784 ?. وقد أحسن الشيخان التركي والأرنؤوط بشرح ملابسات تلك الحادثة، وبيان وجه الحق فيها. انظر: مقدمتهما لشرح العقيدة الطحاوية، ص (87-102) .

4 ذكره في قضاة الحنفية في مصر السيوطي في حسن المحاضرة (2/ 184، 185) ووصفه جماعة من المترجمين له بالحنفي منهم ابن حجر في الدرر الكامنة (3/159) ، وابن تغري بردي في الدليل الشافي (1/465) ، والسخاوي في وجيز الكلام (1/ 296) .

ص: 20

باب الإمامة، وجعل أبحاثه في غاية الدقة والمتانة، بعد توفيق من الله ورعايته نص عليه في كتابه الإتباع فقال:"فالواجب على من طلب العلم النافع أن يحفظ كتاب الله ويتدبره، وكذلك من السنة ما تيسر له، ويتضلع منها ويتروّى، ويأخذ معه من اللغة والنحو ما يصلح به كلامه، ويستعين به على فهم الكتاب والسنة، وكلام السلف الصالح - في معانيها - ثم ينظر في كلام عامة العلماء: الصحابة، ثم مَنْ بعدهم، ما يتيسر له من ذلك من غير تخصيص، فما اجتمعوا عليه لا يتعداه، وما اختلفوا فيه نظر في أدلتهم من غير هوى ولا عصبية، ثم بعد ذلك من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً"1.

4-

مؤلفاته والمناصب العلمية التي وليها:

أ- مؤلفاته: له عدة مؤلفات وقفت عليها جميعاً إلاّ واحداً، وكلها قوية - أعني ما وقفت عليه - في موضوعها ومضمونها، وإليك الحديث عنها بإيجاز.

شرح العقيدة الطحاوية2: وهو شرح نفيس تضمن أبحاثاً دقيقة عميقة، وتحقيقات بديعة متقنة في العقيدة الإسلامية، على منهج السلف3 بل إنه لم يترك مبحثاً مهماً من مباحث العقيدة، وإلا وطرقه بإطناب، وقد حُقّق

1 الاتباع، ص (88) والمؤلف في جميع كتبه (التنبيه على مشكلات الهداية، وشرح العقيدة الطحاوية، والاتباع، ورسالة في صحة الإقتداء بالمخالف) يحارب المتعصبين للأئمة، الذين يسوقون الأمة إلى الاختلاف والتنازع، ولكنه لا يمنع من تقليد الأئمة دون تعصب؛ فإنه القائل:"ومن ظن أنه يعرف الأحكام من الكتاب والسنة بدون معرفة ما قاله هؤلاء الأئمة وأمثالهم، فهو غالط مخطئ. ولكن ليس الحق وقفاً على واحد منهم، والخطأ وقفاً بين الباقين حتى يتعين اتباعه دون غيره". الاتباع، ص (43) .

2 نسبه إلى المؤلف الإمامُ السخاوي في وجيز الكلام (1/296) ، والزبيدي في شرح إحياء علوم الدين (2/146) ، وانظر مقدمة التركي والأرنؤوط للكتاب المذكور، ص (117) .

3 انظر مقدمة التركي والأرنؤوط لشرح العقيدة الطحاوية، ص (81) .

ص: 21

1-

الكتاب عدة تحقيقات، وطُبع عدة طبعات كان أول هذه التحقيقات والطبعات قبل سبعين سنة، وقد استوفى الكلام على هذه الطبعات التركي والأرنؤوط، في تحقيقهما لهذا الشرح1، الذي هو أفضل التحقيقات والطبعات فيما رأيت، وعليه اعتمدت في نقل النصوص التفسيرية، وإن كان لا يسلم من ملاحظات، والكمال لله وحده2.

2-

الإتباع3: يقع هذا الكتاب في (110) صفحات من الحجم المتوسط، له أكثر من طبعة، والتي وقفت عليها هي الطبعة الثانية في عمان، سنة 1405هـ بتحقيق محمد عطا الله، وعاصم بن عبد الله، والكتاب رد على رسالة ألفها معاصره محمد بن محمود بن أحمد الحنفي المعروف بالبابرتي (ت: 786هـ) يرجح فيها تقليد مذهب أبي حنيفة على غيره من المذاهب، فكان لابن أبي العز معه وقفات موفقة أعاد فيها الحق إلى موضعه، فيما زل فيه البابرتي، والعصمة لله وحده، ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم.

3-

رسالة في الفقه: مضمونها جواب عن ثلاثة أسئلة وجهت إلى المؤلف. الأول: أن جماعة من الحنفية يتحرجون من الصلاة خلف من يرفع يديه في أثناء الصلاة. والثاني: أنهم إذا صلوا الجمعة خلف إمام الحي ينهضون عند سلامه ويقيمون الصلاة، ويصلون الظهر؛ لأن هذه الصلاة لا تصح عندهم إلا في مصر جامع، والثالث: أن بعضهم يتحرز من ماء الوضوء الذي يسقط من أعضاء الوضوء، لظنهم أنه نجس. وقد أجاب المؤلف عن هذه الأسئلة بما استغرق خمس لوحات،

1 انظر مقدمتهما، ص (106، 109) .

