المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يشاء من الشرائع عند انقضاء الأجل، ويثبت ما يشاء. وفي - تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة - جـ ١٢٠

[ابن أبي العز]

الفصل: يشاء من الشرائع عند انقضاء الأجل، ويثبت ما يشاء. وفي

يشاء من الشرائع عند انقضاء الأجل، ويثبت ما يشاء. وفي الآية أقوال أُخرى1، والله أعلم بالصواب2.

1 انظر هذه الأقوال في المراجع التي ذُكرت عند القولين السابقين. ومع قوة ما ذكر المؤلف، فهناك قول جدير بأن تحمل هذه الآية المشكلة عليه، فهمته من كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (14/491) ، وقاله الثعالبي في الجواهر الحسان (2/371)، وحاصله: أن الله سبحانه وتعالى يمحو من الأمور ما يشاء، ويغيرها عن أحوالها مما سبق في علمه محوه وتغييره، ويثبتها في الحالة التي ينقلها إليها حسب ما سبق في علمه. وهذا القول يدل له ما جاء في الحديث أن الله تعالى جعل عمر داود عليه السلام ستين سنة، فوهب له آدم عليه السلام من عمره أربعين سنة. والحديث أخرجه الأمام الترمذي في جامعه برقم (3076) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (131، 132) .

ص: 105

‌سورة النحل

قال تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} 3

اختلفت عبارات المفسرين في المثل الأعلى4. ووفق بين أقوالهم بعض من وفقه الله وهداه، فقال: المثل الأعلى يتضمن الصفة العُليا، وعلم العالمين بها،

3 سورة النحل، الآية:60.

4 فقيل: شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل: أي الصفة العليا بأنه خالق رازق قادر ومجازٍ. وقيل: ليس كمثله شيء. وقيل المثل الأعلى نحو قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} . وقيل: الصفة العليا المقدسة وهي أن له التوحيد، وأنه المنزه عن الولد، وأنه لا إله إلا هو، وأن له جميع صفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والبقاء. انظر جامع البيان (17/230) ، ومعاني القرآن الكريم (4/77) ، والنكت والعيون (3/195) ، والوسيط (3/68) ، وتفسير القرآن للسمعاني (3/181) ، ومعالم التنزيل (3/73) ، والجامع لأحكام القرآن (10/119) ، ولباب التأويل (3/97) ، وليس كل هؤلاء ذكروا جميع الأقوال، بل بعضهم ذكر واحداً، وبعضهم ذكر أكثر.

ص: 105

ووجودها العلمي، والخبر عنها وذكرها، وعبادة الرب تعالى بواسطة العلم والمعرفة، القائمة بقلوب عابديه وذاكريه.

فهاهنا أمور أربعة:

الأول: ثبوت الصفات العليا لله سبحانه، سواء علمها العباد أو لا، وهذا معنى قول من فسَّرها بالصفة.

الثاني: وجودها في العلم والشعور، وهذا معنى قول من قال من السلف والخلف-: إنه ما في قلوب عابديه وذاكريه، من معرفته وذكره، ومحبته وإجلاله، وتعظيمه، وخوفه ورجائه، والتوكل عليه، والإنابة إليه. وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشركه فيه غيره أصلاً، بل يختص به في قلوبهم، كما اختص به في ذاته. وهذا معنى قول مَنْ قال من المفسرين: إن معناه أهل السماوات يُعظِّمونه ويُحبونه ويعبدونه، وأهل الأرض كذلك، وإن أشرك به من أشرك، وعصاه من عصاه، وجحد صفاته من جحدها، فأهل الأرض معظِّمون له، مجلون خاضعون لعظمته، مستكينون لعزته وجبروته، قال تعالى:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} 1.

الثالث: ذِكرُ صفاته والخبر عنها وتنزيهها من العيوب والنقائص والتمثيل.

الرابع: محبة الموصوف بها وتوحيده، والإخلاص له، والتوكل عليه، والإنابة إليه، وكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان هذا الحب والإخلاص أقوى.

فعبارات السلف كلها تدور على هذه المعاني الأربعة2.

(للبحث بقية)

1 سورة الروم، الآية:26.

2 شرح العقيدة الطحاوية، ص (119-121) وما ذكره المؤلف في تفسير الآية موجود في الصواعق المرسلة (3/1030-1035)

ص: 106