2 منها قولهما: إنهما خرجا الآثار، وهما لم يخرجا إلا عدداً لا يكاد يُذكر. ومنها إطلاقهما القول بما يفيد أنهما أشارا إلى جميع مواضع النقول من المؤلفات التي نقل منها الشارح. ومنها تساهلهما في إطلاق كلمة (لم نقف عليه) أثناء حديثهما على مؤلفات الشارح التي لم تطبع وفي تعارف الباحثين أن هذه الكلمة لا تُقال إلا بعد البحث الجيد.

3 انظر توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف في مقدمة الطبعة الثانية، من كتاب الاتباع، ص (12) .

ص: 22

غير لوحة العنوان، وقد قام بتحقيقها الطالب مسعود عالم بن محمد.1

والمسلمون بحاجة إلى ما فيها من علم، خصوصاً في زماننا هذا الذي جعل فيه العوامُ - وأشباههم ممن ينتحل العلم - هذه الخلافات الفرعية سبيلاً إلى تفريق هذه الأمة، وزيادتها وهناً على وهن.

4-

كتاب التنبيه على مشكلات الهداية2: نسبه إليه الإمام السخاوي3 وغيره4. والمؤلف يعني بالهداية، كتاب الهداية لمؤلفه على بن أبي بكر المرغيناني (ت: 593 هـ) .

وكتاب التنبيه يحتوي على علم غزير يشهد لمؤلفه بالإمامة والرسوخ في علم الفقه المقارن، وكذلك في علمي الأصول والحديث، إلا أنه تحامل على صاحب الهداية، فلم ينصفه في بعض المواطن.

والكتاب حُقق في رسالتي ماجستير، وذلك بقسم الفقه في كلية الشريعة، بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.

5-

النور اللامع فيما يعمل به في الجامع: نسبه إليه إسماعيل باشا، والزركلي، وكحالة5، ويعني بالجامع، جامع بني أمية بدمشق6، ولم أقف على ذات الكتاب

1 يوجد منها نسخة في المكتبة المركزية بالجامعة الإسلامية، برقم (4/217 ع زر) وفات الباحث الاطلاع على نسخة أخرى ذكرها فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية المجاميع (2/350) ولا أدري هل اطلع عليها الباحث عندما طبع الكتاب في دار الهجرة.

2 هكذا ذكر المؤلف عنوان الكتاب. انْظر: التنبيه على مشكلات الهداية، ص1 تحقيق عبد الحكيم.

3 انظر وجيز الكلام (1/ 296) .

4 انظر هدية العارفين (1/726) ، والأعلام (4/313) ، ومعجم المؤلفين (7/156) .

5 انظر هدية العارفين (1/726) ، والأعلام (4/313) ، ومعجم المؤلفين (7/156) .

6 انظر هدية العارفين (1/ 726) وعنوان الكتاب يوحي بأنه ليس كبيراً، والله أعلم.

ص: 23

بعد البحث والمحاولة، وسؤال أهل الخبرة، ولازال الأمل موجوداً والبحث جارياً.

ب- المناصب العلمية التي وليها: ذكرت كتب التاريخ أنه تولى التدريس والخطابة والقضاء.

1-

التدريس: درَّس في عدد من المدارس الحنَفية، منها (القيمازية) في سنة 748هـ1، والمدرسة الركنية سنة 777هـ2، والمدرسة العزية البرانية في ربيع الآخر سنة 784هـ، ودرس بالمدرسة الجوهرية3.

2-

الخطابة: تولى الخطابة في جامع الأفرم بدمشق4، وتولى الخطابة أيضاً بحسبان5، وهي بلدة تقع جنوب عمَّان6.

3-

القضاء: ولي قضاء الحنفية بدمشق في آخر سنة 777هـ، نيابة عن ابن عمه نجم الدين، الذي نقل إلى قضاء مصر سنة 777هـ7، ثم استعفى نجم الدين من القضاء فأعفي، وولي مكانه ابن أبي العز، فباشر القضاء شهرين وأياماً، ثم استعفى فأُعفي8، وعاد إلى دمشق، يدرس ويخطب9.

1 انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/503) .

2 انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (78) .

3 ذكر ابن حجر ما يفيد أنه درس في المدرستين ولم يذكر التاريخ انظر إنباء الغمر (2/98) وانظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (78) .

4 انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/469، 470) ففيه ما يشير إلى ذلك.

5 انظر الثغر البسام، ص (201) ، وإنباء الغمر (3/ 50) .

6 انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (81) .

7 انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (3/ 478) .

8 انظر المرجع السابق (3/ 478، 483) .

9 يُؤخذ ذلك من كلام ابن حجر في إنباء الغمر (3/ 50) .

ص: 24

5-

وفاته:

توفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة، سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون في بلدة دمشق1.

1 انظر إنباء الغمر (3/ 50) ، ووجيز الكلام (1/ 295) ، والثغر البسام، ص (201) ، وأبعد عن الصواب حاجي خليفة في كشف الظنون (2/ 1143) عندما أرخ وفاته بسنة (742هـ) .

ص: 25